Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

تعقيب على مقال السيد عزت اسطيفان حول صراعات الكنيسة وسقوط القسطنطينية؟

                    

يعكوب ابونا/  جميل جدا ان اجد الاخ عزت اسطيفان يساهم في رفد قرائنا الاعزاء بالمعرفة والثقافة التي نحن جميعا بحاجة اليها ، فاتمنى له كل الموفقية في مسعاه هذا ، وحسنا فعلا عندما بدأ بالكتابه  عن بعض فصول كتاب الاستاذ نجيب اسطيفان " حول صراعات الكنيسة وسقوط القسطنطينية " وعند حديثه عن المسيحية في حقبتها الاولى ، وجدت بان هناك ما يتطلب بعض التوضيح ، ارجو من الاخوين الكريمين ان يتقبلوا توضحي هذا ،  وساضع المقتبس من المقال بين قوسين واعلق خارجهما .. ... عن الكتاب يقول ....  

1-(( كانت أورشليم ( القدس) نقطة البداية لانطلاق التبشير ثم تبعتها انطاكيا .وبعد أربعين سنة أصبحت روما مركز ثقل التبشير عندما وصل إليها الرسولان بطرس وبولس...))...  

  من اورشليم فعلا بداءة بشارة الرسل كما امرهم السيد المسيح ، وكانت كنيسة اورشليم محضا لاهل الختان ( اليهود المتنصرين ) ، فعندما انطلقت البشارة الى انطاكيا سوريا واسست كنيسه انطاكيا كانت لاهل الختان والغرله معا ، اذ جاء في روميه 11/17 "بان زيتونه بريه ( يقصد الامم ) طعمت بزيتونه الاصل ( ويقصد بهم اليهود ) فاصبحت كنيسة انطاكيا تحتضن من كل الامم واليهود معا ، يذكر اوسابيوس القيصري ج1ك2 ص 152 " بان بطرس الرسول توجه الى انطاكيا حيث اسس كرسية الرسولي وبنى كنيسة سنة37 "، كان الرسول بولس قد سبقه اليها عام 34 ، عندما وجده برنابا في طرسوس فجاء به الى انطاكية فكانا يجتمعان ويعلمان جمعا كبيرا " اعمال الرسل 11/ 25 -26، ونجده بطرس سنة52 يرجع اليها للمرة الثالثة ، وعن الوثائق القديمه يذكر ابن العبري في التاريخ الكنسي جزء1، بان بطرس من سنة53 حتى الستين كان وحده في انطاكيا ، وفي مقدمة تفسير ابن صليبي لانجيل مرقس يقول بان بطرس الرسول هو من علم المؤمنين ان يتجهوا نحوالشرق في الصلاة ، رسم بطرس بمساعدة مار بولس مار افوديوس نائبا له ، كما رسم مار اغناطيوس النوراني ايضا ، جاءفي كتاب تاريخ سوريا للمطران يوسف الدبس ج3 ص 554 ،وكتاب بطريركية انطاكية تاليف الدكتور نيل ص5 ، وكتاب الشرق المسيحي تاليف ليكان الفرنسي ج18 ص 4821 ، بانه " اسس كنائس قيصرية وبيروت وجبيل وصوروصيدا وطرابلس ،".... وبقى بها وحده حتى عام 60 ، وهذا ما يؤكده ايرونيمس في مشاهير الرجال ف1 والبابا لاون الاول في رسالة الى اناطوليوس القسطنطيني ، والكردنيال بارونيوس في جدول سنتي 42 و43 ،" ومازال يحتفل بعيد تاسيس كرسي مار بطرس في انطاكيا في 22 شباط ، حسب تقويم الاعياد السرياني المطبوع في رومية سنة 1953 " ..ويذكر البطريرك مار اغناطيوس يعقوب الثالث في ص 56 من كتابه تاريخ الكنيسة السريانية الانطاكيه ، " ..وقد اخبرنا التقليد الكنسي انه التقى ببولس رسول الامم في كورنثوس سنة 65 ، واذا بلغهما نبا الاضطهاد العنيف الذي اثاره نيرون الطاغية على المؤمنيين في رومية توجها اليها لتعزيتهم ، فاعتقل سنة 66هناك وصلب منكسا راسه بحسب طلبه عام 67 م، " ... وخلفه على كرسي كنيسة انطاكيه افوديوس 53-68 وهكذا توالوا من بعده بطاركه على كرسي انطاكيه ، الذي اصبح أسقفها هو الأب العام أو البطريرك العام للمشرق .. ويذكربطرس نصري في كتابه ذخيرة الاذهان جزء الاول ص 44 و49و 73 و74 ،بان الكرسي الانطاكي كانت له سلطة على كل المشرق ، و في انطاكية المدينة السورية أطلق اسم المسيحيين للمرة الأولى، لذلك يعتبرون انفسهم الخلفاء الشرعيين لبطرس الرسول في قيادة الكنيسة، ، وان تسمية سوراي او سوريايي مشتقه من سوريا ونقلت الى العربية بلفظتي سريان وسريانيين ، وهذه اخذت من " اسيريا " وفقا للفظ اليوناني ، وهذه من اسور اي اشور ، هذا مايذكره الاب يوسف حبي في ص 44-45 من كتابه كنيسة المشرق ....

