البعث يدَّعي إعلان الحرب على داعش!
بدون الخبث والمكر والغدر والقتل، والتدمير فالبعث لم يكن شيئاً يذكر. هذه الحقيقة يعرفها الشعب العراقي بجميع مكوناته بمن فهم العرب السنة، بل وحتى البعثيون أنفسهم. ولولا هوس السياسيين السنة باحتكار السلطة لهم وعدم تحملهم ليكون للشيعة دور في صنع القرار السياسي بما يناسب ثقلهم السكاني واستحقاقهم الانتخابي، لكانوا من ألد أعداء البعث. لذلك يستخدم السياسيون السنة كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة بما فيها التحالف مع البعث والإرهاب لإلغاء الديمقراطية في العراق.
فالبعث هو شر مطلق وبكل معنى الكلمة. وأكاد أجزم أنه لولا البعث وارتكابه جريمة 8 شباط 1963 لكان العراق الآن بمصاف الدول المتقدمة وذلك لما يملكه من كفاءات بشرية وثروات طبيعية هائلة. وقد ذكرنا مراراً أن البعث يمتلك القدرة الفائقة على التلون والتقلب، وعقد تحالفات حتى مع ألد خصومه الأيديولوجيين، وارتكاب أبشع الجرائم الفظيعة بأسماء أفراد وتنظيمات إرهابية، وبعد أن يحقق أغراضه منها يقوم بسحقها وإدعاء البطولة والشطارة والفهلوة.
خلفية داعش
بعد الغزو السوفيتي لأفغانستان عام 1979 لحماية النظام الشيوعي فيه، ساهمت الدول الغربية بقيادة أمريكا على تشكيل التنظيمات الجهادية الإسلامية المتطرفة، ومن بينها طالبان والقاعدة، وبتمويل سعودي وخليجي وبأيديولوجية الوهابية. وبعد طرد السوفيت والقضاء على النظام الشيوعي في أفغانستان وهيمنة طالبان على الحكم، انقلب السحر على الساحر، فكان من عواقبها الوخيمة، ونتائجها غير المقصودة، كارثة 11 سبتمبر 2001. ولذلك حاولت أمريكا شق القاعدة لمحاربتها من داخلها عملاً بفكرة (وداوني بالتي كانت هي الداء). فنجحت في اختراق القاعدة، وشقها بكسب جماعة منها باسم (الدولة الإسلامية في العراق والشام)، اختصاراً (داعش). فقواعد داعش هم من المتطرفين الإسلاميين الذين تعرضوا لغسيل الدماغ واعتناقهم المذهب الوهابي التكفيري. أما قياداته العسكرية فهم من الضباط العسكريين البعثيين المتشددين في الحرس الجمهوري، تم تجنيدهم عندما كانوا في سجن (بوكا)، على أيدي ضباط من السي آي آيه. فمنهم من أعيد إلى الجيش العراقي والأجهزة الأمنية كخلايا نائمة للبعث (داعش)، ومنهم من تظاهر بالدين والتدين وارتدى الزي الوهابي فتم رفدهم لقيادة بهائم داعش وتحويلهم إلى ضباع ضارية وقنابل بشرية. لذا، وكما أكدنا مراراً، فداعش نتاج لعبة دولية وإقليمية هدفها إخضاع الحكومات التي لم تساير بما فيه الكفاية، أمريكا وحلفائها في المنطقة: السعودية وقطر والأردن وتركياـ والعمل غلى تحويل الصراع العربي- الإسرائيلي إلى قتال سني- شيعي، وإبادة الشيعة، الخطة التي عملت عليها السعودية لثلاثين سنة حسب شهادة الرئيس السابق للاستخبارات البريطانية (MI6)(1).
