Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

في ذكرى ولادتها: تجليات الشجاعة الزينبية

  

   اروع ما في شخصية زينب بنت علي بن ابي طالب عليهم السلام هي، الشجاعة في زمن الجبن والخوف، والثبات في زمن الهزيمة، والعزيمة في  زمن الانهيار، والتحدي في وقت الاستسلام، والصبر في وقت الاستعجال، والثقة بالنفس في وقت الشك والتردد، وكلمة حق امام سلطان جائر.

   هذه هي زينب، والتي تصادف ذكرى ولادتها هذه الايام، فأين وكيف تجلت شجاعتها؟.

   قبل ان أجيب على هذا السؤال، اود ان أُبيّن ملاحظة في غاية الأهمية، وهي:

   ان الشجاعة تمثل قمة الانسانية، فهي الآلة التي يحقق بها المرء إنسانيته، ولا فرق في ذلك بين المرأة والرجل، فالإيمان بالله يحتاج الى شجاعة، والالتزام بالواجبات يحتاج الى شجاعة، وانتزاع الحقوق يحتاج الى شجاعة، والتقدم يحتاج الى شجاعة، وهكذا السعادة والنجاح والتغيير والبناء والإنفاق والعبادات والنزاهة والمسؤولية والصدق ومواجهة الحقائق والأمانة والإخلاص والاعتراف بالخطأ والاعتراف بفضل الآخرين والرقابة والمحاسبة، خاصة منها محاسبة الذات، والعدل وتداول السلطة ومواجهة التحديات والثبات بوجه الإغراءات والأهواء، وكل شيء في هذه الحياة، فالجبن منقصة وهو أساس خراب كل شيء، في الأخلاق والسياسة والاجتماع والاقتصاد، وفي كل شيء.

   هذا من جانب، ومن جانب آخر، فان الشجاعة هي آلة تحقيق السلم والعدل والإنصاف والمساواة والحرية والشراكة الحقيقية، وكل المفاهيم الإيجابية الاخرى التي تحتاجها السلطة، أية سلطة، لتكون صالحة تستحق الاحترام والثقة.

   لذلك، نرى ان كل أهل بيت النبوة والرسالة تحلّوا بالشجاعة، كبيرهم وصغيرهم، رجالهم ونساؤهم، إمامُهم وعالمهم، ويقف على راسهم رسول الله (ص) الذي يحدثنا عن شجاعته امير المؤمنين ع بقوله {كُنَّا إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللهِ(صلى الله عليه وآله) فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنَّا أَقْرَبَ إِلَى الْعَدُوِّ مِنْهُ}.

   ويقول عليه السلام يصف شجاعة اهل البيت (ع) بقوله {إذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ، وَأَحْجَمَ النَّاسُ، قَدَّمَ أَهْلَ بَيْتِهِ [يعني رسول الله (ص)] فَوَقَى بِهِمْ أَصَحَابَهُ حَرَّ السُّيُوفِ وَالاَْسِنَّةِ، فَقُتِلَ عُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ يَوْمَ بَدْر، وَقُتِلَ حَمْزَةُ يَوْمَ أُحُد، وَقُتِلَ جعفر يَوْمَ مُؤْتَةَ، وَأَرَادَ مَنْ لَوْ شِئْتُ ذَكَرْتُ اسْمَهُ مِثْلَ الَّذِي أَرَادُوا مِنَ الشَّهَادَةِ، وَلكِنَّ آجَالَهُمْ عُجِّلَتْ، مَنِيَّتَهُ أُجِّلَتْ}.

   اما علي (ع) نفسه فيقول عنها {فَقُمْتُ بِالاَْمْرِ حِينَ فَشِلُوا، وَتَطَلَّعْتُ حِينَ تَعْتَعُوا، وَمَضَيْتُ بِنُورِ اللهِ حِينَ وَقَفُوا، وَكُنْتُ أَخْفَضَهُمْ صَوْتاً، وَأَعْلاَهُمْ فَوْتاً، فَطِرْتُ بِعِنَانِهَا، وَاسْتَبْدَدْتُ بِرِهَانِهَا، كَالْجَبَلِ لاَ تُحَرِّكُهُ الْقَوَاصِفُ، وَلاَ تُزِيلُهُ الْعَوَاصِفُ}.

