Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

أميركا والناتو في العراق - تدريب عسكري أخلاقي أم اختراق إرهابي؟ - الجزء الأول

 

 

 

http://www.alsharqiya.com/wp-content/uploads/2013/06/NB-78606-635081682994267017.jpg


تأتي وفاة مدرب نادي كربلاء لكرة القدم محمد عباس بعد ضربه على يد قوات "سوات"(1) في توقيت حرج بالنسبة للحكومة من ناحية، لإنها كانت قد وقعت لتوها عقدا مع الناتو الذي درب هذه القوات. ومن ناحية أخرى فإن الحادثة تخدم الحكومة في سحب اهتمام الناس من تلك المعاهدة التي ممرت في ليلة مظلمة في ا لبرلمان، إضافة إلى التهائهم باحتفالات "الخروج من الفصل السابع" ، وهما الموضوعان اللذان شغلا الإعلام العراقي بشكل تام خلال هذه الفترة، ولم تكد تطرح أية تساؤلات عن تلك المعاهدة التي كان أمثالها في الماضي يتسبب في هيجان كبير في الشارع العراقي. لكن الشارع تعب وتغير وأنهكه الإرهاب والفساد واليأس – أي أن الخطة نجحت- كذلك فأن الصدريين لم يعودوا "صدريين"، ففقدوا الوضوح الذي كان يميزهم. فبعد أن كانوا الجهة الأشجع والأوضح في الوقوف بوجه أية مخططات أمريكية، صارت قراراتهم الأقرب إلى تلك المخططات، وإن بقيت شعاراتهم ضدها. وبدل المطالبة بحقوق المواطن خاصة الفقير كما عهدناهم، يركز عدي عواد ورفاقه اليوم على سمسرة خصخصة مقدرات البلاد لحساب الأثرياء! ليسأل الصدريون قادتهم ونوابهم لماذا لم يفتحوا فمهم على هذه الإتفاقية هذه المرة؟

 

اتفق معظم النواب مع وصف لجنة الامن والدفاع النيابية للاتفاقية بـ "المهمة جدا"، رغم أن نواباً أعترفوا بأن أية تفاصيل لم تناقش فيه، ودون أن يكلف أحد نفسه بتحديد فعلية الحاجة إليها، وإن كان النقص في الأمن هو نقص في تدريب القوات الأمنية (المدربة من قبل نفس المجموعة!) أم قضية أخرى، ففي العراق لا تطرح مثل هذه الأسئلة. يكفي أن يقوم عملاء الناتو بتفجيرين، لكي يهرع الجميع لطلب (المزيد من) المساعدة، من الناتو!! (2)


في مقالتي عن الإتفاقية الجديدة، أوردت جزءاً من كلمة ترحيب سابقة لهذه المنظمة القاها رئيس اركان الجيش العراقي الكردي بابكر زيباري، قال فيها أنه يأمل من تدريب الناتو: "أن يتسلح الجيش العراقي بالمبادئ والقيم وحقوق الإنسان"  وأنها " فرصة بناء العقل الجديد" وأننا "حريصون جدا أن تتطور العلاقة مع دول حلف الناتو لأننا نريد جيشا حضارياً يحترم الشعب ويدعم النظام الديمقراطي".(3)

وهاهو الشعب العراقي يرى بنفسه تلك المبادئ والقيم وحقوق الإنسان التي تسلح بها هذا الجيش من خلال تدريبه على يد قوات الناتو، وشاهد "العقل الجديد" الذي بناه الناتو في هذا الجيش الحضاري، وكم "يحترم الشعب"!

