متحف «هن الحياة».. مشروعٌ نسويٌّ متكاملٌ
المصدر: جريدة الصباح
ساجدة ناهي
زينب النعماني ناشطة بابلية قدمت مشروعا ثقافيا وفنيا نسويا متكاملا، قد يتحول في المستقبل إلى مشروع عربي وعالمي، وهو متحف يوثّق انجازات نساء عراقيات مبدعات ورائدات، وبمبادرة ذاتية ومن أموالها الخاصة، لتحقيق حلم ظلت تحلم به سنوات طويلة، ورفضت عروضا خارجية كثيرة، مع ذلك لم تستسلم ولم تتراجع، فعملت بصبر ونضال المرأة العراقية المكافحة، التي تتحدى الصعاب حتى تحول الحلم إلى حقيقة وسيرى المتحف، الذي تسعى لتأسيسه النور قريبا من خلال مدينة حمورابي السياحية في مدينة الحلة، التي ستحتضن مشروع متحف (هن الحياة) بكل تفاصيله الجميلة، حيث سيتكون من متحف ومقهى تراثي نسوي وبازار ومعارض، إلى جانب دورات تعليمية للأطفال وغيرها.
« الصباح» تعرفت على تفاصيل هذا المشروع النسوي بالحديث مع صاحبة المشروع زينب النعماني، « متحف هن الحياة» هو مشروع فني وثقافي نسوي متكامل، حيث سيتكون هذا المشروع الذي خصص له جناح كامل في مدينة حمورابي السياحية وسط مدينة الحلة من قاعتين، ستحتضن القاعة الاولى منها متحف «هن الحياة» الذي سيوثّق انجازات نساء عراقيات من بداية فترة العشرينيات، وصولا إلى وقتنا الحاضر بمشاركة اكثر من 500 فنان تشكيلي من داخل وخارج العراق. حيث سلطت الضوء على السيرة الذاتية لنساء مبدعات من جميع الاختصاصات طبيبات محاميات وزيرات حتى نساء ريفيات، فهناك نماذج كثيرة من النساء برزن في فترة داعش، مثل ام قصي والشهيدة أميمة جبارة، وهن نساء يستحقن التخليد وغيرهن الكثير.
اما القاعة الثانية فستكون مقهى تراثيا مخصصا للنساء فقط، وسيحتوي على كل ما هو جميل من الأثاث القديم الطراز، وصولًا إلى الأزياء التراثية للنساء العاملات فيه، حيث سيوفر هذا المشروع فرص عمل لعدد لا بأس به من النساء، اضافة إلى جناح خاص للشابات الموهوبات اللواتي يعملن على ( الهاند ميد)، ويتضمن تدريب وتشغيل، ومعرضا وجناح مبيعات إلى جانب دورات متخصصة لتعليم الاطفال على الرسم والموسيقى وغيرها من المهارات.
البحث عن المعلومة
حصلت على السيرة الذاتية للبعض منهن من الغوغل، الذي يحتوي على معلومات موثقة كما تواصلت مع أولادهن وأحفادهن، وحصلت على بعض مقتنياتهم مثل الملابس أوقد تكون مخطوطة أو كتابا أو مقطعا فيديويا أو عملا فنيا أو حتى اشياءهن الشخصية، ولم يمنعني حتى حظر التجوال، الذي فرضه فيروس كورونا في السنوات السابقة من الوصول إلى أبعد مدينة في العراق، من أجل الوصول إلى معلومة، تخص واحدة منهن، وقد انتهيت من التوثيق لـ 30 شخصية نسوية، وأخذ مني هذا الموضوع أربع سنوات، وسهرت الليالي أبحث عن المعلومة، أسال وأدقق وأتواصل مع فنانين لم يحصل أن تعرفت عليهم، ولا يعرفوني، وبهذا سيكون المتحف مرجعا مهما للطلبة والباحثين.
لذا فإن متحف (هن الحياة) هو مشروع وطن، وليس مشروع مرأة، وهو رسالة أردنا توصيلها للجيل الحالي والجيل القادم.
عمق تاريخي
المتحف أخذ مني عمقا في كل شيء، بدءا من اختيار الاسم وتصميمه، الذي له عمق تاريخي يرتبط ببابل حصرا، التي كانت تعتبر أن المرأة هي أصل الحياة، لأنها المسؤولة عن الانجاب ومنح الحياة، وكانوا يقدسونها ويعتبرونها إلها، وفضلت أن يكون الشعار باللون البنفسجي بتدرجاته الغامق والفاتح، لأنه يعبر عن الأنوثة، وكان الملوك السومريون يلبسون ملابسهم بهذا اللون، كونه باهظ الثمن، ولأنه من نبات نادر جدا، ولا ينبت في كل مكان، وهو على شكل امرأة تمثلها (كهرمانة) كنوع من التراث تصب الماء وتمنح الحياة.
من أجل الوطن
في حالة عدم وجود اي مقتنى شخصي للنساء الرائدات، هناك فنانون تشكيليون تواصلت معهم، من أجل هذا الغرض، واعتبرهم الداعمين لنجاحي، حيث استعنت بأكثر من 500 فنان تشكيلي من كردستان العراق إلى اقصى الجنوب، ولو افتح الباب لشارك اكثر من هذا العدد، منهم 25 فنانا عربيا من مصر والجزائر وتونس والمغرب والامارات وفلسطين، اضافة إلى ثلاث فنانين مغتربين، علما ان المتحف ليس معرضا للفنانين التشكيليين، بل هو قضية ورسالة وهو يركز على المرأة العراقية، وبالوقت نفسه يخلّد الفنانين، الذين ساهموا بأعمالهم الفنية في توثيق هذه الشخصيات، فعندما يقدم فنان عملا عن المرأة، وعلى نفقته الخاصة، اعتبره داعما للمتحف، وللمرأة واعتبره شراكة من أجل الوطن
واوضحت النعماني «سبق إن خصصت ميزانية من أموالي الخاصة قدرها 25 مليون دينار، وظفتها لهذا الغرض، وقمت باستئجار بيت كبير مقابل 800 ألف دينار، واستغليت باحته في بناء قاعة مساحتها 200 متر كلفتني 12 مليون دينار ما عدا البيت وتفاصيله، وعندما تواصلت مع فنانين من ذوي الاختصاص أصبح لدي توسع في الأفكار والأعمال، وتحول العدد من 300 إلى 500 فنان، ولم يعد يستوعبهم البيت المستأجر، حتى تحول الطابق الثاني من منزلي إلى مخزن، ما أثر في عائلتي، فاضطررت إلى مغادرة المكان بحثا عن مكان أوسع، بعد أن استنزفني ماديا».