( العراق يخسر أمام الكويت بنهائي مبكر لخليجي 20..وقفـة مع ركلات الجزاء و الترجيح )
cesarhermez@yahoo.comكنا قد انهينا في مقال سابق تحت عنوان وجهة نظر في مباريات المنتخب العراقي الخمسة ( الودية و بطولة غرب أسيا ) بالتركيز على أربعة نقاط : -
1 - تجمع المنتخب العراقي في معسكر تدريبي لخلق روح الانسجام.
2 - الاعتماد على لاعبي الخبرة أو المحترفين.
3 - بصمة المدرب مع الفريق وخط الدفاع وتنويع اللعب .
4 - التوفيق يبقى فيصلاً بعد العطاء أولاً .
دخل المنتخب العراقي لبطولة خليجي 20 المقامة في اليمن بهدفين , الأول لمسح الصورة السيئة التي ظهر عليها لثلاث مرات في (خليجي 17 , خليجي 18 و خليجي 19 ) والتي اتسمت بالخروج من الدور الأول, أما الهدف الثاني هو الحصول عل اللقب في حين تبقى هذه البطولة محطة إعدادية لكاس أسيا 2010 كتحصيل حاصل لأنها ستبدأ بعد شهر ... وإذا لاحظنا ما قام به المنتخب , أولا تجمع في معسكر تدريبي في أبو ظبي لخلق روح الانسجام و التأقلم مع طبيعة الجو المشابه لأجواء اليمن كذلك تخلل المعسكر مباراة مع المنتخب الكويتي أعدت البروفة الأخيرة قبل خوض غمار المنافسة ومن خلال بدء البطولة ظهر منتخبنا بصورة جيدة ورائعة بل متصاعدة وتم تصليح الأخطاء الدفاعية وبدأت بصمة المدرب على المنتخب واضحة باعتماده على تنويع اللعب كما أن العطاء كان حاضراً بقوة إلا أن التوفيق لم يقف بجانبنا في جميع المباريات وعدم معانقة الكرة لشباك الخصم بدليل كثرة الفرص الضائعة وتألق حراس المرمى فحتى القائم والعارضة وقفوا ضدنا .. لكن ما يحسب للمدرب الألماني سيدكا انه أخفى أوراقه الرابحة على الجميع وأظهرها في بطولة خليجي 20 ..وفعلاً ترفع له القبعة ويكفي النظر على طريقة معالجته لمركز الظهير الأيسر بالاعتماد على اللاعب مهدي كريم ذو النزعة الهجومية والذي اثبت جدارة وجاء اللعب بمهدي كريم في هذا المركز بعد تعرض اللاعب حيدر عبد الأمير إلى إصابة أثناء فترة الإعداد وعدم سماح النادي للاعب باسم عباس بالمشاركة !!
مما أود أن أقف عليه في ها المقال هو ضربات الجزاء و ضربات الترجيح
أولا علينا أن نفرق بين الاثنين رغم أنهما متشابهتين من حيث طريقة التنفيذ.. ضربة الجزاء يمنحها الحكم أثناء المباراة وهي ضربة حرة مباشرة تنفذ من نقطة الجزاء داخل المنطقة ويأتي منحها إذا انطبقت على الحالة احد الأخطاء القانونية العشرة المعروفة في قانون الكرة والتي تحدث داخل منطقة الجزاء وتمنح على أثرها.. أما ضربات الترجيح ومن اسمها ترجح كفة احد الفريقين وخاصة في المباريات التي يجب أن تحسم في الأدوار التي تلي الدور الأول كدور الثمانية أو دور الأربعة أي مباريات شبة النهائي والتي تسمى أيضا بمباراة نصف النهائي ونفس الحال ينطبق على المباريات النهائية مباريات الكؤوس حيث يتم اللجوء إلى ركلات الترجيح من علامة الجزاء إذا انتهت نتيجة المباراة بالتعادل وبعدها الأشواط الإضافية بنفس النتيجة فيكون الفيصل هو ركلات الترجيح .
وهنا أتوقف شيئاً مع ركلات الجزاء وضربات الترجيح في مباريات المنتخب العراقي المشارك في بطولة خليجي 20 في اليمن .
