مليون دينار لتعمير الكنائس ؟ حقاً إنها حكومة بخيلة !100
قبل أيام قرأت خبراً مفاده ان دولة رئيس الوزراء نوري المالكي ، استقبل وفداً من رجال الدين من العراقيين المسيحيين ، واطلع على مشاكلهم واستجاب لطلباتهم بتخصيص مبلغ قدره 100 مليون دينار لبناء وترميم الكنائس .وفي خبر آخر قبل أيام ( فقط ) يفيد ان مجلس الوزراء ناقش موضوع تهديد وتهجير العائلات العراقية المسيحية في بغداد من قبل المجموعات الأرهابية .. الخ
يحق لنا هنا ان نقول لحكومتنا : صح النوم !
وأخيراً نطقت حكوماتنا وعرفت ان هناك مسيحيين يهجرّون من بغداد ، حتى انها نسيت او تناست انهم هجّروا من البصرة والموصل ايضاً .
هناك مثل روسي يقول : " أن تصل متأخراً خيراً من ان لاتصل أبداً " إن حكومتنا بالنسبة لمعالجة مشاكل الأقليات ومصالحهم تسير بسرعة السلحفاة لا أسرع . فبعد ان تشرذم المسيحيون والأقليات الدينية الأخرى وخطر الأنقراض بات يحيق بهم ويهددهم . " قام مجلس الوزراء بمناقشة الموضوع " وبارك الله بمجلس وزرائنا لأنه عرف أخيراً ان في العراق أقليات مضطهدة ومهددة .
أما موضوع الكنائس ، فبعد ان فجرت هذه الكنائس وعبث بمحتوياتها وأنزلت صلبانها ، وغاب روادها وأقفلت أبوابها . وبعد ان فجرت كنيسة مار كيوركيس في الدورة ، وبعد أن علم المتشددون الأسلاميون أن في الكنيسة آثاث أخرى لم تحترق ، لجأ الرفاق الى إتمام إحراق المحتويات الباقية ، ولا يهم إن كانوا سنة او شيعة ولكن من المؤكد إنهم مسلمون اصوليون . بعد كل هذا اجتمع رئيس الوزراء برؤساء الطوائف الدينية ، وخصص لهم 100 مليون دينار عراقي لأعمار هذه الكنائس .
أملي أن تكون نظرة رئيس الوزراء الأستاذ نوري المالكي الى المسيحيين أنهم مواطنيين عراقيين ، وإنهم مواطنين حسب الدستور العراقي وإنهم متساوون بالحقوق والواجبات مع المسلمين العراقيين من السنة والشيعة والأكراد والعرب والتركمان وغيرهم من الأقوام العراقية وليسوا أهل الذمة او أهل الكتاب . فأرجوا ان تكون نظرته ونظرة حكومته على المسيحيين والأقليات انهم مواطنين عراقيين من الدرجة الأولى ، وليسوا من الموالين .
إن شفاء الجرح العميق الذي أصاب المسيحيين جراء ظلم الأسلام السياسي المتطرف من السنة والشيعة ، كان جرحاً عظيماً لا يشفي بمبلغ من المال مهما كان كبيراً .
إن دولة رئيس الوزراء وحكومته ، والبرلمان العراقي المنتخب ،والأحزاب السياسية ذات التوجه الديني التي تحكم العراق حالياً ، عليهم أن يعرفوا جميعاً أن حماية المسيحيين والأقليات الأخرى هي من واجبهم اخلاقياً ودينياً وقانونياً ، ومن العار أن يتعرض هؤلاء الناس الى كل هذا الظلم والقتل والتشريد .
إن للأقليات الدينية من اليزيديين والصابئة المندائيين والمسيحيين ، حصة في الثروة العراقية من النفط وغيره من الواردات ،إنها ثروتهم ، وعلى الحكومة ان تعطي حصتهم حسب اعدادهم ، الباقين في العراق إضافة الى اللذين هجّروا قسراً وظلماً ،إنها حصتهم من الثروة العراقية وليست حسنة او صدقة من الحكومة العراقية .
إن 100 مليون دينار عراقي هو مبلغ زهيد وحسب معلوماتي المتواضعة في الحساب تساوي حوالي 70 ألف دولار ، إنه مبلغ بائس لا يكفي لأعمار بيت متواضع في ظل الأسعار العالية لمواد الأنشاء وارتفاع أجور الأيدي العاملة ، إنها حقاً حكومة بخيلة بكل معنى الكلمة ، واعتقد ان بخلها هذا هو مع الأقليات الدينية فحسب ، أما في الأمور الأخرى فهي حكومة سخية أكثر من حاتم الطائي .
في تقرير عن العراق : إنه يخسر 15 يومياً مليون دولار بسبب الفساد ، وفي هذا التقرير الذي نشر في الشرق الوسط اللندنية يوم 14 / 5 / 2007 م ورد :
أن ما بين 100 ألف و300 ألف برميل من النفط العراقي كانت منذ أربع سنوات وما تزال تختفي يومياً ، وإن هناك احتمال ان يكون قد تم تسريبها من خلال الفساد والتهريب ، وبتقدير معدل سعر البرميل الواحد من النفط 50 دولاراً ، فإن قيمة البراميل المفقودة تتراوح بين خمسة 5 ملايين و15 مليون دولار يومياً " نعم يومياً " والسؤال هو من يسرق هذه الكميات ؟ هل هم الأقليات الدينية ، هل هم من العراقيين المسيحيين ؟ اعتقد ان الحكومة أدرى من غيرها بالذي يحصل .
لا بد ان للحكومة العراقية معلومات وافية عن الجهات التي تسرق ثروة الشعب في وضح النهار .
إن كانت الحكومة العراقية تريد ان تتسم بالأنصاف والعدالة والمساواة بالنسبة للأقليات الدينية العراقية وفي مقدمتهم المسيحيين ـ وهذا واجبها ـ كان على الحكومة ان تعي واجبها في حماية الأقليات اولاً ، وأن لا تكون آخر من يعلم بما يمسها من الظلم والأستبداد ، إنها تعلم حق المعرفة الذين يعتدون على المسيحيين إنهم يصيحون عبر سماعات الجوامع وينادون بان لا يشتري أحداً من اموال المسيحيين إنها ملك للأسلام . وإن عليهم دفع الجزية للمسلمين وهم صاغرون ، وإلا عليهم ان يتركوا اموالهم ويغادروا الى الجحيم ، لأن هذه ديار الأسلام .
لا أدري لماذا حاربنا التمييز العنصري في جنوب أفريقيا ؟
ولماذا نستنكر على هتلر نازيته وعلى موسليني فاشيته ؟ أليست في بلادنا أبشع انواع الفاشية والنازية والتطهير العرقي والتمييز العنصري بابشع صوره ؟
ماذا بعد الأعتداء على العرض وتسليب الأموال وتهجير الناس من بلادهم لانهم ليسوا مسلمين ؟ ماذا نسمي هذه الأعتداءات هل نقول انها منتهى التسامح الديني ؟
إن الحكومة العراقية واجبها الديني والقانوني والأخلاقي : ان تعطي حق الأقليات الدينية والمسيحيين بالذات ملايين الدولارات وليس ملايين الدنانير العراقية الورقية ، وهذا جزء من الوفاء لهم وتعويضهم عما لحق بهم من ظلم واستبداد ، في ظل الحكومة العراقية المنتخبة . عليها ان تؤدي واجبها وهي مسؤولة عن العراقيين جميعهم بما فيهم العراقيين المسيحيين والأقليات الدينية العراقية الأخرى .
بقلم : حبيب تومي / اوسلو
tomihabib@hotmail.com