Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

اللقاء الديمقراطي مع السيد كبرئيل موشيه كورية

ولد كبرئيل موشي كورية سنة 1962م. في مدينة القامشلي شمال سوريا. مهنته - مهندس زراعي، نشاطه السياسي – عضو المكتب السياسي في المنظمة الآثورية الديمقراطية، وبنفس الوقت هو أديب وكاتب عضو في رابطة نصيبين للأدباء والكتاب السريان.

ألتقت "نشرة اللقاء" بالأستاذ كورية، ولم نوفر جهدا لإمطاره بالأسئلة، وصبر مشكورا ورد على أسئلتنا بصراحته وشجاعته المعهودة، والتي نأمل ألا تكون سببا لإبعاده عمن يحب ومكان إقامته ليبقى دائما صريحا وحرا طليقا.

فإلى تفاصيل الحوار:



· كان لبنان ساحة صراع تصفية حسابات خارجية.
· مفهوم الانتصار في الذهنية العربية والإسلامية يستند لمعايير لا مثيل لها لدى الشعوب الأخرى، فكثيراً ما تم تصوير الهزائم على أنها انتصارات لمجرد بقاء القائد أو الأمين العام حياً وباقياً في منصبه.
· أي دور إقليمي نتوخى والمواطن السوري محروم من الحرية ووضعه المعاشي متردي، ويبحث عن فرص للعمل في لبنان والأردن واليمن وهي دول مواردها أقل من سوريا بكثير.
· إن فتح جبهة الجولان في مثل هذه الظروف يعني انتحاراً وهزيمة . التهرب من الاعتراف بلبنانية مزارع شبعا، الغاية منه ذريعة لاستمرار المقاومة.
· الدعوات لفتح جبهة الجولان تفتقر إلى المنطق والحكمة،
· معظم التنظيمات الإسلامية في المنطقة، عندها قدرة هائلة على الحشد والتعبئة وراء شعارات دينية براقة لكن لا تصلح أن تكون برنامجاً للحكم.
· نجحت المعارضة بالتعاون مع المنظمة الآثورية الديمقراطية والأحزاب الكردية في تخفيف التوتر والاحتقان الناجم عن أحداث القامشلي 2004 من خلال إرساء قاعدة للتفاهم والحوار بين مختلف المكونات الوطنية أثمرت نتائج إيجابية لا حقاً.
· الهدف هو عملية التغيير الديمقراطي السلمي ورفض التغيير الآتي من الخارج على ظهر الدبابات.
· أن استمرار النظام بسياساته الراهنة سيؤدي إلى دفع البلاد نحو المجهول
· نحن ننظر إلى سوريا على أنها وطن نهائي لجميع أبنائها، بينما الأخوان يعتبرونها ولاية من ولايات الأمة الإسلامية
· إن الشعب هو الذي يحدد من هو البديل الأنسب للحكم من خلال صناديق الانتخاب.
· ما يجمع المعارضة هو أكثر بكثير مما يفرقها، ويأتي في مقدمة ذلك الرغبة في تحقيق الانتقال الديمقراطي وبناء وطن عصري ومزدهر لكل أبنائه.
· المعارضة ما زالت نخبوية وعجزت عن تكوين قاعدة شعبية بسبب التضييق من قبل السلطة، إضافة لافتقارها للشخصيات الكارزمية.
· بعض شخصيات المعارضة بالرغم من عدم إتاحة الفرصة أمامها للتعبير عن نفسها فهي معروفة للرأي العام أكثر من العديد من الوزراء ورؤساء أحزاب الجبهة وأعضاء القيادة القطرية.
· فإن الكثير من السوريين هم معارضون لكنهم آثروا الصمت مخافة التبعات والمساءلة.
