خطط إعادة إعمار سنجار: المشروعات والميزانيات والعائق الأبرز
المصدر: العربي الجديد
سيف العبيدي
على الرغم من إعلان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني جملة من المشاريع لإعمار قضاء سنجار، شمال غربي البلاد، إلا أن معالجة المشكلة الأساسية المتمثلة بإنهاء وجود "حزب العمال الكردستاني" والفصائل المسلحة في سنجار لا تزال خارج خطط السلطات العراقية، أو على الأقل ليست في متناول يدها، لا سيما في ظل عدم رغبة أطراف عراقية متنفذة بإخراج الحزب والفصائل التابعة له من القضاء.
وبحسب النواب الممثلين عن القضاء، فإن الأزمة لا يمكن حلها إلا عبر إنهاء الوجود المسلح لـ"حزب العمال الكردستاني"، وتفعيل اتفاق سنجار الذي ينص على إنهاء وجود الفصائل المسلحة والحزب من القضاء وتسليم الملف الأمني لقوة عسكرية من أبناء القضاء، وتشكيل إدارة محلية تتبع لمحافظة نينوى بتوافق بين حكومتي بغداد وأربيل.
زيارة السوداني
وخلال زيارة أجراها يوم الأحد الماضي، أعلن رئيس الوزراء العراقي عن جملة مشاريع لدعم الإعمار والاستقرار في القضاء، تضمنت إنشاء مستشفى بـ100 سرير في المركز وآخر بـ50 سريرا في ناحية الشمال، ومشروعا للمياه، ومشاريع للطرق، إضافة إلى استحداث جامعة تتبع لوزارة التعليم العالي في بغداد.
كما أعلن المكتب الإعلامي للسوداني أن الأخير خصص مبلغا قدره 50 مليار دينار لدعم الاستقرار في سنجار ومناطق سهل نينوى، إضافة إلى حسم ملف تعويضات المتضررين جراء العمليات العسكرية، والإسراع في إعادة النازحين من "الأيزيديين والكرد والعرب".
ولا يزال أكثر من نصف أبناء قضاء سنجار، الذين يزيد عددهم عن 350 ألف نسمة، يعيشون خارج مدينتهم بسبب سيطرة حزب العمال وفصائل مسلحة أخرى قريبة من إيران من جهة، وبسبب الدمار الكبير الذي حل بالقضاء وعدم شموله بحملة إعمار حقيقية منذ استعادة السيطرة عليه من تنظيم "داعش" عام 2015.
اتهامات لـ"الكردستاني" بعرقلة إعمار سنجار
عضو مجلس النواب عن محافظة نينوى شيروان الدوبرداني أكد أهمية الزيارة التي أجراها رئيس الوزراء إلى سنجار، لكنه شدد على أن أي خطوات لإعادة الحياة للقضاء تصطدم بوجود "الكردستاني" والفصائل الأخرى.
وقال الدوبرداني، وهو نائب عن "الحزب الديمقراطي الكردستاني"، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "زيارة السوداني لها أهمية كبيرة للوقوف على المشاكل التي تواجه القضاء وعودة الحياة إليه"، مبينا أن بقاء الفصائل وحزب العمال يمنع تنفيذ اتفاق سنجار بين حكومتي بغداد وأربيل، وهو ما يجعل بدء الإعمار وعودة النازحين مستبعدين في ظل الظروف الحالية.
وأضاف أن "مشاكل القضاء لا حصر لها، ابتداء من الدمار وتأخر الإعمار، وغياب الخدمات، وأزمة النزوح، وعدم مسك الملف الأمني"، مشيرا إلى أن غلق مخيمات النزوح بشكل قسري بحسب إعلان وزارة الهجرة في نهاية يوليو/تموز المقبل سيزيد مشاكل القضاء، على اعتبار أن أساس المشكلة لم يعالج لغاية اليوم.
ولفت النائب إلى أن حل المشكلة يفرض تطبيق اتفاق سنجار الذي لم يدخل حيز التنفيذ منذ 4 سنوات، مشيرا إلى أن الإعمار لا يمكن التقدم به خطوة واحدة في ظل وجود جهات مسلحة خارجة عن الدولة وغياب إدارة محلية تدير حملة الإعمار وتشرف عليها.
وتابع أن "أربيل تحاول إنهاء مشكلة سنجار من خلال تنفيذ الاتفاق الخاص بالقضاء، وهذا يتطلب موقفا من بغداد لتنفيذ الاتفاق".
