عيد سعيد يا مليار مسلم
عيد سعيد لكل المسلمين في انحاء المعمورة ، وبعد ان شاهدنا عبر الفضائيات العربية موائد ومراسيم الفطور حينما يتحلق أفراد العائلة حول المائدة بعد إطلاق المدفع معلناً موعد الفطور ، انها حالة إيماينة أنسانية لمراجعة النفس وفتح نوافذ المحبة والتسامح بين البشر جميعاً ، والعادات الأجتماعية والشعائر الدينية تتيحان للأطلاع ومعرفة ثقافات الشعوب ومعرفة الأديان بما فيها الدين الأسلامي من اتباع هذه الديانات الأخرى .كان نبي الأسلام بمفهوم العصر الحديث إنسان واقعي ويدعو الناس ويرشدهم الى الهداية .
(( لم يرسلني الله لصنع العجائب والخوارق وإنما أرسلني للأرشاد والهداية )) .
(( قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك . إن أتبع إلا ما يوحي إليّ . قل هل يستوي الأعمى والبصير ! أفلا تتفكرون : الأنعام 50 )) .
( سبحان ربي هل كنت إلا بشراً رسولاً )) . ( .. إنما أنا بشر مثلكم يوحي أليّ أنما إلهكم إله واحد فاستقيموا اليه ) .
وما يلخص صفات نبي الأسلام محمد بن عبدالله في مرحلة الشباب عبر التقليد الأسلامي :
كان نقي القلب ، كريم النسب ، محبوباً من كل من حوله ، كان يتمتع بخلق دمث لطيف وعذب . وقد جعله يتمه وحرمانه في طفولته حساساً اتجاه آلام الناس في جميع أشكالها ، فكان مستعداً دائماً لمساعدة الآخرين لاسيما ( الفقراء والضعفاء ) . وقد أكسبته أمانته وإحساسه بالواجب وإخلاصه ووفاؤه مع نموه في العمر ، لقبين شهيرين عظيمين يغبطه الناس عليهما وهما " الصادق والأمين " ( د. هوستن سميث : أديان العالم 486 ) .
عزيزي المسلم عيد سعيد وكل عام وانتم بخير ، وبعد قراءة هذه المقدمة فإن الصراحة تجبرنا الى الكتابة بما يقترفه المسلمون بعد 14 قرن من انبعاث الدين الأسلامي بحق ناس ضعفاء لا حول لهم ولا قوة ، ولا نريد الأسهاب في هذا الموضوع سوى اشارت خاطفة منها :
ــ يوم 30 / 9 / 2007 وجدت جثتي الأخوين ابراهيم سهاك سركيس البالغ من 70 سنة وأخيه اوانيس سهاك عمره 64 سنة وهما مخنوقين بسلك قاطع ومقطوعي الأطراف وممثل بجثثهم .
ــ اغتيل الشهيد سمير اسطيفان ميخا دودا يوم 3/ 10 / 2007 م .
ــ اغتيل الشهيد فرنسواسحق في بغداد بتاريخ 7 / 10 / 2007 م .
ــ اختطف الشهيد بسام يوسف الياس (( الخادم )) ( نعم الخادم ) في كنيسة الطاهرة بالموصل بعد تأديته الخدمة الكنسية ، ووجدت جثته الطاهرة مرمية في احد أحياء الموصل .
ــ استشهد المواطن المسيحي ميسر منصور حنا من كرمليس على يد مجموعة أرهابية لأنه لم يدفع لهم مبلغ 50000 دولار لقاء الأفراج عنه .
ــ في لندن أدين 6 أصوليين بتهم تتعلق بإنشاء معسكرات تدريب الأسلاميين في بريطانيا ، وقالت مصادر المحكمة ان المحلفين استمعوا الى محادثة سرية بين حميد وأبو عبدالله القبرصي يتحدثان فيها عن تفجيرات لندن وعدد الضحايا الذين وصفهم حميد وعددهم 52 قتيلاً ، بأنهم لا يمثلون وجبة إفطار بالنسبة له . ( الشرق الأوسط في 12 / 10 / 2007 ) .
اختطف بتاريخ 13 / 10 / 2007 اثنان من القاوسة السريان في الموصل وهما الأب بيوس عفاص والأب مازن أيشوع حيث كانا في طريقهما الى الكنيسة لأقامة القداس .
لا أدري كيف نفسر تلك الخصال العظيمة لنبي الأسلام محمد بن عبدالله وبين تلك الأعمال الأرهابية بحق اناس ضعفاء لا حول لهم ولا قوة .
