أعطونا الأمان الوطني نعطيكم كلّ العراق
من دون العديد من مكونات العراق وأحزابها ألتي تمثلّها , أستطيع الجزم بأنّ الخطاب الكلدواشوريالسرياني القومي/المسيحي ألمشهود اليوم رغم تواضع ثقله , لكنه بخلاف غالبيّة الخطابات الأخرى, ينفرد بنفَسِهِ الوطني الموسوم بحب العراق ووحدة أراضيه, وهو ليس بموقف جديد , لقد إختبرته الأيام والسنين و زادت من رفعته حديّة الصراعات الدائرة الأن , ولا هو بموقف ناتج عن الخوف أو الضعف كما يروق للبعض تفسيره, إنه طبع أبن الأرض , تلك الأرض ألتي وجدت نفسها في ولادته فوقها ,هذا الإنسان الكلدواشوري الذي لا يرى ذاته كاملة في عزله عن شبر من وطنه , بل يراها في سعفة نخلة الجنوب ومشاحيف أهواره, وفي ظلال شجر بللوط وكهوف جباله, يحس الكلدواشوري بعمق وجوده كلّما مرّ أمام مدينة بابل وجنائنها المعلّقه,وسور نينوى ومدينة حضر وقلعة اربيل وتمثال شيرو ملكثا, إنها مساحة وجوده التاريخي فما دواعي خنقها ونحن مقبلون على عهد الديمقراطيه ؟حين نقول أعطونا الأمان نعطيكم كل العراق, نقولها كما فعلت تلك الأم ألتي كادت أن تفقد إبنها وهي في حضرة الحاكم الذي إبتكر طريقة ذكية لفض المشكلة حين أفتى بتقسيم جسد الطفل ما بينها وبين السمسارة ألتي إدعت أمومته,فما كان من الأم إلا أن تنازلت عن إبنها خوفا على جسده أن يقطّع, وهكذا أصدر الحاكم قراره بإعادة الطفل إليها لأنها أمّه الحقيقية .
نعم, من أجل إستعادة حياة العراقيين ليعيشوا بمحبة وتآلف , لابد من دستور وقانون يضمن حقوق الجميع بعد تحديد واجباتهم ,وكما قلناها وقالها الكثيرون ,دستورنا الحالي الذي صاغته شهوات الساسّة المعتلون نواصي الكراسي هو ليس بالدستور الوطني المنشود , ودليلنا على ذلك عديد الثغرات الموجودة فيه, أما كثرة عيوبه فذلك يعود إلى إستمكان الأحزاب ذات الخلفية الدينية والقومية ألتي شكلّت الأغلبية مع الأسف, إستمكنت في غفلةكي تفرض إرادتها وتستثمر قوّتها في حشو صفحات الدستور بمراسيمها الحزبيه ومناسباتها الدينية الخاصة بها, بحيث لم تستطع المجموعات القليله(الأقليات) في شراسة الزحمه إلا من إقتناص خجول لكلمة أو كلمتين إعتبرها البعض نصرا عظيما حين قبل المتكابرون وهم يحملوننا منيّة حشرها ما بين أسطر قصص نضال الأحزاب ومراسيمهم الدينية والقومية في الدستور, وهي لا تعد سوى بقايا من فتات وليس فتاتا ً, أي أنّ الأغلبية سلبت وصايتها على الباقين دستوريّا, فالتركماني والكلدواشوري والإيزيدي والصابئي والشبكي والأرمني أصبح بموجب فلسفة هذا الدستور كما كان النصراني محسوبا من أهل الذمة في دولة الإسلام والمسلمين,ومن يعرف ماذا تعنيه عبارة أهل الذمة سوف لن يكتفي بلعن هكذا دستور بل يطعن حتى بتلك الديمقراطيه ألتي سمحت في فقراته لمثل هذه الفلسفة .
وما دمنا نتكلم عن الديمقراطية والدستور وحقوق عامة , فالحكم الذاتي أو أقليم خاص بنا أو إدارة ذاتيه لأبناء شعبنا ومن يعيش معنا في نفس الجغرافية , هو حق , نعم إنه حق وليس منيّة من أحد علينا, وإلا دعونا نلقي بدستورنا وبالكلمتين المدرجتين بخصوصنا في سلّة المهملات , ولأنني ورغم إدعائي وجود ثغرات حجمّت من تطلعات أبناء شعبنا دستوريّا ً وضيّقت عليه الكثير من سبل إقرار مستقبله على أرضه بنفسه ,لكنني سأبقى مشدود ومعي الكثيرون بأمل إجراء تعديل دستوري شامل في فقراته , والوقت المناسب لذلك هو حتما حين يطرأ تحسنا ملموسا في أمور البلد الأمنية بتطور علاقات الكتل السياسية فيما بينها , بحيث يستطيع فيها المواطن الكردي أن يأتمن على إحترام الأخر لكرديته في مواطنته وهكذا التركماني والإيزيدي والكلدواشوري والشبكي والصابئي والأرمني.