في المباراة الأولى مع المنتخب الإماراتي حصل منتخبنا على ضربة جزاء نتيجة لمس اللاعب الإماراتي للكرة باليد ومنع الكرة من مواصلة مسيرها مما يعطي احتمالية تسجيل هدف للمنتخب العراقي والحالة حصلة داخل منطقة الجزاء واحتسب الحكم ضربة جزاء صحيحة مية بالمية حسب القانون الكروي .. حمل الكرة الكابتن يونس محمود وبعد أن وضعها على نقطة أو علامة الجزاء عرفت أنها لن تسكن الشباك لماذا ؟؟؟
من خلال مراقبتي للاعب يونس محمود مع ناديه الغرافة يكون هو دائماً من يضرب ضربات الجزاء حسب الاتفاق مع النادي والجهاز التدريبي للمنافسة على لقب الهداف والمعروف أن يونس يركل الجزاء إلى الجهة اليمنى له واليسرى لحارس المرمى .. والمعروف أن حراس المرمى ذوي الخبرة يعرفون ويتابعون اللاعبين المعروفين ويعرفون طريقة لعبهم لركلة الجزاء والذي تصدى لهذه الركلة من المنتخب الإماراتي هو الحارس ماجد ناصر المنافس القوي على لقب أفضل حارس مرمى لخليجي 20 وهكذا تم نفذ يونس محمود ركلة الجزاء بطريقته المعهودة وسهلة القراءة من قبل حارس المرمى الذي تصد لها بكل سهولة لأنها مقروءة !!
و من الأمور الأخرى التي تعطيني علامة أو مؤشر بعدم تسجيل ركلة الجزاء ومن خلال الدراسات ومراقبتي عدد هائل من تصرفات اللاعبين أثناء أداءها ما يلي: -
1- إذا تم تنفيذ الضربة مباشرة بعد صافرة الحكم فاحتمالية دخولها ستكون ضعيفة لان استقبال أيعاز التنفيذ ( الصافرة ) والركض مباشرة لتنفيذها يحصل نوع من الخلل في توازن الجسم للاستجابة بينما إذا اخذ اللاعب قسط من الثواني ونفذها تكون نسبة تسجيلها مرتفعة للتركيز الذي سيحصل عليه اللاعب إضافة ألا أن الوقت ( الثواني المعدودة بعد الصافرة ) سيربك حسابات حارس المرمى في توقع الزاوية التي ستتجه عليها الكرة .
2 - الملاحظ احيانأ يقوم حارس المرمى بوضع الكرة بيده في نقطة الجزاء وإذا تركها اللاعب بدون أن يضعها بيده يتصدى الحارس للكرة بنسبة عالية وهذا لحد ألان لم أجد له تفسير مناسب ولكن يمكن ملاحظة ذلك أحيانا بين الحارس الذي يضع الكرة في نقطة الجزاء واللاعب الذكي الذي يرفعها مرة أخرها لينصبها بيده !!
وسيتضح كلامي مع شيء من التفصيل إضافة إلى الأمور المفيدة الأخرى التي أضعها أمام القارئ ما هو منشور في نهاية المقال لدراستين عن ركلات الجزاء وركلات الترجيح ..
وهنا لا يمكن الوقوف على تلك ضربة الجزاء ونلقي اللوم على يونس خاصة إذا عرفنا أن لاعبين كبار يضيعون ضربات الجزاء فإذا كان كرستيان رونالدو وميسي ورنوالدينهو واخرين يضيعون فلا عتاب على يونس كما أن الدورة أيضا شهدت إضاعة ضربة جزاء من قبل اللاعب الكبير محمد الشلهوب قائد المنتخب السعودي ... ألا أن وحسب وجهة نظري وحسب المعطيات كنت أفضل أن يأتي لاعب أخر غير يونس لتنفيذها مما لا يعطي الفرصة لحارس المرمى لقراءة طريقة تنفيذ ضربة الجزاء.
