تم التوقيع على اتفاق عمل ثنائي بين ممثلي الحكومتين الألمانية والعراقية في برلين خلال بداية الأسبوع الماضي، للعمل معًا بشكل أعمق في مجال الهجرة. هذا ما توصلت إليه كل من قناتي NDR و WDR اعتمادا على معلومات أكدتها لهما مصادر مختلفة خلال إنجاز تقرير استقصائي حول الموضوع، وأكدت القناتين أن الأمر لا يتعلق باتفاق ملزم قانونًا، ولكن بـ"إعلان مشترك".
وبالنظر إلى العدد الكبير لطالبي اللجوء في ألمانيا، فإن مثل هذه الاتفاقيات لها أهمية كبيرة، وبالتالي فإن الاتفاق مع العراق سيكون نجاحًا كبيرًا للحكومة ومفوضها الجديد في مجال الهجرة، يواخيم شتامب(FDP)، فالعراق هو أحد البلدان التي يأتي منها عدد كبير من طالبي اللجوء نحو ألمانيا، حسب ملخص التقرير الذي نشر على موقع تاغس شاو الألماني.
التعاون لا يهدف إلى الترحيل فقط!
لم يتم الإعلان حتى الآن عن الاتفاق رسميا، وربما يكون ذلك مرتبطًا بكون العديد من الاتفاقيات السابقة في مجال الهجرة، تتوقف ولا تنفذ حتى بعد إعلانها رسميا. وفي رده عن سؤال حول الموضوع، رد المتحدث باسم وزارة الداخلية الاتحادية، بشكل عام قائلا إن الحكومة الاتحادية "تجري محادثات مع مختلف الدول حول تكثيف التعاون في مجال الهجرة". مضيفا أن "الحد من الهجرة غير النظامية والحث على اتباع طرق الهجرة القانونية". لكنه لم يرد بوضوح على السؤال حول الاتفاق العراقي الألماني.
حسب التقرير المشترك لـ NDR و WDR، يهدف كلا الجانبين إلى تعاون شامل لا يقتصر على مسألة عودة المهاجرين إلى العراق فقط، ولكن أيضًا لتسهيل الدخول القانوني للعراقيين إلى أوروبا. وقد تم الاتفاق على نقاط أخرى في الاتفاقية، من بينها التأهيل المهني والتدريب ومدارس اللغات في العراق، ليس فقط بهدف جلب اليد العاملة المؤهلة من العراق إلى ألمانيا، ولكن من أجل دعم التنمية في العراق.
على مستوى الجانب الألماني، تنسق عدة وزارات معًا لإنجاح المخطط، إذ أنه في الماضي، فشلت عمليات الترحيل إلى العراق أكثر من مرة بسبب وجود مشاكل في تحديد الهوية أو الجنسية - ويقال إن كلا البلدين يريدان العمل معًا بشكل أفضل هذه المرة. وفقًا لوزارة الداخلية الفيدرالية، كان حوالي 35000 عراقي مطالبين بمغادرة البلاد يعيشون في ألمانيا في نهاية عام 2022. تم التسامح مع حوالي 32000 منهم - وما لا يقل عن 7900 منهم بسبب فقدان وثائق السفر.
في العام نفسه - 2022 - تم ترحيل 471 عراقياً فقط من ألمانيا، معظمهم إلى دول ثالثة، وفقط 77 شخصاً أعيدوا مباشرة إلى العراق. 907 مواطن عراقي عادوا طواعية خلال السنة ذاتها بسبب التحفيزات التي قدمت لهم.
الوضع في العراق يحول دون إعادة المواطنين إلى بلدهم!
هذه الإحصائيات تلعب دورًا رئيسيًا في التعاون بين ألمانيا والعراق حاليا، خاصة أن الوضع في العراق حرج، والأعداد المنخفضة للعائدين عن طريق الترحيل لا تتعلق فقط بضعف التعاون، ولكن تتعلق أيضا بالوضع في العراق.
وفقًا لتقرير اللجوء الصادر عن وزارة الخارجية الألمانية، والذي تم تحديثه آخر مرة في أكتوبر 2022، فإن الوكالات الحكومية تربط الأمر بانتهاكات حقوق الإنسان. وبحسب التقرير السري، الذي استطاعت كل من NDR و WDR الاطلاع عليه، فإن الحقوق والحريات الأساسية المنصوص عليها في الدستور "ليست مضمونة بالكامل". ووفقًا للتقرير، فإن التعذيب لانتزاع الاعترافات خلال التحقيق، والاعتقالات التعسفية وعمليات الخطف هي مشاكل منتشرة في البلد.
بالإضافة إلى ذلك، يبرز التقرير أن الميليشيات المسلحة تشكل تهديدًا للسكان "كثير من الأطفال والشباب يتضررون بشدة من أعمال العنف ضدهم أو ضد أفراد الأسرة". وبحسب التقرير، تعاني الأقليات الدينية من "تمييز واضح"، لذلك يرى التقرير "أن الدولة العراقية لا يمكن أن تضمن حماية الأقليات".
تختلف دول الاتحاد الأوروبي في رؤيتها لطرق التعاون وجدواه مع العراق خاصة في قضايا الهجرة واللجوء، وذلك حسب البحث الذي أجرته كل من NDR و WDR، وتشير التقارير الداخلية التي اطلع عليها الصحفيون التابعون للمؤسستين الإعلاميتين، إلى أن معظم الدول الأوروبية تبدو غير راضية عن مدى التزام العراق سابقاً.
م.ب