Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

ثلاث نتف صوف على لوحة سوداء

 

(طلب أحدنا أن يكتب كل منا نصاً يعبر عن حال العراقيين اليوم ... فكتبت هذه الخاطرة)


"خللي نشوف شراح يصير"، قالت النتفة الأولى بصوت خفيض، والتفتت يسرة ويمنة، وجالت اللوحة السوداء شبه الفارغة، ونظرتها القلقة المستسلمة لا تركز على شيء، ولا تقف حتى عند النتفة التي سألتها، ولا تلك الثالثة الصامتة التي تنظر إلى نفسها أو إلى الأرض.. 

فجأة سألت الأخرى: أنتم خايفات؟ أجابتها الصامتة بحركة من يديها كأنها تقول: "لا ادري.." وتحرك فمها دون أن يخرج صوتاً.. ثم سألت الأولى بقلق وكانها تخشى أن يكون سؤالها سخيفاً : "لازم نخاف؟"... شجعها الصمت، فأكملت: "أتصور لازم نخاف"... بدا على النتفة الثالثة المزيد من القلق وتلفت رأسها أسرع.. 

"وين راحو كلهم"؟ قالت الثانية.. تلفتت الثالثة وكأنها تتظاهر بأنها تبحث عن جواب.. "راح يجي سرانا؟" قالت الأولى بصوت متقطع.. فعم الصمت بعض الوقت.. حتى قطعته الأولى ثانية: "أكول؟ لازم نصير عصبيات؟".. ثم أكملت "قولوا فد شي!" .. ولما لم يجبها أحد عن هذا السؤال الصعب، أكملت: "هم يكذبون علينا.. مو"؟ .. هزت النتفتان رأسيهما بالموافقة.. أكملت الثانية بتردد: "يعني لازم نغضب لأنهم يكذبون علينا؟.. ... لو هيه هيج"؟ هزت الصامتة رأسها موافقة وهمست "هيه هيج....السياسة" ثم رفعت رأسها كمن خشى أنه تفوه بحماقة، ثم اضافت وهي تضع أصابعها على فمها لتترك باباً مفتوحاً للتراجع:"..أتصور..".. 

"هسه شنسوي"؟ قالت الأولى.. أجابت الثانية بسرعة للتخلص من ضغط السؤال: "خللي نشوف شراح يصير"..وأكملت الثالثة متوسلة "خللي نشوف همه شيكولون".. "منو همه؟".. "شمدريني، منو همه...همه اللي... بالتلفزيون و..."... "اللي لابسين قوط؟"... "أي،.. همه يعرفون!"... "يعني ننتظرهم؟!"..." أي لعد قابل شنسوي..؟"...."وإذا ما إجو؟"... "ما أدري .. بعدين نشوف"...."وإنتي شنو رأيج؟"..."رأيي؟؟؟"

أطلق السؤال الغريب ابتسامة عفوية رائعة في ثغر من وجه إليها، فأشرق وجهها عن طفلة شديدة البراءة، وبدا الضحك كصديق قديم غاب منذ دهور، وأكملت مطلقة كركرة صغيرة: "هه هه هه ..شمدريني شنو رأيي؟؟". 

انعكست عفويتها المعدية على ثغري محدثتيها، وبدا كأن الدماء عادت تجري في عروق الثلاثة للحظة، ثم انتبهوا كمن ارتكب إثماً كبيراً، فأعادوا لوجوههم جديتها الباهتة.. 

قالت الأولى بعد أن أفاقت من الهزة .. "أقول؟...أخاف ميريدونه نبقى؟".. 

"يعني نطلع؟.. " .. "أخاف عيب؟" ... "يمكن خللي ننتظر ونشوف"..."شيسوون بينا يبقونه؟..شيريدون من عدنه؟" .."يمكن راح يقسمونه؟"...."يمكن!"..."يوزعونه كل وحده بلوحه"..."يصير نرجع؟" (صمت وهز رؤوس بالنفي) "وين نرجع؟ ... ما أدري..يجوز يصير"..."ليش إحنا وين؟".. "زين ما نسأل أحد؟"..."منو نسأل؟".. (يتلفتن يميناً ويساراً...لا أحد هناك). وبصوت اعتيادي جداً، قالت أحداهن: "تتصورون يفجرونا .. ؟"، ... (بلا أبالية مماثلة) "يجوز.. ما أدري.. لكن ما أتصور".. "لعد شراح يسوون بينا؟"..."يمكن مثلهم...على الأكثر".."يعني.... قصدج يسوون بينا دمقراطية؟".. ارتعدت النتفتان، وانفلت من أحداهما صوت مخنوق خرج بصعوبة:"يعني هسه شنو لازم نسوي؟"..."إلمن نسأل شنسوي؟".... "ما أدري..خللي نشوف شراح يصير"..."..." ...  "..." 

(النتف الثلاثة لا تمثل الشيعة والسنة والكرد، وكونهم ثلاثة اختيار عشوائي، كذلك لا يقصد بالقصة النساء دون غيرهم)

 

Opinions
المقالات اقرأ المزيد
صدام حسين أمر بقتلها.. هكذا نجت زوجة الرئيس الفرنسي من الاغتيال بالسليمانية صدام حسين أمر بقتلها.. هكذا نجت زوجة الرئيس الفرنسي من الاغتيال بالسليمانية في حوارٍ مع صحيفة الشرق الأوسط، يكشف مدير شعبة أميركا في المخابرات العراقية، سالم الجميلي، تفاصيل محاولة رئيس النظام العراقي السابق صدام حسين في التخلّص من "دانيال ميتران"، زوجة الرئيس الفرنسي "فرانسوا ميتران" في تسعينيات القرن الماضي العراق بعد عشر سنوات – معنى الأرقام والأسئلة صائب خليل/ كما كان متوقعاً أثارت هذه المناسبة الكثير من الكلام والجدل، وكالعادة سارعت صحافة الكبار لكي تلغم النقاش بإعطاء الكلمات الأساسية المسؤولون .. ومقتل الصحفي محمد بديري حميد مراد/ اقدم ضابط من فوج حماية رئاسة الجمهورية في المنطقة الخضراء ببغداد على قتل الاعلامي والاكاديمي محمد بديري الشمري والذي يشغل سيناريو المالكي للفوز بولاية ثالثة جــودت هوشـيار/ من يعتقد ان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ، يفتقر الى الدهاء فهو واهم ، وأذا كان الرجل يفتـقرالى صفات الزعيم الكاريزمي من
Side Adv1 Side Adv2