Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

رحلة حج إلى أبرشيات كنيسة المشرق المنسية " الجزء الثالث "

اليوم الرابع: الخميس 15 حزيران 2006

استيقظنا باكراً وبعد أن تناولنا طعام الفطور، ودعنا المطران صموئيل أقطاش السامي الاحترام، شاكرين محبته وحسن الضيافة خلال إقامتنا في ديره العامر، وتوجهنا إلى مدينة ميافرقين ويدعوها المشارقة ميفرقط، هذه المدينة العريقة المعروفة في تاريخ كنيسة المشرق بـ مدينة الشهداء، بسبب ما كانت تحتوي من عظام شهداء كنيسة المشرق. والتي نقلها أسقفها المشهور ماروثا الميافرقيني [1] بعربات فخمة من بلاد ما بين النهرين إلى مدينته في بداية القرن الخامس، وشيد لهذه الغاية كنائس جميلة لتوضع فيها هذه العظام، وتحفظ كذخائر ثمينة. تعاقبت على المدينة تقلبت كثيرة عبر التاريخ، ومع ذلك حافظة على مظاهر العز والرفاهية إلى جوار أطلالها المندرسة، ويعود الفضل في ذلك إلى سكانها المسيحيين.

وكانت ميافرقين منذ بداية المسيحية مركز أسقفية تابعة لمطرابوليطية نصيبين المشرقية، ثم أضحت مطرانية يتبعها كرسي آمد الأسقفي. وفي القرن السابع عشر ( سنة 1650) نجد حضور كثيف للمشارقة في ميافرقين، " يضم 3000 بيت يخدمهم مطران يعاونه أسقفان وعدد كافي من الكهنة والشمامسة، ولهم شرق المدينة على مسافة أربع ساعات دير مكرس على اسم الأثني عشر رسولاً ومار يوحنا المعمذان فيه 220 راهباً عدا الخدم، ولهم أوقاف كثيرة ومدرسة لتعليم الكهنة والمؤمنين. " [2]

وفي العصور الأخيرة أضحت رعية تتبع أبرشية آمد "ديار بكر". وقبيل المذابح كان في المدينة 110 عائلات كلدانية حسب إحصائية الأب تفنكجي سنة 1913، أما الأب ريتوري فيذكر أنه في سنة 1915 كان في المدينة 300 عائلة كلدانية.

وكان للكلدان فيها كنيسة جميلة مكرسة على اسم مار يوسف البتول، قبتها مزينة بالفسيفساء شيدها المطران جرجيس عبد يشوع خياط [3] عندما كان مطراناً على آمد ( 1872 _ 1894)، وللرعية مدرستان واحدة للبنين وأخرى للبنات. وكان يخدم الرعية الأب حنا ملوس [4]، يساعده سبعة شمامسة.

وإلى الجنوب الغربي من المدينة قرية زيزي ويقال لها أيضاً زيري يعيش فيها 20 عائلة كلدانية، ولهم فيها كنيسة على اسم انتقال العذراء مريم، يخدمهم الأب سركيس الراهب من الرهبنة الأنطونية الهرمزدية. وخلال المذابح ألقي القبض على جميع كلدان ميافرقين وزيزي وسيقوا إلى قرية مير عليا القريبة، وعندما علموا بما ينتظرهم قام الراهب سركيس وخطب فيهم مشجعاً لتحمل الصعوبات قائلاً: " جئنا هنا لنموت من أجل المسيح، لا كمجرمين كما يدعي السفاحين، بل كخراف وديعة تحب راعيها يسوع. وأعلموا أننا منتصرون لأننا سننال المجد السماوي ". وما أن انتهى من كلامه حتى رموهم جميعاً بالرصاص، وألقيت جثثهم في وادي ودحرجوا عليها الحجارة حتى لا يفلت أحد منهم. ويقول الأب طيمثاوس فضلي أحدى كهنة آمد الكلدان، أنه زار مكان استشهادهم سنة 1920 ورأى ذلك الوادي المملوء عظام الشهداء.

أما قرية بوشاط الواقعة غرب ميافرقين مسافة 8 كم، فكان فيها 60 عائلة كلدانية، ولهم فيها كنيسة على اسم مار توما الرسول، يخدمهم الأب كبرئيل المنحدر من مدينة سعرت، وقد توفي سنة 1915 قبل بدء المذابح. ومع بدأ المذابح ألقي القبض على سكان القرية وسيقوا جميعاً للذبح، ولم ينجوا منهم سوى 110 نسمة، وقد أخذهم أحد زعماء المنطقة المدعو محرم بك إلى قريته وأجبرهم على اعتناق الإسلام.

وبعد هدوء العاصفة سنة 1919 أرسل مار سليمان صباغ مطران آمد للكلدان الأب طيمثاوس فضلي إلى المنطقة للإطلاع على ما تبقى هناك. وخلال لقائه بأبناء قرية بوشاط حثهم على العودة إلى المسيحية، فقبلوا دعوته فرحين، إلا 30 نسمة منهم بقوا على الإسلام. أما العائدين إلى المسيحية فقد هجروا قبل سنة 1930 إلى سوريا وسكنوا مدينة القامشلي.

واستمر الأب فضله في مهمته في المنطقة باحثاً عن خراف الرب المخطوفة من قبل الذئاب، واستطاع حتى سنة 1928 أن يعيد حوالي 500 نسمة إلى حظيرة الرب من جميع الطوائف، وبسبب أعماله هدد بالقتل في ميافرقين حيث هجم عليه الأشرار، لكنه نجا بأعجوبة وعاد إلى آمد. وبقي الأب فضلي الكاهن الوحيد الذي يخدم نفوس المؤمنين في آمد حتى توفي سنة 1951، وبوفاته لم يبقى كهنة في هذه الأبرشية العريقة.

توقفنا في مدينة ميافرقين والتي لم يبقى فيها أي أثر مسيحي يذكر، كل شيء دمر وأزيل. زرنا سور المدينة الشهير ودخلنا من أحد أبوابه، ومن فوق السور تمتعنا بروية المدينة الجميلة، ثم غادرنا المدينة بين الذكرى والحسرة متوجهين نحو مدينة ديار بكر.

