Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

"مشكلة التسمية" أم مشكلة العطالة الفكرية (3)




تناولنا في الجزأين السابقين ما يسميه البعض "مشكلة التسمية" و الجدال العقيم الدائر حولها . و طرحنا مجموعة من النقاط التي أردنا توضيحها في هذا السياق و هي : "تسمياتنا المتعددة غنى حضاري أسأنا استخدامه" . حيث وُجِب علينا أن نثبت ملكيتنا و انتماءنا لها مجتمعة ، لكننا حاولنا جاهدين - جاهلين أن نثبت العكس . و سنتابع في هذا الجزء النقطة الثانية :

الكلدان الآشوريون السريان أمة واحدة بتسميات متعددة :

لسنا في هذا المقام – و هذا المقال - في وارد خوض بحثٍ تاريخي مفصّـل حول مسألة التسميات المتعددة لشعبنا ، و الحقب و المراحل التاريخية التي مرت بها أمتنا ، فهذا ليس من اختصاصنا نحن الإعلاميون . كما أننا لسنا بحاجة إلى أن نثبت بالبراهين و الأدلة أننا أمة واحدة و شعب واحد ، فنحن نمتلك كل مقومات الأمة الواحدة من لغة و تاريخ و جغرافيا و ثقافة و غيرها من المقومات ، التي تجهد بعض الشعوب الصديقة المجاورة لإثبات أنها تمتلكها من دون جدوى . و الأكثر من ذلك ، نحن نتحدى أن يثبت أحد في هذا الكون عكس ما ذهبنا إليه . فلا وجود في العالم عبر تاريخه الطويل لـ "ثلاثة شعوب!!!" تتكلم لغة واحدة ، و لها من التراث و الثقافة و الموسيقى و الفولكلور نفسه ، و تمارس ذات العادات و التقاليد ، و تدين بالديانة نفسها ، و تعيش في ذات البقعة الجغرافية ، و يدوّن مؤرخوها العلمانيون و الكنسيون ذات التاريخ ، و تتطابق أسماؤها و أشكالها و طبائعها ، و تتمايز أشكال أبنائها عن غيرها من الشعوب المحيطة ، رغم كل محاولات التعريب و التتريك و التكريد المسعورة التي تكالبت – و لا زالت - على أبنائها على مر الزمن .
إذاً ، لا بد أمام حقائق التاريخ و قوة المنطق أن يعترف تجار التسميات و حملة رايات التطرف أننا أمة واحدة بتسميات متعددة ، رغماً عن أنوفهم و أنوف من يوجههم و يحركهم ويخدر ضمائرهم و يشتري ذممهم بحقائب الأوراق النقدية الخضراء . فأنا آشوري لأني حفيد حضارة آشور و براهيني على ذلك ساطعة ، و أنا سرياني لأنني حفيد مار أفرام و أدلتي على ذلك مقنعة ، و أنا كلداني لأنني ابن هذه الكنيسة المقدسة التي عمرها أكثر من خمسمائة عام و إثباتاتي على ذلك كثيرة . أنا ابن هذه التسميات الثلاثة بلا أي شك و لا أي خجل و لا أي تناقض . نحن لسنا الشعب الوحيد الذي يمتد تاريخه إلى حقب طويلة ، و بالتالي فإننا لسنا الشعب الوحيد الذي يتزين تاريخ أمته بأسماء كثيرة ، لكننا الوحيدون الذين أسأنا استخدام هذا الكنز الثمين من التسميات ، و توظيف هذه الثروة التي يحسدنا عليها من ليس لديه في صفحات التاريخ إلا النادر من الذكر ، و معظم هذا النادر جرائم و مذابح و فظائع .
لننظر من حولنا و نتعلم من تجارب غيرنا ، ألم يكن الإيرانيون يُسمّـون في حقبة تاريخية مزدهرة "فرساً" ؟ ، أوَ لم يكونوا هم أنفسهم "الميديون" و "الفرثيون" في حقب أخرى سابقة ؟؟ هل ينكر الإيراني أياً من تسمياته الفرثية أو الميدية أو الفارسية أو الإيرانية ؟؟ و هل وقفت تسمياته المتعددة حائلاً دون جعل إيران و الإيرانيين من أقوى و أهم الدول و الشعوب في المنطقة عبر التاريخ ؟؟؟ . و لنستطرد في سرد أمثلة مشابهة من كتب التاريخ العتيقة الكثيرة ، ألم يكن الايطاليون اليوم يتسمون بأسماء تاريخية متعددة ، أي ألم يكن هؤلاء الطليان هم أنفسهم الرومان و هم أنفسهم البيزنطيون ؟؟ و لنتابع طرح أسئلتنا على صغار العقول من تجار التسميات : أليس إغريق الأمس هم يونانيو اليوم ؟؟ أليس عبرانيو الأمس هم إسرائيليو اليوم ؟؟ و فراعنة الأمس مصرييو اليوم ؟؟ و عثمانيو الأمس هم أتراك اليوم ؟؟ أليس الانكليزي هو نفسه البريطاني ؟؟ و الألماني هو نفسه الجرماني و الدوتشلاندي ؟؟ و الهولندي هو النذرلندي ؟؟ فلماذا لا يكون الكلداني هو نفسه السرياني و هو نفسه الآشوري لكن بتسميات متعددة وفق حقب تاريخية متعاقبة ؟؟ . أليس تاريخنا أقدم و أطول و أعرق من تاريخ هذه الشعوب جميعها ؟؟ . أما بالنسبة للغة ، فماذا ضر لو كانت لغتنا سريانية أو غير سريانية ، أليست لغة الإيرانيين فارسية ؟ و أليست لغة الإسرائيليين عبرية ؟ أليست لغة البريطانيين انكليزية ؟؟؟؟؟ و هناك عشرات الأمثلة الأخرى التي يمكن أن نسوقها في هذا المجال لنثبت أننا لسنا الشعب الوحيد الذي يستخدم تسميتين مختلفتين . فلماذا يصر الحمقى من تجار التسميات العاطلين عن العمل أن "الآشوري لا ينطق إلا بالآشورية" مثلا ؟؟؟ و أن من يتكلم السريانية لا يمكن إلا أن يكون سريانياً مثلاً ؟؟؟!!! بماذا يجيبنا – بل بماذا سيجيبُ التاريخَ - من قال يوماً "إن تحالف الكلدان مع الآشوريين و السريان في قائمة انتخابية واحدة هو كتحالف الكردي و العربي و التركماني في قائمة واحدة" ؟؟؟؟ بماذا يجيب الأجيالَ من تفاخر بانتمائه الكردي و خوّن كل متفاخر بانتمائه الآشوري من أبناء التسمية الكلدانية ؟؟ بم يجيبنا من حرّم علينا انتماءنا السرياني بقوله أننا عرباً مسيحيين و لسنا سرياناً كلداناً آشوريين ؟؟؟ . نترك للتاريخ إجاباتهم و تبريراتهم و تصريحاتهم التي كانت بمثابة هولوكوست سياسي استهدف وجودنا و دورنا في أوطاننا التي نعيش فيها في أدق المراحل ، هذا الوجود الذي بات يخضع للتدمير الممنهج من قبل جهات معروفة للقاصي و الداني ، ساعد على تطبيق فصوله مرتزقة التسميات بأقلامهم التي ملأها الأعداءُ حبراً مسموماً ، في طروحات ترتدي لباس الغيرة على هذه التسمية أو تلك . و بعض رجال الدين الذين لا حول لهم و لا قوة إلا بالعزف على علامة الطائفية النشاز بنفاقهم الدنيوي المتسربل بمسوح دينية ، نتركهم و تصريحاتهم للتاريخ الذي لا يرحم فغداً سيسمي الأشياءَ بمسمياتها . و سيشعّ نور الحقيقة عاجلاً أم آجلاً مهما حاولوا ، هم و من يقف خلفهم ، أن يطمسوا ضياءَها ، فكل ظلام العالم لا يستطيع أن يطفئ نور شمعة


