نص الكلمة التي القاها الرئيس طالباني في الاجتماع السنوي للاشتراكية الدولية في باريس
20/11/2010شبكة أخبار نركال/NNN/
القى فخامة رئيس الجمهورية جلال طالباني يوم الثلاثاء 16-11-2010 كلمة في المؤتمر السنوي للاشتراكية الدولية والذي عقد في العاصمة الفرنسية باريس، وفيما يأتي نص الكلمة:
"ايها الرفاق و الاصدقاء الاعزاء:
جئتكم و معي تحيات من العراق، عراق ينهض من دمار الطغيان، عراق يخطو نحو نظام ديموقراطي حر للحكومة. للحديث عن العراق و تقدمه صوب الديموقراطية ، علينا ان نذكِّر انفسنا باختصار كيف كان العراق تحت وطأة ديكتاتورية صدام حسين و نظامه.
لا توجد ديكتاتورية عُرِفت في التاريخ مثل نظام صدام الذي اقترف جرائم شنيعة ضد شعبه لا تعد و لا تحصى و التي تتضمن:
- قصف مدينة حلبجة بالغازات السامة و الذي اسفر عن مقتل اكثر من 5 الاف مدني من ضمنهم النساء والاطفال.
- ابادة اكثرمن 182 الف شخص في حملات الانفال . ورغم العدد الكبير من المقابر الجماعية التي تم العثور عليها منذ 2003 الا اننا و لحد الآن لا نعرف اماكن وجود عشرات الآلاف من هؤلاء الضحايا.
- كذلك دعونا لاننسى القمع الدموي للانتفاضة في الجنوب و كوردستان. سياسة وحشية من التمييز الطائفي والتي اسفرت عن مقتل و تهجير مئات الآلاف من العراقيين بما فيها قتل القادة الدينيين البارزين.
- تدمير الاهوار في جنوب العراق.
- حروب الدكتاتورية غير الشرعية ضد دول الجوار، ايران و الكويت، و التي نجمت عنها مئات الآلاف من القتلى و وضعت العراق و الشعب العراقي تحت مشقة شديدة لاكثر من عقدين. كما ان حروب نظام البعث لم تسفر عن مقتل الملايين من الاشخاص فحسب، بل انها وضعت البلد تحت عقوبات دولية قاسية ومعطِّلة و بالتالي تحويل العراق الى واحد من اشد البلدان فقرا في العالم و ذلك على الرغم من موارده الزاخرة و تاريخه الثري، بحيث تعيش غالبية شعبه تحت خط الفقر في حين بلغت اجور الموظفين المدنيين اقل من 5 دولار في الشهر.
اصدقائي الاعزاء ،
بدأت عملية تحرير العراق في العام 2003. وبصرف النظر عن الخلافات التي لاتزال قائمة حتى يومنا هذا بشأن قرار الذهاب الى الحرب، الا انَّ هناك حقيقة واحدة لاتقبل الجدل وواقعا لا يُنْكَر: لقد تم تحرير العراق و قد تمت الاطاحة بأشد الدكتاتوريات وحشيةً. وان الشعب العراقي قد تم تحريره من الطغيان.
و بمساعدة الاصدقاء و الحلفاء، شرع الشعب العراقي بتحدي اعادة بناء و اعمار البلد. و كانت المهمة الاولى في البناء، ان يتم اعادة بناء نظامهم السياسي و اعادة بناء عراق جديد يكون في سلام مع نفسه و مع جيرانه.
وفقا لذلك، مارس الشعب العراقي في بداية العام 2005 واحدة من أهم حقوق الإنسان الأساسية عبر اختيار ممثليهم السياسيين في البرلمان العراقي. وقد تحدَو التهديدات والهجمات الارهابية وذهبوا الى مراكز الاقتراع للادلاء باصواتهم. واسفرت الانتخابات عن اول قيادة سياسية منتخبة ديموقراطيا في العراق.
و كانت الحكومة المنتخبة حديثا، مكلفة بادارة البلد في مرحلة انتقالية و كان البرلمان مكلفا بكتابة دستورٍ، و الذي اصبح اليوم قاعدة اساس العراق الجديد. وقد راى ذلك الدستور النور في تشرين الاولاكتوبر من العام 2005.
وصوّت الشعب العراقي على نحو ساحق لدستور دائم الذي حوّل العراق الى دولة ديموقراطية اتحادية تعددية جديدة، عراق لكل العراقيين، للعرب و للكورد و للتركمان وكلدو اشور، عراقا للشيعة و السنة و المسيحيين. عراقا يشعر كل مواطن بالانتماء اليه و له الحق و صاحب حصة فيه بغض النظر عن العرق و الدين.
و في كانون الاولديسمبر من العام 2005، اثبت العراقيون مرة اخرى بانهم جادون في اعادة بناء وطنهم. فبرغم جميع الصعاب و التحديات المحدقة بهم ذهبوا الى صناديق الاقتراع و صوتوا بالسبابة البنفسجية لتدعيم و تعزيز مفهوم العراق الديموقراطي و لتذكير العالم بان العراقيين هم الآن جزءاً من العالم الحر.
