Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

سيدة النجاة... ماذا بعد؟

ها نحن الآن قد طوينا سبعة ايام على مذبحة الكنيسة الشهيدة وقد أصبحت الارقام فيها واضحة 52 شهيد و73 جريح الارقام التي تعتبر فاجعة اذا قارناها باعداد المسيحيين المتبقين في العراق، وأزاء هذه الفاجعة علينا استقراء الاحداث والمعطيات لكي نقرر او نستنتج ماذا بعد هذه الكارثة واين سيصل مستقبل المسيحية في العراق؟.
*الكارثة بما افرزته كبيرة جداً ولا يختلف عليها اثنان.
*ردود الافعال العامة في العراق من كل اطيافه كانت متضامنة ومساندة للمسيحيين وما كتبه الكتاب من المسلمين كان الاكثر وضوحاً وحِدّة لحماية المسيحيين وضمان بقاءهم في بلدهم العراق كذلك وجدنا المتحدثين من رجال الدين المسلمين والمواطنين الذين استنكروا بشدة هذه الاعمال وموضحين بشئ لا يقبل اللبس ان أعتماد الاشرار في بياناتهم على الآيات القرآنية هو استناد باطل ويلحق الضرر ويشوه صورة الاسلام منطلقين من ان الله سبحانه تعالى لا يقبل قتل نفس خلقها كي تعبده وتمجده وايضاً من كون القرآن ينعت المؤمنين بأنهم اخوة وان ربنا يهمه التقوى من امور عباده فكلما زاد الانسان بتقواه كلما زادت كرامته لدى رب العباد.
*دور المسيحيين بعد الحادثة تميز عن سابقاته من الاحداث حيث كان الدور المسيحي شجاعاً في مواجهة الحادث وحضروا بالآلاف الى التشييع الذي ضاقت بهم اروقة كنيسة مار يوسف الكلدانية في بغداد رغم سعتها بحيث لم يبقى مكان حتى على المذبح الاصلي للكنيسة وكان الحضور خارج الكنيسة ربما اكبر مما في داخلها، ومسيرة التشييع التي امتدت لعدة كيلو مترات كانت نموذجاً للتعاون والتكاتف بين ابناء المنطقة والمشيعين وامتزجت فيها دموع كافة العراقيين، كذلك فان الكنائس لم تتوقف ولا حتى يوماً واحداً من تقديم خدماتها لابنائها وكان لطلبة الاخويات دوراً بارزاً عندما اختارت مجموعة منهم لتنظيف الكنيسة بغية اعادتها بسرعة كي تحتضن رعاياها مجدداً لان هذا بحد ذاته افشال لمخطط الاشرار.
*تعاون المستشفيات وكادر وزارة الصحة ومدراء المستشفيات والوزير شخصياً لتوفير اقصى الخدمات واحسنها بحيث غادر العديد من الجرحى بعد ان تماثلوا للشفاء كما ان العناية التي قامت بها مستشفى ابن النفيس مثلا ومتمثلة بالدكتور عبد الباسط مديرها للخوري روفائيل قطيمي كان لها الدور البارز لتماثل هذا الاب العزيز بسرعة للشفاء وتحسن صحته وهو محاط بأحبائه ومعالجيه يسهرون عليه ليل نهار وهذا رد واضح للاشرار ان رسالتهم لم تكتمل وان العمل مستمر دون كلل لازالة آثار الحادث الاجرامي رغم ان من فقدناهم لا يمكن تعويضهم ابداً، لكن لابد للحياة ان تستمر وان الليل لابد ان ينجلي.
*دور الحكومة رغم كل ماقيل عن تقصير في الجانب الامني الامر الذي ادى لاقتحام الاشرار الكنيسة واحداث ما حدث لكن ما لحقته من احداث وتحرير الرهائن كان من الحكمة والجرأة بمكان ادى الى خروج العديد من الحاضرين في الكنيسة ناجين لله الحمد وهذه فقط تعتبر معجزة الهية لمن عاين الكنيسة بعد انتهاء العملية كونها قد اصبحت ساحة للحرب والدمار لايمكن مطلقاً تصور هناك ناجين وغير مصابين، اضافة الى دور مجلس الوزراء بالقرار والايعاز بأعادة الاعمار الفوري بغية عودة الكنيسة لتقديم خدماتها للمؤمنين يعتبر قراراً يجب ان يدخل الامل في قلوبنا رغم ملاحظاتنا حول بعض من فقرات التصرف الحكومي ازاء حادث الكنيسة والحوادث الاخرى.
*القيادات الدينية والمرجعيات كانت واضحة وضوح الشمس بمواقفها المعلنة من المرجعيات في النجف الاشرف الى التيار الصدري الى الوقفين السني والشيعي التي عبرت عن مواقفها بشجاعة شاجبة ومستنكرة ورافعة من معنويات المسيحيين في العراق وحثهم بعدم الخوف والبقاء والصمود.
*موقف طائفة الصابئة المندائيين كان ايضاً بارزاً بألغاء الاحتفالات للعيد الصغير الذي صادف الخميس بعد الحادث وافتصاره على الشعائر الدينية اضافة لحضور فضيلة الشيخ رئيس الطائفة والمسؤولين فيها مراسيم التشييع ومؤازرتهم للمسيحيين كل ذلك كان موقعه التقدير والاحترام.
*ايضاً جميع رؤساء الطوائف المسيحية بأتحادهم في مراسيم التشييع ووقوفهم على مذبح واحد كان علامة مضيئة بمستقبل افضل لنا وتجعلنا نأمل بأن دماء شهدائنا اصبحت فعلاً بذارة لحياة جيدة ولأمل جديد ولمستقبل افضل.
وماذا بعد؟ علينا كمسيحيين ان نتخذ قرارنا الصائب وان تكون حسابات هذا القرار مدروسة ومبنية على المعطيات العقلية لا العاطفية، فأن مغريات الهجرة كثيرة والحلم بالامن والامان يستحق المجازفة، لكن يجب ان نعترف بأن هذا الخيار ليس مفروشاً بالورود بل بالعكس هناك العقبات والصعوبات والمشاكل والمعاناة اضافة الى تبديد ما قد تعب لبنائه المسيحيون في حياتهم السابقة في العراق على امل البدء من الصفر في المهجر !! وان قلنا ان لنا اهل سيعينوننا كي نصل ونبدأ من جديد فهذا امر غير موثوق دائماً وربما لحالات محدودة. لذلك سيكون البقاء والصمود والتصرف بحكمة لتجنب الاخطار ربما يكون هذا الفعل الافضل فيما لو اتخذناه ولكن تبقى لكل عائلة قرارها الخاص.
نأمل ونتضرع الى الله ان يحمي المسيحيين القلقين على مستقبلهم ويأخذ بيدهم لكي يختاروا طريق واسلوب مستقبلهم بصواب ونطلب من الله ان يوقف نزيف الدم كي ننعم بسلامة في الارض ويعود الرجاء الى قلوبنا.

عبد الله النوفلي
7/11/2010
Opinions