Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

صدق المنجمون وإن كذبوا

(هذا العنوان مستوحى من النص القرآني:وكذب المنجمون وإن صدقوا )

كما يعرف الداني والقاصي ان ازلام الكره والحقد والشر طالوا عددا من دور العبادة الخاصة بالمسيحيين في الموصل وكركوك وبغداد،وكما جرت العادة في مثل هكذا مناسبات التي مللنا من متابعة اخبارها لكثرة تكرارها هرع الجميع الى الصاق تهمة الفعل بالاسلاميين المتشددين،والمعني بهم جماعة القاعدة او المتعاملين مع القاعدة بفرعيها السني والشيعي، خاصة بعد ثبوت دعم النظام الايراني لهذه المجموعات،الا اني وكما اعلنت عن ذلك في اكثر من موقف اختلف مع الاكثرية في فهمي لهذه السلوكيات التي تلحق الاذى الجزئي سواء بالمسيحيين او المسلمين وفي رابعة النهار وفي قدرتها ومقدورها ان تضاعف كمية الاذى دون ان يردعها رادع،كما اعلنت وبصريح العبارة ان هذه الفعاليات ماهي سوى رسالة يريد صاحبها ايصالها الى المسيحيين الذين بتنا نسمع صوتهم مطالبين بحقوقهم كما بقية شرائح المجتمع العراقي،ومطالبتهم هذه منسجمة كل الانسجام مع ما ورد من نصوص في الدستور العراقي رغم ما يزخر بالفاظ وعبارات معيبة لا تنسجم وروح العصر وتتناقض وابسط المباديّ الانسانية والديمقراطية
ولكي نقترب من التعرف على صاحب الرسالة ادعو الجميع الى إعادة قراءة تصريح السيد ابلحد افرام لموقع عينكاوة الذي اوردته بالكامل لتسهيل عملية الرجوع اليه في حالة الشك بما سوف اناقشه
يقر السيد ابلحد افرام عضو البرلمان العراقي ان المعلومات كانت قد وردت حول استهداف دور عبادة المسيحيين كما يقر بسابق معرفته لنوايا المنظمات الارهابية من استهداف المسيحيين في مدن شمال العراق خلال احتفالاتها بعيدي الميلاد ورأس السنة،والملفت للنظر في تصريح السيد افرام هو التحوط للتهديدات المزمع تنفيذها في مدن شمال العراق في حين ترك الحبل على الغارب في الموصل وكركوك وبغداد،انه فعلا موقف يدعو الى الرثاء
مؤكد سوف لن اتحامق واطالب السيد افرام بالافصاح عن مصدر معلوماته،ولكن ارى انه من حقي الذي كفله لي الدستور بصفتي مواطن عراقي قبل ان ادعي الانتماء الى هذه الجماعة او تلك،ان اطالب السيد افرام بمعرفة الاسباب التي ادت الى نجاح الاجهزة الامنية في مدن شمال العراق في توفير الحماية الكاملة لاحتفالات المسيحيين في حين اخفقت اجهزة الدولة التي يفترض ان باعها اطول في حماية دور العبادة؟لا بد انه سؤال محرج
كما يعرف الجميع ان السيد ابلحد افرام كان كادرامتقدما في الحزب الديمقراطي الكردستاني حتى نهاية سنة 1999 وكما هو معروف ايضا ان لقيادات هذا الحزب ارتباطات طويلة عريضة بجهات اقل ما يقال عنها انها معادية للعراق ترابا وشعبا لاسباب تاريخية قديمة جدا،وكما هو معروف ايضا ان اصحاب القرار في واشنطن كانوا قد قرروا التخلي عن صدام حسين بشكل نهائي في هذه الفترة،وكانت خطوتهم الاولى ان فرضوا المصالحةعلى