لماذا رشحت نفسي في قائمة بابليون التي يرأسها الأخ ريان الكلداني ؟
كانت المخاضات المعقدة التي طرأت على الساحة العراقية منذ 2003 بعد سقوط النظام كانت عسيرة ، وتولد منها عملية سياسية يمكن اعتبارها فاشلة في ضوء ما آلت اليه الأوضاع بعد مضئ عقد من السنين على السقوط ، وإذا كانت جميع مكونات الشعب العراقي قد طالهم الظلم او الأرهاب او التهجير القسري او شكل من اشكال التعسف ، فلا جدال حول ذلك ، لكن زيادة على ذلك سيكون المكون المسيحي ومعه المكونات الدينية الأخرى قد اصابها الإرهاب في مقتل ، حيث ان هذه المكونات في طريقها الى الأندثار من عموم المدن العراقية .
وإذا مضينا ابعد سنجد ان المكون الكلداني هو الأكثر ضرراً من بين كل هذه المكونات ، فما اصاب الآخرين قد طاله ايضاً ، زائداً حالة واحدة وهي تهميشه وإهمال شأنه سياسياً وقومياً على الساحة العراقية والكوردستانية .
لقد وجد الشعب الكلداني نفسه بعد سقوط النظام عام 2003 انه قد أقصي من العملية السياسية ، وأصبح كأنه لا جئ غير مرغوب فيه في هذا الوطن لا حقوق قومية ولا سياسية .
نحن العاملين في المسالة القومية الكلدانية ، إن كنا من المستقلين او من الأحزاب القومية او من منظمات المجتمع المدني ليس لنا اي دعم مالي او إعلامي من اي جهة ، الحكومة الكوردية لا تساعدنا والحكومة المركزية لا تساعدنا ، وأصبحنا نسبح ضد التيار مع هذا أقران لنا ، ولهم الكم الهائل من الدعم ومثال ذلك ما يتلقاه اخواننا في الأحزاب الأخرى كالمجلس الشعبي والحركة الديمقراطية الآشورية ، فهؤلاء لهم الإسناد والدعم ونحن نسبح وكأننا مقطوعين من شجرة ، وهكذا يبقى الغريق يرحب بأي يد منقذة تمد اليه .
هكذا وجدنا بشخص الأخ الشيخ المستشار ريان الكلداني الذي مد يده للتعاون معنا ، وأنا مندهش من هذه الحملة غير المبررة على هذا الشاب الألقوشي الكلداني ، لكي اكون صريحاً هنالك كلام سلبي على الأخ ريان ، لكن هنالك كلام ايجابي كثير يذكر به ، وهذه حالة اعتيادية عن اي شخص ينشط ويتحرك في الساحة السياسية .
الأخ ريان الكلداني شاب في مقتبل العمر يتمتع بعلاقات جيدة مع اوساط شيعية ، إضافة الى علاقات طيبة مع اوساط كردية ، وإنه يساعد المسيحيين بطريقته الخاصة ، وكمثل غير حصري : كان لأحدهم بيت قد اغتصبه جاره المسلم ، فإن الشيخ ريان يتدخل فيتفاوض ويتدخل ويهدد لإرجاع البيت الى صاحبه المسيحي .
وهنالك امثلة كثيرة على هذا الدور ، كما ان الأخ ريان يعيش في وسط بغداد ومقره بالقرب من ساحة الواثق ، وأبوابه مفتوحة للجميع ، وهو مستعد لأبداء اي مساعدة يستطيعها لأي مسيحي يطلب منه المساعدة وهو بصدد الحصول على مساعدات من الحكومة العراقية للعوائل المسيحية المتعففة .
في مسألة لقب الشيخ ، فلا ادري لماذا كل هذه الضجة المفتعلة حول هذا اللقب ، المسألة وما فيها هنالك مجلس العشائر وهذا المجلس مهمته المصالحة الوطنية ، وإن الأخ ريان منح هذا اللقب ليكون عضواً في هذا المجلس ، ويأخذ وظيفة المستشار في مجلس الوزراء ، فأين الخلل ؟
وما هو الخطأ الذي ارتكبه هذا الشاب لقيامه بهذا الدور ؟
فأولاً الأخ ريان لم ينصب نفسه شيخاً على احد ، كما انه ليس بديلاً للبطريركية ، وليس مسؤولاً عنها ، انه تابع للكنيسة الكاثوليكية الكلدانية كما نحن اتباع ورعايا هذه الكنيسة .
