Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

المالكي والنجيفي يتحملان المسؤولية الأمنية والأخلاقية في قتل وتهجير مسيحيي الموصل

habeebtomi@yahoo.no
السؤال المطروح بعجالة هو : من المسؤول عن حماية مسيحيي الموصل من عصابات القتل والخطف

والأبتزاز والتهجير ؟
وسنجيب بعجالة ايضاً بأن الحاكم اولى واجباته السياسية وقبل كل شئ هو مسؤوليته بالحفاظ على ارواح مواطنيه وحماية ممتلكاتهم . هذه بديهة لا تحتاج الى التبحر في العلوم والمعرفة ، ففي العراق حكومة مركزية عاصمتها بغداد يرأسها نوري المالكي وفي محافظة نينوى حكومة محلية عاصمتها مدينة الموصل ويرأسها المحافظ أثيل النجيفي ، ويعمل تحت أمرة المسؤولين قوات من وزارة الدفاع ووزارة الداخلية ومختلف فصائل القوات للمحافظة على الأمن والأستقرار كقوات الجيش والشرطة وأجهزة الأمن المختلفة .

في هذا السياق سيكون المالكي والنجيفي المسؤولان المباشران اللذان يتحملان هذه المسؤولية امنياً وقانونياً وأخلاقياً . ولا يمكن ان نطلب من دولة اجنبية او عربية حماية المسيحيين في مدن العراق ، او نتهم تلك الدول والحكومات بتقاعسها في توفير الحماية اللازمة لهذا الشعب الأصيل في مدن العراق ومنها مدينة الموصل .

بالعودة الى التاريخ القبلإسلامي ، ستكون ارض بلاد النهرين شمالاً وجنوباً شرقاً وغرباً زاخرة بكنائسها وأديرتها وقصورها ومدارسها العامرة ، وستكون هذه الأصقاع بلاد تسكنها اكثرية مسيحية ساحقة ، ولكن بعد الحكم العربي الإسلامي في القرن السابع الميلادي سنشاهد على الأرض ان المكون السكاني المسيحي يبدأ بالضمور امام المكون المسلم الذي بات يشكل الأكثرية ، السبب :

يجب الأقرار بعدم استخدام حرب إبادة ، او مجازر بشرية بحق المكون المسيحي ، ولا حتى بسبب جاذبية المبادئ الدينية الأسلامية ، إنما كان رجحان كفة الميزان للمكون الأسلامي بسبب الضغط الأجتماعي والتمييز الشرعي ، او حتى الإذلال عن طريق قوانين وشرائع بمفهوم ما عرف بأهل الذمة ، وكان بموجب تلك الأحكام تفرض ملابس معينة لتمييز هؤلاء البشر عن الأسلام ، ثم كانت الضرائب الخاصة ، وهكذا وبالرغم من وجود فسح تسامحية بين الفينة والفينة لكنها في نهاية المطاف كان ترسخ فيهم الشعور الجارح بالأنتماء او حتى الأنتباذ ، وكل ذلك كان يشكل سبباً للخروج من صقيع الأقلية المسيحية المضطَهَدة والولوج والتحول الى امتيازات وتفوق الأكثرية المسلمة المضطهِدة . فماذا يجري اليوم لمن بقي على دينه على ارض الموصل ؟

إن ما يجري اليوم على ارض الموصل اليوم بما نسمع ونقرأ عنه له تفسيرات غريبة وغير واقعية والتنصل من المسؤولية ، وتبادل اتهامات ، لمن يقوم بتلك الجرائم .

السيد المحافظ وغيره من المسؤولين من المنتمين الى قائمة الحدباء في انتخابات مجالس المحافظات ومعهم المكونات والأحزاب المتحالفة غالباً ما يحاولون التنصل من المسؤولية ولصق التهمة بجهات كوردية ، وتبرئ ساحة الحكومة المركزية والمحلية ، كما ان إبقاء الموضوع في هذا الإطار والسكوت المطبق ولفلفة التحقيقات عن الجرائم الحاصلة في وضح النهار سيكون وسيلة لتبرير الأعمال الأجرامية وتبرئة المجرمين الحقيقيين وتجنبهم المساءلة وتقديمهم الى العدالة .

إن مدينة الموصل اليوم تحت سيطرة الحكومة المحلية التي يرأسها المحافظ اثيل النجيفي ، وترتبط ارتباطاً وثيقاً بالحكومة المركزية وهي مسؤولة امامها في حفظ الأمن والأستقرار داخل مدينة الموصل على الأقل ، وعليها يقع واجب المحافظة على امن المواطن ، فلماذا تسكت عن مقترفي الجرائم ومهما كان انتماؤهم الديني او القومي او السياسي ؟

ولماذا يحجمون بشكل مستمر عن ذكر اسم القاتل الحقيقي ؟ فهل من المعقول لو ان القاتل كان كردياً ان تسكت الحكومة ولا تفضحه ؟

