شذرات مخفية من تاريخ المسيحية في العراق / الحلقة الثانية
الكثير من المثقفين واللغويين العراقيين والعرب يعرفون الأب أنستاس ماري الكرملي ولكن الكثير من السلفيين والمتزمتين والإرهابين لا يعرفون هذا الأسم !! وما هو فضله على اللغة العربية في العراق تلك اللغة التي تتشرفون بالأنتساب إليها !! لغة القرآن الكريم ..إنه من أم عراقية مسيحية كلدانية وقد تفرغ هذا الراهب للتنقيب والتأليف والبحث في كنوز اللغة العربية وتاريخها فأصدر مجلة لغة العرب سنة 1911 فكانت من أرقى المجلات العراقية والعربية في ذلك الوقت .يوم لم تكونوا قد وُلِدْتُم بَعْدُ.يقول الأستاذ عامر رشيد السامرائي : يُعد الأب الكرملي من أفاضل العلماء الذين خدموا اللغة العربية وتاريخها ويتجلى ذلك في مقالاته العديدة التي نشرها في الصحف والمجلات العربية وفي كتبه المخطوطة والمطبوعة , وقد أستطاع هذا الراهب بفضل علمه وشخصيته أن يحتل مكانة بارزة بين علماء العالم العربي وبين المستشرقين . عامر رشيد السامرائي – الأب أنستاس ماري الكرملي ص 5
حتى شعراء فلسطين تغنوا بهذا الأب القسيس وأكرموه ، لقد قال عنه الشاعر الفلسطيني الأستاذ نديم الملاح :
حي الأب العلاّمة والجهبذ الفهّامة
فيا له عبقرياً في المجد نال الإمامة
الكرملي جدير مِنّا بكُلِّ كرامه
فهل تستطيعون أن تحذوا حذوه وتكرمون رجال الدين بدلاً من إهانتهم بالشكل الذي نراه اليوم ؟
هذا هو أحد الكهنة أو القسس الذين تخطفون زملاؤه الأن وتعذبون أخرون !!! بالله عليكم هل هذه هي عدالتكم ؟ أيَّ أَجرٍ لكم ؟
كم منكم يعرف العلامة كوركيس عواد وأخيه ميخائيل عواد فهما مسيحيان وماذا قدّما لخدمة العرب والعراقيين ؟
هل تعرف أيها الإرهابي ومن بعدك أهالي كربلاء بأن صحراء كربلاء تقع فيها أقدم كنيسة مسيحية في العراق ؟ إذ إنها بُنيت قبل ظهور الإسلام ب 120 عاماً وهي تقع في منطقة القصير على مسافة 70 كم جنوب غربي كربلاء وعلى بعد 5 كم من قصر الأخيضر التاريخي المعروف .
وهل يعرف المواطن الشيعي أو أبن الجنوب وتحديداً أبن المدائن بأن مدينته المدائن كان أسمها الحقيقي بالكلدانية – أمذيناثا – أم – ماحوزا !!
كم منكم يعرف بأن البصرة الفيحاء كانت قد أختيرت كمدينة أسقفية في النظام الكنسي قبل الرسالة الإسلامية .
أما الحيرة فكانت تسمى بالسريانية حْرته ومعناها المعسكر وهو أسم ليس عربياً ..
وهل يعلم أهل الحيرة اليوم بأن ملك مدينتهم كان أسمه النعمان بن المنذر وكان مسيحياً وكذلك الأمير الحارث بن جبلة وكل عشيرته ... وإن هند زوجة الملك المنذر كانت قد بنت ديراً للتعبد هناك .
يقول جورج شحاته : بنت هذه البيعة هند بنت الحارث بن عمرو بن حجر , الملكة بنت الأملاك وأم الملك عمرو بن المنذر أَمَة المسيح وأم عبدهِ وبنت عبيدِهِ , في مُلك مَلِك الملوك خسرو أنشروان في زمان مار أفريم الأسقف, فالإله الذي بَنَتْ له هذا الدير يترحم عليها وعلى ولدها . المسيحية والحضارة العربية – الأب جورج شحاته قنواتي / الفقصل الثالث ص 55
هل تعلم أيها الإرهابي بأن قبيلة بني تميم كانت تدين بالمسيحية !!! وكذلك بنو كلب وتغلب وقضاعة وسليح !!! وهل تعرفون بأنه كان في يثرب ومكة والمدينة مسيحيون !!!