علينا ان نعترف ان المسلمين لا يمكن ومن المستحيل ان يقبلوا بتلك الأعمال الأجرامية بحق اناس لم يرتكبوا أي ذنب . ولكن من جانب آخر علينا ان نقر بأن كل مرتكبي هذه الجرائم هم مسلمون .
إن رأيي المتواضع ان المسلمين في الدول العربية وفي العالم أجمع عليهم ألا يدرسوا في مدارسهم الدين الأسلامي للأطفال ، إنما عليهم ان يدرسوا درس يشمل كل الأديان ( المسيحية واليهودية والأسلام والكونفوشية والبوذية والهندوسية والطاوية .. ) ، لكي يعرف المسلمون ماذا تحتوي الأديان الأخرى ؟ ماهي الفضائل التي تنشرها تلك الكتب المقدسة وهي تكتب عن المساواة والعدالة الأنسانية والمحبة والأخوة والسلام والتسامح بين أبناء الجنس البشري دون تمييز . انهم سيقرأون :
الهندوسية :
من عمق مبادئها استلهم أفكاره الأنسان العظيم مهاتما غاندي ، لقد لقّب هذا الأنسان البسيط بأنه " الناطق باسم ضمير الأنسانية " .
يفتتح الكاهن الهندوسي صلاته في المعبد بهذا الدعاء :
يا رب ! اغفر لي ثلاثة خطايا ناجمة عن حدودي البشرية .
إنك في كل مكان لكني اعبدك هنا .
إنك من غير شكل ولا جسم ، ولكني اعبدك في هذه الأشكال .
إنك لا تحتاج الى الثناء والمديح ولكني أقدم لك هذه الصلوات والتحيات .
ربّ ! اغفر لي ثلاثة خطايا ناجمة عن حدودي البشرية .
إن الهندوسية شاركت الزردشتيين والبوذيين والمسلمين والسيخ والمسيحيين في أرضها لقرون متعاقبة وعن قناعتها أن الأديان الكبرى المتنوعة بدائل وطرق متساوية نسبياً نحو الله الواحد .
لقد اعلنت نصوص الفيدا منذ قديم الزمان عن القناعة الهندوسية بأن :
الأديان المتنوعة ليست إلا لغات مختلفة كلّم الله بها قلب الأنسان .
البوذية :
والبوذية نسبة الى بوذا الذي هزت رسالته الهند وألهبتها صار الملوك ينحنون أمامه والناس يأتونه ، ومع هذا كان يُرى حاملاً طاس التسول بيده . إنه الحكيم الصامت وهو القديس الثائر ، إنه يدعو كل فرد الى الأستنارة في سرية وصمت :
لذا ، يا آناندا ، كن مصباحاً منيراً لنفسك . كن ملجأ ً لنفسك ، لا تلجأ لأي ملجأ خارج ذاتك ، تمسك بالحقيقة ، بشكل وثيق كمصباح منير ، تمسك واعتصم بالحقيقة كملجأ ، اعمل بجهد واجتهاد لأجل خلاص نفسك بنفسك .
وهناك نصوص بوذية تنطبق ومفهوم الألوهية نقرأ :
النيرفانا دائمة أبدية ، لاتفنى ، لا تتحرك ، لا زمن لها ( بلا بداية ولا نهاية ) بلا موت ، غير مولودة ، غير متحولة وغير متغيرة ، النيرفانا قوة ، ونعمة وسعادة والملاذ الآمن ، والملجأ ، وموضع الأمان المنيع ، إنها الحق الحقيقي ، والحقيقة الأعلى والأسمى ، إنها الخير المحض ، والهدف الأسمى ، والأكتمال الأوحد لحياتنا ، إنها السلام الأزلي ، الباطني غير قابل للأستيعاب .
الكونفوشية :
الكونفوشية من معلمها الأول كونفوشيوس ومن اقواله :
اكثر الناس نبلاً هم من يطبقون على انفسهم ما يعظون بهم الآخرين به ، ثم يعظون الآخرين بما طبقوه على انفسهم ، وهو يقول :
الهجمات المتبادلة بين الولايات ، السلب والنهب المتبادل بين البيوت ، والأصابات المتبادلة بين الأفراد ، هذه أحد اهم الكوارث الرئيسية في العالم . ويقول
إذا كان هناك بر واستقامة في القلب ، فسيكون هناك جمال في الأخلاق .
إذا كان هناك جمال في الأخلاق ، فسيكون هناك انسجام في البيت .