نمضي قدماً إلى مباراة العراق والبحرين والتي كانت جواز مرور المنتخب إلى الدور الثاني حصلنا على ضربة جزاء نتيجة اعثار يونس محمود داخل المنطقة وسحبه من القميص .. وهذه المرة تقدم لها هوار الملا محمد وكان اختيار موفق بعد درس ضربة جزاء يونس في مباراة الأمارات .. ركلها هوار بطريقة أرضية , زاحفة و قوية على مقربة من القائم الأيسر بحيث حتى ارتماء حارس المرمى على نفس الزاوية لم ينجح في التصدي لها ... وهذه هي الطريقة المثلى لضرب ركلات الجزاء أو ضربات الترجيح في مثل هكذا ملاعب التي أقيمت عليها البطولة وهي ملاعب ( الترتان ) أي العشب الصناعي والتي تمتاز بصعوبة ثبات اللاعب على الملعب وشاهدنا كثرة التزحقلات أثناء مباريات البطولة كما انه يصعب السيطرة على الكرات العالية نتيجة عدم صلابة الأرض وركل الكرة من الأسفل من باطن القدم عند التصويب على المرمى يؤدي إلى ارتفاعها عاليا أكثر من تقديرات اللاعب و إحساسه بالكرة وهذا ما شهدنه من ضربات نشاءت أكرم و الآخرين !!
المعروف أن المنتخب العراقي منتخب يعد نفسه داخل البطولة وخطه البياني يكون تصاعديا بعد المباراة الأولى وبعد اللعب على أرضية الملاعب كان من المفروض انه تعود عليها وأصبحت الصورة واضحة لهم,
بعد التعادل مع المنتخب العماني صعدنا إلى الدور الثاني , كثاني المجموعة لملاقاة متصدر المجموعة الأولى وهو المنتخب الكويتي واللقاء مع الكويت بحد ذاته يوصف بأنه كلاسيكو الخليج لما يحمله التاريخ من ذكريات جميلة من لقاءات المنتخبين وبوجهة نظري كان هذا اللقاء نهائي مبكر لخليجي 20 فكان من المفروض على الجهاز التدريبي أن يضع كل الاحتمالات واردة أمامه في مثل هكذا لقاء مصيري ومن أهمها وصول المباراة إلى ركلات الترجيح فيقوم بتدريب المنتخب على أداء ركلات الترجيح بان يقوم كل المنتخب بأدائها وتسجيل اللاعبين الأكثر توفيقاً في هز الشباك ضمن أجندة المدرب ليكونوا هم في لائحة اللاعبين الخمسة عندما تصل المباراة إلى تلك اللحظة وفي نفس الوقت يقوم مدرب حراس المرمى بتدريب الحراس الثلاثة الأساسي و الاحتياط الآخرين بصورة متساوية لأنه لا احد يعرف ماذا ستكون مجريات المباراة وهذا ما سيتضح فيما بعد وقد يكون الحارس الاحتياط أكثر جهازيه لتصدي لركلات الترجيح فيتم تبديله بالحارس الأساس قبل نهاية المباراة بوقت قليل !!
المباراة كانت حامية وندية أعادتنا إلى أيام الزمن الجميل بين العراق والكويت وشاءت ظروف المباراة لأجراء تبديل اضطراري للحارس الأساسي للمنتخب العراقي محمد كاصد نتيجة إصابته وعدم قدرته لمواصلة المباراة ودخول محله الحارس البديل علي مطشر حارس منتخب الناشئين ذو أل 19 ربيعاً ليدخل معترك مباراة دولية حامية الوطيس لم يكن مستعداً لها مما كان واضحا على أداءه المرتبك وطريقة تسجيل الهدف الثاني على منتخبنا والتعادل للمنتخب الكويتي !! وسارت المباراة إلى ركلات الترجيح وكلنا تذكرنا الحارس الدولي نور صبري لأنه حارس من طينة رعد حمودي وفتاح نصيف وهم اختصاص في التصدي لضربات الجزاء وركلات الترجيح , حيث تكون كلمة الفصل عندهم لحسم المباراة غير أن نور صبري لم يتم استدعائه للمنتخب لظروف ليست غامضة للمتابع الجيد للكرة العراقية والتي هي سبب لكثير من الإخفاقات !!
أما الكلام عن الحارس الكويتي نواف الغمدي فان كل الشروط والظروف والمؤهلات كانت متكاملة ومتوفرة للتصدي للمهمة !!