· الملاحظ أن هذا المحور اقتصر المحور على الملف الكردي وتحاشى أي ذكر للأقليات القومية الأخرى في سوريا خصوصاً الشعب الآشوري (السرياني).
· إن استمرار التجاهل لوجود الشعب الآشوري (السرياني) من قبل بعض أحزاب ورموز المعارضة بالرغم من التنبيه المتكرر يثير في الحقيقة أكثر من علامة استفهام.
· في مقابلتكم الأخيرة مع السيد حسن عبد العظيم نجد أنه أتى على ذكر جميع القوى المنضوية في إعلان دمشق ثلاث مرات ولم يأتِ على ذكر المنظمة الآثورية الديمقراطية ولو مرة واحدة
· إيجاد حل عادل لمسألة الأقليات على المستوى الوطني وليس وفق المقياس العددي لهذه الأقلية أو تلك.
· المجلس الوطني الكردستاني ليس بديلاً عن إعلان دمشق ومن حق الأكراد اختيار الأطر المناسبة لحركتهم، ولكن حسب معلوماتي فإن هذا المجلس لم يحظَ بإجماع الحركة الكردية وهناك انقسام حوله.
· الفساد هو إحدى السمات الملازمة للأنظمة الشمولية، ولا تتم مكافحته بطريقة انتقائية واستعراضية،
· فتح ملفات عبد الحليم خدام وأبنائه مطلوب وضروري، لكن يجب فتح بقية الملفات.
· مكافحة الفساد في الحقيقة هو عمل كيدي وعقابي لمن ضعف ولاؤه أو تجاوز حدوده، وإنذار لآخرين كي يثبتوا ولاءهم.
· لا أحد يتجرأ على اتهام مسؤول ما بالفساد، فكلنا رأينا كيف عوقب ولوحق النائب البرلماني رياض سيف لمجرد اقترابه من ملف الخلوي.
· لا معنى لصدور قانون أحزاب إذا لم يلغَ الاحتكار السياسي ويسمح بالتعددية الحزبية وتداول السلطة،
· الهدف من قانون الأحزاب تكريس لصيغة الجبهة الوطنية التقدمية من خلال ضم بعض المنتظرين لدخول هذه اللجنة كتعبير عن التعددية التي يتحدث عنها النظام. لذل فإن أي حديث عن انتخابات تعددية رئاسية يعتبر مضيعة للوقت وفي غير مكانه.
· إن الحديث عن ترشح مسيحي للرئاسة يعتبر نوعاً من الفانتازيا الساخرة والمؤلمة في آن واحد.
· الكاتب الأرمني فاهان كيراكوس عندما رشح نفسه العام الماضي للرئاسة على صفحات الانترنيت (بالتأكيد لم يكن جدياً في ترشيحه) فكان أن تم نقل عمله من القامشلي إلى الرقة عقاباً له على تجرؤه هذا.
· إن المسيحي حتى لو كان بعثياً وحتى لو توشّح بالعروبة فإن عروبته أيضاً ستظل منقوصة لأنه ببساطة ليس مسلماً،
· المادة الثالثة من الدستور تنص للأسف على أن يكون رئيس الجمهورية مسلماً، ندرك تماماً أنه في ظل الديمقراطية العددية أن فرص المسيحي أو الكردي هي أقل من الآخرين بالوصول ليس إلى منصب رئيس الجمهورية فقط وإنما أي منصب آخر. إذاً فما معنى وجود المادة الثالثة في الدستور والتي تجرح مشاعر المسحيين وتنتقص من مواطنيتهم.
· نؤكد على ضرورة إلغاء المادة الثامنة من الدستور لأنها تكرس الاحتكار، وإلغاء المادة الثالثة من الدستور التي تميز بين المواطنين على أساس ديني.
· نؤيد إقامة نظام ديمقراطي علماني يوفر فرصاً متكافئة لجميع المواطنين.