   كما ذهب الرسول توما الى الهند الذي كان قد ارسل امامه ادي الى ابجر ملك الرها ليشفيه من مرضه والذي كان قد امن بالمسيح قبل ان يراه ، ووعده المسيح بالشفاء من مرضه وله قال السيد المسيح طوبئ للذين امنوا ولم يروا ، قتل توما في الهند سنة75 م ، وكان تلميذه ادي وهو من السبعين رسولا ، اول الرسول الى بلاد الرافدين ، وماري اسس الكرسي المدائن " سليق وقسطفون " قاعدة مملكة الفرثيين كان ذلك سنة 49م ، نصري ص 39 ،هذا كان الواقع في انتشارالمسيحية وتاسيس الكنائس ، نلاحظ الان لدينا ثلاثة كنائس اساسية اورشليم وانطاكيا وكنيسة المشرق ، كما لايفوتنا ان نذكر بان الرسول بطرس كان سنة 61 قد ارسل مرقس الى مصرليبشر بالمسيح فذهب الى ليبيا موطنه الاصلي وبشر هناك ومنها ذهب الى مصر، الاسكندرية حيث تلمذ اولا اسكافيا اسمه انيانوس واهل بيته ،وسنة64 رسمه اسقفا ، ومات مرقس شهيدا سنة 68 ....

  كانت لهذه الكنائس الاربعة دور اساسي وكبيرلما قدموه المؤمنيين من التضحياتات والشهادة ، ولازالت هذه الكنائس مستمرة بعطائها وتضحياتها ومحتفظة بعقائدها الايمانية ، فكنيسة روما لم تكن موجوده في هذه الازمنه ولم يكن لها الدورالذي يسوق لها لتكون اولى الكنائس ، ؟؟

 ولكن الذي لايمكن انكاره وهو ان نعترف صراحة بان ماكان لكنيسة روما ان تصل لما هي عليه في بسط نفوذها وسطوتها ، لولا انتصار قسطنطين على منافسيه ، فعندما دخل روما عام 312 م وفي سنة 313 م اصدرمرسوما ( اعلان ميلانو ) الغى به جميع مراسيم الاضطهاد التي اصدرها ديوكليشيان ضد المسيحيين، فنال المسيحيين الحرية والاحترام وارتقوا منهم الى المناصب العليا ، وهذه كانت بداءة لبروز دوركنيسة روما وسطوتهاعلى بقية الكنائس..

