Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

بلد الأرامل ولا من مغيث .. ملايين الآرامل في العراق يصارعن من أجل البقاء والعدد بأزدياد بفضل أمراء وميليشات العنف والأرهاب

11/01/2006

الجيران ـرويترز ـالموصل: كانت ثلاث ماكينات للحياكة في شقة متواضعة هي كل ما تملكه منى عبد العظيم أحمد عندما بدأت في إقامة مشروع لتشغيل الأرامل ولكنها سرعان ما أدركت أن هذا ليس كافيا. تقدمت في اليوم الأول أكثر من ألف امرأة أرملة من الموصل في شمال العراق بحثا عن فرصة عمل. في نهاية الأمر توقفت منى عن تسجيل أسماء جديدة بعد أن تقدمت 1200 سيدة أخرى لتسجيل أسمائهن. فما أن تفتح الباب سرعان ماتتدفق الآف الارامل في بلد اذا استمرت الحالة الطائفية فيه فسيتحول الى بلد الآرامل بكفاءة الطائفية وميليشات الحرب السرية الملعونة التي يقودها أمراء ميليشات الطوائف تحت راية الأحتلال .

كانت أغلبهن في سن الشباب ويعانين الفقر ويكافحن للحصول على فرصة عمل. فقدت كثيراتمنهن أزواجهن خلال الحروب والانتفاضات والصراعات التي يعاني منها العراق منذ 25 عاما. والآن زادت أعدادهن بسبب العمليات الأرهابية المسلحة بالعراق التي تنفذها الميليشات وعصابات القتل والخطف والأغتيال من جميع الطوائف الأصولية الأسلامية دون أستثناء حتى بات العدد يفوق أربعة ملايين أرملة دون وجود أحصائيات دقيقة تثبت أقل من هذا العدد. ووراء أعمال العنف والهجمات التي تتصدر عناوين الصحف في كل أنحاء العالم هناك عدد متزايد من الأرامل يضاف كل يوم بحيث لايخلو بيت عراقي من أرملة أو ارملتين مما يشكل كارثة أنسانية ومشاهد مأساوية قد يتناساها المسؤولون الذين باتوا يهونون المشكلات الأساسية ويجملون الواقع السلطوي العراقي بالوعود والتمنيات كما كان يفعل نظام صدام الدكتاتوري وأعوانه .

وتتكفل عائلات أزواج الأرامل بهن في العادة ولكن في بلد يعصف به العنف والحرب لم يعد هناك متسع لتحمل مزيد من الأعباء,فقد مرت ثلاث سنوات ومازال الحلم سرابا فالأرهاب والقمع والعنف والصراع على السلطة الملعونة بات يحول هذا البلد الى بلد الآرامل ووطن الفجيعة الدائم , وماينتج عن ذلك من تدهور أجتماعي وأنحطاط اخلاقي ورخص في قيمة الأنسان وتدهور في القيم الأخلاقية وتحكم اللصوص والأفاقين في حياة الأنسان العراقي .

قالت نوال أيوب التي فقدت زوجها خلال حرب الخليج عام 1991 وانضمت بعد ذلك إلى مشروع منى «ليس لدينا ما يكفي من المال لكسوة أبنائنا... ليس لدينا رواتب ولا نجد أي إعالة. كيف يمكن أن نعيش».

ولا تتوافر إحصاءات يعول عليها لمعرفة عدد الأرامل ولكن وزارة شؤون المرأة سجلت أسماء 206 آلاف أرملة على الأقل خارج المناطق الكردية. أما عدد الرجال الذين فقدوا زوجاتهم فيزيد قليلا عن نصف هذا الرقم. لكن عملية تسجيل الأرامل لم تشمل سوى 10% من مدن العراق , وهناك جماعات مدافعة عن حقوق المرأة تقول إن هناك أدلة غير مؤكدة تشير إلى أن عدد الأرامل أكبر بكثير، إذ تشير بعض التقديرات إلى أن العدد في بغداد وحدها يتجاوز 250 ألفا من بين نحو سبعة ملايين يعيشون بالمدينة. وقالت أزهار الحكيم العضو في تحالف المرأة من أجل عراق ديمقراطي وهو تجمع مدافع عن حقوق المرأة «في كل بيت في العراق هناك أرملة واحدة على الأقل... في بعض البيوت قد تكون هناك أرملتان أو ثلاث».وتخيل عزيزي القاريء كم أرملة في العراق أذا كان في كل بيت أرملة وعزاء وصخام .؟ وماهو يرنامج الحياة الذي يضعه هؤلاء المتصدون للسلطة لأنتشال هؤلاء النسوة من فاجعة الترمل والفقر الى جانب ملايين أخرى من العاطلين عن العمل .

وتزداد حياة كثير من الأرامل شقاء نتيجة الفقر المدقع. وتتزايد صعوبة حصولهن على فرصة عمل في مجتمع تبرز فيه التوجهات الأصولية الإسلامية المتشددة ويشق حتى على الرجل العثور على عمل. فكيف أذا كانت المرأة تعامل كعورة ؟!