تعتبر مدينة آمد من مدن ما بين النهريين العريقة بالقدم، دخلت في مملكة الآشوريين فالماديين فالفرس فالمكدونيين فالبرثة والرومان. وكان موقعها الهام سبباً للصراع بين مملكتي الفرس والرومان، وقد أحاطها قسطندينوس سنة 297 م بأسوار ضخمة من الحجر البازيلتي الأسود، وجعل له 72 برجاً للمراقبة وأربعة أبواب هي: باب الرها وباب ماردين وباب خربوط وباب الأرمن. وعندما فتحها العرب سنة 934 دعيت ديار بكر، واستولى عليها العثمانيون سنة 1516 ودعوها قرا آمد. عرفت آمد المسيحية منذ القرون الأولى، وينسب التقليد تبشيرها إلى الرسولين توما [5] وتداوس [6]، وفي القرن السادس كان فيها أسقفية مشرقية تتبع كرسي نصيبين المطرابوليطي، ثم أضحت تابعة لكرسي ميافرقين.

وفي النصف الثاني من القرن السادس عشر أصبحت مقر بطاركة كنيسة المشرق المتحدين مع روما. وقد استقر فيها أولاً البطريرك يوحنا سولاقا بلو [7] ( 1553 _ 1555 )، أما خلفه مار عبد يشوع الرابع مارون [8] ( 1555 _ 1567 ) فبعد أن استقر فيها تعرض لصعوبات كثيرة من الفئة المناوئة للإتحاد، فأمضى سنواته الأخيرة في دير مار يعقوب الحبيس قرب سعرت.

ومنذ زمن الإتحاد أضحت آمد رئاسة أسقفية، وقد تعاقب على كرسيها حتى يومنا هذا عشرون مطراناً. وفي سنة 1650 عادت أبرشية آمد إلى المذهب القديم لكنيسة المشرق، وفي هذه الفترة نجد حضور كثيف للمشارقة فيها، " يضم 2700 بيت يخدمهم مطران يعاونه أسقف واحد وعدد كافي من الكهنة والشمامسة، ولهم في المدينة ثلاثة كنائس هي: أ_ مار بثيون الشهيد. ب_ بشارة العذراء. ج_ مار دانيال النبي. " [9] لكن بقي فيها تيار كبير من مناصري الإتحاد. وقد رعى هذا التيار الرهبان الكبوشيين الذين فتحوا رسالتهم في المدينة 1667 سنة.

وفي النصف الثاني من القرن السابع عشر ظهر في كنيسة المشرق سلسلة جديدة من البطاركة الكاثوليك عرفوا بـ اليوسفيين [10]، وجعلوا آمد مقر لكرسيهم.

وقد تعاقب على هذا الكرسي من سنة 1681 وحتى سنة 1828 خمسة بطاركة حملوا نفس الاسم، وكان لقبهم بطريرك بابل على الكلدان. وهو اللقب الذي حمله المتحدين مع الكنيسة الكاثوليكية منذ سنة 1445، هذا الاسم الذي عمل الكثير من المناوئين للطعن والشك فيه دون أية مستندات تاريخية، ولا زالوا حتى يومنا هذا يعملون جهد المستطاع للنيل منه لكن دون جدوى.

فمن المعروف أن كنيسة بلاد ما بين النهرين منذ البدايات عرفت بـ كنيسة المشرق، وما أن قبلت تعاليم نسطور في القرن الخامس نعتت بـ النسطورية [11]. وعندما انضم أبناء كنيسة المشرق في قبرص إلى الكنيسة الكاثوليكية بشخص المطران طيمثاوس الطرسوسي [12]، لم تطلق روما عليهم اسم الكلدان كما يدعي مبغضي هذه الكنيسة، بل كان هذا الاسم هو اسمهم القديم، واختاروا أن يعرفوا به بدل أن ينعتوهم نساطرة.

وعندما قدم المطران طيمثاوس وثيقة الإتحاد إلى روما وقعها هكذا: " أنا طيمثاوس رئيس أساقفة ترشيش على الكلدان، ومطران الذين هم في قبرص أصالة عن ذاتي وباسم كافة الجموع الموجودة في قبرص أعلن وأقر . . . ". [13]

وهذا واضح من المرسوم الذي أصدره البابا أوجين الرابع في 7 أب 1445: " وطيمثاوس ذاته أمامنا في المجمع اللاتراني المسكوني، وفي جلسته العامة أعلن باحترام وتقوى صيغة إيمانه وتعليمه، أولاً بلغته الكلدانية، ثم ترجمت إلى اليونانية ومنها إلى اللاتينية. وبناء على هذا الإعلان الوحدوي، فإن أوجين الرابع يمنع في مرسومه الأنف ذكره أن لا يسمي أحد الكلدان فيما بعد نساطرة ". [14]

نستنتج من هذين النصيين أن البابا إنما استشهد بما عرضه المطران طيمثاوس ذاته وبقلمه ولغته. قد يتسأل البعض أنني خرجت عن الموضوع، على الإطلاق لا. لأن هذا المركز كان القلعة الحصينة للكنيسة الكلدانية، وكان من واجبي أن أوضح هذا الأمر لأنني سأذكر بعض المحطات الهامة التي جرت في هذا المركز والذي احتضن تيار الإتحاد، وأدت إلى استمرار الحياة في هذه الكنيسة.

ومن المعلوم أن بطاركة الإتحاد خلفاء سولاقا بعد أن تركوا آمد، أقاموا في دير مار يعقوب الحبيس قرب سعرت، بسبب معاناتهم من التيار المناوئ للإتحاد، ثم أقاموا في أورمية وسلاماس من بلاد فارس. وأخيراً تركوا الشركة مع روما واستقروا في قوجانس بجبال هكاري. ومع هذه التطورات بقي في آمد تيار كبير مؤيد للإتحاد، وقد عانى الكثير من الويلات لكنه استمر رغم كل ما جرى لهم.

فالبطريرك يوسف الأول [15] ذاق من العذابات ما يعجز اللسان عن وصفه، بسبب شكاوى البطريرك إيليا التاسع، الذي استولى بالرشوة على كاتدرائية مار بثيون، وطرد منها البطريرك يوسف وحمل السلطات على القبض عليه وإيداعه السجن، وبعد جهد جهيد بذله كلدان المدينة خرج من السجن وأعاد الكاتدرائية.

