Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

مابين الآشوريين والفلسطينيين هناك الكثير

الكثير ما بين الآشوريين والفلسطينيين من أوجه التشابه والتماثل في تاريخ مليء بالمأسي من قتل وتشريد وإجتثاث للجذور . إن البعد الزمني لهذه القراءة هو القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين مع توجه المستعمرون الغربيون نحو المنطقة في سعي حثيث لاقتسام تركة الدولة المريضة المتمثلة بالدولة العثمانية . كانت هناك غرف سوداء تحيك فيها الدوائر العسكرية لهذه الدول بإستخدام أطراف محلية غارقة في التخلف عملية تغيير ديمغرافي هائل في فلسطين وآشور.



عندما أقول فلسطين اعني ما اعنيه الصراع المرير بين الفلسطينيين سكان الأرض الأصليين وقطعان المستوطنين القادمين من كل أصقاع الدنيا إليها . وعندما أقول آشور اعني ما أعنيه الأرض المعروفة تاريخياً الموطن الأصلي للآشوريين ( بلاد مابين النهرين ) في صراع مرير بين أهلها والمستعمر العثماني والغربي وأدواته المحلية . مع نهاية القرن التاسع عشر أصطدم الفلسطينيون مع المجموعات الأولى من المستوطنين القادمين بمساعدة الدول الغربية وغباء الدولة العثمانية . في الوقت نفسه اصطدم الآشوريين والسريان في هكاري وطورعبدين مع إقطاعيي الأكراد ورعاة قطعان ماشيتهم المتوجهين نحو مزارعهم وأرزاقهم بمباركة من السلطات العثمانية وخاصة الفترة الحميدية الكارثية على شعبنا وأمتنا ووطننا.



مع بداية القرن العشرين حصد الفلسطينيون وعد بلفور بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين وتباركه معظم الدول الإستعمارية آنذاك لتبدأ مرحلة هي الأخطر في التاريخ الفلسطيني من فتل وتشريد وتهجير واحتلال للأرض . في الفترة ذاتها تعرض الآشوريون والسريان في هكاري وطورعبدين لأبشع مجزرة عرفتها البشرية من قتل وتشريد واجتثات للجذور من قبل الدولة العثمانية ومرتزقتها من الأكراد وبماركة من الدول الغربية وخاصة المانيا . كان الفلسطينون يُقتَلون بالسلاح البريطاني وبإشراف صهيوني ومباركة غربية , والآشوريون كانوا يُقتَلون بالسلاح الألماني وبإشراف عثماني بغيض وأدوات محلية ويستمر مسلسل الإبادة الجماعية والهجرة المتواصلة تجاه الشعب الفلسطيني وصولاً إلى قيام دولة إسرائيل لتبدأ حملة مدروسة وموجهه من هدم للمنازل وتهجير قسري وقتل متعمد ومصادرة للأراضي عبر استخدام كل وسائل القمع.



هذا المسلسل الدموي استخدم مع الشعب الآشوري السرياني في مأساته ومأسيه في مرحلة سابقة كما ذكرت في هكاري إلى أحداث المذبحة في طورعبدين ( سيفو ) إلى اتفاقية 1923 لوزان التي نص أحد بنودها صراحة إلى عدم عودة الآشوريين إلى موطنهم في هكاري واعدت له مجزرة رهيبة في سيميل بالعراق مع تهجير شبه كامل عام 1933 وزحف ما تبقى من سريان طوعبدين إلى الجزيرة السورية بعد إهداء فرنسا موطنهم عام 1939 إلى تركيا , لتبدأ هجرة متواصلة ونزيف بشري إلى كل أصقاع الدنيا بدون انقطاع حتى يومنا هذا بأستخدام كل وسائل القمع المباشر وغير المباشر في كل أرجاء الوطن المحتل عبر أنظمة قمعية استبدادية .



وما يتعرض له شعبنا في العراق من تنكيل وتهجير وقتل إلا حلقة من حلقات عديدة للإستلاء على أرضه وموطنه , وقد ادرك الكاتب العراقي سليم مطر مدى التشابه في المصير بين الآشوريين والفلسطينيين من قتل وتشريد وإجتثاث للجذور وأوضحه في كتابه ( السريان وكردستان الكبرى ) وشاطرته الكاتبة العراقية سعاد الشيباني بعد أن اطلعت على تاريخ الشعبين في العصر الحديث لتقف مذهولة على الطريقة والأسلوب الذي مورس لأقتلاع جذورهم وخاصة الآشوريون منهم على مرآى ومسمع العالم اجمع وعلى الرغم من كل ذلك لازال الشعب الفلسطيني بإمكاناته المحدودة وطموحه المتواصل يكافح في سبيل الحرية والانعتاق من الاستعمار البغيض الذي طال أمله.



والشعب الآشوري السرياني على الرغم من جسامة ما تعرض له من تهجير واجتثاث للجذور لا يزال يكافح بإمكانياته المحدودة المتمثلة بالفكر والمحبة محبة الآخر ة الإلتصاق بالأرض والوطن سبيلاً إلى الحرية حرية تشعره بالكرامة تشعره بالأمان ويقبل به الآخرون في وطنه لاغريباً ولا لاجئاً في وطناً مشترك وطن للجميع على مختلف انتماءاتهم الدينية والقومية وطن هو قاسم مشترك الكل يذود عنه ويعيش في كنفه بعيداً عن الموت والاضطهاد والذل . ستشع نور آشور من جديد كما كانت عبر تاريخ طويل من الفكر والمعرفة والقانون . 7



- 7 آب 2006 يوم الشهيد الآشوري
Opinions