وصف رئيس نادي كربلاء محمد ناصر حادثة "احترام الشعب"(4) فقال ان يوم المباراة تزامن مع الزيارة الشعبانية لكربلاء.  وبسبب الازدحامات المرورية قرر بعض اللاعبين والادرايين ألا يأتوا بسياراتهم وكان كل خمسة أو ستة منهم يتجمعون لركوب سيارة واحدة الى بيوتهم. وحين سألت قوات سوات احد اللاعبين عن سبب بقائه في الملعب اوضح انه ينتظر آخرين لكي يغادروا معا، فما كان منهم إلا ان اعتدوا عليه بالضرب.  وحين أُبلغت الادارة توجه اعضاؤها الى الملعب بأمل التفاهم مع افراد وضباط سوات. وحين عاتب الاداريون افراد قوات سوات لاعتدائهم على اللاعب رد احد افراد سوات بتوجيه ضربة الى ناصر طرحته ارضا ثم "بدأوا بشكل عدواني هجومهم على اللاعبين والادارة حتى ان احد الاخوان في الادارة انهال عليه بالضرب تسعة من قوات سوات واستخدموا العصا الكهربائية مع عضو الادارة وليد حسين ولكن العدوانية والهمجية كانت مع الكابتن ابو سمية" محمد عباس.! 

واتهم  أعضاء نادي كربلاء (سوات) بأنها "لا تعرف معنى القانون ولا كيفية تطبيقه مثلما لا تفقه كيفية التعامل مع المواطنين"، وقال رئيس نادي كربلاء الرياضي، محمد ناصر إن "ما تعرض له مدرب نادي كربلاء ... يُعد جريمة واضحة ارتكبت أمام الملأ... وبرغم أنه من رموز الرياضة الكربلائية والعراقية وله تاريخ حافل بالإنجازات ورفع اسم العراق في كثير من المحافل الدولية، وقبل هذا وذاك هو إنسان وعراقي". وتساءل عضو الهيئة الإدارية لنادي كربلاء أحمد هدام، "كيف تطالب الحكومة العراقية بعودة الكفاءات من الخارج وهم يعاملون بهذه الوحشية"، وتابع "لينظروا إلى محمد عباس الذي عاد إلى العراق بعد أكثر من 15 سنة خارجه لخدمة بلده لكنه لم يحصد إلا الأذى".(5) وانسحبت العديد من الفرق الرياضية من الدوري منها كربلاء والكهرباء ونفط الجنوب والسليمانية والصناعة وبغداد وصلاح الدين(6) وقالت رابطة المدربين الدوليين أن الإعتداء سيعرقل مساعي رفع الحظر عن الملاعب العراقية(7) وتظاهرت كربلاء(8) وهتفت : "سوات تطلع برة وكربلاء تبقى حرة"(9) وطالبت نقابة صحفيي كربلاء الحكومة بإعلان نتائج التحقيق بأسرع وقت (10) 

وطالب تجمع “داعمون للتغيير” بالإسراع في محاكمة المعتدين على مدرب كربلاء وتوعد بأن "المسألة لن تنتهي بانتهاء التظاهرات وسكوت الاصوات التي طالبت بمعاقبة من هاجموا هذا الانسان النبيل، فملايين العراقيين يملؤهم الغصب ويشعرون بالأسى والمرارة مما تعرض له هذا الرجل الذي يعد ثروة وطنية".

ووصف عضو لجنة الشباب والرياضة النيابية محمد خضير الدعمي الضحية بالقول: "ان الكابتن عباس انسان معروف بخلقه الكريم وسمعته الطيبة التي جعلته يحظى بمحبة اهالي كربلاء وجمهور الكرة العراقية، فقد ترك هولندا وجاء ليدرب نادي كربلاء مجانا دون أجر، كما تم تكليفه ليكون مديرا لإحدى المدارس المتخصصة بكرة القدم في كربلاء، إلا ان هذه الحادثة المروعة قد حالت دون استكماله لمسيرته الرياضية وكانت بحق نكبة للرياضة العراقية”. (11) وقال بأن أربعين عنصراً من السوات متورط بالإعتداء عليه(12) ووصفه رئيس كتلة المواطن باقر الزبيدي بأنه الذي ترك "جنة الدنيا في هولندا ليسكن رمضاء كربلاء عشقا لاهله وتراب وطنه ورفض كل العروض المغرية من اندية كبيرة واليوم يكافأ بـ 14 ضربة براسه ملتحقا بضحايا الرياضة وهم مجزرون كالاضاحي”. (13) وأدان عسكرة المجتمع وبث الرعب والخوف في صفوف الناس، وأن "مهمة قوات سوات محاربة القاعدة واخواتها وليس العدوان على الرياضة والرياضيين(14)