فلو لاحظنا ان ركلات الترجيح التي نفذت بطريقة أرضية زاحفة وقوية حتى تلامس القائم الأيسر أو الأيمن دخلت المرمى وكم كنت أتمنى من هوار المغوار أن يتعلم درس ضربة الترجيح الضائعة للمنتخب الكويتي لكن هو الأخر نفذها بنفس الطريقة ليزداد الطين بلة مع الغزال الأسمر قصي منير هو الأخر أضاعها بنفس الطريقة وكما قلنا أن الأرضية من العشب الصناعي مما لا يعطي ثبات للاعب وتلامس الكرة يكون قليل نتيجة الأرضية غير الصلبة فترتفع عاليا أكثر من اللازم اذا ضربة من الأسفل فالأرض لم تكن صلبة أو من العشب الطبيعي لتضرب بتلك الطريقة لتستقر في سقف المرمى !!!
على أية حال اتضح لي وبعد تصريح قصي منير أن المدرب لم يدربهم على ركلات الترجيح !! وهو مؤشر سلبي على عدم الحس بالمسؤولية للجهاز التدريبي وان الخبرة التي يمتلكها سيدكا الالماني والذي بدت بصمته واضحة مع المنتخب لم تسعفه !! ولا اعرف إذا كان ناظم شاكر العراقي قد همس بإذن سيدكا لتأدية تمرين ركلات الترجيح والجزاء !! يبقى السؤال عند الجهاز التدريبي !!
بطولة خليجي 20 أظهرت معدن اللاعب العراقي المقاتل وعلو كعبه وانه مازال على خريطة العالم الكروية بحيث لا يستطيع أي احد ألقاء اللوم على أية احد نتيجة الأداء المشرف ولا أريد أطالة الكلام على التحكيم في البطولة فمنذ أن فتحت عيني على كرة القدم العراقية وكرتنا مظلومة تحكيماً ومؤشر جيد ذلك الذي قام به اتحاد الكرة العراقي بتقديم شكوى رسمية إلى اللجنة المنظمة بعد الأخطاء التحكيمية المؤثرة التي رافقت المباراة الأولى أمام الأمارات غير أن الظلم التحكيمي على العراق رافقه حتى النهاية !! ولا أريد أن أتكلم على الأسلوب غير الحضاري للجمهور الحاضر لمباراة العراق والكويت والقائمين على مراقبة المباراة فقد كتبت هذا الموضوع باسمي المستعار في منتدى كوورة عراقية وهو ( ابن الدورة ) عندما قام نفر محسوب على الرياضة بتوجه ضوء الليزر الأخضر على أعين حارس مرمى المنتخب العراقي علي مطشر لتشتيته وفقدان تركيزه أثناء أداء ركلات الترجيح للمنتخب الكويتي !! علماً أن ضوء الليزر ممنوع دخوله من قبل الجمهور داخل الملاعب الخليجية ؟؟؟
كل التوفيق للمنتخب العراقي في بطولة كأس أسيا 2010 والتي ستقام بعد شهر في الدوحة وخاصة انه هو بطل النسخة الماضية !!
وهنا أضع بين أيديكم دراستين لركلات الجزاء والترجيح احدهما ألمانية و الأخرى لمجموعة من الباحثين ويمكن مقارنتها مع طريقة أداء المنتخب الكويتي والعراقي لركلات الترجيح وللفائدة العامة
دراسة ألمانية: ضربات الجزاء ترتبط بالحظ في أغلب الأحوال
أكد عالم ألماني أن ضربات الجزاء في كرة القدم ترتبط بالحظ في أغلب الأحوال نظرا لأن اللاعب الذي يسدد الكرة يأمل أن يتحرك حارس المرمى في الزاوية المعاكسة في حين يطمع حارس المرمى أن يسدد اللاعب الكرة في نفس الزاوية التي يتجه الحارس نحوها.
وقال روجر بيرجر أستاذ علم الاجتماع في جامعة لايبزج لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن فرص النجاح أو الفشل في تسديد ضربات الجزاء العادية أو الترجيحية تبلغ 50% ويعتمد النجاح أو الفشل على التوفيق في اختيار الزاوية ومدى قوة التسديد وحسن توقع حارس المرمى.
وأظهرت دراسة حول ضربات الجزاء في الدوري الألماني بين أعوام 1992 و 2004 نجاح إحراز الأهداف في ثلاث محاولات من بين كل أربع ضربات جزاء دون تفوق واضح لحارس مرمى عن الآخر في صد الركلات.