في الجزء القادم و الأخير سنتناول النقطة الثالثة : المسمى أهم من التسمية .

أسامة أدور موسى – إعلامي كلدوآشوري – سوريا
osama_edward@hotmail.com
Opinions
الأرشيف اقرأ المزيد
لماذا خابت آمالنا في العراق الجديد؟ -1- جملة القراء العرب خاصة المؤدلجين منهم، ومن يعتقد بأنه يملك "الحقيقة المطلقة" في السياسة خاصة، يفاجأون ثم يستنكرون تغيير مواقف الكتَّاب والمحللين السياسيين من الأحداث السياسية، ومن مواقف السياسيين إفتتاح مركز مختص بمنح سمات الدخول للطلبة العراقيين في السفارة الأميركية في بغداد شبكة اخبار نركال/NNN/الامانة العامة لمجلس الوزراء/ أصدرت الأمانة العامة لمجلس الوزراء إعلاناً الى الوزارات والمؤسسات الرسمية كافة بشأن سركون بولص يختار نهايته في برلين طيبان/ توفي في برلين وبعد صراع مرّ مع المرض، غادرنا الشاعر العراقيّ السرياني الكبير سركون بولص الّذي تناوبته الأراضي البعيدة والغربة الكاسرة حتّى استقر به أقدم استقالتي من الأمانة العامة للتجمع العربي لنصرة القضية الكردية كنت وسأبقى صديقاً للشعب الكردي وقضيته العادلة ليس في كردستان العراق فحسب, بل وفي جميع أنحاء كردستان الكبرى والأمة الكردية. ولم يكن
Side Adv2 Side Adv1