الحلقة ما قبل الأخيرة من مسلسل "آغاجان و الأربعين حرامي"
لقد تابعت بدقة و حذر و تفصيل مسلسل الأكشن الذي بدأ عرضه في عراق ما بعد التحرير و الذي حمل عنوان " آغاجان و الأربعين حرامي " ، و الذي تنتجه شركة "الصياد!!" المختصة في إعادة الإنتاج القومي و التشويه النضالي ، و التحريف الديمغرافي ، و التزييف الانتخابي ، و التسليح الميليشياوي .و يقوم بلعب دور البطولة فيه بطل السينما الكوميـ - سياسية في العصر الحديث الفنان سركيس آغاجان بدور "منقذ الأمة" ، و يشاركه في البطولة شخصيات كرتونية وهمية غير محورية تدور في فلك البطل و تتأثر بأمواله معلومة المصادر . تتوزع أدوارها بين وزراء للسياحة و السفر ، و آخرون للتنكيل بحقوق الإنسان و القضاء على مظاهر المجتمع المدني ، و آخرون لصناعة الشر و الموت ، و آخرون لأداء أدوار رجال دين مؤمنين .
تدور أحداث المسلسل في دولة العراق الواحدة الموحدة ، و تنطلق حكايته المشوقة من رغبة أحد رعاة البقر توسيع حدود مزرعته باتجاه أحد السهول الواقعة في جنوبي المزرعة . إلا أن فكرة التوسيع تصطدم ببعض المعرقلين الممانعين الذين لا يسمحون لصاحب المزرعة أن يحقق حلمه الأزلي في التوسع باتجاههم و السيطرة على أراضيهم . فيقوم راعي البقر إياه باستئجار أحد أهالي البلدة من الخونة و المتاجرين و ضعيفي النفوس ، ليدعمه بالمال و السلاح و الرجال و عمليات التزوير و المناصب و الإعلام حتى يفرضه على أهالي السهل زعيماً وحيداً وديعاً خـّيراً مؤمناً قديساً مخلصاً حياً قيوماً ( و إلى آخر القائمة من ألقابه و أسمائه الحسنى ) ، و يهرع تجار الهيكل لتقليده دروعاً كنسية ، و صلباناً ذهبية تخترعها مخيلاتهم المريضة في اللحظة نفسها ( لاحظ ضعف المؤلف هنا في حبك القصة التلفزيونية ، انه لم يمهد أو يعرض لمشهد مماثل في الكتب حول منح وسام كنسي لأحد في تاريخ الكنائس المشرقية) . ثم يقوم راعي البقر المذكور بتدشين محطة فضائية خاصة بالزعيم الجديد ليطل من خلالها بصوره و هو جالس على كرسي الحكم ممسكاً سيكاره الفاخر و مرتدياً بدلاته الـ "سينييه" الفاخرة المستقدمة من محلات "جورجيو أرماني" الشهيرة في شارع الشانزيلزيه بباريس ، ليبدأ الصغار من متسللي طريق الغناء بتأليف طقطوقات على غرار "الله ينصرك سيدي" ( تخيلوا كم ستكون جميلة حركة الكاميرا هنا و خصوصاً إذا استخدم المخرج شاريو و كرين و جيمي جيب ) . و هكذا ، تتصارع شخصيات القصة و تتعقد أحداثها فيعرض هذا الزعيم الجديد الممول من قبل راعي البقر مشاريع خدمية خيرية مجانية ، فيصلح المباني المهدمة بإسمنت مغشوش ، و يشق الطرق ببلدوزرات و شاحنات مستأجرة مجاناً من عند سيده ، و يبني الجسور بحجر رخو و يصورها و يعرضها في محطته الفضائية الخاصة ، و يصفق له كل العاملين في المحطة و ضيوفهم المستقدمين حسب الطلب بفرح و سذاجة ( و كأن المؤلف يريد أن يقول هنا : يا لرخص ثمن هؤلاء الإعلاميين و الفنانين ، انهم يبيعون أنفسهم مقابل بدلة مخططة وربطة عنق حمراء مشتراة من الطابق الثاني في سوبر ماركت دهوك الشهيرة !!! ) ، و يفتح الزعيم المفبرك و المدعوم من قبل راعي البقر حقائبه أمام أهالي السهل ، تارة على شكل "هدايا تلفزيونية " لإذلال الشعب و تحقيره و تسطيحه و إظهاره كالمتسول ( هل تذكرون مشهد اصطفاف أهالي القرى أرتالاً أمام السيارة التي توزع الهدايا التلفزيونية القيـّمة ؟؟ إن غاية المخرج المحترف من هذا المشهد المؤثر هي القول : كم فقير و مسكين هو هذا الشعب و كم هو بحاجة إلى هذا القائد الضرورة ) ، و تارة على شكل هبات و رواتب و منح و تبرعات تقوم بها لجان كثيرة و بأسماء منوعة و "مهضومة" ، و في حقائب ملونة بالأصفر من الخارج ، لكن محشوة بأوراق خضراء يعمي شكلها و بريقها البصر و البصيرة ( لاحظوا أن العمل ضخم و يحتاج إلى عدد كبير من ممثلي الكومبارس الذين عليهم أداء هذه الأدوار الصعبة ، و خصوصاً أدوار رجال الدين ) .
تبلغ أحداث المسلسل ذروتها عندما تبدأ بعض العصابات الموجهة من قبل راعي البقر بالاعتداء على السهل الذي يصر أبناؤه على رفض فكرة التوسيع ( المشاهد هنا تكلف الكثير !! ) ، فيطرح هذا الزعيم الجديد الممول من قبل راعي البقر مشروعاً للاستقلال على مسامع أهالي القرية واعداً إياهم بالحرية و الخلاص و الأمان و الحنان و الحب و التقدم و التطور .... و و و و و ( و واوات كثيرة ، لكن يجب أن لا يفوتك عزيزي المشاهد أن الهدف النهائي و الرئيسي هو توسيع حدود المزرعة ) . و يشترط الزعيم الجديد على أهالي القرية في الحصول على هذا "الأمان و الحنان" بأن يطلبوا الانضمام إلى مزرعة راعي البقر ، بحجة أنه هو الوحيد القادر على إيقاف الهجمات و حماية أهالي السهل . هنا تحتدم المواقف والصراعات بين شخصيات المسلسل من مؤيد أعمى مباع و جاهل من جهة ، و رافض مبصر شريف و حكيم من جهة أخرى ، حتى يخترع المؤلف مخرجاً لهذه الأزمة "الورطة" . و تتلخص الخطة - المخرج بإشراك أهالي و أبناء السهل الذين هجروه ليعيشوا في قصور فارهة في دول و سهول و قارات و كواكب أخرى ، ليحسموا الموقف المستعصي ، و يحلوا العقدة الصعبة ، و يعلنوا الانضمام المنتظر . و نحن ندعوكم مشاهدينا الكرام إلى متابعة الحلقة ما قبل الأخيرة من مسلسل "آغاجان و الأربعين حرامي" التي تأتيكم في الاثنين الثاني عشر من آذار الجاري ، العاشرة صباحا بتوقيت "هولير!!!؟؟" . و يعرض المسلسل حصريا على قناة عشتارستان الفضائية .
هذا المسلسل يأتيكم برعاية شركة "الصياد" لإعادة الإنتاج القومي .
أما الحلقة الأخيرة فانتظروني قريبا كي أفصلها لكم إنشاء الله .
أريو الخابوري - سوريا