وقال الصدر “الارهاب اخترق الجهات الأمنية كأشخاص وأخترقها فكرا وابعاد للكفاءات وتهميشهم بل وقتلهم وضربهم وتهجيرهم”. (15)


هذا عن جريمة القتل وعن ردود الفعل عليها، فمن هو المجرم المسمى قوات سوات (Special Weapons and Tactics)؟

وجدت هذه المعلومات عن سوات في موقع يحاول إعطاء فكرة إيجابية عنهم وعن الناتو،(16) يصفهم بأنهم فرقة عسكرية تابعة للجيش العراقي مسلحة و مجهزة باحدث التكنولوجيا ومهامها محدودة، وأن 64% منهم تم تدريبهم في أميركا ثم نقلوا إلى استراليا (والأردن)، وأن الحكومة العراقية صرفت "مئات الملايين الدولارات" لتدريبهم و بدعم مالي من حلف شمال الطلسي الناتو و أمريكا، وأن هذه القوة "ليس هناك مثيل لها سوى Delta Force الأمريكية" التي يدربهم ضباطها. وأنها تأسست في وقت الرئيس علاوي وقامت بتحرير المئات من المختطفين واعتقال الكثير من قيادات القاعدة. و"قرر الناتو و الولايات المتحدة بانضمام قوات العمليات الخاصة العراقية الى قيادة القوات المشتركة JIATF و التي يديرها الناتو و قرروا تأسيس أربع قيادات اقليمية و جهاز مخابرات خاص مشترك بين العراق والولايات المتحدة والناتو لتبادل المعلومات عن الارهاب في المنطقة و العراق و قيادة المهام لتدمير الشبكات الارهابية في العراق والشرق الأوسط"! 


قال إمام جمعة المدرسة الخالصية في الكاظمية أن "ما جرى في العراق من قتل ودمار في ظل الاحتلال الامريكي تتحمل هذه القوات مسؤوليته. وبعد خروج الاحتلال فان القوات الامنية العراقية هي المسؤولة عن هذا الملف"، مشيرا الى "وجود تشكيلات عسكرية خارج التشكيلات الرسمية المعروفة وهي قوات سوات التي كانت آخر إبداعاتها ضرب مدرب كربلاء بطريقة وحشية حتى الموت ".

وتساءل الخالصي عن "حقيقة قوات سوات وارتباطها، لا سيما وأن نائبة في البرلمان تحدثت عن ارتباط هذه القوات بالسفارة الامريكية"،(17)


ويخبرنا الناب شوان محمد طه وهوعضو في لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب بأن "سوات" المجهزة بالأسلحة الحديثة وسيارات همر الأمريكية المتطورة، لا تتمتع بأي غطاء قانوني وترتبط بشكل مباشر بمكتب رئيس الوزراء نوري المالكي وتتلقى الأوامر من الفريق فاروق الأعرجي والوكيل الأقدم لوزارة الداخلية عدنان الأسدي. (18)

وتشير "المدى" إلى أن "سوات" تواجدت في أحداث أمنية ساخنة مثل المعركة التي دارت رحاها بين القوات الأميركية من جهة ومسلحين في الأنبار، ومن ثم معركة النجف، وصولة الفرسان في البصرة، فضلا عن مشاركتهم في اقتحام كنيسة النجاة في الكرادة عام 2010، والهجوم على مبنى وزارة العدل في شهر آذار الماضي (2013) .

