الحكيم ... والتدخلات الخارجية
Riyadh98@gmail.comربما لا نأتي بجديد عندما نقول أن الإرادة الوطنية تحتاج لمؤهلات كثيرة من اجل ترجمتها إلى واقع عملي يجسدها وان كان الكثير يرفع شعارها ، كواحدة من وسائل الجذب والاستحواذ على أصوات الشعب العراقي القريبُ عهدا بالديمقراطية .
لكن الجديد في هذه القضية هو تحول الوطنية إلى قميص يتحكم في تصميمه ومقاييس صنعه صوت هنا وأصوات هناك تحاول أن تلوي عنق الحقيقة ، كلما تحرك صاحبهم باتجاه ، شيّعتهُ بالتهليل واستقبلته بالتصفيق كيفما كانت حركته وتوجهاته ، بحيث صار المواطن لا يفقه حقيقة قصدهم وطريقة تفكيرهم ، فكلما سار زعيمهم في طريق ، فهو بالضرورة وطني ، وشريف ، وعفيف ، وقائد وخالد وغيرها من التوصيفات التي مقتها الشعب العراقي ، ولا يعلمون أن ليس للأمة إلا تعريف واحد للوطنية مهما تنوعت ألوانها وأشكالها وأحجامها ومقاساتها عند من يدعيها زورا وبهتانا .
العراقي لا يعرف للوطنية ، غير الالتزام الكامل بكل ما يحقق للوطن مصالحه وللأمة إرادتها ... المواطن لا يأنس إلا باللغة التي يفهمها ، وهو لا يريد صوت آخر يعلوا على صوته ، و لا يرى لمصالحه وجود إلا بالقرار والإرادة التي تترجم مطاليبه وإرادته .
الأمة تتحسس لكل إرادة خارجية ، ولا يمكن أن يخدعها تزويق الكلام ومفاتن الألوان والصور ... الأمة لا يخدعها من ينادي بنصرة الفقراء وهو يزر أكمامه بالذهب ، ويسير الخيلاء بربطة عنق ، يزينها بالذهب وألاحجار الكريمة ، إمعانا منه بإذلال الناس وإصرارا على خداعهم .
الأمة لا ترفض النصائح ، ولا تقابل الصداقات بالعداء ، ولا تعضُ يدا قدمت لها العون ووقفت بجانبها في ظروف العسر والحاجة ، ولكنها في نفس الوقت ، لا تُقبٍل الأيادي ، بل تشكرها وتصافحها وترد لها ما تفضلت به بمثله أو بأحسن منه .
الأمة تقدر المواقف الشجاعة ولا تتنكر لصداقاتها عندما تقف عند حدود الاحترام المتبادل وعدم فرض الارادات والرؤى التي تتعارض مع الرؤى والإرادة الوطنية .
اليوم ونحن ننظر إلى عراقنا الحبيب تتلاعب به المواقف الركيكة التي لا تصمد أمام الضغوطات والارادات الخارجية ، فيعترف من دون حياء ، من كنا نحسبه صلبا ، انه مهزوم ولا يستطيع أن يؤمِن للناس حقوقها ولا يحفظ لها كرامتها ، شتان بينه وبين من يحول ارادات القوى العظمي لخدمة وطنه وأبناء شعبه ، ولا يمكن للعراقي أن ينسى المواقف الشجاعة التي حفظت له كرامته وقراره على مر العصور ونوائب الدهور .
كلنا يتذكر الوقفة الشجاعة التي وقفها عزيز العراق أمام أعظم قوة تتحكم بمصير العالم ، ولا تستطيع كبريات الدول أن تعارضها فضلا عن فرض إرادتها عليها , لقد فرض السيد عبد العزيز الحكيم على أمريكا أن تضم حزب الدعوة الإسلامية إلى مجموع القوى العراقية المعارضة التي اسند إليها تأسيس مجلس الحكم إبان حكومة بريمر ، عندما أرادت الولايات المتحدة استبعاد الدعوة على اثر وقوفها ضد إسقاط النظام حينما رفعت شعار ( لا لأمريكا ... لا لصدام ) .
قاصر من يدعي تحرر الشعب العراقي بالاحتلال الأمريكي ، وان كان النظام قد سقط به ، ولكن الوقفة الصلبة التي وقفها جنود المرجعية ، هي التي حققت للأمة حريتها وفرضت على المحتل الإرادة الوطنية الشجاعة .
كلنا يتذكر شموخ شهيد المحراب عندما أعلن أن لا إرادة فوق إرادة الشعب العراقي ولا صوت يعلو صوته .
وها نحن نرى بأم أعيننا كيف تتجسد هذه المبادئ بالموقف الذي اتخذه السيد عمار الحكيم حيث أعلن وبملأ الفم ، بأننا لن نخذل الأمة ولن نسمح بعد الآن بفرض الارادات الخارجية مهما كان مصدرها , ليرسخ بذلك أسس مواجهة التدخلات الخارجية في الشأن العراقي .
هذه هي أخلاق الفرسان وأفعالها ، وهو ديدنهم عبر عصور التأريخ ، فلا تجد في مواقفهم ذلا ولا خداعا ولا إدبارا ولا نفاق ، لذلك ، تعمى العيون أن ترى لهم طلب نصر بجور أو خداع لفوز .
اليوم ونحن نرى تقلب الوجوه ، وتبدل المواقف ، وافول العفة بالكلام والفعل ، نرى رجالا يشرقون حيثما شرقت بهم القصاع ، ويغربون حيثما غربت بهم القلاع ، يحسبون أنهم مخادعونا وما يخدعون الا أنفسهم وما يشعرون .