أبناء شعبنا يُقتلون
ما زال المسلسل الإجرامي الذي غايته إفراغ العراق من مسيحييه مستمراً ، وما زالت المصائب تتوالى والظلم يتعاظم على أبناء شعبنا العراقي من المسيحيين ، وهم أصبحوا رمزاً للتضحية وعنواناً للصبر وشِعاراً للتحمّل ،وما زالت الشعارات التي تدعو إلى القتل تُرفع في العراق ، وكل هذا يحدث أمام مرأى ومسمع الجميع في الداخل والخارج ، كتبنا وكتب غيرنا من أصحاب الأقلام الحرة الشريفة من جميع إخوتنا سواء المسيحيين منهم والمسلمين ، ولكن الكتابة وحدها لا تكفي ولا تجدِ نفعاً ، المطلوب تحرك سريع لجميع الضمائر النائمة ولنظام الحكم في العراق بدأ بالمسؤول الأول للدولة وأنتهاءاً بالأحزاب والتنظيمات المسلحة .أحترنا على مَنْ نلقي اللوم ، البعض من إخوتنا ممن أكتوى بنار الأغتيالات والتهجير والقتل يلقي اللوم على أحزابنا السياسية وتنظيماتنا القومية ، وآخرون يستنجدون بشعبنا في المهجر ، وآخرون يلقون باللوم على قادة كنيستنا ، ولكنني أود أن أقول ، ماذا يمكن أن تفعله أحزابنا السياسية وهي عديمة القوة ، لا تملك ميليشيات مسلحة ، ولا قوة ولا سند لها لا من الخارج ولا من الداخل ، فكيف يمكنها أن تمد يد المساعدة ؟ وكما يقول المثل فاقد الشئ لا يعطيه ، إن هم لا يتمكنون من حماية أنفسهم فكيف يحمون غيرهم ؟
وقادة الكنيسة ماذا يفعلون ؟ فهم مثلنا كذلك لا حول ولا قوة ، لا يملكون سلطة ولا جاه ، وكذلك ليست لديهم ميليشيات مسلحة ، ولا هم مدعومين من قبل قوة خارجية دولية ، والجرح في نينوى الحدباء يزداد عمقاً وألماً ، فكل صباح جديد وأغتيال لمسيحي من الموصل ، لم يسلم الفقير ولا أبن السبيل وحتى بائع الخضار لم يسلم من أيدي المجرمين السفلة ،
أنظروا كيف يُستغل الدين ، يقتلون أُناساً أبرياء بإسمه ، فمهما كانت الدوافع ومهما تكن الأسباب لا أدري هل خُليت الموصل من المخلصين ؟ أم أن شرفاءها تركوها وهربوا لضيق العيش فيها ؟ أين هم رجالات نينوى الشجعان ؟ أين هم أصحاب النخوة ؟ اصحاب الضمائر الحيّة ؟ ما الذي لديهم أن يقولوه اليوم ؟
هل يتذكر أهل الموصل " نادر شاه " أو طهماسب ؟ حينما حاصر مدينة الموصل ولم يقدر على فتحها ،وممن أشتهر في هذه الوقائع لردع سَورة طهماسب هو الحاج حسين باشا حاكم الموصل الذي كان من عائلة آل عبد الجليل ، وسعى الحاج حسين باشا في مقاومة العدو ليلاً ونهارا ، فتحير طهماسب لما رآه من بسالة أهل الموصل وثباتهم ورجع القهقري ، وقد نسب هذه الغلبة كل المسلمين والمسيحيين إلى حماية مريم العذراء ، فأمر حسين باشا أن تُرم البيعتان اللتان تُنسبان إليها و المعروفتان بالطاهرة على نفقته . " ذخيرة الأذهان / القس بطرس نصري.
أين أنتم اليوم من تلك الواقعة ؟ وماذا دهاكم ؟ ما الذي تغير ؟ ألستم أحفاد هؤلاء الأجداد ؟
بالأمس قرأتُ مقالاً عن الصيدليات في الموصل منذ عام 1900 -1960 فكان أكثر الصيادلة من المسيحيين وأول من أستورد المطابع وأدخلها إلى الموصل كان من المسيحيين وأول من أصدر الصحف في الموصل كانوا المسيحيون ، فلماذا تفرغون الموصل من هؤلاء الذين وضعوا أسس تلك العلوم فيها ؟
يا أبناء شعبنا المسيحي في العراق ، يامن أصبحتم بقدرة قادر أقلية ثم جالية في بلدكم ووطنكم ، نناشدكم أن تنتبهوا لأنفسكم ، فهذا قَدَركم وهذا صليبكم ، وعليكم أن تحملوه كما حمله ربّكم من قبلكم ، فأعطانا وإياكم درساً في الصبر والتحمل ، الم يقل سوف يسوقونكم إلى المحاكم من أجل أسمي !!!
أما نحن فليس لنا سوى سلاحنا الوحيد الذي هو القلم ، نشحذ بواسطته الهِمم، عسى أن يستجيب أصحاب الضمائر وتنتبه العقول لما يحدث لكم من معاناة وألم ، وليس لنا سوى أن نقول : حماكم الله من هذه الريح الصفراء التي هبّت مرة ثانية ومتى ستهدأ !!!
قبل عدة ايام عرضت إحدى القنوات التلفزيونية الفضائية لقاءاً مع عدد من عوائل برطلة ، القرية المسيحية الكلدانية ، وسألت إحدى المواطنات عن سبب مقتل زوجها ، فقالت لكونه مسيحي ، وفي لقاء آخر مع مجموعة أطفال إخوة يتجاوز عددهم الثمانية قُتل والدهم في الموصل لكونه مسيحي ، وأُخرى قُتل أبنها في الموصل لكونه مسيحي ، وآخر قُتل ولده وحيده في الموصل لكونه مسيحي ، وآخرون طلاب يدرسون في الجامعة قُتل منهم مَن قُتل وجُرح مَن جُرح لا لشئ بل لكونهم مسيحيين ، وأُخرى خُطفت أبنتها من جامعة الموصل لكونها مسيحية ، ابعد كل هذا يمكننا أن نقول " لو خُليت قُلبت ؟؟؟ " أليس من حقنا أن نشكك في أن هناك ما زالت ضمائر حيّة ؟ إذا قلنا نعم سيجيب كل هؤلاء ويقولون أين هي ؟؟؟؟ولماذا نامت الآن ؟
ومن هو المسؤول ؟ وكيف يرعى الجميع كأسنان المشط ؟ أين هم رجال الدين قادة الميليشيات المسلحة ؟ أين هو دور الحكومة في حماية مواطنيها ؟ إن لم تكن قادرة على توفير الأمن والأمان فلترحل كما جاءت ، يكفيها ما خزّنت من دولارات في بنوك الغرب .
وإلا أين أنتم أيها السادة
ولنا لقاء
21/1/2010