Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

لماذا يقتل ويختطف المسيحيون العراقيون؟!




قالت الاخبار ان المطران بولس فرج رحو رئيس اساقفة الموصل للكلدان الكاثوليك قد إخطفته يوم 29 شباط المنصرم جماعة لم تعلن عن نفسها حتى ساعة كتابة هذه السطور، بعد ان قتلت سائقه واثنان من مرافقيه حال خروجهم من الكنيسة بعد تأدية شعيرة دينية.
وتناقلت الاخبار ان الجميع انكر على الجميع فعلا مشينا مثل هذا،خاصة وان الرجل قد عرف عنه صلاته القويمة مع الجميع،لا بل ان البعض يقول:ان سيادة المطران قد وقف حكما عادلا في خصومات بين مسلمين لثقة جميع الاطراف بنزاهة حكمه ورجاحة عقله.
دون شك اتجهت اصابع الاتهام في هذه الجريمة مباشرة الى المجموعات الاسلامية المتشددة،الا ان هناك امرا ملفتا للنظر تدبرته كثيرا علني اجد فيه بعض ضالتي التي اجتهد ان اصل اليها وفق منطق العقل.
يقول السيد ابو سلوان عم احد الشباب المغدور بهم والذي كان موجودا ساعة وقوع الجريمة لمراسل موقع عينكاوة الموقر:ان الجريمة وقعت بعد مغادرة سيادة المطران ومرافقيه للكنيسة بدقائق معدودات(3- 5 دقائق)،اي ان السيارة كانت تحت نظر السيد ابو سلوان بحسب التفاصيل الاخري التي رواها والتي يقول فيها:ان عدد السيارات التي اشتركت في هذه الغزوة كان اربعة سيارات،ولو افترضنا ان عدد الركاب كان عشرة اشخاص،فمعني ذلك ان اقتحام الكنيسة وقتل كل من فيها لم يكن بالامر الصعب(هذا على فرض ان الفاعلين كانت غايتهم ايقاع اكبر الاذى بالمسيحيين)،خاصة وان رجال الكنيسة المسيحية لا يحبذون مظاهر القوة فيُجلسوا على بوابات الكنائس كتائب من المقاتلين،لان ذلك يخالف وينافي ابسط قواعد العقيدة المسيحية التي ترفض العنف وتدينه بشدة كما هو معروف،اضافة الى ان موقع سيادة المطران في مدينة الموصل كان محترما عند الجميع كما اشرنا.
يضيف السيد ابو سلوان:ان شهودا عيانا نقلوا له:ان مرافقي سيادة المطران كانوا يحملون مسدسات شخصية،اي ان سيادته لم يكن يستشعرخطرا على حياته وحياة من بصحبته وبعكسه كان يفترض ان يتسلحوا بالرشاشات كما هي المودة اليوم في عراق دولة المالكي والطلباني(لقد سبق ورجوت ان يتبرع احد ويخبرني عن معنى ان يقال دولة رئيس الوزراء وها انا اكرر رجائي)،ثم يستطرد الرجل قائلا:حضرت قوات الامن العراقية والقوات الامريكية الحليفة خلال عشرة دقائق الى مكان الحادث ورفعوا جثامين الشهداء الثلاثة الى الطب العدلي.
فقط عشرة دقائق بعد وقوع الجريمة حضرت القوات العراقية والامريكية وسيادة المطران العليل الذي تجاوز منتصف العقد السابع من عمره ما زال اسيرا او رهينة - صفوه كما شئتم- عند المجرمين الذين نفذوا العملية،(لا تنسوا هذا الزمن ارجوكم لاني سوف اعود اليه).
