"كل مايحتاجه الفقراء".. ناشطة تفتتح اكثر من 400 سوق مجاني في العراق
المصدر: وكالة بغداد اليوم الإخبارية
تجمع الناشطة والمعلمة الجامعية المتقاعدة، الهام قدوري، أعدادا هائلة من الثياب عن طريق تبرعات الأصدقاء والأقارب، وتتنقل من مكان إلى آخر بحثا عن القطع المستخدمة والقابلة للاستهلاك، بهدف عرضها في "سوق الفقراء"، كما تطلق عليه، فيما بلغ عدد الأسواق التي افتتحتها إلهام، حتى اليوم أكثر من 400 سوق "مجاني" في محافظات العراق.
تقوم فكرة السوق على عرض بضاعة متنوعة من الثياب وملحقاتها، كالحقائب والأحذية، في قاعات أو غرف مستأجرة، وحتى في الهواء الطلق، ومن خلالها سيتمكن الشخص من اختيار الملابس بنفسه وبالكميات التي يحتاجها.
"لا اُفضّل توزيع الثياب التي قد لا تناسب الأرامل وأولادهن، أو لا تكفي حاجتهن، لذلك فكّرت بطريقة الأسواق، لتأخذ كل امرأة ما تحتاجه وعائلتها من دون شرط أو مقابل"، وفق تعبير قدوري.
تمكّنت قدوري من تأسيس منظمة "الإلهام" المعنية بالأرامل والأيتام عام 2014 بعد سنوات طويلة من التبرّعات. وساعدها ذلك في الحصول على كميات كبيرة جدا من الثياب، ما مكّنها من افتتاح أسواق خيرية في أرجاء العراق، وخصوصا في مخيمات النازحين. وراح تجار الملابس يتعاونون معها من خلال التبرع في مواسم الدراسة والأعياد.
تقول "لم أحصِ كل ما عرضناه في الأسواق الخيرية، مليون قطعة من الثياب وربما أكثر. وفي كل مرة نضع معدلا يبدأ من 1500 إلى 2500 قطعة من الملابس، فضلا عن اللوازم الأخرى. ونحن نفتتح أسواقا جديدة كلما جمعنا عددا مناسبا من الثياب النظيفة، ووفق حاجة كل حيّ سكني".
ولا يقتصر عمل المنظمة على الأكساء وحسب، إذ ساعدت إلهام على بناء بعض المنازل للأرامل، وإجراء عمليات جراحية لحالات طارئة وحرجة، فضلا عن تنظيم ورش تدريب لمساعدة النساء على دخول مختلف مجالات العمل.
توضح الناشطة في حقوق المرأة في العراق نوف عاصي أن وضع الأرملة في المجتمعات هو الأصعب، لأن فرص العمل ضعيفة وليست جميع الأعمال متاحة لها، كما أنها أكثر عرضة من الرجل لمواجهة العقبات التي تحول دون استقلالها ماديا.
وتقول نوف "تلغي فكرة السوق الخيري كل القيود التي تشعر بها الأرملة عند استلامها المساعدة. لذا، فإن إلهام تمنح الدعم المعنوي والنفسي من خلال مشروعها الخيري، علما أن التركيز على الجانب الروحي للمتعففين شبه نادر ومعدوم في العراق، لكن إلهام ابتكرت فكرة تمنح اليتيم شعورا بأنه متّجه إلى مكان خاص بالتسوق ومع والدته، بدلا من التصدّق عليه".
وتشير إلى أن الفقدان المتتالي للمرء قد يجعله غير قادر على مواجهة الحياة، إلا أن قدوري صنعت من معاناتها قوة وحافزا للأخريات، من خلال محاولتها التخفيف على النساء اللواتي عشن ظروفا صعبة مشابهة لظروفها.
يستذكر الناشط في منظمة "الإلهام" أحمد سرحان مواقفه مع الناشطة قدوري، وكيف أنها أقدمت على التقاعد المبكّر من أجل التفرّغ التام لعملها الإنساني والتنقل بين المحافظات لفتح أسواق خيرية، رغم أنها جرّبت كل الخسارات، وكان آخرها مقتل أحد أولادها في عام 2014.
"هذه الفاجعة أتعبت روحها كثيرا، لكنها امرأة تأبى الاستسلام. أطلب منها ترك غسل الثياب والاستراحة قليلا، فتجيبني بإصرار: ابحث لنا عن مدينة لنفتتح بها سوقا خيريا ونرى فرحة الصغار. إنها تفكّر بالجميع"، وفق تعبير سرحان.
ويطلق أبناء مدينة بعقوبة على قدوري لقب "الأم المثالية"، بعدما رشحها وجهاء المدينة وسكانها، وأشادوا بأمانتها وإخلاصها تجاه قضيتها.