 والا كيف نفسرالفترة منذ انتشارالمسيحية وحتى اعلان ميلانو فهي اكثر من 300 عام لم يكن لكنيسة روما وجود ولا تاثيرعلى الكنائس الاخر ،..؟؟  والقول بانها خليفة مار بطرس ، فيكون من الضروري طرح السؤال الذي يفرض نفسه بهذا الصدد ان كانت كنيسة روما تمثل بطرس " الصخرة " التي بنى المسيح عليها كنيسته كما يدعون ، فاين كانت تلك الصخرة ،؟ قبل وجود كنيسة روما ؟؟

 يذكرالن هوايت في كتابه الصراع العظيم ص 59 بان الامبراطورقسطنطين اصدر منشور صاربموجبه يوم الاحد عيدا عاما في كل انحاء الامبراطورية ، والى جانبه صار رعاياه الوثنيون يوقرون يوم الشمس كما صارالمسيحيون يكرمونه ، فكان القصد ان يوحد مصالح الطرفين في الاحتفال بهذا اليوم ".. ويذكره اندرو ملير في مختصر تاريخ الكنيسة " في ص 149، بان الامبراطور قسطنطين عهد امر تربية ابنه " كريسبوس " وتهذيبه الى " لاكتانتيوس " الشهير الذي كان مسيحيا ، ولكنه بسبب هذه الرعاية الملكية اتخذ لنفسه مقام السيادة على الامور الكنسية ، فكان يحضر مجامع الاساقفه ويتحاور معهم ويحسم الخلافات العقائدية ، ومن ذلك الوقت فصاعدا صارت الكنيسة تعرف في المكاتبات الرسمية باسم الكنيسة الكاثوليكيــــــــة ، واما الامبراطور فقد اصدر لرعيته في الشرق بانه الة في يد الله لنشر الايمان الصحيح ، وان الله منحه الظفرعلى قوات الظلمه ، وفي خطابه الى يوسيبوس يقول " وبان الذين سقطوا في جرائم كثيرة بسبب الخوف او عدم الايمان سيقبلون الى معرفة الاله الحقيقي " ..ومن هنا اخذ راس الكنيسة بصورةعلنية امام العالم اجمع ، وفي الوقت ذاته احتفظ لنفسه بمقام الكاهن العظيم للاوثان ، ذلك اللقب الذي لم يتخل عنه قط حتى مات وهو حاز للقبين - راس الكنيسة والكاهن العظيم للاوثان ..وهوعلى فراش الموت قد نال المعمودية على يد يوسيبوس اسقف نيكوميديا ، ومات بعدها بفترة وجيزة وكان ذلك سنة 337 م " ...هكذا اصبحت روما مركزثقل المسيحي بهذا التحول الدراماتيكي وبسطت نفوذها وسلطتها ، وبدا الارساليات تنتشر في اوربا...

 

2-(( بعد إستشهاد الرسولين بطرس وبولس وعدداً من الرعيل الأول من المبشرين صلباً أو تعذيباً،ظهرت الحاجة لتأسيس جمعية أو تنظيم أو مرجعيات محلية لتأمين عدم حصول تشوش أو تمزق في الجسم المسيحي اليافع))...

 

   عن دائرة المعارف البريطانية الطبعةالتاسعه ج18 ص 696 " بان روما ومنذ القرن الثامن اخذت تحتفل بذكرى اسقفية بطرس فيها وهو اليوم الثامن عشر من شهر كانون الثاني " ...اي انها لم تكن تحتفل باسقفية بطرس قبل ذلك التاريخ، ؟؟ وقد ترك بطرس للكنيسة رسالتين الاولى كانت قبل 50 من اورشليم يشير بها الى حلول روح القدس يوم العنصرة ، موهبة الالسن ، والثانية يعتقد بانه ارسلها من روما بين سنتي 65 و67 ..

