Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

حينما يموت الضمير

حينما يموت الضمير، تموت معهُ الكثير من الأشياء، وتصبح بلا لون أو معنى ومُباحةٍ، ويصبح معها الإنسان مُجرد هيكل جامد، فارغ، صداهُ في داخلهِ فقط! موت الضمير مُشكلةٌ هو، يُعانى منها من تطالهُ خيوط الأفكار المسمومة الممزوجة بازدواجية السلوك، ومُشكلة أكبر يصبح حينما يتعارض مع قيم الحياة والأخلاق والإنسانية بشكل لافت للنظر.

جلستْ مع نفسي أفكر وسرحت بخيالي إلى كل ما يحدث في واقعنا، فقلت أصبح إنسان هذا الزمان غير مفهوم، مُبهم التصرفات، مزدوج الميول، غير آبه بأحدٍ، بحيث أصبح همهُ الأكبر ذاتهُ فقط (طبعًا بنسبة)! لا نعلم هل الحياة بتطوراتها هي من تفرض عليه هذا، أم الحاجة تدفعهُ، أم هو باتْ من نفسهِ يمشي عكس التيار، ولا يُعطي للحياة مقامُها الذي لابدّ أن تكون فيهِ، ليكون هو فيها.

لو نظرنا نظرة خاطفة للأحداث الحاصلة حولنا بمُجملها بدون تمييز، سنرى فيها أن الضمير الإنساني عند موتهِ، يلعب دورهُ ببراعةٍ، ويلهّو فوق جثث الآخرين، مُوسعًا في حياتهِ من المُباحات وراكنًا إليها! كما نراهُ يسعىّ بشكل فعلي إلى: كلام الزور، الخيانة، التدمير، تزييف التاريخ، هدم الحقيقة، المشاكل، القتل، الحروب الغير مُبررة، تدمير بيوت الله، السلوكيات الغير أخلاقية، هونّ الكثير من الأشياء والأمور ....الخ، جميع هذه المصائب تتوالى على البشرية بسبب الإنسان وموت ضميره! مع الأسف بات الضمير عملة نادرة وبات الإنسان مُجرد خادم لرغباتهِ، والمصالح أصحبت هي الغالبة والمُسيطرة، والاستغلال والنفاق بات شعار الكثيرين للوصول إلى مآربهم! أصبحت الازدواجية في الأقوال والأفعال جزء لا يتجزأ من حياة الكثيرين!

وربما قد لا تكون هذه هي الأسباب الوحيدة، فهناك الحالات النفسية الناتجة بسبب الأحداث المارّة في الحياة، هي الأخرى تلعب دورها في داخل البعض وتدفعهم إلى طريق آخر غير طريقهم، يسلكونهُ عند غياب الفكر، وقد يفيقون بعد حين أو يستمرون عليها، ومع ذلك هي ليست مُرتكزات للوقوف عليها، فكل شيء في الحياة لهُ دورهُ ومرحلتهِ وينتهي!

ولكن أن واجهت أي واحدٍ بفعلتهِ التي لا تمدّ لإنسانهِ بصّلة، تراهُ يبرر تصرفهِ بأن الدنيا تغيرت، والزمان لم يعد ذاك الزمان، والإنسان تغير! ولكن هي ليست مُبررات مُقنعة للسير عكس التيار، هذه جميعها لا تُعطي الحق لأيًا كان أن يُمارس عجرفتهِ على الآخرين! لكل إنسان عقل يُفكر وقدرة تعمل وتُميز بين النصفين، وهذا الضمير هو أنتَ الثاني الذي يُحاورك ويتحدث معك ويُقيمك ويُرشدك إلى الصواب حينما تفتح أذنيك وقلبك لهُ، وعكس ذلك فأنت ضائع في دروب الحياة بدونهِ.