وأشار أستاذ الاجتماع إلى أن الفيصل في نجاح تسديد أو صد ضربات الجزاء يكمن في عملية الخداع سواء بالنسبة للاعب أو حارس المرمى.
وينصح أستاذ علم الاجتماع اللاعب بعدم التعديل المستمر في الزاوية التي يسدد تجاهها الكرة خاصة وأن حارس المرمى يركز على تحرك اللاعب أثناء التسديد.
وأكدت الدراسة أن لاعبي الكرة يهتمون بتسديد ضربات الجزاء في الزوايا بدلا من وسط المرمى على الرغم من أن حراس المرمى يكرهون البقاء في منتصف المرمى لصد الكرة المتوقعة في إحدى الزوايا.
وبهذا أثبتت الدراسة أن إطلاق لفظ "ضربات الحظ" على ضربات الجزاء ليس من قبيل الصدفة مهما تحدث الجميع عن براعة حارس أو لاعب .
دراسة لمجوعة من الباحثين نشرت في جريدة كريستيان ساينس مونيتور بعد كأس العالم الأخيرة !!
مع إصابة العالم كله (لحمى) كرة القدم على مدى شهر كامل بمناسبة بطولة كأس العالم الأخيرة، لم يكن غريباً أن تفرد صحيفة مثل (كريستيان ساينس مونيتور) تقريراً موسعاً لقضية (ضربات الجزاء) التي تحتبس لها أنفاس مشجعي كرة القدم سواء كانت أثناء المباراة أو عند اللجوء إليها كوسيلة لترجيح كفة فريق على آخر في حالة انتهاء كل من الوقت الأصلي والإضافي بينهما بالتعادل.
تقول الصحيفة في التقرير: تخيل لو أنك كنت أحد اللاعبين الذين وصلوا إلى المباراة النهائية في كأس العالم لكرة القدم التي اختتمت مبارياتها في ألمانيا قبل اسابيع، وكان هناك أكثر من ستين ألف متفرج يهتفون باسمك وأنت تضع الكرة على تلك النقطة البيضاء على أرض الملعب والتي تبعد مسافة 12 ياردة عن المرمى والمعروفة بنقطة ضربة الجزاء استعداداً لتنفيذ الضربة.
وبعد انتهاء تسعين دقيقة هي زمن المباراة الأصلي ثم ثلاثين دقيقة كوقت إضافي بالتعادل بين الفريقين المتباريين يتم اللجوء إلى ضربات الترجيح من نقطة الجزاء لتحديد مصير المباراة.
ويتم اختيار خمسة لاعبين من كل فريق لتنفيذ الضربات الخمس، وإذا أخفقت في تسجيل الهدف من الضربة فسوف يخسر فريقك.
ولكن انتظر، فأنت لست مجرد شخص عادي وإنما وحتى يكتمل التخيل فأنت روبيرتو باجيو نجم المنتخب الإيطالي وأحسن لاعب في العالم خلال التسعينيات وقد نفذت ضربة الجزاء آلاف المرات سواء في مباريات رسمية أو في التدريبات.
ودع عنك فكرة أن هناك أكثر من مليار إنسان في مختلف أنحاء العالم يتابعونك وأنت تنفذ الضربة عبر شاشات التلفزيون. وتبدأ تخطو إلى الخلف بعيداً عن الكرة المثبتة على نقطة الجزاء وتأخذ نفساً عميقاً ثم تضرب الكرة بكل قوتك فتضيع الكرة بعيداً عن المرمى وتفوز البرازيل بكأس العالم عام 1994 على حساب إيطاليا في البطولة التي استضافتها الولايات المتحدة.
والحقيقة أن أشهر نجوم كرة القدم في العالم بدءاً من الأرجنتيني دييجو أرماندو ماردونا وحتى الإنجليزي ديفيد بيكهام فشلوا مرات في تصويب ضربات الجزاء.
فمن كان يتوقع أن تتحول ضربات الترجيح من نقطة الجزاء مخادعة أو لا يمكن التنبؤ بها بهذه الصورة عندما اقترحها الحكم الألماني كارل فالد عام 1970 لتحديد مصير المباريات الفاصلة عند استمرار حالة التعادل بين الفريقين؟ وقد حددت ضربات الترجيح من نقطة الجزاء مصير ثلاث مباريات من بين مباريات دور الثمانية الأربع في بطولة كأس العالم الأخيرة.