 و يذكر البطريرك مار اغناطيوس الثالث في هامش ص 57 من كتابه المشاراليه اعلاه ، بانه من الغريب ان يلتقي الرسولان ( بطرس وبولس ) في روما زمنا ولا يشير احدهما عن الثاني في رسائله الى الكنائس ، ولاسيما بولس الذي اثبت في رسائله حتى الامور الخصوصية البسيطة فكيف يغفل عن ذكر مقدم الرسل وهو صحبته مساء وصباحا ؟؟" فعلا مسألة بها نظر...

  كان بولس قد اتهم في اورشليم ، وبعد سلسلة من المحاكمات أُرسل إلى روما ليقضي بها سنتين ، وبعدها ذهب إلى قيصرية ما بين عامي 58 و 60 ورجع إلى روما عام 61. وقد أعدم عام 67بقطع رأسه بأمر من نيرون على إثر حريق روما الذي اتهم المسيحيون بإشعاله عام 64م ، وله مجموعة رسائل بلغت 14 رساله منها رسالته الاولى والثانية الى تيموثاوس ورسالته الى تطيس ..

اما القول بان الحاجة ظهرت الى جمعية او تنظيم بعد ذلك..؟ قد يكون الامرمشكوك فيه ، لان التنظيم والترتيب الكنسي كان معروف لدى بطرس وبولس لانه بدا ذلك في اورشليم منذ السنيين اولى للمسيحية ،  كانت مجامع اورشليم مرتبه ومنظمة ، ومنها اول المجامع الكنسية في اورشليم – الذي انعقد بعد صعود المسيح ، وكان لغرض انتخاب رسول عوضا عن الاسخريوطي ،وكان الحضور قد رشح اثنان من الرجال هما يوسف ومتياس ، ثم القوا القرعة فوقعت على متياس ، فضموه الى الرسل الاحد عشر ، سفر الاعمال 1/ 23-25 ، اما المجمع الثاني - كان في السنه الثانية للصعود لاقامة الشمامسه في الكنيسة لمساعدة الرسل ، فانتخب سبعة رجال ورسموا شماسة بوضع الايدي ، واصبح هذا من المميزات المطلوبه والعرف المطلوب في انتخاب الاكليروس ، واما المجمع الثالث - كان بناء على طلب مار بولس عام 51 للبحث في امرالختان ..وكان انذاك يعقوب اخوالرب اسقف اورشليم ، نستنتج من هذا بان التنظيم الكنسي من شمامسه واكليروس واساقفه كان معروفا ومتبعا في اورشليم ،وطبيعي ان يكونوا الرسل قد اتبعوه عند انشاء كنايسهم في مناطق اخرى ، عليه فان روما لم تكن سباقه الى ذلك التنظيم ، اما اذا كانت قد اتبعته فيكون تقليدا لسياقات التي اتبعت وجرت في اورشليم والكنائس الاخرى التي سبقت روما في الايمان ودخول المسيحية اليها ، عليه فان الاشارة كما وردت اعلاه يفهم منها بان روما كانت سباقه الى ذلك ، وهذا يخالف الواقع لانه يشكل مصادرة حق الاخرين في هذا الشان ، ومنحه الى روما بدون وجه حق....  

3- ((في بداية الأمر لم يكن هناك قسيس لإقامة القداس بل كان يديره ويوعض به من دعا إليه.لم يكن هناك كهنوت بمرجعية واحدة،بل مسؤول يقف في أعلى سلم الجماعة ويساعده واعظ بعد زيادة عدد المؤمنين وتوسع رقعة نشاطهم،تطلبت الحاجة تأسيس إكليروس "مجموعة كهنة " لوضع تجمعات المؤمنين تحت إدارة وقيادة واحدة وإنشاء كنيسة تجمعهم بإرادة وكلمة واحدة.))... .... 