ويخلو موقع وزارة الداخلية الالكتروني من أي معلومات حول تشكيل قوات سوات أو المهمات التي تضطلع بها ولا يوجد اي اثر لتلك القوات على الصفحة الرسمية للوزارة. وتزايد عدد السوات من 1500 ليصل إلى 15 ألف عنصر، وأغلبهم من المحافظات الجنوبية من "طائفة معينة" وعدد قليل جداً من بغداد. 

وقال طه ان هذه القوات بدأت بـ 1500 عنصر ووصلت الى 15 ألف عنصر، مبينا ان التسليح كان بسيطا في بداية تأسيسها ومنحتهم القوات الأميركية 2000 قطعة سلاح، الا انهم اليوم يملكون "اسلحة قناص وسيارات حديثة واجهزة عسكرية متطورة". وقال طه ان أفراد السوات "يتم اختيارهم من قبل طائفة معينة واغلبهم من المحافظات الجنوبية وعدد قليل جدا من بغداد"، مؤكدا أن "هذه القوات لم تراع التوازن الوطني في تشكيلها وتقتصر على الشيعة ولا يوجد أي عنصر فيها من الكرد أو السنة". وتنتشر قوات سوات في عدد من المحافظات مثل الموصل وكركوك وبابل لكنها لا تأخذ أوامرها من المسؤولين المحليين، ولا يمكن للجنة الأمن والدفاع النيابية على حد قول طه، ان تحاسبها أو تراقب عملها.

في قراءتنا هذه يجب أن نأخذ بنظر الإعتبار موقف كل من "المدى" وطه (من تحالف كردستان) من المالكي خاصة في موضوع الجيش. 


قال أحد المعلقين على الجريمة بأنها "سابقة خطيرة" فهل هي فعلاً "سابقة" وحادثة مفردة، أم سياق معتاد؟ وهل يمكن أن تصل حادثة أولى إلى هذا المستوى من الوحشية لو لم يسبقها الكثير من الحوادث الأصغر أو الأقل ضجيجاً؟ الم تهاجم قوات وحشية مقر جريدة الحزب الشيوعي وقامت بتحطيمه، وبدون أية تهمة وبدون أن يتعرض لها أحد؟ ألم تقم قوة متوحشة أخرى بتنفيذ قرار بتحويل ممتلكات للوقف السني إلى الوقف الشيعي، ولم يكن هناك أي مبرر لأستعمال العنف؟ ألم ترسل مجموعة متوحشة أخرى لإغلاق النوادي الثقافية وقامت بشتم المنتسبين والإعتداء عليهم؟ ألم تنشر كل تلك الحوادث في الإعلام، فلماذا لم يتخذ رئيس الوزراء أية إجراءات لتعديل الخطأ قبل وقوع مشاكل أكبر؟ هل هو سعيد بما يحدث ويراه استعراض لقوته وتقديم نفسه كمناصر للوقف الشيعي ومعاد عنيف للشيوعيين و "شاربي الخمر"؟  


علق أحد السنة على الخبر في أحد المواقع، قال: "يعني لازم ينقتل شيعي حتى تصير القوات مجرمة؟" لا شك ان هذا لسان حال الكثير من السنة الذين طالما اشتكوا من تصرفات هذه القوات ولم يستمع لهم أحد! 