   والشجاعة دليل:

   *الإيمان بالقضية، دينية كانت ام دنيوية لا فرق.

   *الثقة بالنفس وبالادوات المتوفرة.

   *اليقين بالهدف وإمكانية تحقيقه، وبالقدرات الذاتية.

   *النزاهة، فاللص والمعتدي على حقوق الناس يكون مرعوبا خائفا وجبانا.

   وفي شخصية زينب عليها السلام تجلت الشجاعة لانها كانت مؤمنة بقضيتها واثقة من نفسها وبقوة شخصيتها التي ورثتها من ابيها امير المؤمنين (ع) وعلى يقين من النتيجة وهي نزيهة بكل معنى الكلمة، ولذلك كانت شجاعة لم تهن ولم تنكل ولم تستسلم في تلك الحال وفي ذلك الموقف الذي لم يشهد له التاريخ مثيلا، فتجلت الشجاعة في خطبتها العصماء في مجلس الطاغية يزيد في الشام، كما يلي:

   الف؛ لم تستأذنه، وإنما نهضت واقفة لتدلي بخطبتها، بلا مقدمات.

   باء؛ حاكمته بالقران فورا، عندما افتتحت خطبتها بالآية المباركة {ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَىٰ أَن كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ} فحكمت عليه بتهمة الإساءة والكذب والاستهزاء بآيات الله تعالى، بصفته تسنم موقعا باسم الدين بغير حق.

   جيم؛ سمَّتهُ بلا عناوين، لتنبّه الحضور الى كذب صفاته ونعوته التي تسبق اسمه النحس، والتي انتحلها بغير وجه حق، فقالت {أظننت يا يزيد}.

   دال؛ ذكرت وصفه الدقيق والحقيقي الذي وصفه به رسول الله (ص) فانتزعت عنه شرعية السلطة والخلافة فخاطبته بالقول {أمن العدل يابن الطلقاء تخديرك حرائرك واماءك وسوقك بنات رسول الله (ص) سبايا}.

   هاء؛ اتهمته بالظلم والجور والقتل العمد مع سبق الإصرار، فأسقطت هيبة الخلافة المزعومة عندما خاطبته بالقول {اللهم خذ لنا بحقنا وانتقم ممن ظلمنا، وأحلل غضبك بمن سفك دماءنا وقتل حماتنا}.

   واو؛ احتقار الطاغوت في عقر داره وعدم الاكتراث بقوته المزعومة وهيبته الكارتونية فخاطبته بالقول {ولئن جرت عليّ الدواهي مخاطبتك، إنّي لاستصغر قدرك، واستعظم تقريعك، واستكثر توبيخك}.

   زاي؛ واخيرا، التحدي الصارخ، ليس في الزمن الحاضر والآني، وإنما في المستقبل والزمن القادم، في إطار حرب نفسية يعجز عن ادائها غيرها، وذلك بقولها {فكد كيدك، واسع سعيك، وناصب جهدك، فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا، ولا تدرك أمدنا، ولا ترخص عنك عارها، وهل رأيك الا فند، وأيّامك الا عدد، وجمعك الا بدد}.

   والآن:

   الا ترون اننا بحاجة للتصويت لمرشحين في الانتخابات النيابية القادمة، يتمثلون شجاعة زينب بنت علي (ع) لنغير ونبدل؟.

   ان الشجاع هو الذي يحمينا، وهو الذي يصون حقوقنا، وهو الذي يحقن دماءنا، وهو الذي يضمن لأبنائنا مستقبلا افضل من الحاضر المأساوي، فماذا نحن فاعلون يا تُرى؟.

   ٣ آذار ٢٠١٤

                   للتواصل:

E-mail: nhaidar@hotmail. com

Face Book: Nazar Haidar 

WhatsApp & Viber: + 1 (804) 837-3920


 

Opinions