وفي تقويم قديم يقول أن للمذهب النسطوري مطراناً في يثرب وكان لهم ثلاث كنائس على أسم إبراهيم الخليل وموسى الكليم وأيوب الصدّيق .وهل تعرفون بأنه قوم من بني أسد بن عبد العزي منهم عثمان بن الحويرث بن أسد بن عبد العزي كان مسيحياً وكذلك ورقة بن نوفل عم خديجة بنت خويلد . المصدر السابق وذكره د.جواد علي ج6 ص 607
يا أهل الناصرية إن كنتم قد آذيتم المسيحيون فتذكروا بأن الكلدانيون هم الذين أطلقوا على المعبد الذي يتوسط رستاق – الناحية – نينوى ورستاق عقر بابل أسم ( كرب إيلا ) ومعناه بالآرامية – حرم الإله - جاسم الكلابي – مجلة النبأ الكويتية ويا أهل الناصرية هل تعرفون بأن مدينتكم كانت في يومٍ ما ضمن حدود الأمبراطورية الكلدانية ؟ وإن إبراهيم أبو الأنبياء عليه السلام يقول عنه الكتاب المقدس بأنه خرج من أور الكلدانيين ؟ وهوينتسب إلى قبيلة كبيرة يسمى أفرادها بالكلدانيين والواحد كلداني ؟ وإن أور الكلدانيين – المكير حالياً – هي مسقط رأس إبراهيم أبو الأنبياء ؟وهل يعرف أهل الناصرية عامةً وأهل المقيّر خاصةً بأن – أور – هي لفظة كلدانية خالصة وتعني الساحة أو المدينة ؟
يا أهل سامراء هل تعرفون المعمار الذي بنى ملويَّتكم وأصبحت شعاعاً تاريخياً حضارياً ؟ إنه المعمار الكلداني دليل بن يعقوب النصراني فهل تعرفون ذلك ؟ عامر حنا فتوحي – الكلدان منذ بدء الزمان – ص 47
يا أهل العزيزية ، هل سمعتم ب دير للرهبان أسمه " دير قني " واليوم تسمون تلك المنطقة ب " تلول الدير " ويقع في شمالي العزيزية ويسمى دير ماري السليح ، هذا الدير الذي بناه أول رسول للمسيحية إلى المشرق وهو مار ماري الرسول وقد بناه بعد أن شفى إمرأة أسمها " قُني " فوهبته أراضٍ شاسعة ، وقد كان في هذا الدير مائة قلاية لرهبانه الثلاثمائة ، وكان في هذا الدير صخرة مصنوعة ينضح منها الدهن في يوم عيد القديس .
وقد وصف الشاعر أبو علي محمد بن الحسين بن جمهور القمي الدير بقوله : ــ
يا منزل اللهو بدير قُنا ,,,,,,,, قلبي إلى تلك الربا قد حنا
سقياً لأيامك يوم كنا ,,,,,,, نختار منك لذة وحسنا
بالله يا قسيس يا مار قُنا ,,,,,, متى رأيت الرشا الأغنا
لقد ظل هذا الدير عامراً برهبانه مدة طويلة تبلغ الألف سنة ، ثم تطاولت عليه يد الزمن كما تتطاول اليوم اياديكم على أبنائه ، وقد قال الشاعر في هذا المجال بيتاً لطيفاً من الشعر مفاده : ـــ
وأيديك إن طالت فلا تغتر بهما ,,,,,,,,, فإن يدُ الأومان منهن أطولُ .
هل
إن كنتم تعرفون تاريخ أمتكم حقيقةً فمَن منكم يعرف هدبة بن الخشرم الشاعر الذي يرتقي نَسَبه إلى عشيرة قضاعة من أكبر قبائل العرب وهو المعروف بالشجاعة والنجدة والمروءة . لقد كان مسيحياً كما يشهد عليه تاج الحماسة حيث يدعوه ورهطهُ بأُمّة المسيح .
وشمعلة التغلبي من بني حَدَس بطن من بني لخم النصارى .
يا أيها السلفيون هل تعرفون الأخطل التغلبي ؟ إنه أعظم شعراء النصرانية بعد الإسلام , وهو أبو مالك غياث بن غوث الملقب بالأخطل وبذي الصليب لنصرانيته وحَمْلِهِ الصليب وهومن قبيلة تغلب من بني ربيعة وُلِدَ في الحيرة سنة 640 ميلادية وهو القائل
وإذا أفتقرت إلى الذخائر لم تجد ذخراً يكون كصالِحِ الأعمالِ
فهل تستطيعون أن تعملوا عملاً طيباً وصالحاً يبقى ذخراً لكم طول العمر ؟؟؟؟ وأين أنتم من صالح الأعمال ؟ وما هي أعمالكم التي تركتموها والتي تُخَلدكم بعد موتكم ؟ هل هي الذبح والقتل والتهجير القسري والسطو الإجباري على الممتلكات ؟
أيها السلفيون :
لقد أشتهر المؤلفون المسيحيون في زمن العباسيين ( 750 – 1258 م ) في نقل روائع الحضارة اليونانية والسريانية إلى العربية , وتخصصوا في ميدان الفلسفة والطب بالإضافة إلى أبداعهم في مجال الشعر , واليوم ابناء هؤلاء الجهابذة والرجال الأفذاذ الذين خلّدهم التاريخ يُقتلون ويُذبَحون على أيدي التكفيريين فهل تسمحون بذلك ؟ وهل هذا هو ديدنكم ؟