ما الجديد في المحافظات الغربية؟
في الحقيقة إن ما جرى في الموصل وصلاح الدين وغيرها من المناطق السنية يوم 10 حزيران/يونيو 2014، لم يكن جديداً. فهذه المنطقة لم تكن تحت سلطة الحكومة المركزية منذ سقوط حكم البعث يوم 9/4/2003 إلا بالاسم، ودفع حصتها من ميزانية الدولة العراقية. أما ما جرى يوم 10 حزيران، فهو اعلان المسؤولين ومعظمهم بعثيون، سواءً كانوا موظفين إداريين أو عسكريين، إعلانهم التمرد على الحكومة الفيدرالية، وتم تسليم السلطة إلى منظمة اسمها (داعش) والتي هي تحت سيطرة البعث، وجاءوا بشخصية مجهولة باسم (أبو بكر البغدادي) أعلنوه "خليفة" على الدولة الإسلامية القرقوشوية. وقاموا بارتكاب المجازر ضد جميع مكونات الشعب هناك من قتل الشيعة والمسيحيين والشبك والإيزيديين، وصولاً إلى السنة عرباً وأكراداً وتركماناً، والسلب والنهب، إضافة إلى تفجير دور العبادة وقبور الأنبياء، وفرض الحجاب والختان على النساء، وهتك الأعراض باسم (جهاد النكاح)، حتى وصل إلى قتل رجال الدين السنة وكل من لا يبايع الخليفة أبوبكر البغدادي... إلى آخر اللعبة القذرة التي لا يجيدها إلا البعثيون. ولما بلغ السيل الزبي، وبعد أن أدرك أهل الموصل وغيرها من المناطق السنية أنهم خُدعوا من قبل قياداتهم السياسية التي حرضتهم على السلطة المركزية (حكومة المالكي الشيعي الإيراني الصفوي...الخ)، و التأليب على الجيش العراقي (الشيعي الصفوي) على حد أوصافهم التسقيطية.
وبعد أن حقق الجيش العراقي انتصارات رائعة على العصابات الداعشية البعثية الإجرامية، وفي محاولة منهم لسرقة النصر من الجيش العراقي، أعلن البعثيون حربهم على داعش ليقولوا للشعب العراقي وللعالم، أن البعث هو وحده القادر على سحق داعش، وخلاص الشعب من إرهابه. بينما في الحقيقة والواقع، إن مصدر كل هذه اللعبة الداعشية والإرهاب الداعشي هو البعث وبدعم دولي وإقليمي، الغرض منه إلغاء الديمقراطية في العراق وعودة البعث إلى السلطة وبمباركة إدارة أوباما، وحلفائها التقليديين في المنطقة.
فقد جاء في تقرير موقع الأخبار: (تحت الضربات المدمرة لقوات الجيش العراقي بمساعدة طيرانه وقوته الجوية وهروب الكثير من عناصر داعش بإتجاه سورية واتساع تحرير مساحات الاراضي والمناطق المدنسة من داعش وشركائهم من اقطاب الخيانة والتآمر، فقد انبرى البعض من المناوئين للعملية السياسية من شاكلة أثيل النجيفي ومسعود البرزاني الذين هللوا لسقوط الموصل، حيث غيروا مواقفهم الى إدعاء محاربة داعش بهدف تحرير الموصل، انضم الى هؤلاء الأدعياء حزب البعث العربي الإشتراكي بدعوى الإنتقام من تدمير مراقد الأنبياء والأولياء.)(2)
وفي هذا الخصوص، أصدرت قيادة البعث بيانا اعتبرت فيه "داعش" منظمة إرهابية، وأبدت استعدادها للدفاع عن المسيحيين وغيرهم من المضطهدين، جاء فيه " ان جرائم داعش بدأت تتسع وتتفاقم ، وآخرھا تھجیر الإخوة المسیحیین من مدینة الموصل بشكل یبعث على الأسف، وھو ما نرفضه، ولن نسمح لأحد أن یكون خنجراً مسموماً بظھر مكونات المجتمع، فالعراق ھو وطن الجمیع، عرباً وأكرادا وتركمان وسنة وشیعة ومسیحیین وایزیدیین .. وھو مشروعنا الذي حمله الرئیس الشھید صدام حسین رحمه الله ولازال یقود مسیرته الرفیق المناضل والقائد المجاھد الأمین العام للحزب عزة إبراھیم ھو ورفاقه المیامین ."(نفس المصدر)
بينما اجتمع هؤلاء في عمان قبل أيام قليلة، واعتبروا داعش منهم وإليهم، وقال أحد المشاركين في ذلك اللقاء الاجرامي، وهو صلاح المختار البعثي، أن من يقوم بقتل وتهجير المسيحيين وتفجير دور العبادة في الموصل هو جيش المالكي الشيعي الصفوي وليس داعش (الثوار) !!.
