المدارس السريانية فخر لشعبنا والذي يعرقل عملها يقترف الخيانة العظمى
العصر الحديث عصر نكبات ومأسي لشعبنا الواحد بتسمياته ومذاهبة المختلفة. كان شعبنا هدفا للإضطهاد والقتل والتشريد ولم تسعفه حتى الجبال العصية التي هرب إليها. أكاد أجزم ان أي فرد من أبناء شعبنا وفي غضون جيل واحد قد خسر واحدا من أقاربه في أقل تقدير وهرب بجلده من أكثر من مكان.
ولا نستثني أحدا من الأقوام التي سكنّا معها او بقربها. الكل إضطهدنا بطريقته الخاصة وأحيانا بقسوة ترقى إلى مذابح جماعية. وموضوع ما وقع علينا من إضطهاد يحتاج إلى موسوعة يشترك في تأليفها جمهرة من المؤرخين وليس مؤرخا واحدا لأنه يشمل حتى مؤسسة الكنيسة الغربية وما ألحقته بنا من مأسي وإضطهاد يندى له الجبين لا سيما ما فعلته بشعبنا في الهند وأماكان أخرى كثيرة.
ضوء في نهاية النفق
ولكن يجب ان لا نجزع. رغم ما لحق بنا من مأس فإننا وبعون الله مقبلون على نهضة والمدارس السريانية في العراق التي تجاوز عددها الستين وطلبتها عشرات الالاف مؤشر يبشر بالخير ومستقبل زاهر رغم الصعوبات.
هذه المدارس في رأي تمثل أكبر وأهم إنجاز حققه شعبنا في عصره الحديث لأنها ولأول مرة تصبح فيه لغتنا السريانية الجميلة لغة التدريس للمواد كافة في عصرنا هذا.
وإن أضفنا إلى هذه المدارس المديريات السريانية – واحدة للثقافة وأخرى للتربية في إقليم كردستان وواحدة للتربية في بغداد – فإننا نكون أمام ظاهرة فريدة في تاريخ شعبنا في كافة الأقطار المشرقية لتواجده – العراق وإيران وتركيا وسوريا ولبنان وفلسطين.
هذا إنجاز كبير وانا شخصيا أقف بإجلال وإحترام لكل الذين كانوا من ورائه ولكل الذين يساندونه ويدعمونه ولكل الذين يقفون بالمرصاد لوأد كل جهد اومؤامرة لإفشاله.
وما نصبو إليه هو إنشاء مجمع اللغة السريانية، يجمع خيرة علماء هذه اللغة، وكذلك جامعة سريانية خاصة بنا. هذا حلم كبير بالنسبة لي وأمل أن أراه على أرض الواقع قبل أن تلحق بي المنية.
تجربة فتية
هذه تجربة فتية ستتخللها سلبيات ولكن في الإمكان تجاوزها. إننا شعب كنا في سبات لأسباب عديدة بعضها يجب ان نلوم أنفسنا عليه وليس غيرنا.
قد لا يعلم الكثير من ابناء شعبنا أننا قلما نملك عالما لغويا بالمستوى الأكاديمي الذي يؤهله للتدريس الجامعي من أبناء شعبنا. فمثلا يعتمد فسم اللغة السريانية في جامعة بغداد في غالبيته على الأساتذة العرب والمسلمين الذين إختصوا في لغتنا.
وكل الأقسام الجامعية في العالم التي تدرس وتبحث في شؤون لغتنا السريانية يديرها أساتذة لا ينتمون إلى هويتنا القومية. والإختصاصت العليا في اللغة السريانية نادرة إلى درجة ان كل الجهود لفتح قسم للغة السريانية في إحدى الجامعات في كردستان في شمال العراق إن في أربيل او دهوك ذهبت حتى الأن أدراج الرياح.
ربما خير لنا
بعدُنا عن الإختصاصات العليا في لغتنا القومية السريانية قد يشبه "وعس ان تكرهوا شيئا وهو خير لكلم" لأنه أنقذ هذه اللغة من مهاترات التسمية التي تعصف بشعبنا. أظن لو كان لنا إختصاصيون يحملون شهادات الدكتوراة في هذه اللغة لجعلوا منها مادة دسمة لمهاترات التسمية أيضا كما يحدث الأن بخصوص أسمائنا.
اليوم تدرس لغتنا في ارقى جامعات الدنيا في اوروبا والويلايات المتحدة والهند وغيرها من البلدان وفي كل الأقسام التي تدرسها إسمها "قسم اللغة السريانية." والذين يدرسون في هذه الأقسام علماء بكل معنى الكلمة.
ولكن بعض أبناء شعبنا، ومع إحترامنا الشديد لهم ولمكانتهم، يحاولون إقحام أجمل وأغلى ما نملكه سوية كأمة وشعب والذي دونه لا هوية لنا في مهاترات التسمية. فبدلا من أن نحافظ على هذه اللغة وندعمها بكل ما نملكه ونحث اولادنا للإنضمام إلى مدارسها والإختصاص فيها يحاول بعضنا تشويه إسمها.
