Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

هل أمريكا دولة إستعمارية؟


مقدمة


من بين الفوائد الكثيرة للإنترنت والنشر الإلكتروني هو التواصل والتفاعل (Interaction) بين الكاتب والقارئ. وبذلك يعرف الكاتب ردود الأفعال عند القراء بشكل مباشر وسريع. وهذا التواصل هو مصدر مهم للكاتب يوحي له بالمزيد من الأفكار والمقالات، ولا أغالي إذا قلت أني محظوظ في هذا الخصوص.


لم يكن لي أي دور في كتابة المقال أدناه عدا هذه المقدمة التوضيحية، فقد وردني كرسالة من صديق متابع لمقالاتي، ونتبادل الآراء عبر الرسائل والمكالمات الهاتفية حول الكثير من المشاكل السياسية التي تعصف بالعراق والعالم. بعث لي هذه الرسالة عن أمريكا ودورها في العالم، طالباً مني إبداء رأيي فيما إذا كنت أوافقه على آرائه هذه أم لا. وبالطبع أني أتفق معه على معظم ما قاله. ورأيت أن هذه الرسالة من الأهمية بحيث تصلح أن تنشر كمقالة بحد ذاتها. وأشكر الصديق على سماحه لي بنشرها لتعميم الفائدة، وبدون ذكر اسمه.


ولا شك أن هناك كثيرون لا يتفقون معه في كون أمريكا ضد الاستعمار، ولا بد أنهم سيستشهدون بدورها في التآمر على بعض الحكومات التقدمية في العالم الثالث إبان الحرب الباردة، ومن بين ضحاياها، حكومة ثورة 14 تموز الوطنية المجيدة بزعامة الزعيم عبدالكريم قاسم، وقبلها حكومة محمد مصدق في إيران...الخ


وجوابي على هذه الاعتراضات هو، نعم، أن أمريكا تدخلت وبشكل فض عن طريق المؤامرات التي خططتها وكالة مخابراتها (CIA) لدعم القوى الرجعية ضد الحركات التقدمية في العالم الثالث. ولكن كان ذلك إبان الحرب الباردة حيث الصراع بين المعسكرين الشرقي بزعامة الاتحاد السوفيتي، والغربي بزعامة أمريكا. وبعد انهيار المعسكر الشيوعي لصالح الغربي، وخاصة بعد جريمة 11 سبتمبر/أيلول 2001، غيرت أمريكا سياستها لصالح الشعوب المبتلية بالأنظمة الدكتاتورية، ومنها شعبنا العراقي حيث ساعدته على الإطاحة بأبشع نظام دكتاتوري همجي ألا وهو حكم البعث الصدامي الفاشي. أما ما حصل بعد ذلك من تداعيات فهو نتيجة تداخل وتقاطع مصالح جهات خارجية وداخلية تضررت من التغيير الذي حصل في العراق، وشرحناها في عشرات المقالات. أدرج أناه نص الرسالة (المقال).


*******


 


نص الرسالة:


 


عزیزی عبدالخالق،


ما دمتَ تکتب عن امریکا و دورها الایجابی فی العالم، سمحتُ لنفسی ان ارسل لك بعض ملاحظاتی عن امریکا. ارجو ان تقرأها و ابلاغی ان کنت تتفق معی أم لا.


١- أمریکا التی یحلو للبعض ان یسمیها زعیمة الاستعمار العالمی، لم تکن لدیها فی کل تأریخها ولو مستعمرة واحدة. العکس هو الصحیح، إذ أنها ساهمت فی تصفیة النظام الاستعماری فی العالم. قد یقول البعض بأن هاوایي (Hawaii) مستعمرة أمریکیة. هاوایی تتکون من مجموعة من الجزر الصغیرة فی المحیط الهادی عاصمتها هونولولو. تبتعد بمسافة ٣٨٥٠ کلیومتر من کالیفورنیا. کانت تُحکم من قبل عائلة مالکة رجعیة متخلفة الی ابعد الحدود، و کانت لأمریکا بعض المصالح الاقتصادیة هناک، و خاصة فی مجال صناعة السکر. حیث کان لدی الأمریکان عدد کبیر من مزارع قصب السکر بحیث کان من الممکن ان تسمی هذە الجزر بشبە مستعمرة أمریکیة. فی سنة ١٨٩٣ تم الاطاحة بالنظام الملکی هناک. و فی سنة ١٩٠٠ و حسب رغبة زعمائها الجدد اصبحت هذە الجزر تابعة لأمریکا. و فی سنة ١٩٥٩ اصبحت ولایة من "الولایات المتحدة الأمریکیة"، و اصبحت لها کامل الحقوق کای ولایة امریکیة أخری.