و قد أصبحت ضربات الجزاء علماً له قواعده من أجل الوصول إلى أفضل أداء ممكن من جانب اللاعبين لهذه اللعبة. وقد نجحت ألمانيا التي لم تهزم في تاريخها بضربات الترجيح من نقطة الجزاء في الإطاحة بالأرجنتين في دور الثمانية من البطولة الأخيرة بهذه الضربات قبل أن تخرج من الدور قبل النهائي أمام إيطاليا.
و أطاحت البرتغال بإنجلترا بنفس الطريقة بعد أن أضاع اللاعبون الإنجليز ثلاث ضربات. وهذه هي المرة الخامسة التي تخرج فيها إنجلترا من البطولة العالمية بضربات الترجيح.
وقد قام الباحث في جامعة ليفربول بإنجلترا جون موريس بدراسة لقطات فيديو لكل ضربات الجزاء التي نفذها لاعبو المنتخب الإنجليزي منذ 1962 من أجل الوصول إلى صيغة تضمن التنفيذ المتقن لهذه اللعبة.
و تضمنت هذه المعادلة العلمية عدة عوامل منها وضع قدم منفذ الضربة وعدد الخطوات التي يخطوها حتى يضرب الكرة وسرعة الكرة عند ضربها.
يقول ديفيد لويس أستاذ الرياضيات الذي يرأس فريق الباحثين في هذه الدراسة إن الهدف منها أن نقول (للاعبين: الأمر ليس ضربة حظ. وإذا دخلت الكرة المرمى فهذا لأنك التزمت بالقواعد الصحيحة لتنفيذ الضربة).
ووفقاً للسيد لويس فإن عدد الخطوات المثالي قبل ضرب الكرة يتراوح بين أربع وست خطوات. فهذا يعطي اللاعب السرعة الصحيحة لتنفيذ الضربة، في حين أن الاستماع إلى نصائح المعلقين التلفزيونيين التي تقول إن السرعة يجب ان تتراوح بين 82 و95 خطوة في الثانية يعني زيادة فرص ضياع الضربة لأن دقة تصويب الكرة تتراجع كلما زادت سرعة اللاعب قبل التنفيذ.
وأضاف لويس الذي كان يتحدث عبر الهاتف من معمل جامعة ليفربول في إنجلترا أنه يجب (تصويب الكرة بالجزء الداخلي من الحذاء)، مشيرا إلى أن 75 في المئة من كل الضربات التي دخلت المرمى تم تنفيذها بهذه الطريقة.
أما تنفيذ الضربة بأي طريقة أخرى فيؤدي إلى تراجع احتمال دخولها المرمى إلى 25 في المئة في بعد الأحيان.
أما الزمن المناسب لتنفيذ الضربة فهو إما خلال ثلاث ثوانٍ حيث لا يكون حارس المرمى قد تمكن من تركيز اهتمامه أو بعد 13 ثانية عندما يكون التوتر قد بدأ يتسلل إلى عقل الحارس.
كما أن الانتظار حتى يبدأ حارس المرمى في التحرك قبل ضرب الكرة يمثل عاملاً رئيساً لكي تدخل الكرة المرمى، ولكن المبالغة في الانتظار يقلص فرصة تحقيق الهدف إلى النصف. والوقت المثالي هو 0.41 من الثانية بعد بدء تحرك الحارس. ويقول لويس إن هناك شيئاً مهماً جداً يجب تذكره وهو أن أي لعبة تتم بآذان صماء وأن الفوز هو النتيجة الوحيدة لتنفيذ الضربة.
ويقول ريتشارد جينسبورج المتخصص في علم النفس الرياضي في مستشفى ماساشوستيس العام وكلية الطب بجامعة هارفارد الأمريكية إن تنفيذ ضربة الجزاء عبارة عن معركة عقلية. وقد ألف جينسبورج أيضاً كتاباً تحت عنوان (ما هي اللعبة على أية حال؟) الذي يخاطب اللاعبين الذين يضطرون إلى أداء لعبة معينة في موقف ذي ضغط شديد كما هو الحال في تنفيذ ضربات الجزاء.
