Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

بالامس كنا واليوم أ صبحنا

بالامس كنا واليوم أ صبحنا

                                  

                         المونسينيور د. بيوس قاشا

 

إن عالمَ اليوم أكثرُ عنفاً وفتكاً بأبناء الأرض الأبرياء، وعلى المسيحيين أن يدركوا أنّ ارضهم كانت بذرة ايمانهم وان مسيرتهم ما هي الا شهادة فهناك من يريد ان يفرغ البلدان منهم  ، وذلك ليس سرّاً فوسائل التواصل الإجتماعي تفضح كل شيء وتُعلن المستور حسب قول المسيح الحي:"ليس خفيٌّ إلا سيظهر، ولا مكتومٌ إلا سيُعلَن" (لو17:8)، كما تُظهر الوسائل تزييف الحياة التي يحملها الفاسدون والسرّاق المبارَكون من قِبَل رجال الدنيا والزمن والمهمات والمناصب والمعابد بسبب المصالح والقربى، كما إن الصراع الطائفي السلطوي البغيض أزاد في الطين بلّة وبدأت معه النزاعات والخصومات والالتفافات العشائرية والعقائدية والطائفية والمحسوبية ، وأخذت تمزّق أصالتنا من أجل أن نكون أو لا نكون.فما اقساه الزمن الذي نحن نعيش ايامه ومن المؤكد ان رؤوساءنا ورجال زماننا -وأنا كلي ثقة - بأنهم ملمّين بكل حيثيّات المسيرة المسيحية المؤلمة ومسيرة البلد المتعبة ، لذلك تراهم  يعملون في الرجاء من اجل مواصلة الحياة ، لذا سنبقى نشهد للحقيقة بعينها، إذ لا بدّ أن نعرف مسيرتنا الى اين نحن ماضون وكيف كنّا واين اصبحنا وهذا قليل من كثير وموجز لمواضيع شتّى فأقول :

بالأمس كنا مواطنين أصلاء، واليوم نحن مهجَّرون ونازحون؛ بالأمس كنا وطناً واحداً وكنيسة واحدة بإيمانها، واليوم أصبحنا نفتش عن تسميات كنائسنا وعن طائفياتنا وعن أمكنتنا وكراسينا والويل إذا دخلتُ عتبة كنيسة لا انتمي اليها؛

بالأمس كنا شعباً سعيداً مُلمّوماً شمله، واليوم تشتّتنا في بقاع الأرض عبر الطرق البعيدة الشاسعة؛ بالأمس كنا نملك وطناً وأرضاً وعراقاً، واليوم نحن لا نملك حتى الهواء الذي نستنشقه فما نحن إلا غرباء وأناس مأجورون؛ بالأمس كنا ننعم بأجواء بيوتنا وقصورنا، واليوم نلف الكرفانات والخيم والمعسكرات  ؛ بالأمس كنا نزرع حدائقنا وروداً ونقطفها باقات، واليوم نجمع دموعنا ونقطفها آهات ؛

بالأمس كنا نبني ونحصد والحرية ترافقنا، واليوم أصبحنا نفتش عن فلك نوح خوفاً من الطوفان؛بالأمس كان الفرح يملأ صدورنا والرقصة( الدبكة ) تشاركنا بهجة الحياة ، واليوم حسرات هي نتاج امراضنا وعاهات في صدورنا ؛ بالأمس كنا نعمل في دورنا وبعرقنا نربح أيامنا، واليوم فقدنا حتى بيوتنا فقد نُهب كلُ شي وأُحرق ما بقي من شيء ولم يبقَ لنا إلا نون ؛

بالأمس كانت خزائننا مليئة بما تعطيه الحياة، واليوم أمام المنظمات نقف طوابيراً نستعطي ارزاقناً؛ بالأمس كنا ننام وأبواب دورنا مفتوحة احتراماً لضيوفنا، واليوم نتّفنن في كيفية تحصين أبواب دورنا خوفاً من الآتي؛  بالأمس كنا نجول نشامى في شوارع مدينتنا، واليوم أضعنا حتى عنوان حارتنا؛

بالأمس لم يكن لنا لجانٌ تهتم بشؤوننا وكانت المسيرة صادقة باهلها ورجالها، واليوم مجالس وشؤونهم ولجان والقائمون عليها فاسدون يخفون فسادهم وما إصداراتهم إلا بيانات ومناجاة عبر المنابر والمايكروفانات ؛

بالأمس كانت الحياة طبيعية برجالها الأوفياء الأمناء، واليوم فسدت الدائرة بفساد مدرائها وموظفيها وأهداف طائفيتها؛ بالأمس كان الإعتذار من كبير القوم والاقرار بالخطأ سبيلاً ، واليوم أصبح فاسد القوم قديساً تُحجَز له المقاعد الأولى  وله تنحني القامات كما له يجب الإكرام والمجد والتسبيح والترحيب ؛

بالأمس كانت الشهادة هي الحقيقة فانجيلها نورها لسبيلي واليوم اصبح الكذاب والمنافق والسارق وشاهد زور هو الشاهد لحقيقة مزيفة ؛ بالأمس كان عدد مؤمنينا يفوق المليون والنصف واليوم اصبحنا نحصى بعدد ايام السنة ؛

