أرامل العراق: واقع مرير وتطلعات انسانية
المصدر: شبكة النبأ المعلوماتية
شمخي جبر
تحتفل الجمعية العامة للأمم المتحدة ومنظمة الأمم المتحدة للنساء في 23 حزيران باليوم العالمي للأرامل، اعترافاً وتقديراً ولفت الأنظار إلى واقع الأرامل وأطفالهن، وسعياً لتخفيف المعاناة التي تواجهها الأرملة فور وفاة زوجها، وحرصاً على تقديم المعونة للنساء ليواجهن الفقر ولكي يتمتعن بحقوقهن الاجتماعية الأساسية.
يرتبط مركز المرأة الاجتماعي ارتباطاً لا ينفصم بمركز زوجها، اذ تفقد مكانتها في المجتمع تصبح معدمة بوفاته. ولكي تستعيد الأرملة مركزها الاجتماعي، يتوقع منها أن تتزوج أحد أقارب زوجها، كُرهاً في بعض الأحيان. وبالنسبة للعديد من الأرامل، فقد لا يكون فقدان الزوج سوى الصدمة الأولى في محنتها الطويلة الأمد.
تشكل الارملة صورة ذهنية داخل العائلة بوصفها سوء طالع للعائلة، وفي بلدان عديدة، يكون الترمل وصمة، إذ ينظر إليه على أنه مصدر للعار، وكثيراً ما يطرد الأرامل من بيوتهن ويتعرضن للاعتداء البدني، او قد يتوقع منها أن تتزوج أحد أقارب زوجها، كُرهاً في بعض الأحيان.
وكثيراً ما يتأثر أبناء الأرامل، عاطفياً واقتصادياً على حد سواء. وتضطر الأمهات الأرامل، اللواتي يعلن أسرهن لوحدهن، إلى سحب الأطفال من المدرسة والاعتماد على عمالتهم في كسب قوت يومهن، وقد تجبر العديد من النساء على البحث عن عمل غير نظامي كخادمات بيوت أو اللجوء إلى التسول أو البغاء. وعلاوة على ذلك، قد تعاني بنات الأرامل من أشكال متعددة من الحرمان، مما يزيد من احتمال تعرضهن لسوء المعاملة.
وفي بعض البلدان تجبر الأرامل على المشاركة في الممارسات التقليدية الضارة والمهينة بل والمهددة للحياة في إطار طقوس الدفن والحداد. ففي عدد من البلدان، تجبر الأرامل، مثلاً، على شرب المياه التي غُسلت بها جثث أزواجهن. وقد تنطوي طقوس الحداد أيضاً على إقامة علاقات جنسية مع الأقارب وحلق الشعر.
ثمة أعداد غفيرة من النساء اللواتي ترملن بسبب النزاع المسلح. ففي بعض بقاع شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، على سبيل المثال، أفادت التقارير بأن حوالي 50 في المائة من النساء هن أرامل، في حين ثمة ما يقدر بنحو ثلاثة ملايين أرملة في العراق وأكثر من 000 70 أرملة في كابول، أفغانستان.
وقبل أن يصبحن أرامل أثناء نزاع مسلح، يشهد العديد من النساء ما يلاقيه أزواجهن من تعذيب أو تشويه أو غيره من ضروب المعاملة القاسية واللاإنسانية. وقد تتعرض الأرامل أنفسهن للعنف المتصل بالنزاعات -- بما في ذلك العنف الجنسي كأسلوب من أساليب الحرب -- إذ أفادت التقارير بحدوث عنف موجه ضد المرأة أثناء النزاعات المسلحة أو بعدها في جميع مناطق الحرب الدولية أو غير الدولية.
ومن بين قرابة 245 مليون أرملة في العالم، يفوق عدد الأرامل اللائي يعشن في فقر مدقع 115 مليونا. وفي البلدان التي تتخبط في أتون النزاعات، كثيرا ما تترمل النساء في سن مبكرة، فيجدن أنفسهن مرغمات على تحمل أعباء ثقيلة لتوفير العناية لأطفالهن في خضم المعارك ومخاطر التشرد، دون تلقّي أي عون أو دعم.
عانت المرأة العراقية على مدى العقود الثلاث الأخيرة بشكل يجعل من تلك الشريحة الأكثر تضررا نفسيا واجتماعيا وماديا أيضا.
فالحروب المتواصلة للنظام السابق والأحداث الدموية التي أعقبت التغيير أفضت إلى أعداد مهولة من الثكالى والأرامل والأيتام العراقيات.
كثير من هؤلاء الأرامل فقدن أزواجهن في الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت ثمان سنوات، اما في ذروة العنف التي عاشها العراق خلال السنوات الماضية فقد كانت حوالي 100 امرأة تترملن يوميا.
هؤلاء الأرامل تراهن أينما سرت في بغداد. تراهن في إشارات المرور يتسولن وقد اتشحن السواد من رؤوسهن إلى أقدامهن.
وقد خصصت الحكومة معاشا للأرملة يساوي دولارا واحدا في اليوم الواحد، لكن مسحا أجرته منظمة أوكسفام الخيرية البريطانية أظهر أن ربع النساء المستحقات لهذا المعاش يحصلن عليه.
يذكر احد الباحثين ان المشكلة ليست في التشريع فقط، المشكلة تكمن في طريقة التعامل داخل الأسرة المشكلة هي كيفية تغيير أساليب وطرق معاملة هؤلاء النسوة.
وتشير الإحصاءات أن نسبة 40% من العاملات في الدعارة بالعراق من الأرامل. فقد أدى التحسن الأمني في الآونة الأخيرة إلى ظهور فرص خفية لمن فقدن أزواجهن ومصدر عيشهم، كما فتحت النوادي الليلية أبوابها من جديد.
ما تتقاضاه الارامل من شبكة الحماية الاجتماعية في وزارة العمل، والذي يبلغ نحو 150 الف دينار كل شهرين ما لا يكفي لمصروف عدة أيام.
لا توجد احصائية دقيقة عن عدد الارامل في العراق غير ان منظمات غير حكومية تشير الى ان عددهن يبلغ نحو مليون ارملة بسبب الحروب المتلاحقة وأعمال العنف التي اجتاحت البلاد بعد عام 2003، فيما تشير بعض الدراسات الى وجود أرملة واحدة بين كل ثمانية نساء تتراوح أعمارهن بين 15-50 عاما في العراق.