جلال الطلباني وغريمه مسعود البرزاني،ولا بد ان صور القديسة مادلين اولبرايت وزيرة الخارجية الامريكية يومذاك وهي تتوسط الرجلين ما زالت عالقة بأذهان العراقيين،اي ان المنظومة الكردية ووفق منطق العقل كانت لابد على علم مسبق بكل الخطوات التي اتخذتها واشنطن قبل احتلال العراق فعليا،وكما عودنا الاستعمار فأن اجهزة دعايته غالبا ما تمهد لخطواته العملية مناخا مزدانا بالوعود الوردية التي ينخدع بها بسطاء الناس وهم مع الاسف في وطننا العراق الاغلبية،ولان الزمن اختلف وما عادت طريقة استقطاب اصوات علية القوم تفي بالغرض الذي يطمح المستعمر الجديد الى تحقيقه،لان اتساع رقعة العلم والمعرفة جعلت صدى مثل هكذا اصوات في بلد مثل العراق غير ذي نفع او تأثير على الساحة،لذلك لجأت الى اسلوب اكثر نجاعة وفاعلية،فأستنفرت كل خبراتها من اجل عقد تحالفات دولية بأسم الدين او المذهب الطائفي(ايران مثلا وليس حصرا)كما اغدقت على حلفائها في الداخل بما يكفل وتشتيت الشعور الوطني عند كل من يدور في فلكهم(القيادات الشيعية والكردية نموذجا)ولان هذه السياسات قد تتناقض ظاهريا واسلوب الحكم في بلد المستعمر،لذا وجدنا ان كل الخطوات اللانسانية التي اتبعها الامريكان في تدمير العراق كانت مصطبغة بالصبغة التي تسمى ديمقراطية
بعد انجلاء غبار المعركة وسقوط النظام في بغداد اتهمنا بعض السذج بأنحيازنا الى المعسكر المناويّ للامبريالية دون مسوغ يبرر ذاك الانحياز،الا ان التجربة اثبتت العكس تماما وصدقت نظرتنا وقراءتنا للاحداث قبل وقوعها لان معالجة الخطأ بالخطأ لا تنتج سوى خطإ اكبر
وانشغل العرب السنة والشيعة بقتال بعضهم البعض دون ان يدركوا ان هناك من يتحين الفرصة ويفرض شروطه التي عجزوا حتى عن مناقشة مدى مشروعيتها وملائمتها للواقع التاريخي لهذا الوطن،لان القيادات العربية والتي مع الاسف ثبت ان اغلبها ينفذ اجندة خارجية كانت كما اثبتت الوقائع والاحداث تناظر على هتك وحدة اللحمة العراقية هي الاخرى(الحكيم وطارق الهاشمي نموذجا)وتحرص على تحقيق مصالح ذاتية بحتة
اثبتت الاحداث ان القيادات الكردية كانت قد احكمت اصول اللعبة بمهارة فائقة،سواء بقدراتها الذاتية او بناء على نصائح الغير،فقد تيقنت هذه القيادات من ضرورة تكثيف الترويج لمشروعها الانفصالي بين ابناء الشعب الكردي عن طريق تضخيم معاناته وحشو ضميره بكل ما يدفع الى النفور من الشعور بالمواطنة العراقية ،وخلق مناخ مناسب لتحرك ازلامها من غير الاكراد على التحرك وفق اجندة تصب في النهاية في خانة خدمة المصالح الكردية والكردية فقط،وكان ان ظهرت بين المسيحيين العراقيين احزاب سياسية لم يكن لظهورها اية مصلحة يجنيها المواطن المسسيحي العراقي الذي عرف عنه التصاقه الشديد بمفهوم الوطن الواحد غير القابل للقسمة سوى على واحد(حزب السيد ابلحد افرام نموذجا صارخا)خاصة وان التنظيمات السياسية التي كانت اصلا تعمل في الساحة كانت اهدافها تحقق طموحات المسيحيين المشروعة جدا
