السلام الآشوري / ܫܠܡܐ ܐܫܘܪܝܐ/ Pax Assyriaca
إن المؤرخين أول ما استعملوا هذا التعبيرPAX ROMANA أو الإصطلاح كان للأمبراطورية الرومانية التي كانت تهيمن على كل منطقة البحر الأبيض المتوسط وما وراءه الذي بات بحرا رومانيا حيث عم السلام والإطمئنان في كل أرجاء الأمبراطورية.
وعلى هذا الغرار، رأوا نفس المؤرخين أن يطلقوا التسمية على الأمبراطورية الآشورية PAX ASSYRIACA * , وهي كلمة لاتينية معناها السلامالذي كان يغطي الهلال الخصيب وحتى السودان ( ما بين 704- 620/630 ق.م. ) بعد أن استطاع الآشوريون بملوكهم – السرغونيين – العظام دحر وقهر كل المغارين على الهلال الخصيب سواء من الشعوب الإيرانية شرقا والشعوب الحثيةوالميتانية شمالا ومصر والسودان جنوبا حيث عم الإطمئنان والأمان في هذه الأصقاع مما دعا اليه مترجما كتاب " عظمة آشور " للمؤرخ البريطاني هاري ساغزThe Might That Was Assyria by Harry W. F. saggs القول كل من الأساتذة خالد أسعد عيسى ، أحمد غسان سبانو :
" كما للولايات المتحدة الأميركية – هذه الأيام – قوة عظمى تحاول التحكم بمصائر الشعوب والأوطان، كذلك كانت آشور قوة عظمى تسيطر على العالم الذي كان في الألفين الثاني والثالث قبل الميلاد وتقيم في الشرق القديم وحدة طبيعية ونظاما قوميا يوحد الوطن الممتد من ذرى جبال زاغروس الى قمم جبال طوروس ومن أمواج البحر المتوسط حتى رمال الصحراء العربية في الجنوب.
لقد عمل المستشرق " هاري ساغز " سنوات طويلة في العراق وقد كان أكثر من منقب عن سعي الآشوريين في عملهم التوحيدي، فلم يقرأ – ويكتشف - قدراتهم العسكرية فحسب، بل وغاص في شؤونهم السياسية والإقتصادية والثقافية والإجتماعية واضعا هذا الكتاب المتميز الذي يقرأه المهتم فيرى العظمة التي كان اسمها آشور ".
وإن السلام الآشوري هذا امتد أكثر من سبعين سنة حيث عينوا الملوك و الحكام في كل الهلال الخصيب وما وراءه أي حتى منطقة الاناضول ووادي النيل في شمال القارة الأفريقية ضمنا.
والجدير بالذكر بعد أن استتب لهم الأمر في دحر وقهر القوى الأجنبية، عندها أخذ الآشوريون في القضاء على كل القوى المناهضة الداخلية ( الهلال الخصيب ) كما جاء في كتاب اللغات السامية للأستاذ إ. ولفنسون بالقول:
" وفي عهد شلمنصر الذي حكم دولة آشور ( 859- 825 ) أخذ الآشوريون يحاربون دول آرام في سوريا واستمرت هذه الحرب الى عهد تغلاث بيلاصر الذي قوض أركان الدول الآرامية في سوريا 738 ق.م. وانتهى الحكم الآرامي في جميع مناطق سوريا سنة 710 ق.م. بعد سقوط دولة شمأل/ سمأل بمعاول الجيوش الآشورية ".
ونتيجة هذه الحملات العسكرية، بات ملوك شمأل مخلصين للأمبراطورية الآشورية حيث ترك لنا أحد ملوكها - بر ركب / ܒܪ ܪܟܒ - نقشا ( 745- 725 ق.م. ) الذي تم اكتشافه في تل زنجيرلي سنة 1891 وهي قرية بين أنطاكية ومرعش – اليوم في تركيا - حيث وجدت صورة الملك الآشوري قابضا بيده زهرة النبق/ Lotus إشارة للسيطرة العليا .
إذ يتضح من هذا النقش أن أسرة – بر ركب - ومدى خضوعه وإخلاصه لسيده الآشوري بحيث يثني عليه إذ بفضله وصل الى هذه العظمة والمجد بين الملوك وهاكم بعضا مما جاء في هذا النقش بالضبط:
أنا بر ركب ابن بنمو ܐܢܐ ܒܪ ܪܟܒ ܒܪ ܦܢܡܘ
ملك شمأل عبد لتغلاث بيلاصر ܡܠܟ ܫܡܐܠ ܥܒܕܐ ܠܬܓܠܬܦܝܠܨܪ
سيد نواحي المعمورة الأربعة ܪܒܥܝ ܐܪܩܐ/ ܐܪܥܐ ܒܨܕܩ ܐܒܝ ܘܒܨܕܩܝ
من اجل صدق أبي وصدقي ܗܘܫܒܢܝ ܡܪܝ ܪܟܒ ܠܡܪܝ ܪܟܒ
أجلسني سيدي ركب وسيدي تغلاث بيلاصر ܘܡܪܝ ܬܓܠܬ ܦܝܠܨܪ ܐܬܒ ܠܝ ܥܠ
على عرش أبي .... ܟܪܣܐ ܕܐܒܝ
سيدي ملك آشور بين ملوك عظام ܡܪܝ ܡܠܟ ܐܫܘܪ ܒܡܨܥܝ ܡܠܟܐ ܪܘܪܒܐ܀
وكلمة الختام أقولها، كم نحن بحاجة اليوم الى مثل هذه الخطوات التي أخذها أجدادنا الآشوريين العظام في كبح جماح الفوضى التي تجتاح بلداننا في الهلال الخصيب كي تكون مع الأسف مرتعا للقوى الظلامية والإنفصالية وخصوصا ما يجري في العراق، عراق الملوك السرغونيين اصحاب السلام الآشوري؟!
_________
*Cyrus H. Gordon, the Ancient Near East 1965, pp 244
للمزيد يرجى النقر على الرابطأدناه:
http://en.wikipedia.org/wiki/Pax_Assyriaca