أما خلفه البطريرك يوسف الثاني [16] فلم تخل حياته من الصعوبات والمحن والاضطهادات التي تعرض لها من قبل الفئة المناوئة، وقد صمد بشجاعة فائقة بوجه الشدائد.

وعانى خلفه البطريرك يوسف الثالث [17] لمضايقات لا تحصى، ورغم ذلك تسنى له أن يضم إلى الوحدة الآلاف من أبناء كنيسة الموصل وجوارها، وأدى نشاطه هذا إلى زجه في غياهب السجن بسبب نقمة المناوئين.

وفي سنة 1729استطاع وكيل الكلدان في العاصمة العثمانية أن يحصل على فرمان ينهي التنافس بين السلطتين، بحيث تبقى أبرشيتي ديار بكر وماردين بيد الكلدان، وتبقى أبرشيتي الموصل وحلب للنساطرة. هذا التقسيم الذي انعكس سلباً على وضع كنيسة المشرق في عدة مراكز مهمة، بسبب إهمال الرئاسة لهم فتركوا كنيستهم وانظموا إلى الكنائس الأخرى. فانظم أبناء الكنيسة في حلب إلى طائفة اللاتين، وفقدوا كنائسهم الثلاثة [18] في المدينة. كذلك في أورشليم انظموا إلى الطوائف الأخرى، وفقدوا كنائسهم الأربعة [19] ومذبح في كنيسة القيامة مكرس على اسم المصلوب، بالإضافة إلى ثلاثة أديرة [20] التي كانت في حوزتهم. وانضم الكثير من أبناء كنيسة المشرق في الملبار [21] إلى الكنيسة السريانية الأرثوذكسية. هذه كانت الخسارة الفادحة لكنيسة المشرق من جراء الفرمان المذكور.

أما البطريرك يوسف الرابع [22] فقد عاش فترة حبريته بشيء من الهدوء، وجرى نزاع بينه وبين مطران اللاتين في بغداد بسبب السلطة على كلدان بغداد والموصل، وعادة سلطته على المذكورين بعد تدخل روما. وفي سنة 1763 حاول البطريرك المذكور ترميم كاتدرائية مار بثيون، التي جددت سنة 1672 بعد أذن الدولة العثمانية. لكن مسلمي المدينة منعوه من ذلك بسبب قربها من جامع الشيخ مطر، الذي كان سابقاً كنيسة للسريان الأرثوذكس على اسم مار توما، فسافر لهذه الغاية إلى القسطنطينية ومكث سنة هناك، لكنه لم يفلح في النيل الأذن بترميمها. وفي عهده انضم إلى الكنيسة الكاثوليكي الكثير من سريان وروم وأرمن ديار بكر، وبسبب عدم وجود كنائس خاصة بهم يؤدون فيها شعائرهم الدينية، كانوا يراجعون كاتدرائية مار بثيون، لأنها كانت الكنيسة الكاثوليكية الوحيدة في المدينة، مما حذا برؤساء الطوائف المذكورة على إغلاق الكاتدرائية بقوة الحكام. لكن هذا الأمر حسم وفتحت بمساعي الطبيب حنا حكيم ابن القس إسرائيل الألقوشي، الذي كان يمارس مهنته في آمد، ونال من خلالها الشهرة واحترام الولاة العثمانيين. واستمرت المساعي لترميم الكاتدرائية لكن دون جدوى.

وفي عهد المطران باسيل أسمر [23] ( 1828 _ 1842 ) استطاع الوجيه الكلداني الآمدي بدوش مازجي وابن أخيه الشماس اسطيفان مازجي من نيل الأذن بترميم الكاتدرائية بسبب علاقاتهم الطيبة مع الحكام وسمعتهم الطيبة بين سكان المدينة، وتم ذلك سنة 1835.

ومن المعلوم أن ثروة بدوش مازجي الكبيرة ألت إلى ابن أخيه الشماس روفائيل ابن القس بطرس مازجي [24] بالوراثة بعد وفاته سنة 1863، وقد وظف الشماس روفائيل هذه الثروة لخير الكنيسة، فاشترى أراضي زراعية في قرية الجاروخية القريبة من المدينة، ووهبها وقفاً لمطرانية آمد، وعمل على تأسيس سمينير في المدينة لكنه لم يوفق بذلك. فغادر إلى الموصل وبعد أن استشار البطريرك يوسف السادس أودو شيد معهد شمعون الصفا الكهنوتي، وجلب من روما مطبعة ومعها حروف كلدانية وعربية وفرنسية والكثير من الحبر والورق.

وفي عهد البطريرك يوسف الخامس [25] انتهى الخلاف بين الرئاستين البطريركيتين في آمد والموصل، بانضمام البطريرك يوحنا الثامن هرمزد [26] إلى الكنيسة الكاثوليكية سنة 1830، ووحدت كنيسة المشرق الكلدانية ببطريركية واحدة مقر كرسيها في الموصل، ومع هذا الاتفاق انتهت سلسلة البطاركة الكلدان في آمد.

وكانت أبرشية آمد الكلدانية قبيل المذابح تضم العديد من المراكز بالإضافة إلى المدينة هي: ميافرقين. جاروخية. عين تنور وتعرف أيضاً بـ عليبوار. بوشاط. نودشت. زيزي. أجي. الرها. وكان مطران الأبرشية في هذا الزمن هو مار سليمان صباغ يعاونه خمسة كهنة ضمن المدينة هم: اسطيفان دلالة. بطرس قارح. يوسف طيور. سليمان كوجوك أوسطه [27]. طيمثاوس فضلي. يساعدهم 27 شماساً، وكان لهم ثلاثة مدارس، ويبلغ عدد العائلات الكلدانية في المدينة 350 عائلة.