نص الحوار:

القسم الأول

س1 ـ يتخوف بعض الأكراد وحتى العرب من أن لكم أهداف خفية تتمثل بإعادة الوجه الآرامي لسوريا فهل هذا ممكناً؟

ج1 ت هذه المخاوف تبدو غير جدية، وتنطوي على قدر كبير من الافتعال وعدم الواقعية، ومن المثير للاستغراب أن يشطح الخيال بالبعض لطرح مثل هذه الوساوس المثيرة للسخرية. وإذا كان ثمة مبرر للخوف من قبل طرف ما، فهو الطرف الآشوري السرياني (المسيحي) الذي عانى الأمرّين من عمليات التعريب المستمرة، ومؤخراً برزت أصوات (وإن كانت قليلة) تدعو للتكريد كردّ انفعالي على حملات التعريب التي طالت الأكراد أنفسهم. ليطمئن الجميع فنحن لا نملك أجندة خفية تتضمن أهدافاً تتعارض مع طموحات شركائنا في الوطن، ولا نملك جيوشاً جرارة لتنفيذها، كما لسنا رقماً في حسابات الدول الكبرى مثل غيرنا. وكل ما نطالب به هو الحفاظ على وجودنا في وطننا الذي لم نعرف وطناً غيره، وأن نصون ثقافتنا ولغتنا السريانية التي هي وريثة الآرامية، وأن يتم ضمان حقوقنا القومية دستورياً في إطار وحدة الدولة والمجتمع، وبظل هوية وطنية سورية جامعة، ومنفتحة قادرة على استيعاب كل الحقب التاريخية والحضارية التي مرت على سوريا وشكلت شخصيتها، وكانت الآرامية واحدة من أهمها وأخصبها. هوية وطنية قادرة على احتضان كل المكونات والثقافات والديانات التي تعيش في سوريا اليوم عربية وآشورية (سريانية) وكردية وأرمنية وغيرها، مسلمين ومسيحيين ويزيد ويهود على أساس الشراكة الكاملة في الوطن، ودون تمييز أو إقصاء لأحد.

س2 ـ ما الفرق بين الجزية التي دفعتموها في وقت مضى لبيت المال، والضريبة التي قد تدفعونها فيما لو تسلّم التيار الإسلامي الحكم في سوريا؟

ج2 ـ لقد عاش المسيحيون في المشرق العربي كرعايا في ظل الدولة الإسلامية، وباستثناء بعض الفترات، فقد تعرضوا للظلم والقهر، وكانت الأداة الرئيسية لممارسة ذلك هي الجزية كوسيلة لملء بيت المال، أو دفعهم للتخلي عن دينهم واعتناق الإسلام، وبلغ الاضطهاد ذروته في أواخر عهد السلطنة العثمانية باعتبارها آخر نموذج للخلافة الإسلامية، إذ اقترفت الحكومة الاتحادية أثناء الحرب العالمية الأولى إبادة جماعية بحق المسيحيين الكفار من الأرمن والآشوريين (السريان) واليونانيين، وسقط من أبناء شعبنا الآشوري (السرياني) ما يزيد على نصف مليون إنسان وهجّر وشرّد الباقي. لكن بالرغم من المظالم التي لحقت بالمسيحيين على مدى قرون طويلة، وبقاء بعض حقوقهم المدنية منتقصة في بعض الدول الناشئة في أعقاب الحرب العالمية الأولى، فإن الوجود المسيحي بقي مستمراً بأعداد معقولة في دول المشرق. بيد أنه في العقود الأخيرة شهد انحساراً كبيراً بسبب قيام نظم حكم إسلامية، وتنامي التيارات الأصولية المتطرفة والتكفيرية. ففي إيران ومنذ قيام الجمهورية الإسلامية هاجر أكثر من 200 ألف إنسان من شعبنا ولم يبقَ سوى 30 ألف يعيشون في ظروف صعبة، وفي فلسطين مهد المسيح انحسر الوجود المسيحي لحدوده الدنيا لوقوعه ضحية الصراع بين الأصوليتين اليهودي والإسلامية. وفي العراق فإن التقارير تشير إلى مغادرة أكثر من نصف مليون من المسيحيين بسبب أعمال القتل والخطف والسلب، وتفجير الكنائس التي ترتكبها ميليشيات التنظيمات التكفيرية بشكل منهجي ومدروس. ولم يبقَ سوى 600 ألف مسيحي جلّهم من شعبنا والقسم الأكبر منهم هجّر من مدنه وقراه. وإذا استمر التهجير بهذه الوتيرة سنجد في المستقبل القريب بلداناً نظيفة وخالية من الوجود المسيحي كما خلت من الوجود اليهودي. أما في سوريا فهناك مخاوف حقيقية من انتشار التيار الأصولي التكفيري والذي يشكل خطراً حتى على الإسلام المستنير والمعتدل، وتتعزز يوماً بعد يوم مظاهر أسلمة المجتمع برعاية من النظام نفسه. وعلى العموم فنحن لا نثق بأية دولة دينية مهما كان شكلها، ويشاطرنا في هذا الكثير من مكونات المجتمع السوري، إذ ليس من المعقول استبدال الاحتكار القومي أو الحزبي باحتكار ديني. ونعتقد أن ما يناسب سوريا هو قيام نظام ديمقراطي علماني يقر بالتنوع القومي والديني والثقافي القائم في المجتمع.