لا عودة للنازحين
من جانبه، يرى عضو مجلس النواب العراقي محما خليل أن وجود "حزب العمال الكردستاني" يمثل العقبة الأبرز أمام جميع الخطط التي تعلنها الحكومة العراقية لإعادة الحياة والاستقرار إلى سنجار.
وقال خليل، المتحدر من سنجار، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "زيارة رئيس الوزراء تمثل خطوة مهمة في حل مشاكل سنجار، ومنها مشكلة التعويضات والإدارة المحلية في القضاء وملف الإعمار والمشاريع الخدمية والمصالحة المجتمعية والمقابر الجماعية".
ولفت إلى أن نواب سنجار طرحوا على رئيس الوزراء خلال زيارته موضوع الاتفاق وضرورة تنفيذ بنوده. ورهن خليل استقرار القضاء وعودة النازحين إليه بإنهاء نفوذ حزب العمال والفصائل القريبة منه والداعمة له في سنجار.
لا جدية لتنفيذ اتفاق سنجار؟
بدوره، كشف عضو مجلس النواب شريف سليمان عن عدم رغبة الحكومة العراقية بتنفيذ اتفاق سنجار. وقال عضو لجنة الهجرة والمهجرين البرلمانية إن "السوداني أكد على تطبيع الأوضاع في القضاء وضرورة أن تنفذ الحكومة العراقية اتفاق سنجار في أسرع وقت ممكن، لكن ما لاحظناه أن الحكومة لا تريد تنفيذ الاتفاق".
وأضاف: "مارسنا ضغوطاً على الحكومة العراقية لتنفيذ الاتفاقية منذ نحو 4 سنوات. وقد أخبرنا السوداني مراراً وتكراراً بأن لديه كل السلطة لتنفيذ الاتفاقية".
تشكيك بشعارات الإعمار وإعادة النازحين
ويشكك الناشط المدني سلو عزيز في قدرة السلطات العراقية على إنهاء المشكلة خلال الفترة القريبة، وقال لـ"العربي الجديد"، إن "الحكومات السابقة كلها أعلنت تبني ملف إعمار سنجار وإعادة النازحين، لكنها كانت مجرد شعارات لم تر النور لغاية اليوم".
وأضاف عزيز، وهو ناشط من أهالي سنجار يسكن في محافظة دهوك، أن "أغلب مناطق القضاء لا تزال خارج سلطة الدولة العراقية، فكيف للدولة أن تعيد الحياة إلى القضاء وتفرض الأمن وتقنع النازحين بالعودة؟".
ضرورة توفر توافق ثلاثي بشأن سنجار
من جهته، رجح الباحث في الشأن العراقي مجاهد الطائي أن تبقى مشاريع إعادة الإعمار وإعادة النازحين وتقديم الخدمات "حبرا على ورق" ما لم يتم إخراج جميع الفصائل المسلحة وفي مقدمتها "حزب العمال الكردستاني" من سنجار.
وقال الطائي في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "هناك إشكالية كبيرة تجعل من حسم ملف سنجار أمرا شبه مستحيل بالوقت الحالي، وهي أن اتفاق تطبيع الأوضاع لم ينص على وجهة مجاميع (الكردستاني) في حال جرى تنفيذ الاتفاق".
وأضاف الطائي أن "عدم تحديد وجهة الفصائل المسلحة في حال تنفيذ اتفاق سنجار وفي ظل وجود قوات تركية منتشرة شمالي العراق سيدفع الأمور نحو المزيد من التوتر، وخاصة أن مغادرة غير مدروسة للحزب تعني انتقاله إلى قضاء تلعفر أو إلى كركوك، ما يعني خلق مشكلة جديدة في مناطق أخرى".
واستبعد الباحث العراقي إنهاء الأزمة قريبا نتيجة الدعم الإيراني للحزب والفصائل العراقية القريبة منه، إضافة إلى "عدم جدية الحكومة العراقية في حل المشكلة"، لافتا إلى أن إيران تعتبر "الكردستاني" خاصرة تهدد من خلالها تركيا وحكومة إقليم كردستان.
ولفت الطائي إلى أن الحل الوحيد في سنجار يقتضي تحقيق توافق إيراني - تركي يقوده العراق ويتبناه بشكل فعلي، وهو ما من شأنه التمهيد لإنهاء وجود "الكردستاني" بطريقة بعيدة عن العشوائية التي قد تسبب المزيد من المشاكل الأمنية للعراق.