داعموا الحكومة طالما ردوا على تلك الشكاوى بالفرضية أن هؤلاء يحاولون حماية الإرهاب الذي تحاربه هذه القوات المخلصة، وبالتالي يجب عدم الإهتمام بهم. الآن يتبين أن تلك القوات ليست أهلاً لأي نوع من الثقة. فإن كان يثيرهم حتى رجل رياضي محبوب، ومن طائفتهم، فيضربونه حتى الموت ويكسرون عظام رفاقه من اللاعبين الشباب ويستعملون معهم العصي الكهربائية، دون أن يبدي أحداً منهم اية مقاومة أو اعتراض على أمر، بل حاولوا التفاهم معهم على مسألة بسيطة، وأمام الناس المتجمهرة، فكيف إذن يتعاملون مع الآخرين ، خاصة من السنة، بعيداً عن الأعين؟ كيف يتعاملون مع من يعتقدون أنهم يحتضنون الإرهاب كطائفة ويقتلون أولادهم، لإبادة نسل الرسول، والذي تضخه في رؤوسهم قنوات الإعلام الأمريكي الإسرائيلي في العراق؟ هل يثق أحداً أن مثل هؤلاء يستطيع التمييز بين بريء ومذنب، أو أن يعامل متهماً كبريء حتى تثبت إدانته؟ لا يبدو ذلك ... تخيلوا كم خلق هؤلاء وأمثالهم من احقاد طائفية وكراهة للحكومة بين السنة. لاشك أن من حق السنة أن يفكروا: ذاق الشيعة لسعة صغيرة منها فقامت الدنيا، ونحن إذن؟ ألسنا "بشر وعراقيين"؟ ماذا عن الحويجة؟ ألا يمكن ان تكون شكاوى المتظاهرين فيها صحيحة؟ وماذا عن كثرة الشكاوي من المواطنين العاديين بأن الجيش يعاملوهم بالسباب الطائفي والإهانات وشكاوى التحرش بالنساء، حتى الإغتصاب في الموصل؟ أيستبعد ذلك من مثل هؤلاء؟.... هل هذه "سابقة" فعلاً؟ أم هناك الكثير من الضحايا الذين لم يسمع صوتهم؟


لنلاحظ أنه من بين عشرات قوات السوات التي كانت حاضرة ومشاركة في الجرمية، لم يقف عنصر واحد بينها لينبه جماعته إلى الخطأ وأنهم يذهبون بعيداً خارج أخلاق التعامل مع البشر، وإن وقف فيبدو أن صوته لم يكن مؤثراً. فإذن فأن هذه الأخلاق هي السائدة والطبيعية بينهم! فهم لم يكونوا في حالة غضب ولم يستثرهم أحد، وهل يجرؤ أحد على ذلك؟ هل يؤتمن مثل هؤلاء ليرسلوا إلى قضية حساسة ومصيرية بالنسبة للبلد مثل فض اعتصامات ذات طابع طائفي خطير؟ ما أدرى المالكي أن بعضهم لن إطلاق النار ويسيل الدم تهوراً أو تعمداً لتأجيج الموقف، مثلما فعل الجندي الذي ظهر في فلم اعتصامات الأنبار؟ ولحد اليوم لا افهم لماذا لم يتخذ المالكي إجراءاً بحقه ولا حتى عرف أحد من هو! إنه سعيد بحيلة لجان التحقيق التي ترسل القضايا إلى بحر النسيان، وتحل له كل المشاكل.


إن إسالة الدم في التظاهرات من أشهر أساليب التآمر على الحكومة كما يشرح خبير روسي في فلم فيديو(19) ولاشك أن قوات الأمن المدربة أمريكياً تعرف ذلك جيداً ويعرفه المالكي جيداً، فلماذا يقف المالكي موقف السلب الغريب من هذا الأمر؟ وهل هو فاقد للقدرة على التدخل في أمر هذه القوات، أم أنه "لا يريد أن يكسرها بعقوبة"، تماماً مثل معاملة صدام وأي دكتاتور لحرسه وقواته؟ كل يوم تأتي مقارنة جديدة بين العراق الدكتاتوري القديم والعراق "الديمقراطي" الحديث، ولا شك أن هذه المقارنة ستضاف إلى القائمة!