س3 ـ هناك دعوات وأصوات لطرد العلويين من دمشق وإعادتهم إلى الجبال، فما مدى إمكانية تعليب المسيحيين في علب سردين وإرسالهم إلى أوربا؟ وللعلم هذا ليس مطلب الاخوان المسلمين، بل من يقول أنه غير ذلك، فبماذا تصفون وتفسرون هذه الأصوات وهل يمكن اعتبارها ظاهرة؟

ج3 ـ إن من يطلق مثل هذه الدعوات هو مجرد من الإحساس الوطني ويجهل تاريخ سوريا القائم على التسامح والتعايش والتآخي بين المكونات الوطنية، ويهدف من وراء دعوته هذه دفع البلاد نحو الفتنة، وتمزيق النسيج الوطني الذي نعتبره خطاً أحمر يجب عدم المساس به أيّاً كانت المبررات. فالعلويون هم جزء عزيز وأساسي وفاعل من نسيجنا الوطني، وساهموا مع غيرهم في تحقيق الاستقلال وبناء الوطن. ودمشق هي عاصمة البلاد وليست مطوّبة باسم هذا الطرف أو ذاك ومن حق العلوي والسني والمسيحي والعربي والكردي والآشوري والأرمني أن يكون في دمشق والسويداء وحلب واللاذقية والجزيرة وفي كل مدينة أو قرية سورية. إننا نؤكد على ضرورة الإنماء المتوازن لكل المحافظات السورية، والحفاظ على خصوصياتها الثقافية والقومية والدينية دون إجراء تحولات ديمغرافية قسرية كما جرى في مسألة الحزام العربي في الجزيرة لأسباب شوفينية محض، وتضرر منه الأكراد والآشوريين (السريان) والكثير من العرب. إننا لا نتطلع إلى العيش في غيتوات أو منعزلات تحوطها الجدران القومية والدينية والطائفية، بل نطمح إلى بناء مجتمع عصري منفتح يتفاعل فيه الجميع مع الجميع بما يعزز الانصهار الوطني وصولاً لوحدة وطنية حقيقية. وأعتقد أن مثل هذه الدعوات تستمد أسبابها من طبيعة النظام الشمولي الذي عمّق الانقسامات العمودية والأفقية في صفوف المجتمع ضماناً لاستمراره، وبعضها ناجم عن كبت الحريات، وضيق فسحة المشاركة في الحياة العامة، كل هذا خلق حالة من التوتر والاحتقان، تلقى متنفساً بمثل هذه الدعوات التي يجب الوقوف بوجهها من قبل الجميع لأنها لن تجرّ سوى الخراب على البلاد. أما هجرة المسيحيين أو تهجيرهم فقد بدأت منذ قيام دولة الوحدة بين سوريا ومصر عندما أغلقت مدارسهم وفرض قيود كبيرة عليهم خصوصاً في الجزيرة التي هاجر منها حوالي 250 ألف نسمة من أبناء شعبنا منذ ذلك الوقت إلى اليوم. ولا استغرب دعوات تهجير المسيحيين المستندة لخلفية دينية متطرفة تستمد فتواها من فكر بن لادن والظواهري والزرقاوي، وهي تنظر للوجود المسيحي كامتداد للغرب الصليبي الكافر. وما يثير القلق أن هذا التيار التكفيري الظلامي في ازدياد وتوسع. من هنا فإن مسؤولية الحفاظ على الوجود المسيحي لا تقع على عاتق المسيحيين وحدهم بل ينبغي على الحكومة والمعارضة تحمل مسؤولياتهم، في تعزيز الوجود المسيحي واحتضانه، ومنع أية تجاوزات تقع على المسيحيين قد تدفع بهم إلى العزوف والانكفاء أو إلى الهجرة، والضمانة لتحقيق ذلك هو قيام نظام ديمقراطي علماني.