قد يتهمني البعض بالتجني على القيادات الكردية،ولكي ابعد عن نفسي هذه التهمة تعالوا نرجع الى تصريح السيد ابلحد افرام الذي فضح دون ان يدري ان الهجمات الاخيرة على دور العبادة كانت من تدبير فاعل سياسي وليس فئة دينية متشددة،إضافة الى ان هذا التصريح يضع المالكي وغيره ايضا في موضع الاتهام،لان المعلومات التي يقر السيد افرام بورودها قبل تنفيذ الفعل لابد كانت قد وصلت السلطة المركزية وكان من واجب السلطة ان توعز الى الجهات الامنية المرتبطة بها كي تحتاط للامر كما حصل في اربيل ودهوك كما ادعى السيد افرام،لا ننسى اننا نتهم السلطة شريطة ان يكون مصدر المعلومات مركزي،اما اذا كان مصدر المعلومات هو الجهة التي يعمل السيد افرام كعضو برلمان بأسمها فأن الطامة اكبر من ان يتحملها المسيحيون المسالمون،واغلب ظني ان مصدر معلومات السيد افرام هو الجهات الكردية وليس السلطة المركزية،واتمنى صادقا ان يكون ظني في غير محله ،ولكن ليس في اليد حيلة لان الاشارات كلها تتجه نحو صحة تخميني صدق ظني
ولنرجع الى حقيقة الاحداث ولماذا تزامنت مع دعاوى الهدوء النسبي في العراق،ومن المسؤول عن امن المدن التي وقعت فيها الانفجارات ومن الجهة المستفيدة من نتائج هذا الفعل الشنيع الذي يستنكره كل انسان شريف مهما بلغت شدة تعصبه الديني
ولو استثنينا بغداد التي اختلط فيها الحابل بالنابل منذ يوم سقوط النظام حتى اليوم فأننا لا يمكننا ان نمر على احداث الموصل وكركوك مرور الكرام او على طريقة من لايهمه الامر،لاننا كمواطنين مسلمين ومسيحيين نشعر بالاهانة لمثل هكذا افعال شريرة لم نعرف لها تعريفا على مدى قرون طويلة من العيش المشترك
كما قلت في مقالة سابقة ان المسيحيين ارغموا قسرا على مغادرة بيوتهم في الكثير من مدن الوسط والجنوب،وبعد استباب بعض الامن في بغداد عاد البعض منهم الى بيوتهم وقد نقلت لنا وسائل الاعلام صورا تعبر عن قبول المجتمع المسلم لهؤلاء العائدين كأخوة شركاء بالسراء والضراء،اما في الموصل التي تكاد تطبق عليها القبضة الكردية فما زال الوضع على بعض تشنجه،ولو كانت قد وصلت فعلا معلومات عن نية الذين وصفهم السيد ابلحد افرام بكل الصفات المنافية للخلق الانساني فما الذي منع القوى الكردية من احباط مسعى اولئك الذين عبثوا بأمن البلدة كما فعلوا في دهوك واربيل والسليمانية؟انه سؤال وجيه اليس كذلك يا سيدي العزيز؟،ولو انتقلنا الى كركوك التي همش النفوذ الكردي فيها جميع نشاطات الفئات الاخرى فأننا سوف نجد انفسنا في حيرة كبيرة جدا،لان مبلغ الاذى الذي تعرض له المسيحيين في مهرجان الفوضى العارم يكاد لا يذكر مقارنة بما لحقهم في هذا الوقت الذي يسيطر في الاكراد على كل مفاصل الحياة في هذه المدينة، اضافة الى ان المعلومات كانت قد وردت عن نية ازلام الشر بتفيذ افعالهم كما إدعى السيد عضو البرلمانى العراقي ابلحد افرام عن القائمة الكردية