وهذا هو أسحق بن حنين الطبيب والشاعر , وغيره من الأدباء من آل بختيشوع الذين خدموا الخلفاء خدمةً لا تُنسى , فكم منكم يا أصحاب الفطنة والعقل يعرفون هذا ؟وكم من المسلمين المتشددين يعرفون بأن الخليفة المنصور عندما مرض ولم يفلح أطبّاؤه بشفائه , هل تعلمون من شفاه ؟ لقد شفاه الطبيب المسيحي جورجيس بن بختيشوع ( طبقات الأطباء ج 1 ص 124 )
وإن الخليفة هارون الرشيد كان له طبيب مسيحي يشرف على صحته وأسمه يوحنا بن ماسويه حيث قام بترجمة كتب الطب إلى العربية –( المصدر السابق ص 175 ) .وهل تعرفون بأن الخليفة هارون الرشيد قال لأصحابه : كل من كانت له حاجةً إليَّ فليخاطب بها جبرئيل لأني أفعل كل ما يسألني فيه ويطلبه منّي , ولما تولى الأمين فكان لا يأكل ولا يشرب إلا بأذن من جبريل الطبيب ولما مات جبريل دفن في المدائن وكانت له من المؤلفات ما لا يحصى ولكن على سبيل المثال : رسالة إلى المأمون في المطعم والمشرب , كتاب المدخل إلى صناعة المنطق وكتاب الباه ورسالة مختصرة في الطب وكتاب في صنعة البخور . أما أبنه بختيشوع فقد خدم الرشيد والأمين والمأمون والمعتصم والواثق والمتوكل , وكان الخلفاء يثقون به على أولادهم , ومن مؤلفاته : رسالة إلى المأمون في تدبير البدن , نصائح الرهبان في الأدوية المركّبة ورسالة فيها نكت من مخفيات الرموز في الطب ونبذة في الطب . جورج شحاته – المسيحية والحضارة العربية ص 152
وهل تعلمون بأن أبو زكريا يوحنا بن ماسويه كان طبيباً ذكياً وإن ملوك بني هاشم لم يكونوا يتناولوا شيئاً من اطعمتهم إلا بحضرته , وكان مجلسه أعمر مجلس في مدينة السلام , وقد ألّف أكثر من أربعون كتاباً في الطب والأغذية والأشربة والسموم والطبخ وغيرها في مجال الطب والصحة العامة .
وحنين بن أسحاق ( 873 م ) قال عنه المستشرق لوكلير : يعد حنين أقوى شخصية أنجبها القرن التاسع ,بل من أشد رجال التاريخ ذكاءً وأحسنهم خلقاً . . ولد حنين بن أسحق العبادي سنة 808 في الحيرة بالعراق وكان يجيد أربع لغات وهي السريانية والفارسية واليونانية والعربية وهو الذي ترجم كتب جالينوس وأبقراط وأفلاطون إلى العربية كما شرح كتاب الفراسة لأرسطوطاليس وله مؤلفات في فروع الطب تزيد على المائة كتاب .
هل يعرف أهالي الناصرية اليوم بأن أبو الحسين صاعد بن هبة الله بن المؤمل كان طبيباً مسيحياً ماهراً خدم بالناصرية إلى أن مات ودفن في بغداد في كنيسة للمسيحيين سنة 1194 م . الفهرست لأبن النديم ص 265
وكم من المتشددين المسلمين نسوا لربما كان أصلهم أو أن أجدادهم كانوا يدينون بالمسيحية فيذكر لنا جورج شحاته في كتابه بأن القبائل التالية كانت تدين بالمسيحية قبل ظهور الإسلام وهي : تنوخ وحمير وتغلب وبنو غسان وبحراء سليح وبني كلب وأياد وبكر وشيبان وبني طي وتميم وبنو كندة وبنو الحارث وعبد القيس .المسيحية والحضارة العربية القسم 2 الفصل الأول .
قال اليعقوبي : تنصّر من أحياء العرب قوم من قريش من بني أسد بن عبد العزي منهم عثمان بن الحويرث بن أسد بن عبد العزّي وورقة بن نوفل بن أسد . تاريخ اليعقوبي الجزء الأول ص 298
" أما الحارث بن كلدة بن عمرو بن علاج الثقفي فقد كان نصرانياً على مذهب النساطرة وكان طبيب العرب في وقته.
تاريخ الحكماء للقفطي ص 161
مَن منكم لا يعرف حاتم الطائي وأبنه عُدّي , إنه المثل المضروب بالجود والكرم في كل العرب , ولكن كم من التكفيريين يعرفون بأنه كان مسيحياً , لقد صرّح بنصرانيته أبن هشام في كتابه – سيرة الرسول – ص 747 والطبري في تاريخه ص 1707
وكم منكم أيها السلفيون تعرفون بأن الخليفة عثمان بن عفان كان قد تزوج من الشاعرة المسيحية نائلة بنت الفرافصة .
والى اللقاء في الحلقة الثالثة
نشرت هذه الحلقة في المواقع الألكترونية بتاريخ 29/8/2006
نزار ملاخا