س4 ـ ما هو سبب ما نسمع من تعارض أو عدم توافق بين المطلب الآشوري والكردي في الجزيرة حول الأولويات التاريخية والمطالب السياسية؟

ج 4 ـ ما يميز شعوب هذه المنطقة هو أنها تتصارع إمّا حول الماضي أو حول الآخرة، وفي الحالتين ثمة إرادة لاحتكار كل شيء لهذا الطرف أو ذاك. وهذا الأمر يبرز بشكل واضح لدى الشعوب الضعيفة (أو الأقليات) المحرومة من حقوقها، فتهرب إلى التاريخ تثبيتاً لحق يدعم مشروعها وتطلعاتها. ولكل طرف حقائقه ومعطياته التاريخية، لكن هذه الحقائق في كثير من الأحيان لا قيمة لها وتتهاوى أمام حقائق ومعطيات الواقع الراهن. وببساطة فإن للآشوريين (السريان) والأكراد قراءتين مختلفتين للتاريخ، وهذا طبيعي باعتبار أن منطقة الجزيرة عريقة في قدمها وعاشت عليها شعوب كثيرة قبل مجيء العرب.

فالآشوريين (السريان) يعتبرون أن أجدادهم الآشوريين والبابليين والآراميين كانوا من أقدم شعوبها والأكراد أيضاً يعتبرون أن الميتانيين والميديين والحوريين الذين هم أجدادهم هم من الشعوب التي سكنت المنطقة منذ القدم. إن هذه الحقيقة هي ملك التاريخ ولا ينكرها أحد، لكنها لا تبرر إنكار أصالة هذا الشعب أو ذاك، ولا تبرر تغيير تسميتها من قبل فريق من الأكراد طالما هناك قناعة وإرادة بالعيش كشركاء في وطن واحد خصوصاً وأن مجتمع الجزيرة يختزل صورة التنوع القائم في سوريا قومياً ودينياً وثقافياً.

على العموم فإن قضايا التاريخ لا يمكنها أن تلغي الواقع المعاش أو الاشتراك في تفاصيل الحياة اليومية التي تبرهن يوماً بعد يوم أن هناك إرادة لدى الشعبين ببناء علاقة أخوية قوية ومستقرة بالشراكة مع باقي المكونات الوطنية. علاقة تتجه نحو المستقبل وبعيداً عن الماضي وتداعياته، والسبيل إلى ذلك هو الحوار والانفتاح والمصارحة حول كل ما يخدم قيم العيش المشترك ويعزز التلاحم الوطني. أما ما يخص المطالب السياسية فلا يوجد تعارض إذ ندعم مطالبهم حول نيل حقوقهم القومية المشروعة كما يدعمون مطالبنا القومية في الإطار الوطني الذي تحدثنا عنه سابقاً والذي لا يتحقق إلا من خلال حلّ ديمقراطي عادل للمسألة القومية في سوريا.