كيف يريد المالكي أن يكسب ثقة الناس في تلك المناطق بعد كل هذا، إن هو خسرها حتى في مناطق طائفته؟ كيف يأتمن من دربتهم على مثل هذه المهمات وعلى حفظ الأمن في البلاد جهة مشبوهة عالمياً ومعروفة بشكل خاص بمشاريعها لتقسيم العراق؟ إن هتافات التظاهرت ضد سوات (بالخروج بره، وكربلاء تبقى حرة) لا تختلف عن هتافاتها ضد القوات الأمريكية المحتلة أو عصابات شركات متعاقدي الحماية الأمريكية، وهذا مؤشر خطير. أنظروا إلى الناس تشتكي في المقابلات(20) وتطالب بمحاسبة المجرمين،(21) وإني والحق يقال أشد على ايديهم لشجاعتهم بالمطالبة بحكم القانون في بلد احتقار القانون وتسيطر العشائر والسلاح. فمن يعلم ما قد يفعله هؤلاء من انتقام ممن اشتكى عليهم بعد أن تهدأ الأمور، فهل يلوم أحد هؤلاء لو أنهم سكتوا خوفاً؟ وهل من شك أن من سيبقى يطالب بالقصاص أكثر من غيره، سيعرض نفسه للتهديد والخطر؟ 


الآن يعود العراق ليطلب استمرار من درب هؤلاء، ليكرر عمله الفاشل والمشبوه. ولنتساءل: لماذا المدربين؟ وهل أن القوات التي دربوها وتخرجت، لم تدرب جيداً، أم أنهم ينوون توسيعها أكثر وزيادة هذا التوسع الهائل في عسكرة المجتمع، الذي يخنق العراق، والذي قال عنه المالكي نفسه أن حجمه غير طبيعي؟ ومتى سيوقف هذا التوسع الخطير وغير المدروس؟ أكلما أرادوا تضخيم هذا السرطان أكثر، فجروا بضعة قنابل، فيهتف النواب بضرورة معاهدة أمنية وتدريب أمني أمريكي جديد؟ وإن كان حقاً وجود الحاجة لمدرين (وهو ما نشك به تماماً) فلماذا لا تطلب الحكومة مدربين من أية دولة محايدة بعيدة عن شكوك الإرتباط بالإرهاب وبعيدة مصالحها عن تخريب البلاد، فهل لم يعد أحد في العالم يعرف كيف يدرب الأمن العراقي إلا اميركا المرتمية في حضن إسرائيل؟ بل هل تستطيع الحكومة أن تتأكد من أن بعض المدربين ليسوا إسرائيليين بالفعل؟


من الطبيعي أننا لا نقول أن كل عناصر سوات من العملاء، ولاشك أن معظم مجندي هذه القوات هم جنود مخلصون لبلدهم، ولكن وضع التدريب يتيح للأمريكان اختراقهم. أن يدرسوا العناصر الأمنية واحداً واحداً ويعرفون كل نقاط ضعفه وقوته، (وهذه بحد ذاتها معلومات خطيرة)، ويعلمون إن كان يناسبهم أن يترقى هذا العنصر إلى مناصب أمنية عالية أم لا (ويعملون على ذلك)، وما هو الطريق الأنسب لإغرائه أو تخويفه (أو ربما التخلص منه) إن تطلب الأمر. ويكفي أن يتمكن الأمريكان من تجنيد خمسة في المئة منهم ليكونوا كارثة على البلاد. لذا لن نستغرب أن نكتشف مستقبلاً أن الكثير من قادة السوات والتشكيلات العراقية الأمنية هم من العملاء لأميركا أو من المعتقدين المؤمنين بها إيماناً لا تزعزعه أوضح الحقائق، ولعل هذا لا يقل خطورة عن العمالة تجاه جهة لا تريد الخير للبلاد. 


