يبدو أن راقصاتنا الكبار فقدن الذاكرة مثل سويم المسكينة
لا أتمنى لأحد في العالم أن يكون مصيره كذلك الذي كان لنا نحن العراقيون. ولا أحبذ أبدا أن يصبح أي أنسان وحياته معرضا للتغيير والأهتزاز في كل لحظة وكأنه تحت رحمة مؤشرات معينة أو أهواء ومصالح شخصية وفئوية فتارة ينتظر السلام والأمان ويعيش سنوات وكأنه ميت أو في أنتظار الموت. حاله في ذلك حال الحياة العراقية المتغيرة كأرقام مؤشر نيكاي الشهير ولكن للأسف دائما نحو الهبوط . هل نسينا الأمس أم أن راقصات عراقنا الخبيرات والقديرات في السياسة المنتشرات اليوم أمام معابد ألهتم الكثيرة تناسوه . هل قدر لنا أن نجتر أكياس البلاستيك القذرة التي لا تهضم وكأننا بقرة جائعة وصلت للتو أمام أكوام مختلفة المحتويات وبشهيتنا المفتوحة سنحول تلك القذارة كلها إلى أكل مرة أخرى ؟أصحوا فالأجراس تقرع ولا مكان للنائمين في عالم الذرة والمعلوماتية ولا تعيدوا العراق في كل مناسبة وأخرى إلى ما كان عليه . الكل معنيون بدءا من الرئيس وأنتهاء بأقل عضو في البرلمان . هكذا فعل صدام كما تفعلون اليوم . هكذا كان يطعم حاشيته كما تحشكون اليوم في بطون حواشيكم الكثيرة . ذلك ما أسسه ظنا منه بانه يخدم قوميته وطائفته كما يفعل كل واحد منكم اليوم ظنا منه بأنه الأبن البار الوحيد لسام أو حام أو يافت . أنتم نسيتم ماذا نريد أو تناسيتم ما هو المفروض ومستعدون بأنانيتكم ووقاحة مواقفكم المتصلبة وقادرين على أضاعة عقود أخرى من عمر العراق وملايين أخرى وقوافل أكثر كتلك التي ذهبت في صراعاتنا الداخلية والخارجية وفي تحدياتنا الفارغة ومواقف راقصتنا السابقة البلهاء التي أصبحت اليوم مثلكم الأعلى وأشواطكم كثيرة بين قانون النفط والثروات إلى قانون الأنتخابات ووضع جائعتكم العارية التي تنهشون في لحمها وللأسف قد تكون اليوم كركوك وغدا الموصل وبعد غد البصرة .
ربما العراق أصبح بحاجة إلى ثورة أخرى وأنقلاب جديد ومن نوع أخر يأتي من الداخل ولا يفرض من الخارج . ربما نحتاج إلى صدمات كهربائية تعيد لراقصاتنا الكبار ذاكرتهن وتشرح لهن لما هن هناك . فأصعب شيء هو ذلك الذي نعيشه اليوم وكأننا قطع معدنية أو من الخرز والنمم معلقة بخاصرة راقصة فقدت ذاكرتها ولا تحاول شيئا رغم كون العالم كله يقف متفرجا لما سيصدر عنها من أيحاءات وحركات في عالم لا يعترف ألا بالحركة . هل تعبتم ..؟ أفسحوا المجال لمن يجيد ويجري الدم في عروقه . هل بعتم العراق .. ؟ أتركوا العراق وأرحلوا بغنائمكم فقدر العراق أن يسرقه حكامه دائما . أعطوه للعراقيين فأنتم تثبتون في كل يوم بأنكم لستم عراقيين . أتركوا مدننا التي حولتها أحزابكم إلى دوقيات ومقاطعات في بلد واحد نحتاج فيه إلى مئة ألف أذن ورخصة للتحرك في كيلو متر واحد . وخلف حدود جارتكم تركيا خمس وعشرين دولة يسافر مواطنوها دون فيزا وبدون نقاط سيطرة وتفتيش . أتركونا وشأننا إذا كنتم عاجزين عن قيادتنا في ألفية العالم الثالثة . هل ستكون أولمبياد عام 2050 في بغداد كما هي اليوم في بجين . هل سينطلق المترو قبل ذلك التاريخ باقرا بطون مدننا التي تحول جزء كبير من سكانها إلى لاجئين في دمشق وعمان وعنكاوا وخربة الشياب .... الخ من مواطن جعلتم العراقيين يصلون أليها بخلافاتكم ومصالحكم المتضاربة .
ما هو جديدكم منذ ست سنوات سوى عوائل جديدة أصبحت تحكم هنا وهناك بدل القديمة . هل يحتاج العراق الجائع أصلا إلى زواج متعة وتنافس بين الطوائف على زيادة النسل والشريكات المتنافسات على رجل واحد لا يستطيع حتى أطعام نفسه . هل ينقصنا المزيد من الكلف الأجتماعية والضحايا بعد أن سمحتم للحياة المدنية بالتراجع وضربتم بعرض الحائط قوانين كانت ولا تزال الحل الوحيد لمأزق العراق الأجتماعي والأقتصادي والسياسي . هل تعلمون بأن نسبة كبيرة من العراقيين المولودين بعد العام 1988 أميين ، جهلة ، أم أنكم تتعمدون ذلك لأن قيادة العميان أسهل من المبصرين . هل تعلمون بأننا في كل يوم جديد لا زلنا نحن كشعب ندفع ثمن حماقات الماضي ومأسي الحروب وثمن كل طلقات الرصاص . ماذا عساكم تريدون أستعادته من ذاكرتكم المفقودة .. ؟ أسألونا فسنجيبكم من أنتم وكيف أتيتم ولما وما الذي أوصلكم وما الذي سيسقطكم على رقابكم غدا وأن غد لناظره لقريب . أختاروا بين ذاكرة الأمس وحركات اليوم ولا تتسمروا في السياسة وكأنكم جوان الكردية أو فطم العربية فمن تفقد الذاكرة تشبه الغبية ولا تصلح لأن تكون راقصة أمام معابد العراق المقدسة والخطرة فعلى بعد أمتار من الحلبة التي تحتويكم هناك المذبح الذي أريق عليه دم من كان قبلكم . واضعف الأيمان أن تتابعوا مسلسل سنوات الضياع لتعرفوا ما الذي ستقرره سويم الفاقدة لذاكرتها فربما تكون راقصة حكيمة وأنسانة متفهمة ومتخذة لقرارها الصحيح وهذا ما نتمناه لكم .
عصام سليمان – تلكيف .
Assyrian_publisher@yahoo.com