خطباء العيد في العراق حذروا من العنف وأكدوا استمرار الاحتجاج
وسط إجراءات واحترازات أمنية غير مسبوقة، احتفل سنة العراق اليوم الخميس بأول أيام عيد الفطر فيما يحتفل به الشيعة غدًا الجمعة. وحذر خطباء صلاة العيد من خطورة الانهيار الأمني المتصاعد الذي تشهده البلاد ودعوا المالكي إلى حكم العراق بعيدا عن الطائفية والتهميش وأكدوا استمرار احتجاجاتهم في المحافظات الست الغربية والشمالية.
لندن: باشرت قوات الشرطة خطة أمنية اليوم لحماية المساجد والجوامع منعاً لوقوع هجمات مسلحة خلال عيد الفطر حيث شهدت الطرق التي يسلكها المواطنون إلى المساجد والمناطق العامة والمتنزهات تواجدا مكثفا لقوات الأمن.
ودعا خطيب صلاة العيد في مدينة الفلوجة بمحافظة الانبار (110 كم غرب بغداد) الشيخ محمد مطر المالكي بحكم البلاد بطريقة عادلة ومنصفة يرضى بها لله والشعب وحذر من ان هذا العراق لايمكن ان يهدأ "طالما ان هناك حكاما يحكموه بطريقة غير عادلة وغير منصفة".
وأضاف في المصلين الذين ادوا الصلاة على الطريق الدولي السريع الذي يربط العراق بالأردن الدولي أن العراقيين كانوا يتوقعون ان الحراك الشعبي السلمي في المحافظات الست المنتفظة غرب وشمال البلاد لن يطيل اكثر من عشرة أيام ولكن المعتصمين أكدوا للجميع انهم رجال يستحقون العرفان لثباتهم على المطالبة بحقوقهم المهضومة من قبل الحكومة العراقية.
وخاطب المالكي قائلا "اما ان لك نزع قناع الطائفية ورفع الظلم عن المعتقلين الابرياء اما ان لك التخلي عن مصالحك وحزبك اما ان لك احترام شعبك والعودة إلى عقلك". وأضاف مطر أن "المعتقلين في السجون تحت سطوة الجلاد لكننا في العراق في سجن كبير تحت سطوة الجلادون"، مؤكدا أن "الحكومة مازالت مستمرة في اعتقال الابرياء من اهل السنة والجماعة حتى اصبحت السجون لهم فقط دون غيرهم".
وشدد الخطيب على ان المعتصمين والمتظاهرين في المحافظات الست المنتفظة سيبقون في ساحات الاعتصام متحدين الظروف الجوية القاسية من الحر والبرد للمطالبة بحقوقهم المسلوبة من قبل الحكومة العراقية.
وفي مدينة كركوك (225 كم شمال شرق بغداد) فقد حذر خطباء المساجد من خطورة الوضع فى العراق بسبب تزايد أعمال العنف والاستهداف الممنهج للمواطنين. وقال إمام وخطيب جامع "ملا عثمان" فى حى المصلى بالمدينة الشيخ أسود رشيد الصالحى، أن "العراق يمر بمرحلة خطيرة، وكذلك مدينة كركوك بسبب التوتر الأمنى وأعمال العنف والاستهداف الممنهج للسكان وهذا يستدعى منا جميعاً وحدة الموقف والكلمة لمواجهة التحديات".
ودعا الخطيب الحكومة العراقية والقيادات السياسية الانتباه للشعب العراقى وتلبية مطالبه المشروعة والاقتداء بنهج الرسول الكريم وآل بيته وصحبه، مشدداً على أن ما يجرى اليوم خلق فجوة بين الحاكم والمحكوم. وطالب الحكومة العراقية بتأمين الخدمات لأبناء الشعب العراقى من ماء وكهرباء وطرق وعلاج طبى وفرص عمل.
ومن جانبه دعا امام وخطيب جامع كركوك الموحد الشيخ احمد محمد خلال إلى وحدة الموقف والكلمه بين جميع مكونات كركوك. وأكد أنّ اهل كركوك اكبر من الخلافات السياسية خاصة وانهم ذاقوا الكثير من المرار عبر عقود الامر الذي يتطلب الحكمة والحوار والتفاهم في مواجهة التحديات. وتضم محافظة كركوك التي يبلغ عدد سكانها حوالي المليون نسمة خليطا من التركمان والاكراد والعرب والمسيحيين.
اجراءات أمنية في بغداد
وفي العاصمة بغداد فقد اتخذت الاجهزة الأمنية احتياطات استثنائية وفرضت اجراءات أمنية مشددة بحثا عن مشتبه بهم واي مواد تكون معدة للتفجير. وقد شملت هذه الاجراءات الأمنية تفتيش للعجلات وتدقيق للهويات بحثا عن مشتبه بهم فيما تم اغلاق الطريق المؤدية إلى متنزةي الزوراء والمنصوروجميع الطرق القريبة من الاماكن والمتنزهات العامة.
ومن جهتها شكلت أمانة بغداد غرفة عمليات لتقديم الخدمات طيلة أيام عيد الفطر معلنة أن الأماكن السياحية والترفيهية مفتوحة أمام الزائرين حتى ساعات متأخرة من الليل مجاناً. وقال أمين بغداد عبد الحسين المرشدي في بيان صحافي إنه تم تشكيل غرفة عمليات لمتابعة تقديم الخدمات لزائري الأماكن الترفيهية والسياحية لضمان راحتهم وتحقيق أعلى درجات الانسيابية في حركتهم وتنقلهم فيها.