أمّا أن يتناسى بعضنا بأننا(المجاميع المقموعه) أمام مشكلة حقيقية إسمها الدستور, فتلك فعلا ً مصيبه , لأنه ليس من المعقول أن نعوّل على دستور هو بالأساس قد أقرّ وصاية الأكثرية على الأقلية تحت زيف مسمّى الديمقراطية كي تتحكّم الأكثرية في مستقبل اهل الأرض وحرية إختيارها على أرضهـــــــــــــــــــــــا, ولكن ومع سلبيات هذا الدستور, نقول لو بقي البعض يصر على الهرولة في مطالبة الحكم الذاتي أو الإدارة الذاتية ثم مطالبة إلحاقها بهذا الجانب او ذاك , نقول له لا بأس من ذلك رغم كل ما يتخلله هذا الإندفاع من شكوك في نواياه السياسية, لكن ألا يتوجّب عليكم يا أيها الإخوة المطالبين بهذا الحكم الذاتي أن تثبتوا مصداقية حرصكم على مستقبل أبناء شعبكم وسلامة وجودهم في إلتزامكم مراعاة ما ورد في الدستور في أقل تقدير,وهذا الإلتزام وحده هو الدليل على صدق وحسن نوايا المطالبين به لأنهم سيحترمون ما تمّ سنّه من قوانين وبأصواتهم وإستفتاءاتهم , بعكس ذلك فالفلم لا يتعدى كونه ديكور نستخدم فيه أسم لفلم فرنسي او أمريكي كعنوان لفلم قصته هي لفلم هندي بدايته عاطفية ولن تكون نهايته سوى عاطفية إن لم نقل كارثية.
هناك نقطة لابدّ من الإشارة إليها حين التحدث عن مصير شعبنا أو اي شعب أخر ضمن خارطة العراق, ألا وهي رغبتنا في التعرّف على حجم إلإعتبار الذي يوليه السياسي في خطاباته ومطالباته لمدلولات التحوّلات الجارية في وضع العراق السياسي, وأتمنى أن لا يخيب ظنّي لو قلت بأن البوصلة على مدى أسابيع مضت , تكاد الأمور رغم بطئها, تتجه عكس ما إعتدناها, فهي اليوم كما تبدو واتمنى ان أكون مصيبا, تبدو وكأنها تتجه نحو الجذب المتواضع للعقلانية والمنطقيه في تحديد إتجاه المؤشر نحو بسط نفوذ الدولة وتسريع نشر الأمن في شوارع مدن عراقية عديده رغم كل ما تخللها من كلف وخسائر بشرية بريئة في بعض حالاتها , وهذا في رأيي يشكّل تحوّل متأخر طال إنتظارنا له ونتمنى أن يستمر ويتضاعف حجمه في تشكيل حكومي جديد أكثر إقتدارا وجرأة في محو الصفه الطائفيه و تعليق إستخدام التسميات العرقية والمناطقيه لأجل غير مسمّى إلأى أن تحين لحظة الجلوس الهاديئ للتباحث حول شأن العراق كوطن لكافة العراقيين ,من جانبي , لايمكنني غض الطرف عن حقيقة وإيجابية ما يحصل (رغم كل ما يراودنا من شكوك في نوايا المحتل فذلك لا ينفي تلاقي المصلحة في البعض من المحطات ولا بأس من ذلك ) خصوصا حينما نسترسل في ربط الجانب الأمني مع طرح مسببّات وتبريرات التعجيل بالمطالبة بالحكم الذاتي, لأن الحياة لم ولن تتوقف عند نقطة في الأمس , ولا شيئ ثابت في الحياة , حتى ما يعرّف بالثابت فهو متغيّر, وما يثار في خضم المتغيرّات لابد أن يراعى فيه الغد وما بعده وليس الإنشداد والإنغلاق مع الماضي, إذن بمفهومنا المبسّط, علينا بالإنفتاح مع ما نراه إنفراجا ً من وجهة نظرنا والدفع به للأمام هو جزء من مهامنا الوطنية والقومية على حد سواء , وكي لانكون في موضع المتهّمين قانونيا, مع إحتفاظنا بحق الإحتجاج والإعتراض على كل صغيرة وكبيره ضمن العملية السياسية ألتي إخترنا أن نكون جزءا منها حتى وإن حصل ذلك على مضض , يتوجب أن نكون من السبّاقين المثابرين فيالمساهمة في تغيير وتطوير كل ما هو ضروري وكلما سنحت لنا الفرصه .
و لو عاد الأمان للوطن وإستقرّت النفوس , فنحن ابناء العراق سنكون الرابحون بكل العراق خاصة في تعاملنا القومي المنفتح مع فكرة الوطن والمواطنه.