بالمناسبة، أم براک أوباما من هوایی و والدە من کینیا.


 


٢- لیست هناک دولة لها پرلمان و شعب حر و حکومتها تعادی أمریکا. نعم قد تحدث خلافات بینها و بین امریکا، و لکن لا تصل الی درجة المعاداة. الدول التی تعادی او تتظاهر بمعاداة امریکا جمیعها تُحکم من قبل دکتاتوریین کصدام حسین بالعراق، و القذافی بلیبیا، و البشیر فی السودان، و الاسد فی سوریا و خامنئی فی ایران وستالین فی روسیا. و السبب هو ان الدکتاتور لا یمکنە البقاء فی السلطة و تشدید قبضتە علی اعناق شعبە بدون عدو خارجی. اما الرئیس المنتخب فعلیە ان یرحل بعد اتمام الفترة القانونیة مهما کانت الظروف. لهذا السبب لا یحتاج الرئيس المنتخب الی عدو لکی یحاول ان یخلق لدولتە اعداء.


٣- لذلک، وعبر التاریخ، لم تحدث ولا مرة واحدة حرب بین نظامین دیمقراطیین، فجمیع الحروب حدثت بین دکتاتوریات او بین نظام دکتاتوری و آخر دیمقراطی.


٤- ان الشعب الأمریکی متکون من عدد کبیر من القومیات؛ هنود حمر، انگلیز، المان، یهود، عرب، اسپان ...الخ و کذلک من اسود و ابیض و اصفر ...الخ، و من جمیع الدیانات؛ المسیحیة، الیهودیة، الاسلام، البوذیة ....الخ. و جمیعهم يعيشون بسلام و وئام و حقوق جمیع افرادە محفوظة ان کان ذلک الفرد مسیحیا متزمتا او ملحدا متطرفا، بشرط ان لا یعتدی علی حقوق الآخرین. ویرجع سبب هذا الوئام و الازدهار و التقدم فی جمیع المجالات الی نظامهم الدیمقراطی الذی یحمی حقوق الجمیع و لا یکبت افکاهم.


٥- منذ تحررها من الاستعمار البریطانی، امریکا لم تعتدی علی ایة دولة. و حتی ساعدت بعض الدول التی تعتبر نفسها عدوة لأمریکا، لتخفیف اثر القهر و المجاعة علی شعوبها. کما حدث مع الاتحاد السوڤێتی فی الثلاثینات من قرن الماضی عندما تفشت المجاعة هناک بسبب السیاسة الهمجیة لستالین. واستمرت هذە المساعدات للاتحاد السوڤیتی حتی الی ما بعد الحرب العالمیة الثانیة و الی ان احتاج ستالین، لتبریر دکتاتوریتە و همجیتە و بقائە فی الحکم، الی توتر جدید فی العلاقة مع الغرب. فطلب من کیم ایل سونغ ان یهاجم کوریا الجنوبیة، مما دفع بأمریکا و الدول الغربیة الدیمقراطیة الی تکوین حلف عسکری للدفاع عن شعوبها و انظمتها الدیمقراطیة. وهکذا بدأت الحرب الباردة.


 


٦- الی ما قبل حوالی ٥٠ سنة من الآن، کان هناک تميیز عنصری فی بعض الولایات الأمریکیة. ولکن بفضل وجود النظام الدیمقراطی و النمو الحضاری و الاقتصادی تم القضاء تدریجیا علی هذا التخلف الفکری و غیر الإنسانی و خاصة بعد ظهور عدد غیر قلیل من المثقفین المصلحين بین السود من امثال پۆل روبسن، مارتن لوثر کنگ، و جیسی جاکسن الذین اختاروا النضال السلمی لمعالجة هذە الظاهرة المؤلمة. و یجب ان لا ننسی دور بعض الریاضیین من امثال محمد علی کلای، و الفنان الکبیر مایکل جاکسون، و آخرین من السود الذین کانوا محبوبین من قبل جمیع اطیاف الشعب الأمریکی فی القضاء علی التمیز العنصری.