وقد نال كلدان آمد الكثير من الويلات خلال هذه الفترة العصيبة، ففي شهر أيار 1915 ساق المجرمين 80 رجلاً منهم إلى الذبح، واستمر هذا المسلسل المرعب حتى قضى على الكثير. وكان حاكم ديار بكر رشيد بك الجركسي الأصل مصراً على تنظيف ولايته من العنصر المسيحي، وعليه قسم أحياء الأرمن والكلدان إلى مناطق أنيطت حراستها إلى جزارين محترفين، فقد تعرضوا لمنازل المسيحيين واجبروا الشيوخ والنساء والأطفال على مغادرتها، مع جميع ما يملكون من أموال وحلي وأمتعة، بحجة تسفيرهم إلى الموصل عبر نهر دجلة. وبعد أن يضعوهم على الأكلاك [28]، ويصلوا بهم إلى قرية بيكان، وهناك ينزلوهم من الأكلاك وبعد أن يجردوهم من كل شيء، ينهالوا عليهم بوابل من الرصاص تاركين جثثهم طعام لوحوش البرية وغربان السماء. وهناك مصدر أخر يقول أنهم بعد أن يصلوا بهم إلى قرية شكفتيان يأخذهم رجال الشيخ عمر إلى وادي بسفان وهناك يتم القضاء عليهم. وعلى هذا المنوال تم تصفية مسيحيي المدينة. وضمن الذين سيقوا على هذه الطريقة أربعة وثمانين بيتاً كلدانياً.

أما مطران الأرمن الكاثوليك أندراوس جلبيان، فقد ساقوه مع ذويه وثلاثة راهبات من رهبنة الحبل بل دنس إلى طريق حلب، وعندما وصلوا إلى خان حبش، وهناك وضعوه على قارعة الطريق، واخذوا حجارة ورجموه حتى تكومت عليه، وقد احتمل عذاباً شديداً حتى فاضت روحه الطاهرة، وهكذا قضى نحبه شبيه اسطيفانوس رئيس الشمامسة وبكر الشهداء. وقد ذبح خلال المذابح 11 كاهناً من الأرمن الكاثوليك.

وفي 29 حزيران استدعى رشيد بك المطران صباغ وسلمه برقية من القسطنطينية يمنع بموجبها قتل الكلدان والسريان والروم، وقد دفع المطران صباغ لرشيد بك مبلغ 1500 ليرة ذهب عثمانية، وعاد إلى دار المطرانية مرتاح البال قناعة منه أن هذه العاصفة قد عبرت. لكن الرياح سارت بما لا تشتهي السفن، واستمرت أعمال النهب والسلب والقتل بحق من صدر أمر بعدم قتلهم، وهنا ذهب المطران صباغ رغم المخاطر المحدقة به لمقابلة مصاص الدماء رشيد بك، وبشجاعته المعهودة احتج على ما يجري بحق من عفاهم المرسوم السلطاني، فما كان من الحاكم اللعين رشيد بك أن أرسل من تبقى من رجال الطائفة للعمل في إصلاح الطرق بدل ذبحهم، ومع كل ما كانوا يعانون من الأتعاب من جراء هذه الأعمال الشاقة، لم يكن يتلقوا طعاماً يسد جوعهم، مما حذا بالمطران صباغ بإرسال طعامهم كل يوم مع ضيق ذات اليد.

ويصف الأب بولس بيرو السعرتي شخصية الطاغية رشيد حاكم ديار بكر بالقول: " شخص رهيب ومسخ بشري يعرفه الجميع، إنه الجلاد الأكثر شراسة وقذارة، تلفه الظلمة على ما يبدو ليطويه النسيان تحت جناحيه. إنه باقر بطون النساء الحاملات، وفاضح العذارى والمفترس لهن، مقطع أوصال الأطفال. سيبقى اسمه الكريه مدى الأبد في سجل التاريخ وفي ذاكرة الأجيال القادمة ممرغاً بالعار، وقد دعيت ولاية ديا ر بكر في عهده عن حق مسلخ المسيحيين. أما عصابات الجركس والتتر أبناء جنسه المتمركزين جوار بلدة رأس العين، فكانوا ينهبوا القوافل ويذبحوا ويتقاسموا فيما بينهم ما يجدونه في حوزة الأحياء والأموات ". [29] ويحكى عنه أنه بعد نقله من ديار بكر غادرها في قافلة ضمت 24 عربة محملة بالذهب والجواهر وأشياء ثمينة وطنافس وأثاث فاخرة، نهبها جميعها من منازل المسيحيين.

وفي 21 آب سنة 1915 نشبت النيران في أسواق ديار بكر، فأتت على 1578 محلاً تجارياً فحرقت جميعها، علماً أن هذه المحلات كانت ملكاً لمسيحيي المدينة، وقد تبين أن الحريق كان مفتعلاً حيث اجتمع الوالي قبل ثلاثة أيام من الحادث مع بعض المسلمين وخططوا معاً لإنجاز هذا العمل الشرير. فاحترق ما احترق، وسرق الأشرار الكثير من أموال المسيحيين الأبرياء، الذين تضرروا كثيراً، وعانوا من جرى ذلك أشد المعاناة، إذ خسروا كل مقتنياتهم وشقاء عمرهم.

ومن المعلوم أن سلطة حاكم ولاية ديار بكر كانت تشمل بالإضافة إلى ديار بكر ماردين والجزيرة العمرية والمناطق المحيطة بهم. وكان رشيد السيئ الذكر يحرض موظفي الدولة ورؤساء العشائر الكردية الخاضعة لسلطته للعمل على إبادة المسيحيين، مبرراً دعوته بأنها أوامر من السلطات العليا في السلطنة العثمانية، ويجب التقيد بها وتنفيذها.

