Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

الفساد يغتال الاستثمار

كشفت تجربة السنوات القليلة الماضية عن معادلة خطيرة مفادها إنهيار محاولات الأعمار بتراجع الاستثمارات بعد أن وقعت ضحيةً للفساد الذي يغتال كل الخطط الاستثمارية المعول عليها في نهضة البلاد وإسعاد العباد .
ولو تأملنا خارطة الاحتياجات الأساسية للعراقيين بعد التغيير وسقوط الصنم لوجدناها متعددة في المجالات كافة تبدأ في أزمة السكن والبطالة والإتصالات ولا تنتهي بأزمة الخدمات المرتبطة بشبكات المجاري ومياه الصرف الصحي أو الشرب التي لم يعد العراقيون يميزون احداها عن الاخرى وتجميل المدن وإقامة المجسرات وحاجات كثيرة فشلت الحكومة في تحقيقها وفشلت أيضا باستمالة الدول والشركات العالمية للاستثمار في المدن العراقية المختلفة لإحداث قفزة نوعية لتطور العراق ولكن اغلب الشركات اعتذرت عن إقامة أي مشاريع استثمارية بحجة الوضع الأمني المتدهور وظهور الجماعات المسلحة ومافيات الفساد الإجرامية وأجندات مشبوهة تريد تدمير العراق وتخلفه ، لكن لنعترف جميعنا إن أولى الشركات التي تحملت كل هذه المخاطر والأعباء هي شركات الاتصالات وخاصة شركة "زين" (قد تكون شركة الإتصالات الوحيدة التي تحملت أعباء الإرهاب والمحسوبية والمنسوبية في الوسط والجنوب في المرحلة التي أعقبت تغيير2003 مباشرة ومع كل الإعتزاز بآسياسيل وكورك لكنهما أتتا بعد أن هدأت الأوضاع) و منذ عام 2003 ولحد هذه اللحظة تعترض "زين" الكثير من التجاوزات الفنية والمعنوية والقانونية وكان آخرها الغرامة المالية الكبيرة 262.000.000$ مئتان وإثنان وستون مليون دولار من قبل هيئة الإعلام والاتصالات وبصراحة رقم مرعب ، كأنه دعوة للشركات أن لا تطرحوا إستثماراتكم في العراق وأن من طرح إستثماراته أو ينوي توسيعها في هذا البلد الغني و المسكين في آن واحد ، عليه أن يعيد حساباته ألف مرة قبل أن يقدم على أي خطوة من هذا القبيل .



نحن لسنا بصدد الدفاع عن شركات الاتصالات ولكن الحق يقال إن هذه الشركات هي المستثمر الأول في العراق بعد القطاع النفطي وان الدولة العراقية تأخذ ما نسبته 18% من حجم الإيراد الكلي لـ"زين" وغيرها من الشركات ناهيك عن الضرائب التي تحقق عائداً إضافياً للعراق من خلال عمل هذه الشركات التي وللأسف تتعرض أكبرها (زين)أ لموجة إبتزاز إن لم نقل أنه إبتزاز حكومي فهو مثلما يشاع بالعبارة الدارجة (إبتزاز بعلم الدولة) وكان الأجدى من الحكومة العراقية إن تراعي وتشجع الاستثمار في العراق الذي يعود بفائدة كبيرة لخزينة الدولة لا أن تحارب الجهات المستثمرة في العراق بالحيل القانونية أو من خلال الفاسدين المفسدين الذي يطبقون سياسة لي الأذرع لمحاربة الاستثمار في العراق ، واللافت للنظر أن "زين" بوصفها نموذج الإستثمار المحارب ، وفرت للعراقيين 33.000 ثلاثة وثلاثين ألف فرصة عمل بين التوظيف المباشر أو الشركات والأفراد المرتبطين بشكل غير مباشر مع "زين"،،وما أعنيه وما أرجوه ممن لا يرحم العراقيين بفرص عمل من خلال المحاصصة ينبغي أن لا يمنع رحمة الباري من النزول عليهم من خلال محاربة قطاع الإتصالات عموماً و "زين" على وجه الخصوص ، ولو إن م يبدو أن أصحاب المقام العالي لا يروق لهم إسم "زين" حتى إن كان شركة إتصالات (الظاهر ما يعجبهم شيء زين بالعراق) ! ...



هناك من يقول إن الاستثمار مازال يراوح مكانه رغم تعدد الهيئات المعنية بشؤونه وهي جميعا تضم شخصيات قادتها الصدفة في هذه المواقع وكانت النتيجة إن ملاح الاستثمار لم تظهر بوضوح في مدن العراق وشوارعه ولكنها ظهرت على هذه الهيئات بترفها وحصولها من الامتيازات أسوة بالوزراء والمستشارين وأعضاء البرلمان ، وبدوري أقول كل ما ذكر يحتمل كل جوانب الصواب ،إلا فيما يتعلق في الإستثمار في قطاع الإتصالات فشركة كبرى مثل "زين" أثبتت وجودها في أصقاع الأرض بما فيها مجاهيل الصحارى الأفريقية ، أعتقد أنها لم ترضخ لحد الآن وأتمنى عليها أن لا تتراجع عن إستثماراتها ليس لسواد عيون العراقيين الذين يستحقون كل الإعتزاز بل لأن سوق العراق تستحق كل تضحياتكم ولأنكم "زين " التي أثبتت أنها لا تتراجع وأنتم من حسبها وحسمها على وجه الدقة وكان رأس مالكم الشجاع مخالفاً للنظرية الإقتصادية التي تقول بجبن رأس المال ،( ليس إطراءأ لكنها كلمة حق يستحقها العراق قبل "زين العراق").



إن إنقاذ حركة الاستثمار في العراق نجاح حقيقي يوفر الحماية والتشجيع للمستثمرين فضلاً عن خطط إستراتيجية واضحة يضعها خبراء كل حسب اختصاصه وتطبقها هيئات غير فاسدة ولديها الخبرة والنزاهة لا أن يعتمد فيها على أشخاص ،أوجدت لهم الفوضى مناصب وهم لا يعرفون معنى الاستثمار ولم يتلقوا في حياتهم درساً واحداً في مبادئ الاقتصاد فكيف يمكن لفاقد الشيء إن يعطيه ولهذا نقول إننا كعراقيين ننشد التغيير وإن كان في فترة المئة يوم التي حددها رئيس الوزراء ونتمنى أن يعم السلام أجواء الإستثمار في العراق لا أن نقرأ السلام على حركة الاستثمار في عراق المحاصصة والفساد !...
firashamdani@yahoo.com
Opinions