   كما بينا اعلاه بان التنظيم الكنسي ودور الاكليروس كان معروفا ، واما في روما قد يكون بسبب الاختلافات في تفسيرالتعاليم من قبل افراد الكنيسة الواحدة ، ادى الى انشاء المجالس والمجامع والحاجة الى اقامة رئيس عليهم لقيادة المجلس ، وكانت العادة ان ينتخب اسقف عاصمة المقاطعه رئيسا للمجلس ،ومع الوقت اخذوا هولاء يزعمون ان الله اودعهم قوة وسلطانا لادارة الكنيسة ، كانت المسيحية قد دخلت روما في وقت مبكر ، وليس هناك ذكرعلى يد اي من الرسل دخلت ، وكما لاحظنا انفا بان بطرس وبولس ذهبوا اليها سنة 65 لتعزية المؤمنين فيها لما كانوا يتعرضون له من الاضطهات ، من قبل السلطات ، من هذا نفهم بان لابطرس ولا بولس لهم دور في ادخال المسيحية الى روما ، ولكن لا ننكربان شوكت المؤمنيين قد تقوت بعد استشهاد الرسولين على يد نيرون .

 كانت كنيسة اورشليم تعتبرالام وكان إحساس المسيحيين بها بان حقها عليهم وواجبهم نحوها... فكانت ترسل التقدمات لفقراء أورشليم من الكنائس المختلفة.... لقد كان بولس يجمع التقدمات من كنائس الأمم التي أسسها، ويرسلها إلى كنيسة أورشليم.... بل هو بنفسه كان يحمل هذه التقدمات، كما حدث في زيارته الثانية لأورشليم حوالي سنة 44م، حينما كان يحمل تقدمات كنيسة إنطاكية (أع11: 30) ...

 وقد تولى أمور كنيسة أورشليم يعقوب اخوالرب حتى سنة 62م وقد كان أول أسقف عليها، وبعد ان استشهد خلفه مباشرة أخوه سمعان بن كلوبا الذي استشهد عام 106مصلوبًا على يد أتيكس والي اليهودية سنة 106م ....

4- (( وهكذا أصبح في بداية القرن الرابع لكل تجمع أسقف مسؤول ومؤسسة كهنوتية وبدأت عملية رعاية وحدة الكنيسة تجري وتنفذ من خلال إستشارة الأساقفة ))..