ونجد موقفاً مغايراً لوالي الموصل حيدر باشا الذي كان بدوره تابعاً للسلطنة العثمانية. فقد مر في الموصل نهاية سنة 1915 خليل باشا قائد الجيش السادس العثماني متوجهاً إلى بغداد لمحاربة الإنكليز، وقد حاول إقناع والي الموصل حيدر باشا بتصفية مسيحيي ولايته، لكن حيدر باشا رفض طلبه. وعليه فاتح خليل باشا السلطات المدنية والعسكرية في ولاية الموصل دون علم الوالي حيدر للعمل على تنفيذ طلبه، لكن الوالي حيدر باشا أفشل مكيدته وبدد أحلامه. ويتحدث الأب ريتوري عن والي الموصل حيدر باشا بالقول: " المهجرون الذين أسعفهم الحظ في الوصول إلى مدينة الموصل، لم يعانوا الكثير بفضل همة الوالي حيدر بك الذي من وراء سياسة نفعية تستوجب الثناء، مع ذلك رأى من الواجب عليه ألا يعادي المسيحيين ". [30]

وكانت قرية عين تنور ( علي بكار ) الكلدانية القريبة من مدينة ديار بكر من جهة الغرب مسافة 7 كم، مركز أسقفياً تابع للأبرشية وهي كرسي المطران المعاون لبطريرك آمد في سالف الزمان. وبسبب هجوم الأكراد عليها سنة 1815 م قتل الكثير من سكانها، وهرب المتبقين إليها إلى آمد ثم عاد المتبقين إليها بعد فترة. وكانت كنيسة القرية مكرسة على اسم مار قرياقوس وأمه يوليطي، وإلى جانبها 14 غرفة كانت تستعمل كمركز اصطياف لنشاطات الأبرشية. وخلال المذابح قتل كل سكان القرية ودمرت الكنيسة وملحقاتها، وحولت القرية إلى منطقة عسكرية يسكنها الجيش.

أما قرية الجاروخية الواقعة على شاطئ دجلة جنوب المدينة مسافة 7 كم، فكانت تضم 85 عائلة كلدانية، ولهم فيه كنيسة مكرسة على اسم مارت شموني وأولادها السبعة، بالإضافة إلى مدرسة، وقد شيد هذه الكنيسة الوجيه الآمدي بدوش مازجي ويخدم نفوسها الأب توما كربوش [31] خلال المذابح حاصر الأوغاد القرية وجمعوا رجالها ونساءها مع الكاهن في الكنيسة، وبعد أن قيدوهم ساقوهم إلى قرية زوغا القريبة، وهناك تم ذبحهم بالسيوف والخناجر، أما الأب توما فقد قطعوا جسده أرباً أرباً معبرين بذلك عن حقدهم الدفين. وقد ألفت منهم سيدتان هربتا إلى آمد وأخبرتا المطران صباغ بما جرى، وبقي في القرية 35 طفل فعمل المطران على جلبهم إلى المطرانية وأسكنهم عنده واعتنى بأمرهم. وبهذه الصورة البشعة تم تصفية مسيحيي القرى الأخرى، بعد أن خربت بيوتهم وسلبت أموالهم، وما طاب لهم من البناء فقد حوله إلى مستوصفات أو إسطبلات أو مستودعات.

ومع بداية سنة 1917 لم يبقى في آمد سوى 110 عائلة كلدانية تعيش تحت سقف الفقر والعوز. وقد عمل المطران صباغ الكثير على إعالة المحتاجين، وافتتح لهذه الغاية ميتماً ضم الكثير من أيتام المدينة ومن جميع الطوائف. وفي سنة 1922 هجرت 50 عائلة إلى سوريا هرباً من البطش وطلباً للعيش. ومع الأيام استمر هجرت العائلات المتبقية، واليوم لم يبقى سوى عائلتان كلدانيتان.

ما أن وصلنا إلى ديار بكر توجهنا إلى كاتدرائية مار بثيون حيث كان بانتظارنا مسيحيي المدينة، والبالغ عددهم عشرة عائلات، سبعة منها سريان أرثوذكس واثنتان كلدانية وواحدة أرمنية أرثوذكسية، ويخدم هذه النفوس القس يوسف السرياني. ومن المعلوم أن بناء الكاتدرائية يعود إلى القرن السادس، وهي مشيدة بالحجارة السوداء يعلوها جرسية في غاية الجمال. استقبلنا بقرع الناقوس والأهازيج ونثر الحلوى، وما أن دخلنا الكاتدرائية أقام صاحب السيادة مار أنطوان أودو قداساً احتفالياً بمناسبة عيد الجسد. وبعد القداس وقفنا أمام قبر المطران سليمان صباغ الذي يعجز اللسان عن وصف ما تحمل من مصاعب، وما بذل من جهود جبارة لتضميد جراح رعيته، صلينا من أجل راحة نفسه.

ويتحدث المطران إسرائيل أودو في مذكراته عن المطران صباغ بقوله: " مغرم بمحبة الناس خصوصاً أبناء رعيته، كان هماماً جداً على المدارس وعلى تربية الأطفال روحياً. متسلح بالغيرة الجبارة، إنه ساتر الأرامل ومحتضن اليتامى والضعفاء والمظلومين. وفي سنواته الأخيرة جمع اليتامى المشتتين بعد قتل ذويهم في المذابح، وفتح لهم ميتماً وأقام الأب سليمان كوجك أوسطا مديراً عليه، وكان يطعمهم ويكسيهم ويعلمهم القراءة والكتابة بالإضافة إلى المهن الصناعية. ومع ضيق ذات اليد بسبب الظروف القاسية لم يبخل عليهم بشيء، وقد كتب لي يوماً يشرح لي ما يعانيه من الصعوبات: اضطررنا لأكل خبز الشعير، وفي أياماً كثيرة كنا لا نجده. كانت مواعظه في أيام الآحاد والأعياد تدوم ساعة كاملة زارعاً في نفوس مستمعيه بذور الإيمان والرجاء والمحبة. كان حازماً على كهنته إذا أهملوا واجباتهم، ورغم أنه كان متواضعاً وطيباً في معاملته مع الجميع، إلا أنه كان قاسياً مع المخالفين للقوانين. كان نقي النفس والقلب طاهر الجسد حسن السيرة، يستيقظ باكراً في الصيف والشتاء لأداء صلاة الفرض قبل الذبيحة الإلهية. ينام قليلاً خاصة من سنة 1915 وحتى وفاته في 2 حزيران 1923 حيث لم يذق الراحة بسبب الضيق الذي حل به وهو يشاهد أبنائه يساقون للذبح والتهجير، فهزل جسده وضعفت قواه، حتى اسلم روحه الطاهرة بيد خالقه. وفي اليوم التالي شيع جسده كما يليق بمن عمل وتعب في كرم الرب، ووضع في قبر جديد أمام مذبح كاتدرائية مار بثيون الشهيد. وقد حضرت دفنه أنا كاتب هذه السطور ( مار إسرائيل أودو )، وأقمت قداساً مهيباً لراحة نفسه، وخلال القداس أبنته بكلمة رقيقة مشيداً بفضائله وأتعابه أمام جمع غفير من كل الطوائف، وكان ذلك في يوم الأحد 3 حزيران 1923 وهذا الأحد هو أحد الرسل حسب طقس كنيستنا " [32] .