ويقول جينسبورج إن منفذ ضربة الجزاء لديه ميزة كبيرة على حارس المرمى. ويقول إن اللاعب لو تجاهل الضغط الذي يتعرض له فسوف يحرز الهدف حتى لو أغمض عينيه.
في الوقت نفسه فإن الضغط الذي يتعرض له وتحركات حارس المرمى تؤدي إلى تشتيت تركيز اللاعب.
وقبل أن يبدأ حارس مرمى المنتخب الألماني يانس ليمان في التصدي للاعبي الأرجنتين أثناء تنفيذ ضربات الترجيح من نقطة الجزاء في مباراة دور الثمانية في كأس العالم الأخيرة كان معه ورقة صغيرة كان ينظر إليها قبل تصديه لكل ضربة.
ورغم أن أحداً لم يعرف ما الذي كانت تضمه تلك الورقة الصغيرة فإن وسائل الإعلام الأوروبية ذكرت أنها كانت تحدد أسلوب كل لاعب أرجنتيني في تنفيذ ضربة الترجيح والاتجاه الذي يرسل الكرة فيه.
وقد تمكن ليمان من التصدي لضربتي ترجيح وصعد بألمانيا إلى الدور قبل النهائي على حساب الأرجنتين. ويقول أندرياس هيرين أحد خبراء كرة القدم أنه ربما نكتشف في نهاية المطاف أن هذه الورقة كانت بيضاء تماماً. وأضاف أنه باعتباره حارس مرمى سابق يؤكد أن ضربة الترجيح من نقطة الجزاء عبارة عن معركة نفسية بين اللاعب وحارس المرمى.
ويقول جينسبورج إنه وباعتباره متخصصاً في علم النفس الرياضي يحاول دائماً أن يحمي اللاعبين من تسلل الشعور بالهزيمة إليهم قبل تنفيذ ضربة الجزاء.
ويضيف: نحن نحاول فصل اللاعب في اللحظة التي ينفذ فيها ضربة الترجيح عن كل شيء قبل ذلك بحيث يتجه تركيزه كله إلى تلك اللحظة. ويضيف إنه يسألهم عن عدد الأنفاس التي يأخذونها قبل تنفيذ الضربة؟ وهل يقومون بإعادة شد رباط الحذاء؟ والمطلوب أن يكون اللاعب قادراً على التعامل مع تحركات حارس المرمى.
والمشكلة التي تواجه فرق كرة القدم هي ضرورة تدريب اللاعبين على تنفيذ ضربات الجزاء في وجود جمهور كثيف حتى يعتادوا اجواء المباريات الفعلية.
ويقول مارك هوبر المتحدث باسم اتحاد كرة القدم الإنجليزي إنهم بالفعل يقومون بذلك مع فرق الشباب. ولكنه من المستحيل توفير أجواء المباريات الرسمية الحقيقية أثناء التدريب أو حتى أثناء المباريات الودية. ويقترح جينسبورج خوض مباراة واحدة أسبوعياً حيث يحتشد عدد كبير من الجماهير لمحاولة تشتيت تركيز اللاعب الذي ينفذ ضربات الجزاء.
ولكن بعض عشاق الساحرة المستديرة لا يقتنعون بأن تنفيذ ضربات الترجيح شيء يمكن تعلمه. يقول ساندور هاجنال لاعب كرة قدم هاوٍ من المجر ويدرب حالياً إحدى الفرق في الولايات المتحدة أنه ربما تستطيع تعلم نصف مهارات تنفيذ ضربة الجزاء ولكن النصف الثاني يظل مرتبطاً باللاعب وبقدرته على التعامل مع الضغط.
أما هيكتور نورييجا وهو مشجع لكرة القدم من سلوفينيا ويدير مطعماً يونانياً في مدينة بوسطن الأمريكية فيرى أنه لا يمكن تعلم كيفيفة تنفذ ضربات الجزاء. ويضيف أنه يسمع هذا الكلام مرات ومرات ولكن الحقيقة تظل أن تلك اللعبة التي تبدو بسيطة تجسد كل ما تمثله كرة القدم من إثارة وغموض فلا يمكن توقع نتيجتها أبداً.
وإذا كان روبيرتو باجيو قد أضاع ضربة الجزاء في نهائي كأس العالم عام 1994 فلماذا لا يضيعها أي لاعب آخر؟