و في بداية العام 2006، حدث انتقال سلمي للسلطة و ادَّت الحكومة الجديدة بقيادة السيد نوري المالكي اليمين. و اصبحت انا رئيسا و ان هذه الفكرة بحد ذاتها، ان يصبح كوردي ٌ رئيساً للعراق، لهي تعبير واضح عن العراق الديموقراطي التعددي المحرر الذي برز من جديد.
و منذ العام 2006، دخلت عملية اعادة بناء العراق مرحلة جديدة، بالانتقال من اعادة البناء السياسي الى اعادة بناء من نوع آخر ألا وهي تطوير البنية التحتية، الخدمات الاساسية، العلاقات الدبلوماسية مع المنطقة و المجتمع الدولي و بصورة اساسية، التواصل مع العالم الخارجي فضلا عن الانفتاح بوجه الاستثمار الاجنبي في العراق.
و مع ذلك فان هذه المرحلة الجديدة كانت مهتمة و قبل كل شيء بتحسين الاوضاع الامنية و دحر المتطرفين و الارهابيين. لقد وجهت قوات الامن العراقية و الجيش العراقي و بمساندة القوات الدولية ضربات مدمرة لهيكل و بنيان قيادة و اتصالات المتطرفين العنيفين في العراق.
واليوم، اصبح ظهور هؤلاء الارهابيين الى الحائط وتم استئصالهم من المدن و القصبات بأيادي الشعب العراقي و الشعب العراقي تعاونوامع القوات المسلحةالعراقية و لدينا نموذج جيد كما اظهرته الوقفة الشجاعة لاهالي محافظة الانبار الذين اجبروا، مع قوات الامن العراقية، الارهابيين على الخروج من ما كان في السابق معقلهم و منطلقهم لشن الهجمات الارهابية في الاجزاء الاخرى من البلد.
لقد كانت الحملة الباسلة و الناجحة لطرد العناصر المسلحة غير القانونية الذين ارادوا السوء و الحاق الاذى بالشعب العراقي، خطوة كبيرة اخرى للحكومة.
فبحلول نهاية العام 2008، و نتيجة للعمليات الامنية، لم ينزلق العراق الى حرب داخلية شاملة والتي توقعها الكثيرون و فكروا بانهم سوف يرون دمار و خراب العراق. ومنذ العام 2008 يعيش العراق في تناغم و اصبح الآن مكانا اكثر امنا للمواطن العراقي العادي اذ يستطيع المرء الآن السفر من البصرة الى زاخو دون الخوف من التعرض الى الخطف اوالقتل.
و بطبيعة الحال فإن التحسن الامني يؤدي الى الرفاهية و اقتصاد افضل. كانت الحكومة سريعة في التصديق على قانون الاستثمار و الذي اطلق الحملة لجذب الاستثمار الاجنبي. ورغم انه اخذ وقتا اكثر من ما كان متوقعا، فانه جرى ابرام العقود النفطية الاساسية مع شركات دولية كبيرة بهدف تطوير انتاج النفط و زيادة الصادرات النفطية و التي من دون شك ستؤدي الى زيادة الايرادات للشعب العراقي.
و واصلت الحكومة العراقية الاستثمار في البنية التحتية للبلد بحيث تم تخصيص المليارات من الدولارات للكهرباء، تحسين شبكات المياه النقية، المشاريع الزراعية، الاتصالات، التربية و التعليم، التعليم العالي و القطاعات الاخرى.
وقفز متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي من بضع مئات من الدولارات الى 3600 دولار.
اصدقائي الأعزاء:
يعرف الشعب العراقي ببسالتهم و قوتهم في وجه تحديات الحياة المريرة. فقد استطاعوا البقاء عبر اشدّ المشقات تحت نير الدكتاتورية وعايشوا ويلات الحروب الدامية التي طالتهم.
وعلى الرغم من ذلك كله، برزوا من رماد الدكتاتورية ليبنوا مجتمعا ديموقراطيا، ليبنوا عراقا اتحاديا تتمتع فيه الاقاليم المحلية بحقوقها الدستورية و ليعيشوا حياة افضل.
لقد تحمل اقليم كوردستان القسط الاكبر من معاناة الاعمال الوحشية و القساوة التي طالته من قبل النظام البعثي، ولكن شعب كوردستان بعد التحرير تطلعوا بتفاؤل نحو العهد الجديد و عانقوا التغيير الجديد في العراق و باتوا جزءا مهما جدا في النظام العراقي.
تمكن شعب كوردستان من تحسين الوضع الامني في الاقليم و بعد ذلك توجهوا صوب اجتذاب الاستثمارات الضخمة في جميع القطاعات، و بنوا فنادق كبيرة و منتجعات و المراكز التجارية و المنتزهات و المناطق الجاذبة للسياح. واظهروا للعالم ان الشعب العراقي قادر على بناء وطنهم اذا ما اُعطيت الفرصة لهم.