 ٧- صحیح، أن المانیا و الیابان کانتا دولتین صناعیتین قبل الحرب. إلا إنهما لم تکونا دیمقراطیتین. ولکن بعد أن خسرتا في الحرب العالمية الثانية، اصبحتا دولتین دیمقراطیتین و صناعیتین اکثر من قبل. و صناعات هاتین الدولتین، خاصة فی مجال صناعة السیارات، اصبحت تملأ اسواق العالم و تزاحم هذە الصناعات امریکا و اوروپا. أما کوریا الجنوبیة التی کانت مستعمرة يابانیة و متخلفة الی ابعد الحدود، اضحت دولة صناعیة کبری ومستقلة. بینما لیس لدی کوریا الشمالیة سوی بعض الصواریخ و القنابل الذریة التی تهدد بها السلام العالمی. و کلها من اجل ماذا؟ من اجل ابقاء دکتاتورهم "المحبوب" من آل کیم ایل سونغ علی دست الحکم.


٨- انا اعتقد بان امریکا کانت ترغب بإسقاط صدام مباشرة بعد تحریر الکویت ولكنها توقفت فی آخر لحظة لأنها أیقنت بان البدیل سوف لا یکون دیمقراطیا و سیٶدي الی حرب اهلیة لا نهایة لها بین طوائفها الدینیة. ونفس السیناریو یتکرر الآن فی سوریا. فأمریکا توقفت عن مساعدة المعارضة لنفس الاسباب. لان البدیل قد یکون داعش او جبهة النصرة او کلاهما. و حکام الدول العربیة الأخری تدرک هذە الحقیقة و تحاول الاستفادة منها قدر الامکان. حیث تقمع القوی الدیمقراطیة بجمیع الوسائل والاسالیب و تعطی بعض المجال لقوی اسوأ منها، کما فعل السادات فی مصر. حیث قمع الشعب و فتح المجال للأخوان المسلمین الذین اغتالوە فیما بعد. والسعودیة تقوم بنفس الشئ حیث تقمع الشعب و تفتح المجال لقوی اسلامیة متطرفة، و تقول لأمریکا و الدول الدیمقراطیة الأخری؛ علیکم بحمایتی، فبدیلی سیکون اسوأ منی. و هذا ما کان یقولە شاه ایران ایضا، ومن بعده حسني مبارك في مصر، وزين العابدين بن علي في تونس.


٩- و السید پوتین یحاول توتير الوضع مع الغرب لکی تکون لە حجة لمحاربة منافسیە السیاسیین و إبقاء نفسە و حکومتە الفاسدة فی الحکم. حیث انە یحکم روسیا منذ ١٤ سنة و لیست لديه نیة ان یتخلی عنها الی یوم مماتە.


هذه هي أمريكا التي ينطبق عليها المثل العراقي: (مثل السمك، مأكول ومذموم).


ـــــــــــــــــــــــ


رابط مقال ذو صلة


عبدالخالق حسين - لولا أمريكا...


http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=59875


 


 



-- 

في حالة عدم الرغبة باستلام رسائلنا يرجى الضغط هنا


-- 

في حالة عدم الرغبة باستلام رسائلنا يرجى الضغط هنا

Opinions
المقالات اقرأ المزيد
الاعتدال السياسي في الإسلام مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية/ مرة أخرى... أنرحل .. أم نبقى .. أم ماذا؟ أقولها في حقيقة المسيرة إننا لا زلنا أمام واقع جديد ومؤلم وفي مسيرة متعِبة وفي قلق أخذ من سنّي أعمارنا والخوف من مستقبلنا ومن الآتي إلينا وما الذي سيلاقيه أجيالنا، بل أين سيكون إيمان مسيحيتهم وخاصة في ظروف عشناها بسبب داعش وإرهابه، فاليوم من المؤكد إننا أمام مفترق طرق بل أمام مجهول وضياع لم نشهد مثلهما، فالفرقة قد مَلَكَت على عقول أبناء وطننا، والكراهية أخذت مسارها في قلوبنا، والطائفية المقيتة أصبحت بركة مقدسة، والمصلحة والقومية آه ياأرض المطار هادي جلو مرعي/ في أول التغيير كانت الرحلات الجوية من والى مطار بغداد الدولي محفوفة بالخجل نتيجة الإجراءات غير المقنعة المتبعة في إدارة المطار لو اصبح حبيب تومي رئيساً لوزراء العراق ..!!(1) حبيب تومي/ لو : زُرعت وما حصدت ، ولغوياً هي اداة شرط تستعمل في الأمتناع او في غير الإمكان ، مثلاً : لو كنت غنياً لساعدت الفقراء ،
Side Adv2 Side Adv1