 يذكر اندرومليرالمصدرالسابق ص 125 ، في عام 245 تم تعين رواتب شهريه للاكليروس ليمنعوا من الاستمرار في ممارسة وظائفهم الحرفية،..  اما في بداءة القرن الرابع وبعد اعلان ميلانو في مارس 313م قام نوع من التحالف بين الكنيسة والحكومة واخذ الامبراطورقسطنطين مقام رئيس الكنيسة ، وكان يحضر مجامع الاساقفة الدينية بصفته رئيس الكنيسة المطلق ، فعندما نشات البدعة الاريوسية في الشرق ، كتب خطابا الى اسقف الاسكندرية اسكندر والى اريوس معا ، وبخهما فيه تنازعهما لاجل امورتافهة واختلافات وهمية ، واوصاهما ان يعيشا بسلام واتحاد ، ولكن عندما وقف على حقيقة النزاع دعى الاساقفه الى عقد مجمع يقررون به الايمان الصحيح ، في شهر يونيو سنة325 م اجتمع اول مجمع في نيقية " نيس " وحضر نحو 318 اسقفا ، استمرار مدة تزيد عن الشهرين ، وكان نتيجته اقرار قانون الايمان المشهور الذي تؤمن به جميع الكنائس وتتلوه ، ورفض اراء اريوس وتم نفيه مع اثنين من اساقة مصركانوا معه ، ولكن الامبراطوروبتاثيراخته قرر في سنة327 استدعاءه ومحاورته فاظهرقسطنطين رضاه وسروره بما سمع ، فاصبح اريوس من اتباعه واصبح له نفوذ كبير.. نلاحظ هنا قوة الدولة وسطوتها وسلطتها في ادارة وتوجيه شؤون المؤمنيين ، فكانت هذه البداية التي اتبعها الامبراطورعندما اتخذت الامبراطورية الرومانية المسيحية ديانة لها ، وزيادة دورها وتاثيرها كان واضحا في مجمع افسس الذي عقد للنظر في اراء نسطورس الذي كان قد اقيم اصلا باطريركا على العاصمة البيزنطية في 10 نيسان سنة 428 تجاوبا مع رغبة الملك تاودوسيوس الثاني ،ويذكر الاب البيرابونا في ص 61 م كتابه تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية بان قورلس كان بطريركا للاسكندرية منذ سنة428 ، كان على خصام مع نسطوريوس فاستطاع من استمالة اسقف سلستينوس اسقف روما الى جانبه ، وبتاثيره وافق الامبراطور ثيودوسيوس على اصدارالامر بعقد مجمع في افسس سنه 431 وافتتح المجمع في 22 حزيران قبل وصول جميع الاباء، وتراس كورلس الاجتماع فقرروا تحريم نسطورس ونفيه ، الا ان الاجتماع الذي تراسه البطريرك يوحنا بطريرك انطاكيه قرروا عزل كورلس ومؤيديه والغاء قرارهم ، ولكن الامبراطور اصدرقرارا في 29 حزيران بالغاء كل ماجرى في 22 حزيران مجمع كورلس ، الا ان اجتماع 16 و17 تموز التي عقد بحضور وفد روما حرم يوحنا مع 34 اسقفا ، فامرالامبراطور عزل نسطورس وممنون مطران افسس لتواطئه مع كورلس وويضعهم جميعا رهن الاعتقال ، وبعدها نفى نسطورس الى الصحراء الليبية وتوفي هناك قبل انعقاد مجمع الخلقيدوني سنة 451 م،.. هنا نجد بان قوة السلطة وتدخل الامبراطوربالشان الكنسي ، اعطى لاسقف روما تلك المكانه التي استطاعت روما من خلالها الاستفاده من بسط نفوذها السلطوي على الكنائس الشرقية ومع تعاظم دورها ادعوا اساقفة روما السطان الروحي فكانت لروما السلطتين الدينية والدنيويه ...

5- (( وأصبح أسقف روما ومنذ البداية المرجع الرئيس كونه خليفة الرسول بطرس والناطق بأسم كل الكنائس إعتماداً على قول المسيح لتلميذه بطرس " أنت الصخرة،وعليك سأبني كنيستي ". ...

بينا انفا كيف تم التحالف الحكومي والكنسي وكما يسميه احد فلاسفة اللاهوت الحلف الغير المقدس ، وان علمنا بان اول من غير لقب اسقف روما الى لقب بابا روما هو سيركيوس سنة 384 -399 م ، كما نجد بان البابا غريغوريوس السابع 1073-1085هوالذي اعطى لكنيسة روما العصمة والكمال ، وله السلطان ان يخلع الاباطرة ، وفعلا هذا ماتم بخلع الامبراطور الالماني هنري الرابع ، والبابا هذا هو من اقترح فكرة استعادة القدس التي تحولت فيما بعد الى الحروب الصليبية......