أما مقبرة البطاركة اليوسفيين فهي موجودة في مقابر الطائفة خارج المدينة حسب معلوماتي. ولم يخطر ببالي أن أسال عنها بسبب ضيق الوقت، ثم زرنا دار المطرانية المتهدمة، والمشيدة من الحجار البازلتية السوداء بشكل رائع، ووقفنا عند بناء الميتم الذي ضم يوماً العشرات من أيتام المدينة وجوارها.

غادرنا الكاتدرائية وفي القلب غصة لما آل إليه هذا الصرح العريق. ثم ذهبنا لتناول طعام الغذاء حيث أعد الأخوة زكي ويوسف قصار الكلدانيان مأدبة عامرة على شرفنا في أحد مطاعم المدينة القديمة. وبعد الغذاء زرنا كنيسة مريمانا للسريان الأرثوذكس، هذه التحفة الرائعة التي تشد أنظار المرء من روعة بنائها وما تحتويه من تحف كنسية. قضينا استراحة قصيرة في باحة الكنيسة تناولنا فيها الفواكه عند القس يوسف.

ولم نستطيع زيارة كنيسة الأرمن الأرثوذكس سورب كيراكوس حيث قيل لنا أنها متهدمة ومهجورة، وقد سمعنا الكثير عن فخامتها ووسعها. وكان لهم كنيسة أخرى مكرسة على اسم سورب سركيس. وقد قتل من أبناء هذه الطائفة الكريمة حوالي 3750 عائلة في ديار بكر وريفها خلال المذابح بالإضافة إلى النائب البطريركي الورتبيت مكرديج جيلغاديان ومعه 11 كاهناً. ومن الجدير بالذكر أن كنيسة الأرمن الكاثوليك في ديار بكر كانت مكرسة على اسم القديس غريغوريوس المنور ، أما كنيسة السريان الكاثوليك فكانت مكرسة على اسم القديسين بطرس وبولص.

غادرنا ديار بكر بعد أن ودعنا الأخوة الذين تعبوا معنا في هذا النهار الممتع متوجهين إلى ماردين، وفي طريقنا شاهدنا سور ديار بكر الشهير. ومع غروب الشمس وصلنا إلى دير الزعفران قرب ماردين. وما أن دخلنا الدير حتى استقبلنا نيافة المطران صليبا أوزمان السامي الاحترام ببشاشته المعهودة، وبعد استراحة قصيرة دعانا نيافته إلى تناول طعام العشاء في فندق ماردين الكبير، ومن الفندق تمتعنا بمشاهدة مدينة ماردين في الليل، وبعد العشاء عدنا إلى دير الزعفران لنخلد إلى النوم والراحة.

الهوامش:

1_ المطران ماروثا الميافرقيني: كان والده حاكم مقاطعة سوفيتا قرب آمد. بعد أن نال قسطاً وافراً من العلم مارس مهنة الطب. في بداية القرن الخامس رسم مطراناً على ميافرقين. استدعاه الملك الساساني بزجرد ليعالج ابنته من مرض عضال كانت تعاني منه، وقد أفلح في معالجتها ونالت الشفاء. واستطاع أن يعقد معاهدة صلح بين المملكتين الفارسية والبيزنطية. ويعود له الفضل في استمالة الملك يزجرد للاعتراف بمسيحي مملكته، فأعطاهم حرية ممارسة طقوسهم وتشييد كنائسهم. وسمح لهم بعقد مجمع كنسي، فعقد في مدينة ساليق وقطيسفون سنة 410 بحضور الجاثليق مار اسحق وحضور المطران ماروثا الميافرقيني وأربعين أسقفاً من كنيسة المشرق. ويعتبر هذا المجمع الأول لكنيسة المشرق. توفي ماروثا سنة 420.

2_ تقويم قديم للكنيسة الكلدانية النسطورية الخوري ( المطران ) بطرس عزيز ص 15.

3_ المطران ( البطريرك ) جرجيس عبديشوع خياط: ولد في الموصل سنة 1828. دخل المعهد الكهنوتي البطريركي بالموصل. أرسل إلى روما ودخل مدرسة مجمع انتشار الإيمان سنة 1844. رسم كاهناً في روما سنة 1853. رسمه البطريرك يوسف أودو أسقفاً على العمادية سنة 1860. عين نائباً بطريركياً سنة 1863. عين مدبراً لأبرشية آمد بعد وفاة مطرانها مار طيمثاوس عطار سنة 1872، وثبت مطراناً عليها سنة 1874. انتخب بطريركاً سنة 1894. توفي في بغداد سنة 1899.

4_ الأب حنا ملوس: ولد في ماردين سنة 1879 ودعي في المعمودية سعيد، رسمه المطران إيليا ملوس شماساً سنة 1894. سنة 1898 كان المطران سليمان صباغ في ماردين وأعجب بالشماس سعيد لإتقانه الألحان الكنسية، فطلب من المطران ملوس أن يسمح له بسيامته كاهناً لرعية ميافرقين، وتمت سيامته في 25 أيلول 1898 واتخذ اسم حنا بدل سعيد. خدم رعيته في ميافرقين بجد ونشاط حتى استشهد مع العديد من أبناء رعيته خلال مذابح السفر برلك سنة 1915.

5_ الرسول توما: أحد الأثني عشر الذين اختارهم يسوع. كان صياد للسمك قبل أن يدعوه، ويروي التقليد الكنسي أنه بشر قي بلاد الماديين والفرثيين والفرس والهنود. أنهى حياته الرسولية بسفك دمه لأجل يسوع، حيث قتله أحد البراهمة في الهند ودفن هناك. ويتحدث تقليد كنيسة المشرق أن جزء من رفاته نقل إلى الرها.

