Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

كـل يوم وأنـتِ الحـب

أعـمل منـذ عـشرين شـهـراً عـلى أرض عَـبرَ البحار تـضم رجالاً ونساءاً من جـنسيات وأديان متباينة وبـِلغات وألوان مخـتـلفة ، ورغـم طبائعِـنا وأذواقِـنا وعاداتِـنا المتـنوّعة إلاّ أنـنا نعـمل سـوية بإنسجام يكاد يكـون تاماً بسبـب أهـدافـنا المشتركة . وشاءت المصادفة أن يكـون يوم 14 شباط 2010 عـيد ميلاد أحـد أعـضاء فـريق عـملنا والذي يُـحـتفل به كـذكـرى للحـب في أغـلب البلـدان والغـربـية منها بشكل خاص تجارياً ترويجاً لبضاعة الأسواق فـكأنّ الحـبّ يخـمـد طيلة أيام السنة لـيُستـنـهـض في ذلك اليوم ، فـتـكـْـتسي مشاعـرُ الحـب الجـيّاشة هـذه وروحُه الحـميمة بقـشرة ماديات هـذا العـصر ، ورغـم أنّ أحاسيس الحـب لا تـقـتصر عـلى يوم محـدّد واحـد في السنة إلاّ أنـنا ـ ومع ذلك ـ إحـتـفـلنا ، فـكان لصاحـب الميلاد فـرحة خاصة . وعـلى هامش تلك المناسبة كانـت لنا جـلساتـنا الجانبـية تجاذبنا خـلالها أطرافَ أحاديث شيّـقة ، تبادلنا أثـناءها خـواطرَ وشـجـوناً إخـتـلجـتْ في صدورنا ، ومشاعـرَ تسابقـتْ في دواخـلنا فإعـتصرتْ قـلوبُـنا لهـفة للـّقاء والعِـناق ! وفي حـديث ثـنائيّ قـلتُ لإحـداهـنّ إن الحـب ليس سِـواراً أو قـلادة ولا فـصّـاً من الماس أو جـوهـرة ، فـسبقـتـني وقالت : إنه أحاسيسٌ ، قـلتُ : نعـم إنه مشاعـرٌ تـتـلاطم أمواجها داخـل كـيانـنا بإيقاع هارمونيّ مع نبضات القـلب فـتشتاق الروح إلى لقاء الحـبيب لـتـذوب بنشوة لا يحسّها إلاّ صاحـبها ، فأضافـتْ وعـيونها تـحـكي حـبّها لزوجها : إنه بعـث بهذه الذكرى أربع كلمات بليغة عَـبَّـر فـيها عـن أحاسيسه الكامنة الغالية التي لا تـُـثـمَّـن بالياقـوت والزمرّد ولا يدركها إلاّ قـلب المحـب حـين قال لها في رسالته ( كل يوم وأنـتِ الحـب ) , تـُرى ما الذي تـعـنيه تلك العـبارة ؟ لا شك إنها (فـوائـد إسـتـثـمار) لأرصدتها توَفـرُها بإستـمرار عـنـد زوجها الأمين ، تودِعُها في قـلبه الوفي بصورة : كـلمات غـرام صادقة ، نظرات شوق ، لمحات لهـفة ، إنـتـظار حار ، بـيت شِعـر ، معانقة ، لمسة خـصر ، إستـقـبال بإبتسامة ، شـدّ ربطة قـميص ، جـو هادىءٍ ، فـرح وتألـّـمٌ ، إخـتيار بـذلة لحـضور حـفـلة ، نـداء بحـنان ، تـذوّقٌ ، ومشاعـر صافـية كـثيرة تـُحَـسّ ولا تـحـتاج إلى تـعـبـير ، كانـت ثـمرتها تلك الرسالة البليغة فإستـحـقـتْ أن تـكـون هي الحـبّ بعـينه وكان صادقاً بتعـبـيره ، أ في ذلك شـكٌ في قـوله ؟ وخـتـَمَتْ كـلامها وقالتْ : إنّ رسالته هـديته لي قـد ألهـبَتْ مشاعـري نـحـوَه . إنّ الإعـجاب شيء طارىء ، لكـن الحـبّ ليس وليـدُ صدفة وإنـما بناءٌ يجـري كل يوم وكل ساعة بلـُبُـنات متراصّة متينة ، فـهـل نقِـيمُ لنا صرحاً من المشاعـر الحارة في جـبالنا الثـلجـية ، ونـزرع حَـولنا بساتيناً من الأحاسيس الجـيّاشة دون ثـغـرات في حـقـولنا الصحـراوية ، مُـتـَحَـدّين الرعـود والعـواصف في الأيام الشـتـوية ، وحـرقة الشمس في الأيام الصيفـية ، فـيُـنـعِـشـنا خـفوت ضوء النجوم في الليالي القـمرية ؟

Opinions