  اما اسقف روما اصبح المرجعية منذ البدايه ،هذا غير صحيح بدليل وجود الكنائس الاخرى قبل وجود كنيسة روما ، ولكن بعد التحالف من الدولة اصبحت روما تمثل القوة الدينية والدنيوية في اني معا ... اما كون البابا خليفة بطرس على اساس النص "أنت الصخرة،وعليك سأبني كنيستي ". ...فهذا النص ليس كما ورد بالانجيل ، فالاصل هو كما في : (( انجيل متي (مت 13:16-20):-ولما جاء يسوع إلى نواحي قيصرية فيلبس سال تلاميذه قائلًا من يقول الناس أنى أنا ابن الإنسان. فقالوا قوم يوحنا المعمدان وآخرون إيليا وآخرون ارميا أو واحد من الأنبياء. قال لهم وانتم من تقولون أنى أنا. فأجاب سمعان بطرس وقال أنت هو المسيح ابن الله الحي. فأجاب يسوع وقال له طوبى لك يا سمعان بن يونا أن لحما ودما لم يعلن لك لكن أبى الذي في السماوات. وأنا أقول لك أيضًا أنت بطرس وعلى هذه الصخرة ابني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها.. حينئذ أوصى تلاميذه أن لا يقولوا لأحد أنه يسوع المسيح. وفي انجيل مرقس 8/ 27-30 فأجاب بطرس وقال له أنت المسيح.. وفي لوقا 9 :18- فأجاب بطرس وقال مسيح الله. فانتهرهم وأوصى أن لا يقولوا ذلك لأحد.)) ...

  لنلاحظ اولا دقة سوال المسيح ولنفسره بعمق " من يقول الناس أنى أنا ابن الإنسان" نجد هنا المسيح يؤكد ناسوته كونه ابن الانسان ، ونلاحظ بان الاب يعلن لبطرس ،ليقول بانه انت المسيح ابن الله الحي ، نفهم من هذا " لاهوت المسيح ، فيكون الله الظاهرفي الجسد " بطبيعتين ناسوتية ولاهوتية " وهذا هوايمان الكنيسة، كما ترد في كتاب اللاهوت الادبي ، ويقول بولس الرسول"لا أحد يستطيع أن يقول المسيح رب إلاّ بالروح القدس" (1كو3:12 ويو 16: 14)... فالذي أعلنه بطرس هوالايمان بالمسيح وان يقيم كنيسته على هذا الإيمان، ويعطى كنيسته سلطان الحل والربط، ليس لبطرس فقط بل لكل الرسل (مت 19:16+ مت 18:18يو 1:47 -51 ).

لذلك القول بان " أنت الصخرة،وعليك سأبني كنيستي ".فهو مردود من اصله ، لانه خلاف النص الناحية الشكلية ، ومن الناحية الموضوعية لايمكن القول بان المسيح يبني كنيستة على الانسان مهما كان هذا الانسان ، وان كان الامركذلك ، فاين كانت كنيسة المسيح قبل قيام كنيسة روما بعد 313 م ؟؟ الم يكن بطرس الصخرة للكنائس الاخرى ؟؟

   يذكركتاب التفسيرالتطبيقي للكتاب المقدس هذا النص :((  بان اعتراف الايمان الذي قدمه بطرس ويقدمه كل المؤمنيين الحقيقين من بعده ، وبطرس نفسه يذكر ، بان المؤمنين انهم الكنيسة المبنية على اساس الرسل والانبياء ويسوع المسيح نفسه حجرالزاوية " 1 بط 2:4-6 " وجميع المؤمنين متحدون في هذه الكنيسة بالايمان يسوع المسيح المخلص ، " بط ايضا أف2: 20-21 " ..ولقد امتدح الرب المسيح بطرس لاجل اعترافه بهذا الايمان ، ، فالايمان كايمان بطرس هو اساس ملكوت المسيح )) كما ان البطريرك ماراغناطيوس الثالث في هامش ص 53 من كتابه تاريخ الكنيسة السرينية الانطاكية ، يقول "بان المسيح لم يؤسس كنيسة على بطرس واما بطرس فقد وضع في بناء هذه البيعة ،بل وضع مع رفاقه الرسل كحجارة في اساسها ، يقول يوحنا الرسول : " ولسور المدينه اثنا عشر اساسا ، فيها اسماء الحمل الاثنى عشر، رؤ : 21 : 14 : وبهذه المعنى فان كل مؤمن هوبطرس اي حجرفي بناء بيعة المسيح كما شهد بطرس الرسول قائلا : وكونوا انتم ايضا مبنين كالحجارة الحية بيتا روحيا 1بط 2: 5 " الا ان حجرالزاوية هو المسيح ،كما قال الرسل " وقد بنيتم على اساس الرسل والانبياء وحجر الزاوية هوالمسيح يسوع اف 2: 25 "..  وبنفس التوجه والعقيدة هوللكنيسة المرقصية ، وكذلك لكنيسة المشرق ، والكنيسة البروتستانية ، اما المعروف بان كنسية روما استغلت قوتها التي استمدتها من قوة الامبراطورية الرومانية وفرضت سلطتها وسطوتها على بقية الكنائس وسوقت لفكرة بان اسقفها هو خليفة الرسول بطرس واعتبرت هذا تقليدا للخلافة الرسولية ، وليس حق روحي منح لها من السماء ، لذلك لا نجد مع هذا التوجه الا الكنائس الكاثوليكية التي تتبع روما ، خلافا لاصل الحق اللاهوتي في تفسيرالنص المقدس .....