6_ الرسول تداوس: هو أحد الأثني عشر الذين اختارهم يسوع. وهو أخو يعقوب أسقف أورشليم الأول. حمل البشارة إلى بلاد ما بين النهرين وبلاد فارس. ألقي القبض عليه في مدينة شنعار وطرح بالسجن، وطلب منه السجود للشمس والكواكب لكنه رفض. فقتلوه شر قتلة ونال إكليل الشهادة بعد حياة رسولية مجيدة.

7_ البطريرك يوحنا سولاقا بلو: ولد في ألقوش سنة 1513. دخل دير الربان هرمزد للرهبنة الأنطونية. رسم كاهناً سنة 1540. انتخب رئيساً لدير الربان هرمزد. انتخب بطريركاً سنة 1552. سافر إلى روما وهناك نال الدرجة الأسقفية في كنيسة مار بطرس. بعد أن نال درع التثبيت رجع إلى المشرق سنة 1553 واتخذ مدينة آمد مقراً لكرسيه. في النصف الثاني من سنة 1554 زار العمادية لتفقد رعيته هناك، وبتحريض من البطريرك برماما ألقى حاكم العمادية حسين باشا القبض عليه وزجه في السجن مدة أربعة أشهر، ثم أخرج من السجن وألقي في بئر مدة أربعين يوماً. في كانون الثاني 1555 ربطوه بحبل ووضعوه في كيس وألقوه حياً في بحيرة بريما القريبة من العمادية، فنال إكليل الشهادة وبقيت جثته في تلك البحيرة. لقبته كنيسة المشرق الكلدانية بـ شهيد الإتحاد.

8_ البطريرك مار عبد يشوع الرابع مارون: ولد في جزيرة بازبدي. ترهب في دير مار آحا ومار يوحنا قرب الجزيرة وهناك رسم كاهناً. سنة 1554 رسمه البطريرك سولاقا أسقفاً على جزيرة بازبدي. سنة 1555 انتخب بطريركاً بعد استشهاد البطريرك سولاقا. أمضى سنواته الأخيرة في دير مار يعقوب الحبيس قرب سعرت، توفي سنة 1567 في الدير المذكور ودفن فيه.

9_ تقويم قديم للكنيسة الكلدانية النسطورية الخوري ( المطران ) بطرس عزيز ص 15.

10_ البطاركة اليوسفيين: سلسة ضمت خمسة بطاركة لكنيسة المشرق الكلدانية كان مركزهم مدينة آمد، وقد حملوا جميعاً اسم يوسف لذلك عرفوا باليوسفيين. بدأت هذه السلسلة بالبطريرك يوسف الأول سنة 1672، وانتهت بالبطريرك يوسف الخامس المعروف بـ أوغسطين هندي سنة 1828.

11_ النسطورية: لقب أطلق على من اتبع تعاليم نسطور بطريرك القسطنطينية الذي حرمه مجمع أفسس سنة 431.

12_ المطران طيمثاوس الطرسوسي: مطران كنيسة المشرق على أبرشية قبرص في النصف الأول من القرن الخامس عشر، يتبعه أسقفيتان في ماغوسطا وفماغوستا يعاونهم ثمانون كاهناً ومائتان وستون شماساً، وللأبرشية في عهده 7 كنائس و5300 عائلة. ومن المعلوم أن نواة هذه الأبرشية تأسس من أبناء كنيسة المشرق الأسرى خلال الحروب بين الفرس والروم، حيث كان ملوك الروم ينفوا أسراهم الفرس إلى جزيرة قبرص. وبمرور السنين اندثرت هذه الأبرشية بسبب إهمال الرئاسة لها، فانضمت العائلات بشكل تدريجي إلى طائفتي الموارنة واللاتين.

13_ علاقات الكنيسة الكلدانية بالكرسي الرسولي الأنبا شموئيل جميل ( باللاتينية ) ص 10.

14_ علاقات الكنيسة الكلدانية بالكرسي الرسولي الأنبا شموئيل جميل ( باللاتينية) ص 11.

15_ البطريرك يوسف الأول: ولد في كركوك. رسمه البطريرك إيليا التاسع مطراناً على آمد سنة 1668. انضم إلى الكنيسة الكاثوليكية سنة 1681 ودعي يوسف الأول. نال من العذابات ما يعجز اللسان عن وصفه. بعد خروجه من السجن نال فرماناً يثبت سلطته على الكلدان في آمد وماردين. سافر إلى روما سنة 1675 ومكث فيها حتى سنة 1667. وبسبب الشيخوخة قدم استقالته سنة 1691.

16_ البطريرك يوسف الثاني آل معروف: ولد في تلكيف. قصد آمد والتحق بالبطريرك يوسف الأول. رسمه البطريرك يوسف الأول كاهناً. اختاره البطريرك يوسف الأول خلفاً له سنة 1691. اعترفت روما برئاسته سنة 1696. توفي خلال الطاعون الذي تفشى في آمد سنة 1712.

17_ البطريرك يوسف الثالث: أصله من كركوك. رسمه البطريرك يوسف الثاني مطراناً على ماردين سنة 1696. انتخب بطريركاً سنة 1713. اعترفت روما برئاسته سنة 1714 ومنحته لقب بطريرك بابل على الكلدان، علماً أن البطريركين السابقين كانا يحملا لقب بطريرك الكلدان فقط. توفي سنة 1757.

18_ كنائس حلب التي فقدها المشارقة هي: 1_ الأربعين شهيداً. 2_ مار قرياقوس. 3_ مار أشعيا الحلبي.

19_ كنائس أورشليم التي فقدها المشارقة هي: 1_ مار يعقوب النصيبيني. 2_ مار يوحنا المعمذان. 3_ تجلي الرب. 4_ انتقال العذراء مريم.

20_ أديرة أورشليم التي فقدها المشارقة هي: 1_ مار أنطونيوس. 2_ الاثنا عشر رسولاً. 3_ العنصرة " البنطقوسطي ".