سفير العراق في السويد وقنبلته اللغوية
قبل مدة فجر السفير العراقي في السويد السيد حسين العامري قنبلة لغوية هزت السطات في البلد برمته. وإنفجرت هذه القنبلة وبدوي هائل بعد رسالة كان السفير قد أرسلها إلى السلطات التربوية في السويد يطلب فيها السماح للحكومة العراقية بتأسيس مدارس عراقية خاصة تكون اللغة العربية مادتها الأساسية وعلى نفقة العراق.
تلقف الإعلام السويدي الخبر وإستنادا إلى مطالعتي للصحافة السويدية لم ألحظ موقعا إعلاميا إلا وأبرزه (رابط 1 و 2). وأهم تحليل كتبته الصحفية السويدية الشهيرة في جريدة داكنزنيهتر – أهم جريدة في السويد –أوسا موبري (رابط 3) ،تعقب فيه على رسالة السفير. وتقول أوسا هناك 250 الف عراقي في السويد وإذا أخذنا تجربة المدارس الإسلامية في كل من السويد والدنمارك فإن هذه المدارس سيكون لها شأن كبير لأنها إضافة إلى إستلامها الدعم المالي من الدول الراعية فإنها تستحق وحسب القانون السويدي كل الدعم المالي من السويد أيضا شأنها شأن المدارس السويدية. وقانونيا ليس بإستطاعة الحكومة السويدية منع العراقيين او غيرهم من الجاليات الدراسة بلغتهم الوطنية. وتعزو أوسا ذلك إلى ما يتمتع به السويديون في الخارج من إمتيازات تشمل الدراسة بلغتهم الوطنية.
ولكن ما أثارني وجذب نظري في مقالها هو قولها أن الكنيسةالسويدية هي التي تهتم بشؤون اللغة الوطنية السويدية بالنسبة للسويديين المقيمن في الخارج. لنقارن ونقارب موقف الكنيسة السويدية بشأن الهوية اللغوية مع بعض كنائسنا ورجال ديننا من الذين لا يهاجمون الهوية الكنسية المتثلة باللغة والليتورجيا بل يحاربونها في نفس الوقت أيضا.
ما العمل
وفي الحقيقة – وهنا أنا مقصر بقدر تعلق الأمر بالشعب الذي أنتمي إليه – كنت قد كتبت مقالا في هذا الشأن في الصحافة العربية واليوم يعد العراقيون من العرب والمسلمين من المقيمين في السويد أنفسهم لفتح المدارس الخاصة بهم فور صدور قرار كهذا من الحكومة العراقية.
أضع هذه المسألة امام المتنفذين من أبناء شعبنا في المهجر والسويد بالذات. هل نحن على إستعداد لفتح مدارس سريانية أم سنظل نتقاتل على أن إسمها سين او جيم؟ ما هو دور رجال ديننا؟ البعض منهم له دور إيجابي في تدريس والحفاظ على هويتنا الكنسية من خلال اللغة والليتورجيا والأخر لا يكترث لها البتة لا بل يحاربها ويرفض حتى فكرة تأسييس مدارس بلغتنا القومية ووصل الأمر إلى درجة ان يجتمع أكثر من 700 شاب وشابة لنا في مؤتمر للجوقات وهم ورجال دينهم يهللون للعربية والعروبة وفي كل المهرجان لم ينطقوا كلمة واحدة بلغتنا القومية (رابط 4).
الخيانة العظمى
اللغة هي الهوية ولغتنا السريانية هي هويتنا مع أسمائنا الجميلة. اللغة والهوية سيان. الذي يحارب او يعرقل او لا يقبل تأسيس مدارس سريانية اويحث الطلبة على عدم الإنضمام إليها إن في أوطاننا الأصلية او في المهجر يجب ان نشخصه ونقول له إن ذلك يمثل خيانة للهوية ومنها هويتنا الكنسية.
وإن كان ذلك الشخص يمثل مذهبا او حزبا او منظمة او يدعي القيادة ويعرقل او يحارب لغتنا ومدارسها ويكتب رسائل إلى الجهات المختصة لفتح مدارس عربية في مناطقنا وأماكن تواجدنا بدلا من السريانية فإنه يقترف الخاينة العظمى وإن إدعائه انه يريد ان ينهض بنا ويرفع من شأن إسمنا – أي إسم كان – او هويتنا كذب في كذب.
ولهذا لم أصدق لابل خاب ظني عندما وقعت عيناي على مقال يطلب فيه قيادي حزبي من ابناء شعبنا – يقول أنه يقود حزبا قوميا –عدم فتح مدارس سريانية في مناطقنا بل يطالب وبصراحة السلطات المختصة بفتح مدارس عربية (رابط 5). هذه خيانة لا بعدها خيانة ولا أظن أن كرديا أميا في أعالي جبال كردستان يقبل على نفسه ذلك ولا يقبله أي شخص أخر له غيرة على هويته التي هي لغته.
ليون برخو جامعة يونشوبنك – السويد
رابط 1 و 2
http://www.friatider.se/irakiska-grundskolor-snart-i-sverige
http://www.dn.se/nyheter/sverige/irak-vill-oppna-skolor-i-sverige
رابط 3
http://www.dn.se/nyheter/asa-moberg-tank-om-irakiska-skolor-blir-battre-an-de-svenska
رابط 4
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,616072.0.html
رابط 5
http://www.kaldaya.net/2012/Articles/12/47_Dec17_AblahadAfram.html