كرسي مرسي المخلوع
يترقب العالم باهتمام بالغ ما يجري في مصر الآن من صراع ما بين شرعيتين. شرعية الشعب التي خلعت مرسي وشرعية الإخوان التي نصبت مرسي رئيسا لجمهورية مصر خارج المألوف والتوقعات ، ولعل وصول مرسي وشياطين الإخوان لرئاسة اكبر دولة عربية عرفت بعراقة حضارتها وروح التسامح وطيبة شعبها وثقافتها وانفتاحها ، كان أمرا غريبا حول مسار الثورة المصرية بل اختطفها من الثوار الشباب المتنورين وقدمها غنيمة جاهزة لمشايخ الإخوان من الجهلة المتخلفين والمتطرفين ، وكان الأكثر غرابة والأعظم مفاجأة ان الثورة عادت لمجراها ولأصحابها وبطريقة لم يتوقعها الإخوان وشياطينهم والذين ساندوهم بالمليارات من عربان الخليج للهيمنة على مقدرات مصر العروبة وتحويلها الى قاعدة أفغانية تنطلق منها خنازير القاعدة وزعماء الطائفية.
إن ما حدث خلال سنة واحدة من حكم مرسي جاوز كل الخطايا التي ارتكبتها أنظمة الاستبداد والطغاة ، فخلال عدة أشهر قليلة وزع الرئيس المخلوع كل حقائب الوزارات والمناصب الاستشارية والمحافظات والوظائف الخاصة وكل مصالح البلاد بين شلل من المخرفين التابعين لمكاتب المرشد العام للإخوان ومعهم الآلاف من جهلة السياسة من المراهقين والبلطجية، وهيمن الإخوان على كل مرافق الحياة ومارسوا كل عمليات الابتزاز والاحتكار والتدخل في شؤون القضاء وقمع الإعلام وتقييد حرية التعبير .
وصار الدستور من خلال إعلانه الدكتاتوري الذي أثار الغضب والعجب لعبة بيديه، ولم يتوقف عن هذا التخريب الداخلي بل امتد نشاطه لإقامة علاقات وبناء على توجيهات المرشد العام مع جماعات متطرفة مثل القاعدة وحماس وجبهة النصرة ومجموعات مصرية أخرى مسلمة، وحاول ان يتزعمها في إستاد القاهرة في مشهد مريب حيث جمع فيه كل القتلة وخطب فيهم معلنا الجهاد والحرب في سوريا ومطاردة المذاهب الأخرى وفي مقدمتهم الشيعة والأقباط ما دفع بلطجيته لشن هجمات منظمة في اغلب المدن المصرية لترويع الأقباط والشيعة ، وكان من أبشع الصور التي تناقلتها الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي عملية اغتيال الشيخ حسن شحاتة وآخرين معه ومثلوا في جثثهم بطريقة لا مثيل لها في تاريخ مصر الحضارة والتوافق بين المذاهب وبهذا أصبح مرسي فرعونا جديدا يروع المصريين ويعتدي على الاخرين الذين يتقاطعون أو يختلفون معه في الدين والمذهب والفكر السياسي
لقد كانت مبادرة المعارضة المصرية بسحب الثقة عن مرسي من خلال تحشيد عشرات الملايين من المصريين انطلاقا من ميدان التحرير في 30 يونيو استكمالا لثورة 25يناير ، وتم تتويج هذه الخطوة الجبارة التي أذهلت العالم قرار القوات المسلحة المصرية الذي أعلنه وزير الدفاع السيسي في بيان واضح ذكر فيه بصريح العبارة ان الجيش المصري سيكون الى جانب الشعب ، وفعلا اتخذت الإجراءات الفورية باعتقال مرسي وحاشيته وزمرة من شياطين الإخوان .
وإزاء ذلك شعرت المجاميع الاخوانية بخسارة كبيرة وضربة قاصمة لم تتلقها منذ نصف قرن ، وشعرت بأنها ستفقد كنز مصر الذي استولت عليه بطرق الابتزاز والتزوير والتضليل، ولذلك نزلت الفلول الاخوانية المتوحشة في الشوارع مدعومة بالبلطجية والمجرمين المحترفين الذي اطلق سراحهم مرسي، وهم بالمئات وتمركزوا في ساحة رابعة العدوية وفي بعض الساحات العامة في المحافظات مكشرين عن أنيابهم ومارسوا أبشع العمليات الإجرامية ولحسن الحظ ان تكنولوجيا منظومة كاميرات المراقبة والاتصالات استطاعت ان توثق هذه الأفعال مثل استخدام السلاح الأبيض والقنابل الحارقة ورمي الأطفال من سطوح البنايات وترهيب المتظاهرين ومحاولة قتل الإعلاميين والاستيلاء على التلفزيون المصري والفضائيات العربية والأجنبية ومحاولات إحراق وتدمير المباني الحكومية وممارسة كل ما يثير المخاوف وردع الجماهير في محاولة يائسة لاسترجاع كرسي مرسي المخلوع .
ولكن هيهات ان تعود عقارب الساعة الى الوراء، فقد أضيف اسم مرسي الى قائمة الرؤساء المخلوعين والمنبوذين وفي مقدمتهم مبارك والقذافي وعلي عبدالله صالح وأبو الليثين وزين العابدين والحبل مازال على الجرار ، ولن يكون كرسي مرسي هو المخلوع الأخير .
firashamdani@yahoo.com
Mr. FIRAS G. AL-HAMADANI
WRITER & JOURNALIST
Baghdad - IRAQ