إنني لا أدعوا إلى حل قوات سوات، كما يفعل الكثيرون لاسباب بعيدة عن الإنسانية، وربما تكون مثل هذه المهمة فوق طاقة الحكومة، وإنما إلى الكف عن الثقة بها بهذا الشكل الأعمى والنظر بواقعية إلى مدى ما قد تم اختراقه لها من قبل المدربين الأمريكان وربما الإسرائيليين، والتوقف عن تعريضها، هي أو غيرها من القوات والمؤسسات، للتدريب والتجنيد الأمريكي الإسرائيلي. لقد وقع الواثقون بأميركا الإتفاقية، فهل وضعوا على الأقل ضوابط أمنية لتقليل فرص التجنيد للعملاء؟ مثلاً منع أي لقاء مع عنصر من عناصر المتدربين منفرداً مع الأمريكان؟ إني أجزم أن لا شيء من هذا موجود، فما دام رئيس الوزراء يسميهم "أصدقاء" فلماذا الحذر؟ 


كذلك أدعوا (ولكن من أدعو؟) إلى مراقبة وحشية تعامل هذه القوات واحتقارها للناس الذي تعلمته من مدربيها (وبعضهم مجرمون مدانون كما بينا في مقالة سابقة) والعنجهية الشخصية لأفرادها. وأدعو للإنتباه لتصرفات هؤلاء، وعدم الثقة بهم في القضايا الحساسة طائفياً، والتي لا تحتاج إلى مثل هذه القوة، فقد يتعمدون إثارة المشاكل. فكل من تدرب أمريكياً في غير مجالات الهندسة والطب والقضايا الخدمية، يجب أن ينظر إليه بعين الشك، وأن يكون تنظيف هذه الأجهزة من العملاء هدفاً اساسياً للشعب العراقي وحكوماته ومؤسساته، لا أن تفتح الفرص لزيادتهم!


ما يقال عن الأمن يقال عن أي مجال تتولى أميركا فيه التدريب، وله علاقة بالسياسة أو الإقتصاد أو القوات المسلحة.في نهاية الأمر سنمسي بلداً يقوده تكنوقراط مخلصين لأميركا وأجندتها، بين عملاء مباشرين ومؤمنين، وتنسيق مباشر يتم في أروقة السفارة الكبرى ومعاهد التدريب، ولا شيء يفسر حماس الأمريكان والناتو لتدريب الكوادر العراقية غير هذا الهدف!

ويجب أن نذكر أخيراً أن السنة لم يكونوا لوحدهم ضحايا هؤلاء، تماماً مثلما لم يكن الشيعة وحدهم ضحايا “القاعدة”، بل ايضاً ولفترة طويلة، شمل إرهاب السوات وأمثالها، الصدريين من الشيعة، وربما غيرهم. فمن يعمل تحت أمرة الأمريكي لا يسأله عن هوية أو طائفة من يؤمر بقتلهم! فهؤلاء لا يعودون “شيعة” مثلما لا يعود مجندوا القاعدة "سنة".. بل عصابات إجرامية معدومة الإحساس، والدليل على ذلك أن شيعية المدرب لم تشفع له قدر ذرة، مثلما لم تشفع سنية البوطي وتلامذته لهم عند ثوار الناتو في سوريا! 


ألا يكفي هذا لكي يتحد الشيعة والسنة بواجهة ذباحيهم المشتركين من القاعدة والسوات ومن يدربهما معاً؟ وهل أكثر من الخطر المشترك للموت، موحداً للناس؟ لم التردد إذن؟ أما آن لمثقفي الطرفين، مثل مثقفي أي بلد في العالم تعرض لمؤامرة مماثلة، أن يأخذوا الأمر على عاتقهم، ويعتبرون إنقاذ شعبهم من هذه المؤامرة الوسخة، مهمتهم الأسمى في الحياة؟


الجزء الثاني سيكمل الموضوع مركزاً على تنسيق الإرهاب وتوزيعه طائفياً بين قوات الأمن العراقية والقاعدة.