وأوضح أن الأماكن الترفيهية ستبقى مفتوحة أمام الزائرين حتى ساعات متأخرة من الليل متوقعاً أن تشهد هذه الأماكن "إقبالاً مليونياً خلال أيام العيد. وأشار إلى أنّ هناك تنسيق عال المستوى بين دائرة الحراسات والأمن التابعة لأمانة بغداد وقيادة عمليات بغداد لحماية هذه الأماكن وتوفير الأجواء الآمنة لزوارها خلال أيام العيد.
سنة العراق عيدهم الخميس وشيعته الجمعة
يذكر أنه على خلاف ما بدأ شيعة وسنة العراق سوية صيام شهر رمضان الا انهما اختلفا في افطار العيد حيث اعلن مكتب المرجع الشيعي الاعلى السيستاني عدم رؤية هلال شهر رمضان معتبرا ان الجمعة هو اول أيام العيد بينما قال الوقف السني انه قد ثبتت الرؤية الشرعية له وعليه فأن اليوم الخميس هو اول أيام العيد داعيا إلى عفو عام عن جميع المعتقلين.
وقد قرر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء نوري المالكي تخصيص مكافأة مالية للقطعات المشتركة في تنفيذ عملية "ثأر الشهداء" في محيط بغداد لمتابعة اوكار وتحركات المسلحين. وقال بيان لوزارة الدفاع تلقت "ايلاف" نسخة منه انه بتوجيه من رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة المحترم تم تخصيص مكافأة مالية بمبلغ مليار دينار (حوالي مليون دولار) للقطعات المشتركة بعملية ثأر الشهداء.
وكانت قيادة عمليات بغداد كشفت مطلع الشهر الحالي عن توجيه القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي الأجهزة الأمنية بتنفيذ عمليات دهم وتفتيش في مناطق حزام بغداد. يذكر ان عملية ثأر الشهداء الأمنية تم البدء بتنفيذها عقب ان شهدت بغداد تدهورا أمنيا من خلال سلسلة من التفجيرات بالمفخخات والعبوات الناسغة والاعتيالات كان اخرها اقتحام سجني ابو غريب والتاجي في بغداد الشهر الماضي وتهريب المئات من السجناء.
ومن جهتها اعلنت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية شمول مليون مستفيد بعيدية قدرها 100 ألف دينار (90 دولار) لكل مستفيد اقرها مجلس الوزراء مؤخرا من المسجلين ضمن شبكة الحماية الاجتماعية. وقال وزير العمل نصار الربيعي انه يتم شمول نحو مليون مستفيد من رواتب شبكة الحماية الاجتماعية بعيدية الـ 100الف دينار التي اقرها مجلس الوزراء بجلسته الاسبوعية الشهر الماضي. وأضاف ان المستفيدين منها توزعوا بواقع 800 الف عائلة من الارامل والعجزة والايتام والمعاقين أضافة إلى 154 الفا و300 عاطل عن العمل من المستفيدين من رواتب الشبكة.
وقد كان شهر رمضان هذه السنة الأكثر دموية في بغداد منذ اعوام بعد موجة التفجيرات المتزأمنة التي حصدت ارواح اكثر من 800 شخص مع تصاعد العنف وعجز الحكومة المشلولة عن القضاء عليه. ويقول متابعون للتطورات في العراق ان الوضع يمكن ان يشهد مزيدا من التوتر مع الازمة السياسية التي لا تبدو لها نهاية قريبة والتي تزيد من تدهور الوضع الأمني في البلاد بعد سنوات قليلة من الحرب الطائفية التي اسفرت عن مقتل الالاف.
وعادة ما يشهد شهر رمضان زيادة في العنف لان المسلحين يرون ان لهجماتهم مبررات دينية ولكن ورغم ذلك فان شهر رمضان هذا العام كان دموياً بشكل خاص حيث حصد 816 روحا على الاقل حيث استهدفت الهجمات مجموعة واسعة من الاهداف معظمها في بغداد وشمال العاصمة. وأضافة إلى التدهور الأمني فقد اخفقت الحكومة بشكل كبير في توفير الخدمات الاساسية مثل الكهرباء والمياه النظيفة كما لم تصدر اية قوانين مهمة منذ انتخابات 2010.
ورغم ان الحكومة توصف بانها حكومة وحدة وطنية وتضم ممثلين من الكتل السياسية الرئيسية في البلاد، الا أنّ القادة السياسيين المتخاصمين غالبا ما ينتقدون بعضهم البعض علنا ويتبادلون التهم بشان العديد من القضايا. وعادة ما يتهم رئيس الوزراء نوري المالكي بتركيز السلطة في يديه بينما يتهم هو خصومه السياسيين بالتحالف مع قوى خارجية. ولم يتم اطلاق سوى بادرات رمزية مثل اجتماع القادة السياسيين في الاول من حزيران (يونيو) الماضي ولم يتم اتخاذ سوى القليل من الخطوات الملموسة لمعالجة الازمة السياسية.