بالأمس كانت قرانا مفعة بالحياة ، بالذهاب والاياب في البناء والعمران واليوم نسال هل سنبقى نواجه التحديات الداعشية وديموغرافية المطالب ويبقى السؤال لماذا البقاء؛ بالأمس لم نكن نفكر في هجرتنا ومغادرتنا وكنا نحسب ارضنا لنا ونتشبث بها واليوم الهجرة هاجسنا وموضوعنا ولا ثقة لنا بارضنا التي احببناها لان الزمان قد غدر بنا وبدات تلفضنا ؛ بالأمس كان لنا ماء وخضار ونهران وكم كانت حياتنا جميلة بخالقها الذي أبدع كل شيء ، واليوم نفتش عن خضار لنلاعب اطفالنا فيها وندغدغ حركاتنا فكل شي قد ضاع ؛

بالأمس لم نكن نعلم ماهي الاحزاب والتقسيمات وماذا تعني الحركات واليافطات فكل شيء كان على بساطة الحياة محبوباً وموقراً واليوم نحن احزاب باسماء ومكونات وعددها يفوق عدد اصابع اليدين وحركات واقليات وطوائف وقوميات ومهامها مسموعة وغير مرئية ومصالح لا تعد ولا تُحصى ولا تُرى بالعين المجّردة نسمع بآياتها وما نعرفه وما نسمعه ماهو إلا بياناتها ولا نرى افعالها وتوضع على اكتافنا  ونحملها ونحن لهم راكعون فالكبار لها ساندون والصغار من اجلها واجلهم مطيعون خانعون ؛

انا لست متشائما ولكني سابقى اقول كما قالها يوما المسيح الحي " تعرفون الحق والحق يحرركم" (يو32:8) وقالها غاندي " ان اقول الحق في وجه الاقوياء"  والخوف لا زال هاجسا مخيفا فهل سيعود ثانية فقد كان لنا تجربة قاسية واجهناها برجاء اكيد في ايماننا بالمسيح الحي ولكن اسال السنا امام تحديات جديدة تحديات المستقبل تحديات التشبث بالارض والبقاء فيها شهادة لايماننا ووفاء لمسيحيتنا ولحوارنا وسيبقى السؤال يراوح في محله وبدون جواب هل  سيعطى للمسيحيين حقوقهم ويعودوا يعيشوا مطمئنين الى قراهم .

ولكن إذا ما بقينا على هذه الحال فالقادم مخيف، وشعبنا لا زال يرحل، ولنعلم أننا بعد أن جُرّدنا من كل شيء، من المال والمجوهرات، من الأملاك والحاجيات، سنترك شعبنا ومعابدنا ونقصد جمعيات وافدة بسبب عدم إدراكنا للطرق الملتوية والغريبة التي يأتون بها أصحابها، فهم يعلّمون أولادنا أن هذه كلها كنائس ولا فرق بين هذه وتلك، وتضيع الحقيقة،ويضيع الوطن ،  ويتم المَثَل القائل "بطني عبادتي، وإلهي دنياي"، والويل إذا كان الراعي في سبات عميق أو كان أجيراً إذ لا يهمه أمر الخراف "فيأتي السارق ويذبح ويُهلك" (لو39:12)... وياليتنا كنا أمساً في يومنا. وسأبقى بنعمة الرب متفائلاً وسأبقى أقول " لتكن مشيئتك يارب: تلك مسيرة إيماني ، نعم وأمين ، أليس كذلك . 

Opinions
المقالات اقرأ المزيد
--فخ الجامعات الاهلية !!! عمارمنعم/ لاتزال وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وبعض مجالس المحافظات واعضاء في مجلس النواب يحذرون من وجود جامعات اهليه وهميه تدعي انها معترف بها عالميا سحاب الماضي: المرأة العراقية مبدعة في شتى المجالات سحاب الماضي: المرأة العراقية مبدعة في شتى المجالات كيف دخلت الفتاة السمراء الخجولة الآتية من أرض سومر مضمار الكبار في التأليف المسرحي، ومنافسة سادته من الذين تربعوا على عرشه عقودا من الزمن شهادات سوق مريدي ومقال الأخ سيزار ميخا ليون برخو/لا أعلم لماذا أقحم الأخ سيزار ميخا مسألة شهادات سوق مريدي – مصطلح أستخدمته في منتديات شعبنا لوصف مدعي الحصول على شهادات عليا من تضارب تصريحات وقلق في المخيمات.. صيف آخر في رحلة النزوح تضارب تصريحات وقلق في المخيمات.. صيف آخر في رحلة النزوح يبدو أن هناك عدم توافق بين التصريحات الرسمية والواقع فيما يتعلق بملف النزوح وعودة المهجّرين في العراق، فعلى الرغم من التصريحات المتكررة بشأن إغلاق مخيمات النازحين وعودتهم إلى مناطقهم، إلا أن الحقيقة في المخيمات لا تشي بذلك
Side Adv2 Side Adv1