(1)  مدرب كربلاء يفارق الحياة بعد اسبوع من الاعتداء عليه 

http://qanon302.net/news/news.php?action=view&id=24830

(2)  ترحيب نيابي بالتصديق على اتفاقية تدريب القوات الأمنية مع «الناتو» 

http://qanon302.net/news/news.php?action=view&id=24342

(3) رئيس أركان الجيش بابكر زيباري يستقبل مسؤول الناتو

http://www.mod.mil.iq/news/2011/4/25/7.html

(4)  الاعتداء على مدرب فريق كربلاء سابقة خطيرة

http://www.iraqhurr.org/content/article/25031749.html

(5) تداعيات الاعتداء على مدرب فريق كربلاء تتفاقم وسط اتهام "سوات" بالإضرار بسمعة العراق

http://www.iraqicp.com/index.php/2013-03-22-11-04-13/2013-03-22-11-08-32/1599-2013-06-26-08-31-57

(6) ارتفاع حدة الخلافات للمطالبة بمعاقبة الجناة وتوالي انسحابات اندية من دوري النخبة

http://alamalsport.org/ArticleShow.aspx?ID=9527

(7) رابطة المدربين الدوليين: الاعتداء على مدرب كربلاء سيعرقل مساعي رفع الحظر عن الملاعب 

http://www.iraqalyoum.net/news.php?action=view&id=21651

(8)  تظاهرة رياضية احتجاجا على الاعتداء على مدرب كربلاء

http://www.imn.iq/news/view.22729/

(9) الكربلائيون يتظاهرون للتضامن مع عباس حملوا لافتات: سوات تطلع برة وكربلاء تبقى حرة

http://www.almadapaper.net/ar/news/446875/

(10) نقابة صحفي كربلاء تطالب فيه اعلان نتائج التحقيق باسرع وقت 

http://kitabat.info/subject.php?id=32781

(11) تجمع داعمون للتغيير بالإسراع في محاكمة المعتدين على مدرب كربلاء

http://www.alforatnews.com/index.php?option=com_content&view=article&id=44096

(12) الدعمي: أربعون عنصراً من القوات الأمنية المتورطة بالاعتداء على مدرب نادي كربلاء تم إيداعهم التوقيف

http://www.almashriqnews.com/inp/view.asp?ID=47610

(13) رئيس كتلة المواطن باقر الزبيدي معزيا : مدرب كربلاء ترك جنة الدنيا عشقا لاهله واليوم يكافأ بـ 14 ضربة

http://alnajafnews.info/?p=30752

(14) الزبيدي: مهمة قوات سوات محاربة القاعدة واخواتها وليس الرياضة والرياضيين

http://al-iraqnews.net/new/political-news/97657.html

(15) الصدر: المعتدين على مدرب كربلاء ثلة ارهابية وقحة... لا يجب أن تنتمي للعراق واهله 

www.faceiraq.com/inews.php?id=1816226

(16)  ماذا تعرف عن قوات سوات العراقية 

http://www.dorar-aliraq.net/threads/71605

(17) الخالصي يشكك بخروج العراق من الفصل السابع ويدعو لإظهار المقررات"الخفية" والتنازلات السرية 

http://qanon302.net/news/news.php?action=view&id=24773

(18) الأمن النيابية: "سوات" تتلقى أوامرها من المالكي وقائدها يدير العمليات من مطار بغداد

http://www.faceiraq.com/inews.php?id=1635577

(19)  ‫افيقوا يا عرب هذا سبب ثوراتكم خطير: فلم فيديو – خبير روسي: إسالة الدماء في التظاهرات مؤامرة معروفة‎ 

http://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=SIQ-WzD7qWY

(20) ‫شهود عيّان عن حادثة "محمد عباس" 

http://www.youtube.com/watch?v=geyjas3mgsQ

(21) ‫تظاهرات في كربلاء و بابل بعد مقتل مدرب كربلاء محمد عباس‬‎ 

http://www.youtube.com/watch?v=6-ST5zN_9N8

3 تموز 2013 


 

Opinions