ليس من المعقول ان يبقى المواطن المسيحي في الموصل يعيش هاجس الخوف والذعر والهلع على مدار الساعة ولا يعقل ان ينسى كل حقوقه الوطنية والقومية والدينية والأنسانية ويقتصر مطلبه ان يبقى على قيد الحياة فحسب ، فبأي غابة موحشة يعيش هذا المواطن ؟

تأكيد لهذا الكلام نقرأ في موقع عنكاوا كلام للشماس باسل عبد النور وهو يقول بألم ومرارة :

«لا نريد انتخابات ولا من يمثلنا ولا نريد حقوقنا، نريد فقط ان نبقى احياء ونحافظ على ارواح ابنائنا واخواننا >> ويضيف

«يكفينا قتلاً وتهجيراً، وما تعرضنا له في هذه السنوات اصبح كابوساً يلحق بنا طول السنين».

نعم إن هذا الأنسان يعرض بصدق المعاناة والمأساة الأنسانية التي تطال هذه الشريحة البشرية التي كتبت عليها الأقدار ان تعيش في تلك الغابة .

نحن المسيحيون لا ناقة لنا في الصراع الدائر بين السنة والشيعة ، ولا جمل لنا في الخلاف الدائر بين العرب والأكراد نحن نقف على مسافة واحدة من الجميع ونريد ان يسود السلام والمحبة والتعايش بين السنة والشيعة وبين العرب والأكراد وكل مكونات الشعب العراقي من اجل خير العراق على مدى اتساع ارضه من زاخو الى الفاو ومن السليمانية الى الرمادي .

لا نريد ان نصبح اداة لتصفية حسابات او ورقة انتخابية ، كالكرة التي يتقاذفها الفرقاء كل حسب اهوائه .

إن قائمة الحدباء والدولة المركزية يتحملان مسؤولية كبيرة في تحقيق الديمقراطية في عموم العراق وفي محافظة نينوى بالذات والتي تتميز بتنوعاتها الأثنية والدينية ، ونحن لسنا مع قذف المحافظ بالحجارة حين زيارته لمدن وبلدات محافظته ، ونتمنى ان يستقبل بحفاوة ويزور انحاء محافظته وهو معزز مكرم ودون حماية قوات اجنبية ، والحالة التي تؤدي الى ذلك هي تعامل المحافظ اثيل النجيفي مع كل المكونات بفكر متفتح على الجميع وبنزعة عراقية اصيلة وبخلق الأستقرار وألأمان في محافظته .

عليه ان يراعي مصالح ومشاعر كل المكونات والمكون الكوردي بالذات ، وأنا لست محامياً هنا للاكراد ، لكن من المنطق ان التفاهم والحوار الديمقراطي الأخوي المباشر بين قائمة الحدباء ونينوى المتآخية ، للتنسيق بينهما وتوزيع المسؤوليات ، سيخلق اجواء الثقة المتبادلة لتشييد اسس رصينة للتفاهم والتعاون والتعايش .

إن ما خلفه التاريخ عبر قرون من الزمن ، والجغرافية الآنية السائدة وما فيها من التنوع الأثنوغرافي في هذه المنطقة لا يمكن محوه بقرارات فورية بعيدة عن الواقع او بسياسة منغلقة ، فالعلاقات الطبيعية الموضوعية وتبادل المصالح وتسييد لغة الديمقراطية والتفاهم والتسامح والتعايش هي الكفيلة بحل كل المعضلات بين الطرفين وبين الأطراف الأخرى .

وأخيراً اقول ان المسؤولية الأمنية والقانونية والأخلاقية تقع بالدرجة الأولى على رئيس الوزراء نوري المالكي ومحافظ نينوى اثيل النجيفي ، وإن اي تنصل من هذه السؤولية لا يمكن ان تقنع اي مواطن .

إن ما يبعث على الحيرة الدهشة هو قتل مواطن في وضح النهار وهو في طريقه الى كليته او عمله ، لكن الأدهى والأنكى من ذلك ان تقف القوات الحكومية مكتوفة الأيدي ، بل متفرجة على هذه الدراما المأسوية بكل القياسات ، فبماذا نفسر هذه المعادلة الصارخة يا ترى ؟

وبماذا نفسر السكوت المطبق عن هذه الجرائم من قبل الحكومة المركزية والحكومة المحلية ؟

إن واجب الحاكم هو المحافظة على حياة مواطنيه وإن كان عاجزاً عن المهمة عليه ان يستقيل لكي يحل محله من يستطيع القيام بهذا الواجب .

ونبقى نصيح بأعلى اصواتنا : على النجيفي والمالكي القيام بواجبهما في الحفاظ على ارواح الناس الأبرياء من هذا المكون الأصيل ، وإلقاء القبض على المجرمين مرتكبي تلك الجرائم وتقديمهم الى محاكمات علنية عادلة ، حينذاك يشعر المواطن بالأمن وألأمان ويختفي الرعب والخوف والذعر حين التوجه الى العمل او الى المدرسة او الى الكنيسة .

حبيب تومي / اوسلو في 20 / 02 / 2010



Opinions