إذا كان هناك انسجام في البيت ، سيكون هناك نظام في الأمة .
إذا كان هناك نظام في الأمة ، سيكون هناك سلام في العالم .
الطاوية :
اما الطاوية وهي من ديانات الشرق الأقصى ونشأت بواسطة رجل يدعى لاو تسو ، وهذه الديانة تتجنب العدوانية والقسوة :
إن من يريد ان يرشد زعيماً للناس عن فوائد الحياة
فإنه يحذره من استخدام الأسلحة لأجل الغزو
حتى افضل الأسلحة وأرفعها ، ما هي إلا أدوات للشيطان ( الشر ) :
إن الأسلحة أدوات العنف ،
كل الرجال المحترمين المهذبين يبغضونها
يتجنبها الرجل المحترم المهذب
إلا في الضرورات القصوى ...
إن السلام أعلى القيم ..
إنه يدخل المعركة ببطء ووقار ،
مملوء بالحزن والشفقة العظيمة وكأنه يحضر تشييع جنازة .
وعن البساطة والأنفتاح والحكمة في الطاوية نقرأ :
هناك كائن ، رائع وكامل ،
وجد قبل السماء والأرض
كم هو هادئ ؟
وكم هو روحي ؟
يبقى وحيداً لا يتغير .
يوجد قريباً وبعيداً ، هنا وهناك ، ومع هذا لا يعاني من هذا التواجد
يلف كل شئ بحبه كثوب يغطي كل شئ ،
ومع ذلك فلا يدعي شرفاً او مقاماً ، ولا يطلب ان يكون سيداً
إنا لا اعرف اسمه ، ولذلك اسميه " طاو Tao " الطريق ، وأبتهج بقوته .
اليهودية :
إن الحضارات والأديان السماوية متأثرة بقوة بالديانة اليهودية .
منبع الأعتقاد اليهودي " اسمع يا اسرائيل : الرب إلهُنا رب واحد " تثنية 6 : 4 ، في الدوامة الهائلة للتاريخ بين بناء الأهرامات وحضارات بابل وسومر وأكد ، كان العبرانيون قبائل مهملة تائهة يتنقلون في الصحراء العربية ، وكان لهم شأن ضئيل امام القوى العظمى في تلك الأزمنة . لكن في تمسكهم بمشروع الأله الواحد اصبح لهم شأن ديني وأخلاقي مهم في التاريخ .
تتضمن الشريعة التوراتية قيود حكيمة التي تجعل من البشر أحراراً . يتضمن الكتاب المقدس على الوصايا التي تنظم سلوك الأنسان . منها أربع مبادئ أخلاقية من الوصايا العشر . لقد تبنت المسيحية والأسلام هذه الوصايا العشر ، وأصبحت تشكل الأساس الأخلاقي لمعظم العالم الغربي والشرقي .
" أنا هو الرب قد دعوتك بالبر . أمسكت بيدك وحافظت عليك وجعلتك عهداً للشعب ونوراً للأمم ، لتفتح عيون العمي ، وتطلق سراح المأسورين في السجن ، وتحرر الجالسين في ظلمة الحبس " إشعيا 42 : 6 ، 7 .
" فيطبعون سيوفهم محاريث ورماحهم مناجل ، ولا ترفع أمة على أمة سيفاً ، ولا يتدربون على الحرب فيما بعد " إشعيا 2 : 4 .
المسيحية :
من بين الأديان الكبرى المسيحية التي تعتبر من اوسع الأديان انتشاراً ، وتقول بعض الأحصائيات ان هنالك شخص مسيحي من أصل كل ثلاثة أشخاص على وجه كوكبنا . السيد المسيح كان في حياته متواضعاً زاهداً لكن له شخصية كارزمية نافذة . كان ينتقل من مكان الى آخر يعمل الخير ويتكلم ولم يسبق ان تكلم أحد بمثل ما تكلم به السيد المسيح ، لقد كان له كلمات متقدة تحمل نبضاً ووقعاً استثنائياً :
" إن اعثرتك يدك فاقطعها وألقها عنك .. وإن كانت عينك اليمنى فخاً لك فاقلعها وارمها عنك " وعن جمع الثروات يقول السيد المسيح : الجمل الذي أسهل ان يدخل في ثقب أبرة من ان يدخل الغني ملكوت الله . .. والذي يلاحظ القشة في عين أخيه ، لكنه لا يتنبه الخشبة الكبيرة في عينه .