 6-   (( في مثل تلك الظروف تطلبت الحاجة إقامة مرجعيات تدير شؤون الكنيسة ورعاياها فتشكلت بطريركيات في أورشليم " القدس " وانطاكيا والإسكندرية وبقي البابا في روما الرمز والمرجع الرئيس لتلك البطريركيات.)) ...

  كما بينا انفا بان اولى الكنائس كانت في اورشليم وانطاكيا والمشرق والاسكندرية ، ولم ينتظروا لاقامة مرجعياتهم لحين قيام كنيسة روما ، بل كانت لهم مرجعياتهم وباطريركيتهم وبشكل مستقل عن روما ، والبابا ليس رمزا لهم لان لهم استقلاليتهم ،  ،وهناك نشير الى الفرق بين السيطرة والخضوع والانتماء والقبول ، فهذه المرجعيات الباطريكية في اورشليم وانطاكيا والمشرق والاسكندرية ، كانت تحضع لسيطرة الامبراطورية الرومانية  سياسيا وعسكريا ، ولم تكن تابعه لكنيسة روما او خاضعه لها بقدرخضوعها لسلطة الامبراطورية . فكانت السلطتين متداخلتين انذاك ، الدينية والدنيويه واستمرت، ومع ذلك لم تفقد تلك الكنائس خصوصيتها وعقيدتها الفكرية ولم تحضع لعقيدة روما ، ...

رغم ان روما وكما نعرف كم كانت معاناة الشعوب الاوربية من سطوتها وسيطرتها وظلمها وقهرها ، لدرجة ان تلك الفترة اطلق عليها بالفترة المظلمة في تاريخ اوربا ، وكرد فعلا عن تلك الاعمال والسلوكيات كانت الحركة الاصلاحية في القرن السادس عشرعلى يد مارتن لوثر ، وقيام المذهب البروتستانية ، بتنظيم وإدارة جديدة عرفت بالكنائس الإنجيلية أو البروتستانتية، وتبعها قيام الثورةالصناعية فادى الى قيام حركة اصلاحية جماهيرية ناضلت من اجل ابعاد سلطة الكنيسة بفصل الدين عن الدولة ، وتحديد دورها في الشان الديني ومن خلال الكنائس فقط ، وما نجده اليوم في اوربا وما تحقق من حقوق وحريات والبناء الديمقراطية هو نتيجة فصل الدين عن الدولة ، والكنيسة عن السياسية ،...

   للاسف في بلداننا اليوم يمارسون نفس ما كانت تمارسه الكنيسة في القرون الوسطى ، وباسم الدين ، بمعنى ان شعوبنا تعيش افكار ومفاهيم القرون الوسطى وهم يعيشون في القرن الحادى والعشرين .. اليس هذا غريبا ؟؟ ان تسمح شعوبنا ان تعيش في تلك القرون المظلمه ؟؟...

 

 

 

 

 

 

 

Opinions