نقلت الانباء ان الخاطفين إتصلوا بأصحاب الشأن وابلغوهم شروط اطلاق سراح سيادة المطران الدمث الاخلاق بشهادة المسلمين قبل المسيحيين،وجريا على العادة التي يبدو انها سوف تتأصل بأبناء الرافدين النشامى خاصة وانهم تخلصوا من صنم صدام العمومي فجعل الكثير منهم لانفسهم اصناما شخصية يقدمون لها فروض الطاعة والولاء الدنيوي والاخروي مراضاتا لوكلاء الله على الارض،فأن اصحاب الشأن هؤلاء يرفضون ان يسروا بهذه الشروط الى اقرب المقربين خشية على سلامة السيد المطران(عملا بقاعدة:كلما شاع عن اثنين افتضح)،الا ان المثير للدهشة ان مثل هكذا تصريح في مثل هكذا نكبة اليمة لم يصدر عن احد رجالات الكنيسة الكلدانية التي يرأسها غبطة عمانوئيل الثاني دلي الذي رقي الى درجة الكاردينالية قبل امد والذي كان الجميع يتوقع انه هو الذي سيتولى الاشراف على حل هذه المشكلة شخصيا لما عرف عنه بصلاته الحميمة مع الجميع ومواقفه الوطنية التي حرص على ابرازها في كافة وسائل الاعلام(حيث تبين ان سيادته منهمك بضيفه القادم من الفاتيكان محملا بأحزان قداسة البابا على الحال الذي آل اليه حال العراق)،انما سيادة المطران جرجيس القس موسى مطران السريان الكاثوليك الذي كان قد سبق ومر بمثل هذه المحنة التي ما زال جل المسيحيين يجهلون كيف تجاوزها سيادته (ربما تيمنا بقول شوقي :يا نائح الطلح اشباه عوادينا)
ان تكنولوجيا الاتصالات كما نعرف جميعا وصلت مديات متقدمة جدا،وفي حالة كالتي نحن بصددها يفترض ان تسخر كل الجهود من اجل الوصول الى الفاعل(لانه لا يعقل ان يختطف كل يوم مطران)،وخضوع هواتف جميع افراد الحلقة المقربة من سيادة المطران الى المراقبة لا اظنها من الامور الصعبة او الخافية على الامريكان هذا اذا تغافلنا شيوع الحالة لكثرة تكرارها في العراق بعد التحرير وفي افلام الجريمة الامريكية،فالامريكان قطعوا البحار والمحيطات ليهينوا كرامة الانسان العراقي دون عناء ودون ان يغفلوا ان يأتوا بأراذل القوم ليتسلطوا على رقاب العراقيين ،وها هم يعيثون هم وازلامهم الشرور الفساد في العراق دون اي عناء ودون ان يغفلوا فاحشة الا وادخولها دستور العراق ،وخلال عشرة دقائق لا تبتعد السيارة في شوارع مدينة الموصل لاكثر من خمسة عشرة كيلو مترا( هذا بحساب الشوارع الاعتيادية وليس الازقة) ،واغلاق مداخل ومخارج دائرة هذا نصف قطرها ليس من الامور الاعجازية في مدينة متوسطة كمدينة الموصل، وتفتيش وتحري هذه المنطقة بيتا بيتا خلال زمن محدود لم يكن بالامر المستحيل.
السؤال الكبير هو:من الذي قتل رامي وفارس وسمير(هذه اسماء الشهداء الثلاثة الذين كانوا بصحبة سيادة المطران) واختطف المطران بولس فرج رحو؟هل قام بهذه الفعلة الجبانة المجموعات الاسلامية المتشددة فعلا؟ وان كان الجواب بالايجاب،فأنتم ملزمون بتقديم ذريعة ومسوغ لهذا الفعل المشين ايها السادة الاسلاميون المتشددون،لان قواعد اللعبة الالهية التي مارسها اجدادكم بحق الاخرين تنص على ثلاثة خيارات هي الاسلام او الجزية او الحرب،والمسيحيون العراقيون اختاروا ان يدفعوا الجزية منذ قرون طويلة وما زالوا،الا يكفيكم انكم حولتم دور عبادتهم الى اضرحة وقبور لاوليائكم ومساجد تسبونهم وتسفهون عقيدتهم من على منابرها ومنائرها؟الا يكفيكم انهم لا يزاحمونكم على ميراث اجدادهم الذي اغتصبتموه منهم؟،اما اذا لم يكن الفاعل هؤلاء وهذا اغلب ظني شخصيا(لقد شجبت كل الجهات التي كانت متهمة برعايتها لمثل هكذا عناصر هذه الفعلة بشدة،اما الشجب الشيعي فقد جاء خجولا جدا ومن خلال اصوات شبه مجهولة بالنسبة للشارع العراقي)، فمن الفاعل يا ترى؟ اهم عصابة قامت بالفعلة طمعا بفدية مالية كبيرة ؟ ربما،ولكن هنا تثار اسئلة كثيرة ليس لعددها حصر لتشابك الموضوعات التي تدغدغها هذه الاسئلة،لاننا سنضطر ان نسأل قيادة القوات المحتلة وحلفائها عن واجباتها في الموصل،خاصة وان هذه المدينة كان قد تقرر ان تنظف من الارهابيين وازلامهم منذ فترة ليست قصيرة، حتى انه قيل بأن دولة رئيس الوزراء التوفيقي جدا( لاعتزازه الشديد بخامة الكرسي الذي يجلس عليه) سيساهم شخصيا بالاشراف على عملية تنظيف الموصل من الارهابيين،الا ان الذي تتسارع الايام بأثباته لنا هو ان هذه المدينة الاشورية الاصيلة سوف تنظف من المسيحيين وليس الارهابيين، فأين خططهم وما صدعوا به رؤوسنا؟ ماذا تفعل الاف من اصحاب النياشين الغارنرية والبريمرية المتحزمة بصفوف الرصاص والشاهرة رشاشتها على صدور ابناء الموصل ليل نهار اذن؟ ام ان واجباتها مقتصرة على تقديم خدماتها لخونة الشعب والوطن فقط؟ اين محافظ نينوى الذي جعل من مركز المحافظة مقهى سوف يمنع الدخول اليه كل ناطق بالعربية والسريانية والتركمانية؟لماذا لا تفجر سوى الكنائس ولا يقتل سوى المسيحيين بهذا الاسلوب الجبان، ولا يختطف ويقتل ويمثل بهم سوى رجالات الدين المسيحي في الموصل؟ اهي محاولة خسيسة لطمس تاريخ هذه المدينة عن طريق قتل وتشريد اهلها الحقيقيين لانها تذكر البعض العنصري الشوفيني الحاقد بعدم قدرته على اثبات صحة اصله؟ام انها محاولة وضيعة لحصر المسيحيين في زاوية صغيرة يصعب عليهم لصغرها حتى استنشاق الهواء، بغية اخضاعهم للقبول بالمشاريع المشبوهة التي يطرحها البعض من اجل تحقيق اجندات يأبى القبول بها كل انسان يمتلك ولو الحد الادنى من القيم والكرامة؟ما هي الجريمة التي اتاها المسيحيون ليعاقبوا بهذه الكيفية؟ هل كان بين كل ايدي الكلاب السائبة التي وضعتها بيد المحتل المجرم يدا مسيحية واحدة؟دلونا عليها لنقطعها بأسناننا وليس بالسيف او السكين
يؤكد كل من عرف سيادة المطران بولس فرج رحو على متانة علاقته بالمجتمع الموصلي كما ذكرت فيما اسلفت آنفا،وقد يكون هذا هو السبب الحقيقي في تعرضه الى ما هو فيه؟ لان رجلا في هذا الموقع ويتمتع بهكذا صلات مع الغير قد يكون حجر عثرة في تحقيق مشاريع كل الجبناء والخونة الذين يسعون الى الحاق اكبر الشر بهذا الوطن العزيز على قلب كل عراقي شريف،لاننا نعرف جميعا بأن الثقل البشري الاكبر للمسيحيين هو في محافظة نينوى،ومن ضمن الطروحات الحالية التي تخص المسيحيين حاليا هو مشروع اقامة منطقة ادارة ذاتية للناطقين بالسريانية ( المسيحيون) في سهل نينوى ضمن المشروع الوطني،وفي حالة تحقيق هذا المشروع،فأن الحدود ستغلق امام تحقيق احلام البعض في السيطرة على مدينة الموصل وفق نظرية من الفرات الى النيل.
ادعو دعوة حميمة ان ينظر الله الى محنة هذا الرجل المتعب بعين الرحمة والعطف ويسكن الشهداء الثلاثة فسيح جنانه،لان الرجل كما تعلم يا الهي قد نذر نفسه منذ طفولته من اجل ان يزرع المحبة والسلام حيث حل،اما اذا طالت يد الشر حياة الرجل فأن ذلك سوف لن يحزنني البتة،لان رجلا يموت موتا مثل هذا سوف تحسده ملائكة السماء.
ومن هذا المنبر اطلق ندائي الى كل عراقي اختلطت دموع الامه واحزانه بتراب وطننا العراق الذي شرفنا الله اذ جعلنا ننتسب اليه،ان يرفعوا صوتهم الخير ليعلو على صوت الشر لكي نعرف كيف يحب بعضنا البعض لاننا نحب العراق،امين.

ياقو بلو
yakoballo@yahoo.co.ku



Opinions