Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

شجاعة حنان كسواني


تم الكشف اخيرا عن واقعة فساد جديدة، وجريمة شروع بقتل جماعي بطيء، ساحته هذه المرة بطون التلاميذ الصغار في مدارس العراق. انها جريمة كبيرة، بحجم مؤسسة الفساد التي تطاولت كثيرا هذه السنوات على المال العام. وقد استهدفت الجريمة الجديدة تمرير 330 طناً من البسكويت الفاسد، بعد تزوير مدة صلاحيته، واستطاعت الصحفية الاردنية الشجاعة حنان كسواني احباطها رغم التخطيط لها بدقة، وشروع المجرمين بتنفيذ خطواتها الاولى.

اقول صراحة اني لست متفائلا بقدرة اللجان التحقيقية على كشف الفاسدين المجرمين. فهناك محاصصة طائفية ستحول دون تقديمهم للقضاء ليحكم عليهم بالعدل. ذلك انها (هذه المحاصصة) درع حصين يحمي الفاسدين والمتلاعبين بالمال العام. وحتى لو قام المجتمع المدني بحملة واسعة وقوية ودؤوبة لملاحقة القضية، فانها ستنتهي بالقاء التهمة على شخص واحد، ربما يتم حبسه اربع سنوات، كما هو الحال مع قضية جهاز كشف المتفجرات الفاسد!

وأصارحكم باني اجريت عدة اتصالات مع معلمين وتربويين، مستفسرا عما اذا كان هناك حقا نظام غذائي في مدارسنا. فكانت النتيجة التي حصلت عليها سلبية للاسف الشديد. ويبدو ان الفساد  مثل المنشار، يأكل من الجانبين. فهو يقضم ما يدخل من مواد برنامج الغذاء العالمي، وفي الوقت عينه يسرب قسما من تلك المواد للأسواق، بدلا من ان تكون المدارس محطتها النهائية.

وأصارحكم باني تيقنت اليوم اكثر من الأمس، ان لا سبيل لمحاربة وجهي القتل و الخراب، الارهاب والفساد، الا ببناء دولة القانون والمؤسسات، دولة المواطنة، الدولة التي يتساوى مواطنوها امام القانون، الدولة البعيدة عن الاستقطابات الطائفية والاثنية، الدولة التي يكون فيها المجتمع المدني قويا وفعالا وناشطا، والإعلام غير مقيد ونزيها يتصف بالموضوعية والحياد، الى جانب بقية مواصفات الاعلام الحر. فليس غير الدولة المدنية الديمقراطية من يؤسس للاستقرار، ويرسخ الأمان لانها الدولة التي تقتص من الفاسد والقاتل.

أصارحكم باني تفاجأت بقوة وعزيمة الصحفية الأردنية وحسها الإنساني وعزة نفسها، وبصمودها امام الاغراءات المادية التي عرضت عليها، مثلما اعلنت، مقابل الصمت عن الجريمة وعدم فضحها. وكم اتمنى ان يلعب اعلامنا الحر دورا كهذا، وان يأتينا بتقارير استقصائية تكشف ألاعيب الفاسدين ، وتحمي العراقيين وثرواتهم.

وأصارحكم باني كنت اتوقع مبادرة من الحكومة العراقية، للاحتفاء بالصحفية حنان كسواني وتكريمها، تقديرا لبسالتها ولذودها عن اطفال العراق، وان تمنحها ارفع الاوسمة.

وأصارحكم اخيرا باني استبعد ان تبلغ الشجاعة بمسؤول عراقي، تشهد مؤسسته فضيحة فساد من هذا العيار، حد المبادرة الى تقديم استقالته، كما فعل الرئيس الليتواني الذي قدم استقالته، حينما انهار سقف احد المتاجر في عاصمة بلاده!

 

 

Opinions