أنتَ يا إنسان بهذه الثقافة المُصطنعة تبني قاعدة هشة للأجيال القادمة، أنتَ تُظهر لهم بأن الإنسانية هي مُجرد كلمة لا رديف لها، أنتَ تحول إنسانك مع الزمن إلى مُجرد حجارة لا تحس ولا تشعر بلْ تُضرب بها الآخرين، أنتَ بهذا تُلغي الحواجز بين المُباحات والمُحرمات وتجعلها تضيع مع بعضها البعض، أنتَ تخلط الحابل بالنابل، أنتَ بهذا تُعميّ القلوب وتُخرس الألسنَ وتفتح الأفواه على كلام لا معنى لهُ، أنتَ بهذا تواكب تطورات العصر ولكن تُجاملها لا تتقنها، تعيش في كهوف الماضي!

إذن مشكلة البشرية أنها لا تقف على إنسانيتها وتُعطي للضمير حقهُ، أصبح معظم البشر على حسب أهوائهم يشكلون حياتهم وحياة الغير، يفرضون فكرهم الجامد والمنحرف ومن ثم يدعون الكمال والاستقامة والصواب، أصبح ميزانهم مُتأرجح ما بين الخير والشر! ألا تتفقون معي، بأن الإنسان أذا أعطى قيمة لذاتهِ وأحبها كذات إنسانية لكانت حياتهِ معزوفة فريدة من كمان فريد، ولكانت مُجريات حياتهِ كجدول ماء صافي عذب، ولكانت مدن حياتهِ تسكنها حمامات بيضاء تُعانق نسيمات الصباح، ولكانت طعم سنين عمره كطعم عصير الرمان.

Opinions
المقالات اقرأ المزيد
تظاهراتكم قد فسدت، فعودوا لبيوتكم - الجزء الأول صائب خليل/ من الصعب أن يطلب المرء من الذين يحسون بالظلم، ان يتركوا قضيتهم ويعودوا إلى بيوتهم، لكن المظلوم مثل غيره، لا بد أن يرتب "تدابيره" وإلا فأن "حنطته ستاكل شعيره"، ناقة الانبار نـزار حيدر/ منذ يوم الجمعة الماضية، وانا احاول ان اجيب على سؤال حيرني كثيرا، وهو: هل ان ما تحدث به خطيب الجمعة في ساحة الاعتصام في الانبار يعبر عن رايه الشخصي؟ عفواً ومغفرة ياإلهي... أنا إلهُكَ في البدء: الحقيقة إننا نعيش في مجتمع مجنون _ وخاصة في مجتمعنا _ يدفعنا إلى حافة الانفجار، ومن النادر أن تجد إنساناً وسط هذا الصخب والجنون لا يشكو من التوتر والقلق والتوجس على المستقبل، يشكو الإكتئاب والحزن والناس وسوء معاملتهم وحبهم لأنانيتهم المهلكة ، وعصبيتهم المقيتة ، وكبريائهم القاتلة، وطائفيتهم المميتة ،ومحسوبيتهم المصلحية ،ومحاصصتهم الطائفية، ومناصبهم المسروقة ، ومراكزهم المباعة ، كما ويشعر البشر بأنهم تائهين لا أهداف لهم، وإنْ وُجدَتْ فهي متناقضة مبعثرة، ولم تعد هناك لذّة في العمل أو منفعة في الحياة... إنها سلسلة متصلة من الضيق والغضب والضغط والانفعال وأخيراً الموت . المرأة في كردستان العراق..بين التهميش والسعي لتكريس المساواة المرأة في كردستان العراق..بين التهميش والسعي لتكريس المساواة ظهرت أخيرا أصوات معزولة في إقليم كردستان العراق تشكك في مظلومية المرأة وتنشر وتبث تقارير وأخبار مفبركة ومغرضة غير دقيقة حول واقع المرأة الكردية ووضعها هادفة للطعن فيها والانتقاص من دورها الريادي في المجتمع بل والذهاب حتى لاختلاق قصص وحكايات وهمية
Side Adv1 Side Adv2