من جانب آخر انه ليس بديلاً عن الأحزاب السياسية ، إنه شخص يمثل نفسه ويمثل من يقف وراءه ، فأنا شخصياً احد مرشحي قائمة ( البابليون ) وإن الأخ ريان رئيسها ، وهو شخصياً سوف لا يرشح نفسه ، فلماذا كل هذه الضجة على شاب كلداني مسيحي القوشي يريد ان يخدم المسيحيين قاطبة ، وهو كان صاحب اقتراح بأن تكون قائمة بابليون شاملة ليس للكلدان فحسب بل لكل المسيحيين من الكلدان والسريان والآشوريين ، وأنا شخصياً فاتحت الأخ وسام موميكا للانضمام الى قائمة البابليون ، ولحد اليوم انا شخصياً لم أسال من هو الأول ومن هو الثاني ومن هو الخامس .. الخ في القائمة ، نحن نعمل في هذه القائمة كمكون اخوي واحد .
في مسالة ترشيح نفسي تعتبر تجربة جديدة بالنسبة لي ، ورغم انني انشد النجاح ، لكن مهما كانت النتيجة سوف اتقبلها بروح رياضية ، فالأنتخابات مسابقة يخوض غمارها المرشحون ، ولا بد من فائزين وخاسرين ، وفي كل الأحوال سوف اتلقى النتيجة بروح رياضية .
لكن إن فزت سوف اكون اميناً لكلامي ولبرنامج القائمة ، ولي افكاري الخاصة فيما يخص اتباع الديانات الأخرى غير الإسلامية وما يخص التقاعد لجميع العراقيين ، ومن الطبيعي اني لا استطيع ان اعمل المستحيل ، لكن في كل الأحوال سوف لا اكون متفرجاً او مستمعاً فقط في البرلمان ، بل سوف اكون معارضاً لكل ما يتناقض مع مبادئي في الحياة ، وسوف اتصرف كانتماء عراقي اصيل بالدرجة الأولى ، وسوف افرض شخصيتي مهما كانت النتائج إذ ليس لي ما اخسره تحت قبة البرلمان ، هذا ما صممت عليه إن فزت في الأنتخابات ، وإن لم يحالفني الحظ سوف اتفرغ للكتابة وإكمال مشاريعي الكتابية .
وأخيراً وليس أخراً اقول :
جميل ان نتعلم كيف نختلف ، وأجمل من ذلك ان نتعلم كيف نتحاور لكي نتفق ، فالطبيعة البشرية مبنية على الأختلاف ، وإن التوجهات والأفكار الشمولية منها المذهبية والقومية والدينية والطبقية وجدت نفسها في مربع الفشل والسقوط ، وكمثال على ذلك الفكر القومي العربي الذي فشل في تحقيق الوحدة العربية ، والفكر الطبقي المتمثل في انحلال الأتحاد السوفياتي وانهيار جدار برلين ، وبعد ذلك كان فشل حكم الأخوان المسلمين في مصر ، وبقيت الأفكار العلمانية الديمقراطية الليبرالية هي خميرة المجتمعات التي تتطور وتزدهر .
وأخيراً أقول :
إن هذا التهجم على شخصية الأخ ريان الكلداني هي بسبب لقبه الكلداني ، وهذا واضح من خلال الردود ، وهذا يدخل في مستنقع التسقيط السياسي ، وإلا اي ذنب ارتكبه الشيخ المستشار ريان الكلداني وهو يقف الى جانب ابناء شعبه ؟ ويوظف علاقته السياسية والشخصية لحصول حقوق شعبه وحقوق مواطنيه المسيحيين في قلب بغداد ، هل هذه اعمال يستحق عليها محاربته ؟ ام علينا مساندته .
برأيي المتواضع إنها محاربة طائفية عنصرية إقصائية ضد المكون الكلداني في بلده ، بل اكثر من ذلك ان بعض الطروحات والردود تظهر بشكل جلي فاضح محاولات دق اسفين التفرقة بين مؤسسة البطريركية الموقرة وبين ابنائها من المخلصين لقوميتهم الكلدانية . إن هذا السلوك وتلك الأفكار الشمولية قد مضى زمنها ، ولا يجوز ان يكون لها فسحة بيننا .
واختم هذا المقال بقول لا اعرف قائله :
إن لم تستطع قول الحق فلا تؤيد الباطل .
د. حبيب تومي / اوسلو في 29 / 12 / 2013
habeebtomi@yahoo.no