وأعاقت عمليات الأرهابيين المسلحين وتنظيم القاعدة الأرهابي وعصابات الجريمة المنظمة وجيوش الأحزاب الآسلامية التي أستحوذت على السلطة في العراق بعد سقوط نظام صدام والتفجيرات شبه اليومية داخل بغداد وحولها أعاقت إعادة بناء الاقتصاد منذ بدء الحرب الأميركية عام 2003. وجاءت عملية تفليش الدولة العراقية وتفكيك مؤسساتها وتقاسمها غنائم جاهزة بين العصابات والميليشات الطائفية وقطاع الطرق واللصوص وصدور قرارات حل الجيش والشرطة وتسريح موظفي العديد من الوزارات والهيئات لتحول هذا البلد الى بلد مفتوح للخراب ولكل أنواع العبث والقتل العشوائي , بحيث أصبح الوضع يؤدي الى أضافة عشرين أرملة يوميا الى هذا الشعب المجلل بالسواد والذي ينزف دما وعويلا يوميا .

وذكرت أزهار أن بعض الأرامل يقبلن أعمالا لم يكن ليفكرن فيها من قبل لولا الحاجة وتحدثت عن أرملة التقت بها في مدينة كربلاء كانت تعمل خادمة بالرغم من حصولها على شهادة جامعية. وتقول جماعات مدافعة عن حقوق المرأة إن أخريات اضطررن لبيع ممتلكاتهن أو الاعتماد على الإعانات التي يتلقينها من الأقارب. وفي ذات لوثت تنشر تقارير في الخارج تحط من مكانة المرأة العراقية في سياق الحديث عن تجارة النخاسة التي تمارسها عصابات منحطة تستهدف شرف العراقيين وعلو شأنهم الأخلاقي .

قالت بثينة السهيل رئيسة جمعية الأسرة العراقية التي تساعد نحو 200 أرملة في بغداد «المشكلة الرئيسية التي تواجه الأرامل هي الفقر... لدينا نساء ترك أولادهن المدارس للعمل من أجل إعالة أمهاتهم». وعندما نفدت كل مصادر دخل سعاد حسين بعد موت زوجها انتقلت إلى منزل والدها للعيش معه وأرسلت ابنها إلى أحد أعمامه.

وبعد ست سنوات ما زالت سعاد البالغة من العمر 40 عاما والتي سجلت اسمها أيضا في مشروع منى عن فرصة عمل.

قالت سعاد «أنا أعاني... أريد العثور على فرصة عمل فحسب». وتقول أرامل وجماعات إغاثة إن محنتهن تزداد سوءا بسبب عدم اكتراث الحكومة بهن. وخلال سنوات حكم الدكتاتور صدام حسين كانت الأرامل اللاتي قتل أزواجهن في المعارك خاصة خلال الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينات يتلقين بصعوبة تعويضات من الحكومة، وكن يحصلن في بعض الأحيان على أأعانات شحيحة وكان الكثير من معوقي الحروب يعيش حياة صعبة ولكن حتى تلك الأعانات الشحيحة لم تعد موجودة في ظل تزايد أعداد الضحايا والأرامل وكأن جميع الأوباش الملثمين الرافعين شعارات الخلاص كذبا وزورا يريدون دفع هذا الشعب الى حتفه أملا في تحقيق جنتهم الموعودة .

وتقول الجماعات المدافعة عن المرأة إن الفساد المستشري والفوضى العامة في العراق الآن أديا إلى تراجع الاهتمام بشؤون الأرامل. وذكرت منى منظمة المشروع أنها وأخريات توجهن إلى مكتب محافظ الموصل طلبا لأموال لشراء ملابس ولاستبدال الشقة الصغيرة التي أقيم فيها المشروع بمبنى جديد ولكن طلباتهن لم تنفذ.

كما شكت منى التي أصيب زوجها بإعاقة دائمة خلال الصراع مع الأكراد في السبعينات من عدم الدعم الكافي من الحكومة خلال اجتماع نسوي قبل الانتخابات التي أجريت في ديسمبر. وتعاطفت رئيسة المركز النسوي المحلي معهن ولكنها قدمت لهن نصيحة فظة قائلة «عليكن تعلم كيفية الاكتفاء الذاتي».

دعونا نتذكر الآن ماكانت المعارضة العراقية تقوله عن مساويء نظام صدام حسين قبل سقوط نظام الدكتاتورية وكيف كانت تلك المعارضة تستعين بخطابها الداعي لآسقاط النظام بالأف القصص عن الآرامل وأمتهان المرأة والعنف والقمع . ولنا الآن أن نسأل هل تغير الحال ؟ ولم نعد نرى ماكنا نقول أنه وجه الدكتاتورية الكالح ؟ ام أن أستلام السلطة يجعل أولئك الناقمين على النظام السابق ينسون بعد وصولهم للسلطة ماكانوا يروجون له ويستعينون به على اسقاط ذلك النظام ؟ Opinions