فللبعث تاريخ دموي حافل في ارتكاب الجرائم البشعة ضد الشعب، وبعد أن يحقق أغراضه منها يقوم بتمثيلية اكتشاف الجريمة والقضاء عليها، بينما الحقيقة هي إن البعث نفسه مصدر الجريمة في جميع الأحوال، ولنؤكد صحة ما نقول نذكر المثال التالي:
تمثيلية أبو طبر
في منتصف السبعينات ظهر مجرم سفاح، يقوم بالسطو على عوائل بغدادية معروفة بمعارضتها للسلطة البعثية، اشتهر باسم (أبو طبر) لأنه كان يستخدم طبر (فأس) في قتل ضحاياه، وعادة في حمام البيت. وتكررت هذه الجريمة لأكثر من شهر، مما أثار الرعب بين سكان بغداد. و استغلت السلطة البعثية هذه الحوادث البشعة لتحقيق غاياته، ومنها إعلان منع التجول في يوم معين في مدينة بغداد، وقام الحزبيون والأجهزة الأمنية بتفتيش البيوت بحثاً عن الأسلحة والمعارضين بحجة البحث عن (أبو طبر)، وتمت مصادرة الأسلحة الشخصية التي كانت بحوزة بعض الناس من أجل الدفاع عن أنفسهم وعائلاتهم من المجرمين. وبذلك حقق البعثيون غرضهم الرئيسي من اللعبة. وبعد فترة أعلنوا إلقاء القبض على (أبو طبر) و أدعوا أن اسمه (حاتم كاظم هظم) من مدينة المسيب في محافظة بابل.
والجدير بالذكر أن العراقيين وبحسهم الوطني، وخبرتهم بأساليب البعث، نسَّبوا جرائم أبو طبر إلى المخابرات العراقية، لان معظم الجرائم طالت معارضين سياسيين كما ذكرنا آنفاً. وأجرت السلطة محاكمة صورية للمدعو (حاتم كاظم هظم)، وأعدمته، وتم طمس الحقائق، ولا ندري مدى صحة المحاكمة والإعدام. وهكذا أدعى البعث بطولة اكتشاف المجرم والقبض عليه وإعدامه.
وعليه، فما داعش اليوم إلا أبو طبر بعثي آخر من الوزن الثقيل، وعلى شكل تنظيم ضخم يضم الألوف من (أبو طبر)، ساهمت في تشكيله حكومات واستخبارات دولية عملاقة مثل أمريكا، وإقليمية مثل السعودية وقطر والأردن وتركيا، لتطبير أية حكومة لا تسير وفق سياسة أمريكا وإسرائيل وحلفائهما في المنطقة.
وأخر لعبة قام بها البعث هي لعبة البعثي الداعشي، أثيل النجيفي، الذي منذ أن صار محافظاً للموصل راح يطالب حكومة المالكي بإخراج الجيش (الشيعي الصفوي) من المحافظة واستخدم أخس الوسائل التسقيطية ضد الجيش العراقي. وبعد أن سلم مفاتيح الموصل إلى داعش يوم 10/6 ولجأ إلى أربيل في لعبة مفضوحة بحماية بارزاني، كما وحاول المشاركة في مؤتمر عمان الإرهابي الطائفي السيئ الصيت الذي طرد منه ذليلاً مهاناً، والآن يحاول تشكيل ميليشيات مسلحة من عناصر يسميها بـ(الجيش القديم)، للمشاركة بتحرير محافظة نينوى من سيطرة داعش، وليلغي دور الحكومة العراقية التي يحاول شقيقه، أسامة، الحصول على منصب نائب رئيس وزراء فيها! ومن دون التطرق الى مصادر تمويل وتسليح هذه المليشيات!!!
طبعاً الغرض من تشكيل هذه المليشيات من الجيش القديم هو محاربة الحكومة وخلق داعش ثاني باسم البعث هذه المرة... يرجى مشاهدة الفيديو أدناه.(3)
يرتكب هؤلاء جرائمهم باسم الوطنية، ونحن على ثقة عالية أن سهامهم سترتد إلى نحورهم.
وكما قال ساميول جونسون: الوطنية آخر ملاذ للأوغاد.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مصادر
1- Sir Richard Dearlove on Re-appraising the Counter-Terrorist Threat
http://www.youtube.com/watch?v=XeFFtiEtriA
2- مع اقتراب نهاية داعش تحت ضربات الجيش العراقي .. حزب البعث يلحق بالنجيفي وبرزاني في إدعاء الحرب على داعش
http://alakhbaar.org/home/2014/7/173320.html
3 اضغط على الرابط للاستماع الى بيان أثيل النجيفي
http://www.youtube.com/watch?v=bmyd_48gg3o&sns=em
روابط ذات صلة: مقالات جديرة بالقراءة
عمار البازي:كيف تشعرون الان يا اهل الموصل؟؟؟
http://www.sotaliraq.com/mobile-item.php?id=164331#axzz391iLHFG0
غسان نعمان ماهر السامرائي:
بعد تفجير مرقد يونس (ع) ، وأوامر ختان النساء وأمثالها ، ماذا أنتم قائلون ؟ وماذا أنتم فاعلون؟
http://alakhbaar.org/home/2014/7/173449.html
--
في حالة عدم الرغبة باستلام رسائلنا يرجى الضغط هنا
--
في حالة عدم الرغبة باستلام رسائلنا يرجى الضغط هنا