يشكل مسيحيو اربيل ودهوك ومنطقة سهل نينوى النسبة العظمى من مسيحي العراق،وفي حالة قبول المسيحيون بالمشروع الكردي الذي يروج له ازلامهم فأن معنى ذلك هو اعطاء المشروعية للقيادات الكردية بمد مشروعها الانقصالي الى حدود سوف لن يعرف مداها سوى الله والغارقون الى آذانهم بالعمالة الرخيصة لكل جهة تريد تدمير هذا البلد الذي علم ابنائه البشرية حروف الكتابة،وهذا يعني ان زيادة الضغط على المسيحيين في مراكز مدن الوسط والجنوب سوف يجبرهم اما الى الهرب خارج العراق او الهرب الى احدى مدن شمال العراق او الى احدى قرى سهل نينوى،وفي كل الاحوال سيكون المسيحيين في لا موقف لا يحسدون عليه،اي انهم سيكونون بأمس الحاجة الى من يمد لهم يد العون،وهنا يظهر لهم فجأة المنقذ المتوشح بلباس الحملان التي قال عنها المسيح ولكنه ذئب خاطف،وفي الظرف الراهن ليس هناك من هو قادر على تمثيل هذا الدور سوى احد المخلصين للاكراد حصرا لاسباب لا يناقش فيها حتى الابله والاحمق
وهذا يعني انه كلما ازداد الضغط على المسيحيين ستكبر حاجتهم الى جدار يسندون اليه ظهرهم المتعب الى حد الاعياء ويواسيهم بمصابهم الجلل،ولان المؤسسة الكنسية والاحزاب القومية المطروحة على الساحة مازالت عاجزة عن توحيد كلمتها وفعلها، اذن ستكون الغلبة للقادر على تقديم ولو الفتات للمسيحيين وهم لانعدامهم الخيار سيرضخون طائعين لهذا المحسن، وكل الدلائل تشير الى ان هذا المحسن هو القيادات الكردية شئنا ذلك ام ابينا
اذن واستنادا الى ما اسلفت :ان صاحب المصلحة الحقيقية في ما تعرضت له دور العبادة المسيحية في بغداد والموصل وكركوك هم فقط الاكراد،وهذا يجعلني اوجه اصبع الاتهام الصريح الى الاكراد بتدبير هذه الهجمات خاصة وانهم القوة الوحيدة التي تمتلك حرية الحركة في الموصل وكركوك على الاقل كما تمتلك الامكانيات المادية التي تؤهلها لتنفيذ هكذا خطوات مكلفة جدا
يا عقلاء المسيحيين آن لكم ان تصحوا وتتصالحوا مع انفسكم اولا ثم تتصالحون مع بعضكم البعض لكي يتسنى لكم ان تتصالحوا مع الله الذي خلقكم بالحب
يا عقلاء المسيحيين آن لنا ان نرفع صوتنا ونعلن عن رفضنا لكل مشروع يدعو الى تفتيت وحدة وطننا مع إصرارنا على وجوب تمتعنا بحقوقنا اسوة بأخوتنا المسلمين كما ينص على ذلك الدستور وكما تقول الاعراف الانسانية
يا عقلاء المسيحيين يجب ان نتيقن من ان الغول الذين يريدون لنا ان نتحذر منه لا وجود له سوى في ضمائرهم التي باعوها بأبخس الاثمان للشيطان،لان تجارب قرون طويلة اثبتت امكانية معايشتنا مع الجميع لاننا وباقرار الجميع شعب مسالم لا يفرحه ويسره سوى الخير الذي يعم كل ابناء الوطن الواحد،وما يقع هناك وهناك من المنغصات لا تصلح مطلقا ان تكون مبررا لاصطفافنا الى جانب من يخلو سجل حياته من موقف وطني مشرف واحد
اللهم اشهد اني بدموع كثيرة ولوعة كبيرة ادعو الى وحدة هذا الوطن كما انت واحد احد

ياقو بلو
yakoballo@yahoo.co.uk Opinions