إن تعاليمي حقة ، ليس لأنها تأتي مني ، ولا حتى لأنها تأتي من الله على لساني وبواسطتي ، ولكن لأن قلوبكم تشهد بأحقيتها وصدقها ، رغم كونها ضد التقاليد والأعراف السائدة .
إن المسيحيين في كل انحاء كوكبنا يصلون الصلاة الربانية :
بابان ديلي بشميا
" أبانا الذي في السماوات ، ليتقدس اسمك ، ليأت ملكوتك ، لتكن مشيئتك ، كما في السماء كذلك على الأرض . أعطنا خبزنا كفافنا اليوم ، واغفر لنا خطايانا ، كما نحن أيضاً نغفر لمن أخطأ الينا ، ولا تدخلنا في التجربة ، لكن نجّنا من الشرير ، لأن لك المُلك والقدرة والمجد الى أبد الأبدين ... أمين " .
الأسلام
ينتمي الأسلام لعائلة الأديان الأبراهيمية ، والكلمة مشتقة من السلم والسلام والمعنى الكلي يعني الأستسلام او التسليم الذي يحصل حينما يسلم المرء نفسه الى الله . وتفيد الروايات الدينية ان محمد بن عبدالله هو خاتم النبيين وهو تحدر من ذرية اسماعيل وهو ابن ابراهيم من جاريته ثم زوجته هاجر ، وإن زوجته الأولى سارة انجبت له ابناً سماه اسحق ، وطبقاً للقران أُخذ اسماعيل ووالدته الى المكان الذي نشأت فيه مدينة مكة فيما بعد ، وذريته تكاثرت وازدهرت وهم المسلمون الأوائل ، فيما عرفت ذرية اسحق الذين بقوا في فلسطين باسم العبرانيين ثم اصبحوا اليهود .
وتقول سورة الفاتحة :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
الرحمن الرحيم . مالك يوم الدين .
اياك نعبد وأياك نستعين .
اهدنا الصراط المستقيم .
صراط الذين انعمت عليهم . غير المغضوب عليهم ولا الضالين .
ويرتكز الدين الأسلامي على خمسة أركان : الشهادة : وهي جملة واحدة " لا إله إلا الله محمد رسول الله .
والركن الثاني هو الصلاة . والركن الثالث هو التصدق والأحسان ( الزكاة ) ، والركن الرابع هو صيام شهر رمضان ، والخامس هو الحج .
وعن فردية الروح البشرية في الخطاب الأسلامي يقول حسن البصري :
يا ابن آدم ستموت وحدك وستدخل القبر وحدك وستبعث وحدك وستحاسب وحدك . وعن التعاليم الأجتماعية فقد هناك بعض الأمتيازات للذكور : فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع ..
ونقرأ في في القرأن :
وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلوكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ، البقرة : 190
لا أكراه في الدين قد تبين الرشد من الغيّ ، البقرة : 257 .
إن المسلمين في انحاء المعمورة يلبون الدعاء الى الصلاة :
الله أكبر الله أكبر أشهد ان لا إله إلا الله أشهد ان محمداً رسول الله حي على الصلاة حيّ على الفلاح
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله .
إضافة الى الأديان التاريخية ثمة الأديان البدائية والتي تعرف بالأديان الشفهية لعدم انتشار الكتابة بين معتنقيها او الأديان القبلية لأنحصارها في تجمعات صغيرة .
وأخيراً اقول :
ان المطلوب من المسلمين الأعتدال وبناء علاقات الندية والأحترام بين من يخالفوهم في الدين ، فالأديان قاطبة تدعو الى التفاهم والتعايش والتسامح ، والأعياد هي فرص لصفاء القلوب والعفو والتصالح ونبذ الكراهية والضغينة من القلوب ، علينا ان نسعي الى مد الجسور بين المسلمين وبين غيرهم من البشر ، إن خاتم النبيين لا يلغي ما قبله من الأنبياء ، إنها أفكار تراكمية لمصلحة البشر وليس العكس .
إنه من الأجرام ان يلجأ مسلم لقتل أناس أبرياء بحزام ناسف او سيارة مفخخة بأمل بلوغ جنة غامرة بالممارسات الجنسية مع اعداد غير معقولة من الحور والغلمان ، إن غسل الأدمغة لتوجيه الجريمة بهذا الشكل هو ابشع انواع الأساءة الى الدين الأسلامي .
وكل عام وانتم بخير وبمحبة مع كل الناس من الأديان الأخرى بما فيهم المسيحيين العراقيين .