21_ الملبار: إقليم كبير جنوبي الهند. بشرها توما الرسول أحد الأثني عشر تلميذاً. كانت الملبار متصلة بكنيسة المشرق وهي جزء منها وتخضع لها كنسياً. وكان أبناء الملبار يلتجئوا إلى رئاسة كنيسة المشرق كلما احتاجوا إلى رعاة. وفي مجمع ديامبر سنة 1599 شرعوا يراجعون روما مباشرة. لكن علاقاتهم لم تنقطع نهائياً مع كنيسة المشرق، واستمرت المحاولات لعودتهم إلى كنيسة المشرق حتى نهاية القرن التاسع عشر لكن جميعها باءت بالفشل. وفي وسط هذه المعمعة استفرص السريان الأرثوذكس الفرصة فدخلوا الملبار نحو عام 1663م لأول مرة، وأعطوا فيما بعد لقب المفريانية لكرسيها بدل تكريت.

22_ البطريرك يوسف الرابع: ولد في آمد. درس في مدرسة مجمع انتشار الإيمان في روما. رسمه البطريرك يوسف الثالث مطراناً على آمد. انتخب بطريركاً سنة 1757. اعترفت روما برئاسته سنة 1759. استقال سنة 1781 وبقي في روما حتى توفي فيها سنة 1791.

23_ المطران باسيل أسمر: ولد في تلكيف. دخل دير الربان هرمزد. رسم كاهناً سنة 1819. رسمه البطريرك يوسف الخامس مطراناً على العمادية، ونقل إلى أبرشية آمد سنة 1828. استقال من منصبه سنة 1842. توفي سنة 1844.

24_ الشماس روفائيل مازجي: ولد في آمد سنة 1815. والده القس بطرس. ترعرع على الفضيلة والإيمان. سافر إلى باريس ودخل الرهبنة اللعازرية. بعد وفاة عمه بدوش آلت إليه ثروته بسبب عدم وجود وريث في العائلة غيره. فاستأذن رئيسه ليعود إلى الشرق، وفي طريقه مر بمدينة روما وهناك اشترى الكثير من الحلل والأدوات الكنسية ووهبها لمطرانية آمد. ثم جاء إلى الموصل سنة 1863 وبالتشاور مع البطريرك يوسف أودو اشترى بيوت جانب كنيسة شمعون الصفا، وشيد مدرسة كهنوتية وجهزها بكل ما يلزم لاستقبال ثلاثين طالباً. بالإضافة إلى مطبعة كان قد جلبها معه من روما ومعها الكثير من الورق والحبر وحروف كلدانية وعربية وفرنسية. توفي في الموصل سنة 1866. دفن في كنيسة شمعون الصفا بالموصل.

25_ البطريرك يوسف الخامس: هو أوغسطين هندي ابن أخ البطريرك يوسف الرابع. قام بإدارة أبرشية آمد بصفة كاهن. ثم بصفة مطران منذ سنة 1804. وبالرغم أنه كان يلقب نفسه بالبطريك يوسف الخامس، غير أن روما لم تعامله كبطريرك. توفي سنة 1828 وبوفاته انتهت سلسلة البطاركة اليوسفيين.

26_ البطريرك يوحنا هرمزد: ولد سنة 1760 وهو ابن أخ البطريرك إيليا الحادي عشر. رسمه عمه شماساً سنة 1772، ثم أسقفاً سنة 1776. انضم إلى الكنيسة الكاثوليكية. سنة 1778 جرى بينه وبين ابن عمه الأسقف إيشوعياب خلاف على رئاسة كنيسة المشرق بعد وفاة عمهم إيليا الحادي عشر. وحسب قانون تداول السلطة وراثياً الذي وضعه البطريرك شمعون الباصيدي كان حق الخلافة من نصيب يوحنا هرمزد، لكنه تنازل لصالح ابن عمه إيشوعياب الذي أقنعه أنه سينضم إلى الكنيسة الكاثوليكية. وبالفعل انضم إلى الكنيسة الكاثوليكية وحمل لقب إيليا الثاني عشر، لكنه سرعان ما تراجع وعاد إلى مذهبه القديم. وعليه اجتمع وجهاء الموصل وأقالوا إيليا من منصبه واختاروا يوحنا هرمز المنظم إلى الوحدة، واعترفت به روما رئيساً لأساقفة الموصل ومدبراً للبطريركية البابلية، ونال فرماناً يخوله السلطة على الطائفة الكلدانية بشقيها الكاثوليكي والنسطوري وذلك سنة 1781. وبعد وفاة يوسف الخامس لم يتم انتخاب خلفاً له في سلسلة بطاركة آمد. وعليه اعترفت روما بالبطريرك يوحنا هرمزد بطريركاً على الكلدان ومنحته الباليوم " درع التثبيت ". وتم تنصيبه رسمياً سنة 1834. توفي سنة 1838.

27_ الأب ( المطران ) سليمان كوجوك أوسطه: ولد في آمد سنة 1884. درس في معهد سان سولبيس في باريس. رسمه المطران صباغ كاهناً سنة 1908. خدم في مدينته مجابهاً إعصار المذابح برباطة جأش، وبقي إلى جانب الرعية يواسي ويشجع ويطعم ويسفر حتى وفاة مطرانه صباغ سنة 1923. خدم في الموصل وبغداد والقاهرة. انتخب مطراناً معاوناً للبطريرك عمانوئيل سنة 1939، ولم تدوم مطرنته سوى بضعة أشهر إذ توفي في نفس السنة.

28_ الكلك: كلمة فارسية، وهي عبارة عن ظروف جلدية تنفخ وتربط ببعضها البعض، ويرصف فوقها أعمدة أو ألواح خشبية، وتصبح نوع من الطوفات، تستعمل للنقل المائي عبر الأنهر الكبيرة.

29_ المسيحيون بين أنياب الوحوش مذكرات الأب جاك ريتوري القسم الثاني ملحق وضعه جوزيف اليشوران ص 377.

30_ المسيحيون بين أنياب الوحوش مذكرات الأب جاك ريتوري القسم الثاني ملحق وضعه جوزيف اليشوران ص 384.

31_ الأب توما كربوش: كلداني من أبرشية ماردين. لم أتوفق بالحصول على معلومات خاصة به. ومن المعلوم أن عائلة كربوش هي من العائلات الكلدانية الماردينية. واليوم يوجد كاهن كلداني من هذه العائلة هو الأب أنطوان كربوش يخدم أبناء الكنيسة في بلجيكا.

32_ عضيبغريا " مكتبنوثا " " تأريخ " مخطوط للمطران إسرائيل أودو 122_ 124. Opinions