بالله عليكم .. لاتقطفوا .. زهور العراق
جمال الحدائق بزهورها .. والجنائن بأزهارهاورياحينها لتعكس البهاء وتنشر العبير الذي يبعث الراحة والسرور في كل النفوس , وهل في الدنيا كلها وفي البشر من يحب الزهور ويعشق الورود ويهوى عطرها وجمالها وشذاها ؟وعراقنا الحبيب .. بلدنا الغالي وأرضنا المعطاء .. حديقتنا الكبيرة وجنتنا البديعة وزهورها وورودها هم أبناء شعبنا المسيحي بكل قومياتهم من كلدان وسريان وآشوريون وأرمن والذين سكنوا هذه البلاد وعاشوا على هذه الأرض منذ آلاف السنين , وكان لهم الفضل الأكبر في أنشاء أقدم حضارات العالم كسومر وبابل وآشور وأكد .. وهم سكان البلاد الأصليين بكل الدلائل والقرائن التاريخية التي لاتقبل الشك , والتي مازالت آثار حضاراتهم باقية الى يومنا هذا شاهدا ًعلى أنجازاتهم وماقدموه للبشرية في كل المجالات .
وخلال كل مراحل التاريخ التي مرت على بلدنا (العراق ) عانى أبناء شعبنا الغزوات والأجتياحات ودافعوا عن أرضهم ضد الغزاة والطامعين بكل شجاعة وبسالة .. والشواهد على ذلك كثيرة وعديدة ,وقدموا التضحيات الجسام وقاوموا الانظمة الدكتاتورية التي توالت على العراق من أجل نيل حقوقهم في الحرية والكرامة حالهم حال باقي أخوانهم وأبناء وطنهم الذين رفضوا الظلم والأستبداد بأشكاله .
وبعد سقوط النظام السابق عام 2003 وتصاعد موجة العنف الطائفية والتي بلغت حدا ً يهدد مستقبل البلد ككل عانت الأقليات ومنها أبناء شعبنا المسيحي من كل أشكال العنف كالقتل والخطف والتهجير والتهميش ولا لشيء ألا لانهم اناس مسالمون .. طيبون خيرون ومحبون للحياة ومتفتحون ومثقفون وبكل معنى الكلمة , انهم قا ًوحقيقة الزهور والورود التي تزين حديقة العراق وتعطيها رونقها وتنوعها الزاهي والجميل ..
تصوروا .. تخيلوا .. حديقة بلا زهور وجنينة بلا ورود أفهل ستكون حديقة ؟ وأن كانت .. فستكون جامدة وموحشة بلا روح .. وبلا فتنة أو جمال !
تخيلوا .. سماءً بلا نجوم .. وأقمار أفهل ستكون سماء ؟ وأن كانت .. فستكون كئيبة .. قاتمة .. داكنة تقبض النفوس .. وتثقل الصدور ..
تصوروا .. ربيعاً بلا خضرة .. بلا براعم .. بلا دفء وبلا عصافير ! أفهل سيكون ربيعاً ؟ وأن كان فسيكون شاحباً .. خالياً من أي بهجة أو حياة ..
واذ نقول هذا فأننا لانبالغ في الكلام أبدا ً , فكم من كفاءات وكم من كبار الشخصيات وكم من مناصب ومستويات رفيعة شغلها أبناء شعبنا وفي كل المجالات سياسية وثقافية وعلمية ورياضية وفنية وكان لهم الدور البارز في الكثير منها .. وأبدعوا في مجالاتهم واختصاصاتهم والامثلة على ذلك كثيرة جداً وبالتالي .. كيف نتخيل العراق بدون المسيحيين ؟ وبالتالي نناشد الكل ونقول رفقاً ً.. رفقا ً ثم رفقا ً ..
بالله عليكم لاتقطفوا زهور العراق وتشوهوا منظر حديقتنا الجميل , لاتزرعوا الاشواك بحقدكم وغلكم اللامنتهي ! لاتزرعوا الطائفية المقيتة التي تدمر وتحطم كل القيم الانسانية وتمنع الأعتراف بالآخر وحقوقه وتهمش الأقليات وتحرمها حق العيش على أرض الآباء والأجداد .. لاتقطفوا زهور العراق وتخنقوا الأبتسامة وتقتلوا الآمال لتزرعوا الحزن والاسى والتشرذم والضياع .. لاتقطفوا زهور العراق وتجعلوا حديقتنا موحشة ومقفرة لاحياة فيها, لاتقطفوا زهور العراق وتنشروا الحقد والكراهية لاتقطفوا زهور العراق وتزرعوا الشوك الخانق والجارح فشتان بين الورد والشوك وشتان بين الكره والمحبة .. وشتان بين الضغينة والتسامح .. وشتان بين الخير والشر ..
لاتقطفوا زهور العراق لا وألف لا .. فالمسيحيون هم فعلا ً الزهور والورود التي تزين حديقة العراق الزاهية والمتنوعة والبديعة .. هم الأصلاء وهم الأمناء وهم الاساس بشهادات التاريخ وعبرالأجيال وهم زينة وزخرفة الطيف العراقي البديع بكل قومياته ومذاهبه ..
فمن ذا الذي يقف وراء هذا ؟ من ذا الذي تسول له نفسه أن يعبث بزهور العراق ليقطفها ويسحقها ؟
بدل أن يرعاها ويحرسها لتشدو بالعبير والجمال ! من ذا الذي يطاوعه قلبه ويسمح له ضميره أن كان له ضمير بهكذا أفعال ؟ ألا أذا كا بلا قلب وبلا ضمير أو حس أنساني ..
بالله عليكم دعوا زهور العراق لتنمو وتتفتح وتنشر العبير وتبهج الناظر لتزدهي النفوس وتتصافى لقلوب .. وتتعايش كل الأطياف في حديقتنا الرائعة ( العراق ) .
18 / 1 / 2010 / تركيا