طارق الهاشمي: «قواعد اللعبة» تغيرت و "المقاومة " تحتاج إلى «فقه» جديد
27/06/2006لندن ـ القاهرة: «الشرق الأوسط»
قال نائب الرئيس العراقي الامين العام للحزب الاسلامي (اكبر الاحزاب السنية) طارق الهاشمي، ان مبادرة المالكي «خطوة اولى مهمة وذات مغزى» يمكن البناء عليها، ولكنها «غير كافية لاجتذاب المقاومة الى العملية السياسية».
وطالب «بمشروع مكمل لها» يتضمن بصفة خاصة «جدولا زمنيا لانسحاب القوات الأجنبية واعترافا بالمقاومة» وإطلاق «آلاف المعتقلين الذين قاتلوا القوات الأجنبية».
ورحبت الجامعة العربية وأمينها العام عمرو موسى أمس، بمبادرة الحوار والمصالحة التي أطلقها المالكي، ورأت انها تنسجم مع مساعيها لعقد مؤتمر الوفاق الوطني العراقي. وعبر موسى في بيان صادر عن مكتبه الصحافي، عن أمله في ان تشكل هذه المبادرة «نقطة انطلاق نحو حوار جدي وشامل بين مختلف القوى السياسية المشاركة في العملية السياسية الجارية والذين ما زالوا خارج هذه العملية في مواقع المعارضة».
ودعا الهاشمي عناصر «المقاومة» الى إعادة النظر في ادارتها للأزمة، معتبرا ان «قواعد اللعبة تغيرت وفشل الأميركيون في العراق وباتوا يبحثون عن مخرج مشرف من المشكلة العراقية». وأكد أن «المقاومة تحتاج الى فقه جديد لإدارة الأزمة، لأن مشكلات العراق لم تعد تقتصر على الاحتلال، وإنما باتت تشمل تدخل دول الجوار (وخاصة) ايران اللاعب الرئيسي، والمشكلة الطائفية ومشكلة الميليشيات»، مشيرا الى ان «هذه الملفات لا يمكن ان تحسمها البندقية وإنما تحتاج الى مشروع سياسي». وأكد الهاشمي في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية، أنه «إذا وافقت المقاومة أن تجلس على مائدة المفاوضات، سيكون هناك تغيير جذري في العمل المسلح في العراق، لأن هناك فصائل منها لها ثقل كبير في الساحة العراقية». وأشار الهاشمي الى ان تصريحات السفير الأميركي في العراق زلماي خليلزاد أول من أمس «شاهد على أن الأميركيين يبحثون عن مخرج مشرف من العراق». وكان خليلزاد قد دعا «المتمردين الى إلقاء السلاح والانضمام الى العملية السياسية والديمقراطية في العراق». وأكد الهاشمي أن هناك «خمسة فصائل رئيسية للمقاومة في العراق ابرزها الجيش الاسلامي وكتائب ثورة العشرين والجبهة الاسلامية للمقاومة العراقية». وعن مبادرة المالكي للمصالحة، قال الهاشمي إن ابرز أوجه القصور في المبادرة، عدم تضمنها أية اشارة الى جدول زمني لانسحاب القوات الاجنبية وعدم «اعترافها بالمقاومة كحق مشروع» وإغفالها مسألة استيعاب المقاومة وعدم نصها صراحة على إطلاق سراح العديد من المعتقلين. وقال «كنا نتوقع إشارة صريحة الى المقاومة والاعتراف بها كحق مشروع، وان تقدم هذه الورقة صورة واضحة لكيفية جذب المقاومة الوطنية الى العملية السياسية، ولكن ما ورد فيها غير كاف لجذب المقاومة».
وشدد على ان «المطلوب هو مشروع آخر مكمل لمبادرة المالكي يتضمن جدولا زمنيا مشروطا لانسحاب القوات الأجنبية واعترافا بالمقاومة الوطنية، ويتضمن تصورا لاستيعاب المقاومة. لأنه لا بد من ضمان فرص عمل متكافئة وحياة مستقرة (لمن انخرطوا في المقاومة) على غرار ما يجري لاستيعاب الميليشيات». وأضاف «ولا بد ان يسبق أي مشروع لجذب المقاومة الى العملية السياسية إطلاق سراح الآلاف من العراقيين الموجودين في السجون لأنهم قاتلوا ضد القوات الأجنبية». وتابع «لا بد من دليل على حسن النية والإفراج عن المعتقلين، هو اول إجراء يمكن ان يوحي بالثقة والاطمئنان». وانتقد الهاشمي كذلك «قصور» مشروع المالكي للمصالحة في ما يتعلق بمشكلة الميليشيات الحزبية. وقال «تضمنت الورقة اشارة الى التعامل مع الميليشيات، ولكنها لم تقدم تصورا محددا رغم ان هذه الميليشيات تسبب إحراجا لحكومة المالكي، خاصة في بغداد والبصرة (جنوب)» في تلميح الى الميليشيات الشيعية.
وأكد أن «هناك خلافات حول استيعاب الميليشيات. فنحن نقول إنه يجب استيعابهم في الوظائف المدنية فقط، وآخرون يطالبون بدمجهم في القوات المسلحة». وتابع «لقد رأينا كيف أصبحت وزارة الداخلية مصدر أذى للعراقيين بدل ان تكفل لهم الحماية بسبب استيعاب الميليشيات فيها».
من جهته، رحب الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، امس، بمبادرة الحوار والمصالحة الوطنية التي أطلقها المالكي، ورأى أنها تنسجم مع مساعي الجامعة لعقد مؤتمر الوفاق الوطني العراقي. وناشد موسى جميع القوى العراقية من قيادات سياسية ومرجعيات دينية وزعماء عشائر ومنظمات مجتمع مدني، منح المبادرة «الفرصة لاستعادة أجواء الثقة والحوار (...) حتى يمكن وقف ووأد بذور الفتنة». وقال «لا يجوز تفويت فرصة هذه المبادرة لبدء حوار جدي وشامل (...) حتى يمكن تحقيق الأمن والاستقرار والانتقال نحو بناء المؤسسات واستكمال مقومات السيادة، بما فيها إعادة بناء القوات الأمنية والعسكرية لتسريع عملية خروج القوات الأجنبية».
من ناحية أخرى، أكد موسى أن هذه المبادرة تنسجم مع تحرك الجامعة العربية ومساعيها لعقد مؤتمر الوفاق الوطني العراقي. وذكر أن الجامعة تواصل جهودها حاليا «لترتيب عقد اجتماع اللجنة التحضيرية لهذا المؤتمر في منتصف شهر يوليو (تموز) المقبل. وعقد مؤتمر الوفاق الوطني العراقي اجتماعا تحضيريا في مقر الجامعة العربية في القاهرة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وتقرر عقد المؤتمر في مطلع مارس (آذار) في بغداد، ثم أرجئ الى 22 يونيو (حزيران)، ولاحقا الى الأسبوع الاول من شهر اغسطس (آب) المقبل.