تجذب كوردستان مئات الآلاف من المواطنين العراقيين من وسط و جنوب العراق في معظم العطلات العامة. يحل العرب و التركمان و المسيحيون والاقليات الاخرى على كوردستان لقضاء اوقات ممتعة مع عوائلهم للتمتع بالطقس المناسب والمعتدل والشعور بالامان و السلام و مشاهدة المناظر الخلابة التي تقدمها كوردستان،و وفرالحرية للمسيحيين الذين اصبحوا هدفا للهجمات الارهابية و ذلك من خلال استقبالهم و احتضانهم للعيش بالسلام و رفاهية في كردستان. العراق بلد متعدد الاعراق و المذاهب وحتى من حيث التضاريس توجد فوارق جغرافية في بعض المناطق،مع هذا قررنا ان نعيش معا في عراق ديمقراطي اتحادي
نحن في العراق بصدد تقديم نماذج للديموقراطية و الحرية في العراق لجيراننا لاعطاء نماذج لترسيخ الديمقراطية و حقوق الانسان لتحذوا شعوب الشرق الاوسط حذوها .
رفاقي الاعزاء
لقد اثبت الشعب العراقي من جديد بانهم يريدون مواصلة الخطى نحو الديموقراطية و ترسيخ حقوقهم الدستورية من خلال انتخاب ممثليهم السياسيين عبر صناديق الاقتراع. وقد توجهوا الى مراكز الاقتراع باعداد غفيرة في اذارمارس 2010.
و على القيادة السياسية الارتقاء الى العهود و الوعود التي قدمتها قبل الانتخابات و احترام الثقة التي اوليت اليهم من قبل الشعب العراقي.
ان التاخير المحطم للرقم القياسي في تشكيل الحكومة منذ اذار ليست ميدالية نستطيع تقلدها بفخر.و هذه كانت نتيجة للوضع المتازم في العراق لعدم اتفاق الاحزاب السياسية لتشكيل الحكومة لاسيما ليس هناك حزب سياسي ان يحصل الاكثرية في البرلمان .
على النخبة السياسية ادراك ان العراق ما يزال يواجه تحديات خطيرة و عظيمة يجب عليهم التغلب عليها. و هذه التحديات تشمل:
- انسحاب الجيش الامريكي بحلول نهاية 2011.
- دحر المجموعات الارهابية الذين يعملون في الخفاء.
- اعادة بناء العلاقات الديبلوماسية مع العالم الخارجي.
- اخراج العراق من تحت طائلة الفصل السابع.
- اعادة بناء جيشِ عراقي دفاعي، متعدد قوي قادرا على الدفاع عن العراق.
- اعادة بناء قوات الامن ، الشرطة و قوات سيطرة الحدود.
- اعادة بناء البنية التحتية و اعادة الخدمات الاساسية في ارجاء الوطن.
- تفعيل الاستثمار الاجنبي في القطاعات غير المرتبطة النفط و الغاز.
رفاقي الاعزاء
في سبيل ان نتمكن نحن من التغلب على هذه التحديات، سوف نحتاج الى مساندتكم و مساعدتكم، نحتاج تضامنكم و نحتاج منكم الوقوف بجانب الشعب العراقي بهدف ضمان ان العراق قوي. قوي لكي يتم استخدام الثروة العراقية لمنفعة شعبه، لبناء المدارس و المستشفيات بدلا من شراء الاسلحة الكيميائية و القنابل.
مهمتنا كاشتراكيين ديموقراطيين هى ان نرى عالما افضل و اكثر رخاءا، ان عراقا ينزلق نحو الفوضى و فقدان الحكومة سوف يؤدي الى احتضان الارهاب الدولي. ان الارهاب في العراق ليس مشكلة للعراق فحسب بل انه مشكلة للمجتمع الدولي ايضا. ومن مصلحة الجميع رؤية عراق تعددي اتحادي ديموقراطي شاملا ناجحا.
في العام 2007 وقفت امامكم و طلبت مساعدتكم، احصيت عدة مجالات التي بامكانكم المساهمة و المساعدة فيها وو اريد ان اذكركم نحن لازلنابحاجة الى تعاونكم و ارغب في تقديمها مرة اخرى:
- مكافحة الارهاب الذي اصبح خطرا علينا جميعا و طاعونا دوليا.
- اطلاع احزابكم و شعوبكم بالاوضاع الحقيقية في العراق و شرح الجوانب الايجابية فضلا عن الجوانب السلبية دون التركيز على الاخيرة وحدها.
- تشجيع الشركات و اصحاب الاعمال للاستثمار في العراق بدءا من المناطق الاكثر امنا و بعد ذلك في ارجاء الوطن.
- توفير الدعم و المساندة الاخلاقية و الاعلامية للعراق الديموقراطي الاتحادي الموحد.
- ارسال وفود تقصي الحقائق الى العراق في سبيل اعطاءنا ملاحظاتكم الودودة.
- الطلب من بلدان المنطقة بالكف عن التدخل في الشؤون الداخلية للعراق و احترام استقلاله و سيادته الوطنية بجانب وحدته الوطنية. هذا بالاضافة الى ايقاف التسهيل و المساعدة المالية للارهابيين.
و شكرا لحسن اصغائكم".
المركز الصحفي لرئاسة جمهورية العراق.