س5 ـ هل تعتقدون أن الحكم الذاتي للأكراد أو الفيدرالية كما يسعى بعض الأكراد لتحقيقه، يضر بشكل أو بآخر بالشعب الآشوري وعموم المسيحيين في الجزيرة؟

ج5 ـ قلنا أن الجزيرة هي مجتمع قائم على التنوع، وهناك تداخل وتشابك بين كل المكونات. وأعتقد أن هذا الطرح سابق لأوانه، ويمكن أن يثير مشاكل أكثر مما يستجلب حلولاً، لا سيما وأن حلّ مسألة الأقليات لم تأخذ بعد مداها من الحوار والنقاش على المستوى الوطني. وعندما يحصل توافق بين جميع الشركاء في الوطن على صيغة ما، فلا أعتقد أن أحداً سيتضرر منها وبينهم شعبنا.

س6 ـ يزعم بعض الأكراد أن السريان كانوا دائماً ذراع السلطة في منطقة الجزيرة، فهل يعزى لهذا انعدام الثقة على مر العقود؟

ج6 ـ ذكرت في البداية أن الآشوريين (السريان) استجابوا لعملية التعريب أكثر من غيرهم بسبب التقارب اللغوي وعوامل أخرى. والبعض من هؤلاء زايد في العروبة خصوصاً بعد استيلاء حزب البعث على الحكم عام 1963، إذ انخرط الكثيرين في صفوفه وربطوا أنفسهم بعجلة الامتيازات والمصالح التي وفرها لمنتسبيه، وهؤلاء أساءوا لشعبنا أكثر مما أساءوا للأكراد تأكيداً لولائهم وتعزيزاً لنفوذهم. لكن ذلك لم يقتصر على شعبنا فقط، فهناك الكثير من الأكراد وغيرهم سلكوا نفس المسلك مع بني قومهم ومع غيرهم. بالمقابل هناك الكثير من الشيوعيين السريان دافعوا عن القضية الكردية أكثر مما دافعوا عن قضيتهم. لهذا فإن هذه المقولة ليست صحيحة ولم تلعب أي دور في بناء الثقة أو زعزعتها بين الشعبين.

س7 ـ ما هي حقيقة الوجود العددي للكلدو آشوريين السريان في سوريا، وما سبب انقراضهم؟

ج7 ـ لا توجد إحصاءات دقيقة لأعداد شعبنا في سوريا، لكن تقديراتنا تشير إلى أن العدد يتراوح ما بين (400 ـ 500) ألف نسمة يتبعون الكنائس التالية: 1 ـ الكنيسة السريانية الأرثوذكسية. 2 ـ الكنيسة السريانية الكاثوليكية. 3 ـ الكنيسة الشرقية الآشورية. 4 ـ الكنيسة الكلدانية. 5 ـ كنيسة المشرق القديمة. 6 ـ الكنيسة السريانية المارونية. وغالبيتهم ما زالوا يحتفظون باللغة السريانية والبعض فقد خصائصه اللغوية وتعرّب، طبعاً يستثنى من ذلك طائفتا الروم الأرثوذكس والكاثوليك الذين كان يطلق عليهم فيما مضى اسم السريان الملكيين ومعظمهم تعرّب وهم يشكلون القسم الأكبر من مسيحيي سوريا الذين تبلغ نسبتهم حوالي 12% من مجموع السكان.

وهذا الشعب لم ينقرض بل تناقص عددها قياساً إلى باقي المكونات حيث نسبة الزيادة السكانية لديه هي أقل لأسباب دينية وحضارية، يضاف إلى ذلك عوامل أخرى سياسية واقتصادية واجتماعية دفعت بأعداد كبيرة من أبنائه للهجرة خارج البلاد حيث يوجد ما يوازي هذا العدد أو أكثر في بلدان الاغتراب.

Opinions